في مثل هذه الأزمات، يلجأ المرء عادةً إلى الانتقال المكاني نحو أكثر الأماكن أمانًا. ليستجمع قواه ويستعد لهجومٍ مضادٍ بعيدًا عن الأعداء، لكن إنغريد كانت مختلفة.
لم تستطع أن تسامح الإمبراطورة التي انقضّت عليها فجأة، ولا الإمبراطور الذي شاهد ذلك كله دون أن يرفّ له جفن. ولعلّ هذا هو السبب.
“لا تتحرك.”
انتقلت إلى خلف الإمبراطور، ثم نقرت أصابعها عدة مراتٍ أخرى، ففكّت القيود وصنعت خنجرًا في يدها.
وحين رأت وجه الإمبراطورة الشاحب، ابتسمت إنغريد بهدوء.
“آنسة هايزل، لا….إنغريد هايزل! هذا تمرد.”
حتى والخنجر يكاد يلامس عنقه، حافظ الإمبراطور على هدوئه بصعوبة.
“أبعدوا الجميع، لا….شددوا الكتمان عليهم. لا أريد لأحدٍ أن يتحدث عن قوتي.”
قالت إنغريد ذلك في اللحظة نفسها التي حاول فيها لوس، الذي اقترب بصمت، السيطرة عليها. فنقرت أصابعها واتسعت المسافة بينهما.
“أما زلتِ تعتقدين أنكِ تستطيعين إخضاعي بتلك القوة التافهة؟”
شدّ الإمبراطور قبضته وهو يراقب إنغريد.
‘انتقال مكاني وصناعة خنجر….أي قوة هذه؟ لا….هذا مستحيل. أنا أعرف تلك القوة جيدًا. و الوريث لا يمتلك إلا نوعًا واحدًا من القوى.’
ثم لمع بصره وقد توصّل إلى نتيجة.
‘إنه انتقالٌ مكاني. نقلت نفسها، ثم نقلت الخنجر من مكانٍ آخر. قدرةٌ بالغة النفع. لكن كيف يمكن لغير الوريث أن يمتلك مثل هذه القوة؟’
وسرعان ما امتلأت عيناه بالطمع.
‘إن كانت آنسةٌ تافهة كهذه تملكها، فربما أنا أيضًا.…؟’
و حين رأت الإمبراطورة ذلك، دبّ القلق في قلبها. كانت تعرف تمامًا نوع النظرة التي يرمق بها الإمبراطور إنغريد.
‘تلك النظرة مرة أخرى….’
النظرة نفسها التي كان ينظر بها إلى إخوته غير الأشقاء المرشحين لولاية العهد، والنظرة التي ظهرت حين رأى قوة الإمبراطور السابق، والنظرة التي كان يحدق بها في أخته كريستا.
وفي كل مرة رأته يحدّق بهذه الطريقة، كان الدم يسفك لا محالة.
“آنسة هايزل، دعينا لا نفعل هذا، ولنهدأ ونتحدث.”
قالت الإمبراطورة ذلك مخاطبةً إنغريد التي كانت في حالة مواجهة.
“نتحدث؟ ومن الذي بدأ بالهجوم عليّ ثم يتحدث عن الهدوء؟”
“آنذاك لم أكن أعلم بقدرتكِ. يبدو أنني تقدمت في السن فعلًا، أن أعجز عن تمييز شخص بهذه القيمة. أتمنى أن تتفهمي الأمر بسعة صدر.”
ثم انحنت الإمبراطورة أولًا، وكأنها صادقةٌ تمامًا.
أعلى امرأةٍ منزلةً في الإمبراطورية، الوحيدة التي يحق لها ارتداء تاج الإمبراطورة. وحين تنحني امرأةٌ كهذه أولًا، لان مزاج إنغريد قليلًا.
“حسنًا، إن أردنا الحديث بهدوء، فعليكم أولًا قبول شروطي. سيكون ذلك في صالحكم أيضًا.”
وبإشارة من الإمبراطور، خرج الحرس المختبئون وسحبوا جميع الخدم من قاعة الاستقبال.
“الآن فقط يمكننا الحديث كما ينبغي. أين مقعدي؟”
***
خلال ثلاثة أيام، على كل مشاركةٍ أن توجه دعوةً لشريك.
كانت تلك أسرع طريقةٍ لإظهار شبكة العلاقات التي تمتلكها متسابقات المرحلة النهائية من الياقوتة الحمراء.
عادةً ما تحضر الآنسات غير المتزوجات مناسبات المجتمع برفقة الشريك الأسهل استدعاءً. فمن كانت لها أخوة ذكور دعت أحدهم، ومن كان لها وعد زواج مسبق دعت خطيبها.
لكن في هذه المنافسة، لم يكن مسموحًا باستدعاء الإخوة. والفائزة ستكون من تدعو الشريك الأقوى نفوذًا من خارج العائلة.
“لدينا بطاقة دعوةٍ واحدة فقط. إن أرسلناها ورُفضت، فالأمر انتهى.”
قالت فاليري ذلك ثم أطلقت زفرةً طويلة.
“وليس هذا كل شيء. سيُبقوننا في القصر الإمبراطوري ثلاثة أيام مع تشديد المراقبة على المراسلات. لا يمكننا حتى الاعتماد على العائلة للبحث عن شريك.”
قالت سيلينا ذلك وهي تنظر حولها. و لم تكن تعابير الآنسات اللواتي يتناولن الطعام في قاعة الطعام مريحةً على الإطلاق.
“أليس إرسال الدعوة إلى سمو الدوق هو الخيار الأكثر ضمانًا لكِ؟”
فأظلم وجه سيلينا للحظة.
‘يمكنني أن أطلب من زينوس الحضور، لكن ذلك سيعني كشف أنه يقيم في قصر الكونت. وإن أرسلت الدعوة إلى قصر الدوق، فسيكون في ذلك تجاهلٌ صريح لإرادة اللورد فيليب، فضلًا عن عيون الإمبراطور التي تراقب.’
ثم هزّت فاليري رأسها.
“أنا لا أستطيع إرسالها إلى ماثيو، ولا يوجد غيره أصلًا. لو كنتُ أعلم أن الأمر سيؤول إلى هذا، لكنتُ بحثتُ حتى على الحدود عن رجل مناسب.”
“الندم الآن لن يغيّر شيئًا.”
قالت إنغريد ذلك، التي دخلت قاعة الطعام متأخرة، متعمدةً التدخل بنبرة استفزازية.
“ما دمتِ ستسقطين في كل الأحوال، فلا تسيئي إلى سمعتكِ بإرسال دعوةٍ بلا جدوى، وانسحبي بهدوء، آنسة فيجِل.”
“آنسة هايزل، يبدو أنكِ صرتِ وقحةً جدًا في الآونة الأخيرة. عليكِ أن تعرفي حدكِ.”
“فاليري، توقفي.”
ثم تقدّمت سيلينا بينهما وهي تحاول تهدئة فاليري.
“آنسة هايزل، نعتذر عن هذا التصرف غير اللائق. نحن في القصر الإمبراطوري، فلنتوقف عند حدود اللباقة.”
“ومن ارتكب الوقاحة أصلًا صار عاجزًا فجأةً عن الكلام؟ حتى أنه لا يستطيع الإعتذار؟”
“هذا غير معقولٍ فعلاً!”
“اصبري، فاليري.”
حينها، اقتربت إنغريد خطوةً من سيلينا التي كانت تمنع فاليري بجسدها، وهمست بصوتٍ خافت.
“سأقولها لكِ بلطف، اتركي سمو الدوق الأكبر. إن استدعيتِ سموه شريكًا في هذه المرحلة النهائية فستندمين فورًا. إن لم ترغبي بأن تُلفّقي بتهمة الخيانة ويُباد بيتكِ، فاستمعي إلى كلامي بهدوء.”
فاتسعت عينا سيلينا لوهلة.
“وهل هذا أيضًا من إرادة الشمس الصغير؟”
“لا، هذه إرادة الشمس الكبرى. هل فهمتِ كلامي الآن؟”
قالت إنغريد ذلك وابتعدت عن سيلينا، ثم نظرت إلى فاليري بازدراء.
“يبدو أن آنسة الماركيز فيجِل بحاجةٍ إلى تغيير وصيفتها. أليس من غير المعقول أن تترك وصيفتها سيدتها تتصرف بوقاحةٍ وكأن هذا المكان بيتها؟”
وعلى نحوٍ مدهش، انحنت الوصيفة المرافقة لإنغريد باحترامٍ وأجابت.
“سأقوم بتصحيح الأمر فورًا.”
كانت سيلينا قد رأت خلال التصفيات الوصيفة تنظر إلى إنغريد بازدراء، ولو لفترةٍ وجيزة. لكن هذه لم تكن هي نفسها.
“سمعتِ كلام الآنسة هايزل، أليس كذلك؟ عندما تأتي وصيفةٌ أخرى، ستبدّلين موقعكِ فورًا.”
قالت وصيفة إنغريد ذلك، فاكتفت وصيفة فاليري بالإيماء موافقةً من دون أي اعتراض.
وعندها ابتسمت إنغريد ابتسامة رضا وابتعدت عنهما.
“منذ متى تحظى تلك بمعاملةٍ كهذه في القصر الإمبراطوري؟”
لم تستطع فاليري إغلاق فمها من شدة الذهول، فقد كان هناك عددٌ غير قليل من الناس في قاعة الطعام شاهدوا هذا المشهد.
“ألا يعني أن جلالة الإمبراطورة قد خصّت الآنسة هايزل بهذه الوصيفة أنها باتت تعترف بها من الآن فصاعدًا؟”
بدأ المشاركون في المرحلة النهائية يحسبون حساباتهم كلٌ بطريقته. أما سيلينا فكانت تمضغ كلمات إنغريد التي تركتها خلفها.
‘تقول إنها تنقل إرادة جلالة الإمبراطور؟ من المستحيل أن يقابل جلالته امرأةً متدنية المكانة مثل إنغريد هايزل بسهولة. لا بد أنها ألقت طُعمًا يستحق اللقاء.’
ثم تحدّثت فاليري، وقد استعادت شيئًا من رباطة جأشها، وهي تنظر إلى سيلينا ذات الملامح القلقة.
“لا تقولي أنك تفكرين بجدية بسبب تلك المرأة؟ من الذي يمكنها أن تجلبه أصلًا؟ أنتِ تعلمين أن سمو الأمير إيريك ليس في العاصمة الآن. تلك المرأة لا تملك أحدًا تستدعيه.”
“لا، فاليري، هذا الظن خاطئ. أنتِ رأيتِ تصرّف الآنسة هايزل بنفسكِ. من الواضح أن لديها ما تعتمد عليه. لو لم يكن لديها شخصٌ مؤكّد تستدعيه، لما تصرفت بتلك الثقة.”
“لا أعلم على ماذا تعتمد لتكون بهذه الجرأة، لكن مهما يكن، لا يمكنها أن تتغلب على مكانة سموه. إنه الدوق الأكبر.”
“لكن هناك أمرٌ واحد تغفلينه.”
قالت سيلينا ذلك وعضّت شفتها السفلى بقلق.
“وهو أكثر ما أخشاه.”
“وما هو؟”
“الشريك الذي علينا استدعاؤه….لم يكن هناك شرطٌ أن يكون من جيلنا نفسه.”
______________________
ويت انغريد بتاخذ الامبراطور شريكها؟🤡 خير وش صار يوم هددتهم
المشكله يعني ان سببها في حركاته ذي سخيف😭 وش الي تبي تصير محور الكون والرجاجيل الاحسن حولينها
لو انها تبي الدوله لها ولا تبي تصير اغنى وحده كان صارت ديفا
التعليقات لهذا الفصل " 61"