مرّ يومٌ كامل دون العثور على أي أثر لفلورا أو براندون أو سباستيان، وحان الوقت لعودة سيلينا إلى القصر الإمبراطوري.
وقبل انطلاقها، مرّت سيلينا بالجناح الشرقي والتقت بزينوس. وأبلغته باختفاء أفراد العائلة الثلاثة المفاجئ، وبالاحتمال القائم لوجود علاقةٍ ما بين إنغريد وفلورا، باختصار.
فطمأنها زينوس قائلًا أنه سيحقق بنفسه في قرية إتران ويحاول تحديد مكان الثلاثة، ليخفف من قلقها.
“ما نوع المهمة التي تعتقدين أنها ستُطرح في المرحلة النهائية؟”
“سأعرف عند وصولي، لكن بما أن التصفيات كانت رقصًا، فأظن أن مهمة المرحلة النهائية ستكون مرتبطةً بأنشطة المجتمع الراقي.”
“أيًّا كانت المهمة، ستنجحين فيها، سيلينا.”
قال زينوس ذلك وهو يحتضن سيلينا بقوة.
“لذا اتركي كل القلق والخوف هنا واذهبي. سأتحمل أنا كل ما هو صعبٌ ومتعب.”
“يبدو أن وجود زوجٍ يُعتمد عليه يمنحني الثقة.”
قالت سيلينا ذلك بثبات وهي تنظر في عيني زينوس.
“سنلتقي بعد ثلاثة أيام. سأعود وأنا ضمن المرشحتين النهائتين حتمًا.”
***
“اليوم هادئٌ على غير العادة.”
“لا بد أن ذلك لأن جلالة الإمبراطورة تعرّضت لإهانةٍ كبيرة في المرة السابقة. ربما أمرت بإزالة كل ما قد يذكّر بتلك الحادثة.”
لم يكن هناك أي أثرٍ لموكب العربات الفخم الذي شوهد في التصفيات.
وفي يوم انطلاق المرحلة النهائية، لم يكن عند بوابة القصر الإمبراطوري سوى الفرسان الحراس. فلا ابنة الماركيز سالارمان ولا ابنة الدوق هانوفر تمكنتا من التأهل إلى المرحلة النهائية.
سواءً أكان ذلك بتخطيطٍ من الإمبراطورة أم مجرد صدفة، فقد اختفت كل العناصر التي قد تذكّر بالخطة الفاشلة.
قاد جيم العربة وعبر بها البوابة الرئيسية للقصر.
‘هل جاءت إنغريد بعربة قصر الدوق الأكبر؟’
لم تستسغ سيلينا تصرف إنغريد التي كانت تمسك بعائلة زينوس الوحيدة وتهدد بها.
كما أرادت أن تعرف لماذا هربت فلورا بعد أن رأت إنغريد، متخليةً عن كل شيء.
“لا بد أنني إن عرفت السبب سأتمكن من وضع خطة. فأين اختفى الثلاثة؟”
لم تجد سيلينا مكانًا يمكن أن تختبئ فيه فلورا وبراندون مع سباستيان الصغير سوى المعابد.
وقد أرسلت بالفعل أشخاصًا للتحري في المعابد القريبة، لكن الرد كان واحدًا: لم يشاهدوا أحدًا تنطبق عليه أوصافهم.
“آنستي، لقد وصلنا.”
كان جيم قد أوقف العربة وفتح الباب، ومد يده ليساعد سيلينا على النزول.
“ومن تكون هذه؟ أليست الآنسة أرسين؟”
استدارت سيلينا بهدوء نحو مصدر الصوت. وعلى عكس توقعها، كانت العربة التي جاءت بها إنغريد عربةً عادية بلا أي شعار عائلي.
“ظننتها جاءت للاستعراض.”
اقتربت إنغريد من سيلينا و تحدّثت بصوتٍ منخفض.
“لا أستطيع بعدُ أن أُظهر أنني الشريكة الحقيقية، لذا قررتُ الاكتفاء بهذا القدر.”
“تقولين كلامًا لم أسألكِ عنه. هل من سببٍ لاستيقافي قبل أن تبدأ المرحلة النهائية؟”
أجابت سيلينا دون أن تهتز لكلمة “الشريكة الحقيقية”.
“ألا تخشين إثارة الشائعات وأنتِ تتجولين برجل سيكون زوجي؟ إن لم تنسحبي عند هذا الحد فستندمين كثيرًا.”
فردّت سيلينا بملامح لا توحي بأي دهشة.
“لا أفهم ما تعنينه. فالرجل الوحيد المقيم الآن في قصر الكونت هو زوجي.”
“يبدو أنكِ بلا دم ولا دموع. هل لا يهمكِ إن مات الدوق الأكبر، أعني زينوس؟”
وعندما ذُكر اسم زينوس صراحة، أمسكت سيلينا بمعصم إنغريد بقوة، واقتربت من أذنها وهمست بنبرة حادة.
“زينوس لن يموت. مهما حدث، سأبقيه حيًا. والأفضل لكِ أن تستعدي قبل ذلك. قد تكون قرية إتران قد اختفت، لكن أهلها لم يموتوا جميعًا.”
ما إن سمعت إنغريد اسم قرية إتران حتى اتسعت عيناها قليلًا، ولم تفُت سيلينا تلك اللحظة.
‘كما توقعت، هناك أمرٌ ما في قرية إتران. شيء تحاول هذه المرأة إخفاءه.’
التعليقات لهذا الفصل " 59"