“إذًا تقصدين أن الآنسة هايزل، لا بل ابنة عائلة البارون هايزل الثالثة، قد تأتي وهي تصطحب جلالة الإمبراطور شريكًا لها، أهذا ما تقولينه؟”
قالت فاليري ذلك وهي تكاد تجنّ من الدهشة في غرفة سيلينا، ثم تابعت،
“أتظنين أن جلالة الإمبراطورة ستقف متفرجةً على هذا؟ لا، هذا غير معقول. هل يُعقل أن يحضر جلالة إمبراطور دولةٍ ما مثل هذه المسابقة، وفوق ذلك برفقة ابنة بارون؟”
“وماذا لو أن إنغريد تحاول فعل هذا المستحيل فعلًا؟ ماذا لو كانت مستعدةً لاستخدام أي وسيلةٍ للفوز، دون تردد؟ ماذا ستفعلين حينها؟”
تلفّتت فاليري في أرجاء الغرفة بقلق خشية أن يسمعهما أحد، ثم ردّت،
“ألم تُفتح هذه المسابقة أصلًا لجعلكِ الفائزة؟”
كانت سيلينا قد أخبرت فاليري مسبقًا بالخطة التي وضعها الإمبراطور.
“صحيح. ولهذا ظننتُ أنني بحاجةٍ إلى مزيد من الحلفاء في الأدوار النهائية. ولحسن الحظ، أنتِ أيضًا تمكنتِ من الصعود.”
“إذا أردنا تتويجكِ كفائزة، فلا يجوز أن نساعد الآنسة هايزل. فاللاتي يمكنهن الوصول إلى النهائي اثنتان فقط.”
“نعم. هذا ما كنت أعتقده أنا أيضًا. حتى قبل قليل.”
عقدت سيلينا حاجبيها وهي تستحضر تعقّد الموقف.
“لكن قبل لحظات، قالت لي الآنسة هايزل أن هذه هي إرادة الشمس العظمى.”
“آه، إذًا هذا ما كانت تتباهى به قبل قليل، أن إرادة الشمس العظمى تقف في صفّها. لا، لا، الأمر غير مفهوم إطلاقًا. لماذا يفعل جلالته ذلك؟”
“لا أعلم أنا أيضًا، لا أستطيع فهمه.”
هزّت سيلينا رأسها.
لو أن إنغريد أخبرت الإمبراطور بأنها هي الشريكة الحقيقية، فلن يبقى لديه سببٌ للتشبث بسيلينا.
‘لكن إن حدث ذلك، فماذا عن زينوس؟ ألن يُحرم من الزواج بشريكته ويُبتلع بهذه القوة؟ وهل سيقف اللورد فيليب متفرجًا؟ أم أنه قد يشعل حربًا أهلية لينقذ حياة ابنه؟’
توالت الأفكار بلا توقف. و رأت فاليري سيلينا غارقةً في التفكير، فانسلّت بهدوءٍ تاركة المكان.
وفيما لم تُحسم بعد مسألة الجهة التي يجب إرسال الدعوة إليها، كان الوقت يمضي بلا رحمة.
***
“هل تلقيتَ الدعوة؟”
“أي دعوة؟”
حين لم يصله الجواب الذي كان ينتظره، أدرك ويل فورًا أنه ارتكب خطأ.
“لا شيء.”
“المستشار ويل تشيس.”
فارتعش ويل عند سماعه صوت زينوس.
“انظر في عينيّ.”
على عكس إرادته، استدار جسده نحو زينوس، وانجذبت عيناه إلى عينيه.
“هـ-هذا أمرٌ لا يستحق استخدام القوة.…”
“هيا، احكِ لي ما كنتَ تنوي قوله قبل قليل. بالتفصيل.”
في رأسه كان يرفض بشدة، لكن الكلمات التي لم يرغب في قولها تسللت من فمه.
“….إنها تصفيات الياقوتة الحمراء. المهمة هي دعوة شريكٍ خلال ثلاثة أيام. فرصة الدعوة واحدةٌ فقط. أي أن على المتسابقة أن تدعو أكثر شخصية ذات نفوذ في المجتمع تستطيع الوصول إليها. وبالمناسبة، و لا يُسمح بدعوة الإخوة.”
“حقًا؟ شكرًا لإخباري. هل هناك ما يجب أن أعرفه أيضًا؟”
“الشخص الذي يقبل أن يكون شريكًا عليه أن يتوجه إلى القصر الإمبراطوري يوم إعلان نتائج التصفيات، ويصرّح بمن جاء شريكًا له.”
“إذًا هكذا تسير الأمور. لو قلتَ لي هذا بصراحةٍ منذ البداية، لما وصلنا إلى هذا.”
عندها فقط شعر ويل بأن القوة التي كانت تقيده قد زالت.
“هل تنوي فعل هذا حقًا، سموّك؟”
“لم أستخدم القوة عليكَ منذ مدة، لا بد أن الإحساس بدا لكَ غريبًا.”
“أليس من الظلم أن تفرغ غضبكَ عليّ فقط لأن سموّ الدوقة الكبرى لم تُرسل الدعوة؟”
ترك زينوس ويل المتذمر وغادر المكان.
لقد كان يعرف سبب عدم إرسال سيلينا الدعوة إليه.
‘لو أُرسلت إلى قصر الكونت، لغضب الإمبراطور، ولو أُرسلت إلى قصر الدوق، فوالدي هناك.’
مسح وجهه بيده الجافة ضيقًا. وفي تلك اللحظة، اقترب فيليب وسأله،
“أين تقيم الآن؟”
لم يتخيل يومًا أن يكون ابنه، لا ابنته رغم أنه لايمتلك إبنة، هو من يهرب من المنزل ويقلق قلبه.
كان فيليب قلقًا حدّ الاحتراق. لولا ما حدث مع إنغريد، لما أقلقه أن يقضي ابنه ثلاثة أيام أو أربعة خارج المنزل، لكنه خرج في ظروفٍ سيئة للغاية، لذلك أراد إعادته إلى البيت بأي ثمن.
“أنا بخير، فلا داعي للقلق.”
بدا أن الابن لا ينوي مراعاة مشاعر فيليب. فبعد سبعة عشر عامًا من تربيته، كانت هذه أول مرة يتخذ فيها موقفًا صارمًا إلى هذا الحد، ما أربكه هو أيضًا.
‘كنت أظنّه زواجًا شكليًا لا أكثر.’
في الأصل، لم تكن العلاقة تتجاوز حدّ تبادل عقد الخطوبة.
كان زواج زينوس من شريكته أمرًا لا بد منه، ولذلك ظنّه زواج مصالح يخدم الطرفين. لكن ردود فعلهما كانت تخبر بوضوح أن العلاقة بينهما قد تغيّرت جذريًا.
‘كنت أودّ أن أدعم علاقتكما أنا أيضًا، لكن ما العمل إذا كان القدر لا يسمح بذلك؟’
كانت الآنسة الأولى التي قال ابنه أنه يحبها جريئة، لكنها جميلة.
‘كنت أتمنى أن يحسدها الآخرون على حموٍ يجلّ كنّته أكثر من أي شيء، ويعاملها ككنزٍ ثمين.’
وهو ينظر إلى زينوس، شعر بمرارةٍ في فمه.
لم يكن راغبًا، لكن فيليب نقل ما لا بد من قوله.
“لقد وصلتكَ دعوة.”
***
مرت الأيام الثلاثة أسرع مما توقعت. و استعدّت سيلينا بكل ما لديها لمواجهة أسوأ الاحتمالات.
“سيلينا، ألن تخبرينا حقًا لمن أرسلتِ إليه الدعوة؟”
“قلتُ لا، فلماذا تصرّين؟”
أجابت سيلينا بنبرةٍ مازحة قليلًا، ثم انتقلت مع فاليري إلى قاعة إعلان نتائج الدور النهائي.
“سيلينا.”
“آه، لايلا.”
“هل استعددتِ جيدًا؟”
“نعم، أظن أنني فعلت ما يكفي.”
وبمجرد أن قالت ذلك، تنبّهت سيلينا وسألت على عجل،
“جلالة ولي العهد لم يكن غائبًا عن المكان، أليس كذلك؟ لم تكوني مضطرةً لدعوة شريكٍ آخر بسببه؟”
كانت لايلا آنسةً حديثة الظهور في المجتمع، وكان شريكها في حفل الظهور هو ولي العهد إيريك، الذي لم يكن حاضرًا الآن.
ومن الواضح أن مثل هذا التكليف كان سيضعها في موقف صعبٍ للغاية.
‘كان ينبغي أن أبادر بالسؤال إن كانت بحاجةٍ إلى مساعدة.’
شعرت سيلينا بقليلٍ من الندم لأنها انشغلت فقط بالحذر من إنغريد ولم تنتبه إلى هذا الجانب.
“قلبكِ دافئٌ فعلًا يا سيلينا. تبدين لطيفةً مع الجميع.”
قالت لايلا ذلك مبتسمة، ثم تابعت،
“أنا أيضًا قمتُ بكل ما عليّ بوصفي مشارِكة، فلا داعي للقلق الشديد. لنتحدث أكثر بعد انتهاء المسابقة، سيلينا.”
“حقًا، لا عيب فيكنّ جميعًا. كنت سعيدةً للغاية وأنا أتابعكنّ طوال المسابقة. مستقبل المجتمع الراقي في سيفايا مشرقٌ بحق.”
“هذا شرفٌ عظيمٌ لنا.”
“من المؤسف أن يبقى اثنتان فقط في النهاية، لكن لا حيلة في ذلك. فالمسابقة لا يمكن أن يفوز بها الجميع. ومع ذلك، سأحرص على تذكّر وجوهكنّ.”
أن تذكر الإمبراطورة المشاركات كان بحد ذاته مكسبًا عظيمًا لهنّ.
“إنه شرفٌ يفوق استحقاقنا.”
ثم دخلت إحدى الوصيفات وأبلغت بأن قاعة انتظار الشركاء قد أُعدّت دون أي خلل.
“حسنًا، فلنبدأ بتقديم أول مشارِكةٍ وشريكها.”
تقرر أن يتم إعلان نتائج الدور النهائي في قاعة المثول، حيث تتلقى الإمبراطورة تحية المشاركات وشركائهن.
وكان الترتيب بطبيعة الحال من الشريك الأقل منزلةً إلى الأعلى. و معظم المشاركات دعون شركاءٍ من مستوى اجتماعي مماثل.
آنسة الفيكونت دعت ابن فيكونت، وآنسـة الكونت دعت ابن كونت.
لم يرفض الشركاء الدعوات، إذ أُتيحت لهم فرصة دخول القصر الإمبراطوري وتقديم التحية للإمبراطورة.
وهكذا دخل تسعة عشر زوجًا من الشبان والشابات قاعة المثول، وتبادلوا حديثًا خفيفًا مع الإمبراطورة، ثم انتقلوا إلى الغرفة المخصصة لمن انتهى إعلانهم.
و تبقّى الآن خمس مشاركاتٍ فقط.
“سيلينا، حتى الآن كل شيءٍ يسير كما توقعتِ، أليس كذلك؟”
أومأت سيلينا برأسها ردًا على سؤال فاليري.
“نعم.”
ثم قالت سيلينا وهي تنظر إلى باترا وإنغريد ولايلا اللواتي ما زلن واقفات،
“حتى هذه اللحظة، كل شيءٍ كما توقعت.”
دخلت الوصيفة لتنادي المشاركة التالية، فأمسكت سيلينا بيد فاليري.
“من الآن فصاعدًا يمكن اعتبار أن الدور النهائي الحقيقي قد بدأ.”
رأت فاليري ملامح سيلينا المتصلبة فربتت عليها مهدئة.
“لا تقلقي. حتى لو وصلت الدعوة، فقد يرفض الطرف الآخر.”
وانصبت نظرة فاليري الباردة على إنغريد، التي ما زالت جالسةً في قاعة الانتظار، تبتسم بهدوءٍ وثقة.
________________________
ماظني الامبراطور جا عاد ولا؟ بس صدق دامه عرف انها الرفيقة النصابه لأنه خيخه ينلعب عليه بسرعه اظنه بيجي صدق عشان يزوجها ايريك ويبعدها عن زينوس؟ ايه تكفى نفتك منها انا ادعم وااااجد
التعليقات لهذا الفصل " 62"