“آنستي، حان وقت الاستيقاظ. لقد أعددنا لكِ جميع الملابس التي سترتدينها اليوم.”
“شكرًا يا نورا.”
قالت سيلينا ذلك وهي تستقبل صباحًا مريحًا، ثم أومأت برأسها بخفةٍ نحو نورا.
وبدا أن نورا سعيدةٌ لأنها تعتني بصباح آنستها بعد وقتٍ طويل، فسألتها بصوتٍ أكثر حيوية.
“آنستي، هل أقدّم لكِ القهوة؟”
“أحسنتِ الاستعداد، أريد كوبًا واحدًا.”
“حضّرتها من النوع الذي تتناولينه صباحًا في الجناح الشرقي.”
تناولت سيلينا القهوة وارتشفتها على مهل، ثم بدّلت ملابسها وتزيّنت وهي تتلقى الخدمة المألوفة.
“هل هناك من يدخل المسابقة براحةٍ مثلي؟”
“ربما آنستي وحدكِ. حتى فستان اليوم يليق بكِ حقًا.”
“ليت التصفيات كانت في ذلك المجال الذي يتوقعه الجميع.”
“إذا كان معظمهم يتوقعه، ألن يكون هو المجال المختار؟ وعلى أي حال، آنستي ستنجحين بالتأكيد.”
“بعد النجاح سأعود إلى المنزل، ثم آتي مجددًا لخوض النهائيات. أتمنى ألا تكون جلالة الإمبراطورة قد دبرت أمرًا مزعجًا هذه المرة.”
ابتسمت نورا ابتسامةً خفيفة على كلمات سيلينا الواثقة، ثم ثبّتت الدبوس الأخير بعنايةٍ على صدرها.
“هيا بنا.”
توجهت سيلينا إلى قاعة الاحتفالات الكبرى ووقفت في المكان الذي أُرشدت إليه.
ومن الصف الأمامي كانت فاليري تومئ لها بعينيها مرارًا، فأشارت إليها بيدها أن تنظر إلى الأمام وهي تكتم ضحكتها.
ثم تفقدت دون أن تلفت الانتباه ما إذا كانت إنغريد قد حضرت كما ينبغي.
و لم تدخل إلا قبل بدء التصفيات مباشرة، ووقفت في الصف الأخير.
‘لحسن الحظ، يبدو أنه لم يحدث أمرٌ خطير.’
اطمأنت سيلينا.
لكن تفكير الوصيفة المسؤولة عن إنغريد كان مختلفًا.
‘كيف يمكن أن يكون هذا؟ لم تجلس حتى على الأرض لحظةً واحدة؟ هل ظلت واقفةً طوال الليل؟’
لم يكن على الفستان أي أثرٍ لبقعٍ خضراء. بل أكثر من ذلك، بدا وجهها أنقى وأجمل مما كان عليه عند دخولها من بوابة القصر الإمبراطوري.
‘هل ساعدها أحدٌ من دون أن أعلم؟ هل جاء سمو ولي العهد فعلًا ثم غادر؟ لا يوجد حتى ممرٌ سري في تلك الغرفة.’
وكأنها سمعت صوت تفكيرٍ محموم إلى جانبها، فضحكت إنغريد بخفة.
‘بعقلكِ الغبي لن تفهمي هذا أبدًا. بقوتي وحدي، هذا لا يُعد شيئًا. هل ظننتِ أنكِ ستكسرينني بهذا القدر فقط؟ انتظري وشاهدي. ما دام الأمر قد وصل إلى هذا الحد، فسأكون الفائزة حتمًا.’
وبينما كانت إنغريد مشتعلةً بروح التحدي، ظهرت الإمبراطورة.
“نحيي جلالة الإمبراطورة.”
ثم تحدّثت الإمبراطورة وهي تنظر برضا إلى الشابات اللواتي حيينها بصوتٍ واحد.
“هل أمضيتنّ الليلة الماضية بسلام؟ سنبدأ الآن التصفيات التمهيدية للياقوتة الحمراء. يمكن القول أن الياقوتة الحمراء هي زهرة الزهور في مجتمعنا الأرستقراطي في سيفايا. وكل آنسةٍ مجتمعةٌ هنا هي تلك الزهرة النفيسة، ولا حاجة لي للإسهاب في ذلك.”
“نتشرف بذلك.”
وعلى ثناء الإمبراطورة، انحنت جميع المشاركات برؤوسهن.
“لم أجمعكنّ هنا اليوم لأقارن بين من هي أفضل أو أسوأ بما أنجزته. فمجرد المشاركة في هذه المسابقة أمرٌ عظيم بحد ذاته، لكن لا يمكن أن يكون هناك سوى فائزةٍ واحدة بالياقوتة الحمراء في كل دورة، وأرجو أن تتفهمن ذلك.”
تفقدت الإمبراطورة وجوه الشابات واحدةً تلو الأخرى، ثم تابعت.
“لا بد أنكنّ تتساءلن كثيرًا عن فئة التصفيات، أليس كذلك؟ البوابة التي يجب على كل آنسةٍ عبورها للظهور في المجتمع، إنها الرقص.”
وعندما ذُكرت الفئة المتوقعة، أومأت بعض الشابات برؤوسهن.
“لكن ما أودّ رؤيته ليس فالسًا عاديًا. ألسنا نرى الرقصات الاجتماعية الأساسية بسهولةٍ في الحفلات؟ ما أريده هو رقصةٌ تستطيع أن تطغى على الجميع. من دون شريك. هنا والآن.”
فبدأ الهمس ينتشر في القاعة.
“كنا نعلم أنها ستطلب منا الرقص، لكن لم أتوقع أن يكون رقصًا ابتكاريًا.”
“أن نرقص فجأة هنا؟ ومن دون شريك؟”
“كيف يفترض بنا أن نفعل ذلك؟”
فأغلقت الإمبراطورة مروحتها بصوتٍ حاد.
“هدوء.”
و عمّ الصمت المكان.
“منذ اللحظة التي تبدأ فيها الموسيقى، تُعدّ التصفيات قد بدأت. أما من سيقيّم رقصكنّ، فهم مجتمعون هنا بالفعل وينتظرون.”
عندما فُتحت الستائر التي كانت مخفيةً في الطابق الثاني، ظهر جمعٌ من الناس. كان الرجال والنساء جميعًا يرتدون أقنعةً سوداء داكنة تغطي نصف وجوههم.
“شخصياتٌ بارزة في المجتمع الأرستقراطي يراقبون من خلف الأقنعة، فاحذرن أن تتعرضن للإحراج.”
أن ترقص رقصةً مرتجلة غير مألوفة أمام مشاهير المجتمع الأرستقراطي. كانت بعض الآنسات الخجولات قد احمرّت وجوههن حتى أعناقهن بالفعل.
“سيمنح الحكّام زهرةً حمراء لآنسةٍ واحدة فقط قدّمت أروع رقصة. وسيُجرى التقييم بعد انتهاء رقص جميع الآنسات، واحدةً تلو الأخرى.”
كان عدد الحكّام ثلاثين.
“الآنسة التي لا تحصل على أي زهرة، فلتعلم أنها لم تتأهل إلى النهائيات.”
راقبت الإمبراطورة الآنسات المرتبكات، ثم أشارت بيدها. وعلى تلك الإشارة، بدأ العازفون العزف.
في البداية انساب لحنٌ هادئ ورصين. كان إيقاعًا بطيئًا مألوفًا يُسمع في أي حفل راقص، لكن الرقص منفردةً من دون شريك جعله بالغ الغرابة.
ومع ذلك، فقد خرجن ممثلاتٍ لعائلاتهن، وكان لا بد من فعل شيءٍ ما.
“انظروا إلى تلك الآنسة.”
“إنها جميلة.”
كانت لايلا الأبرز بلا منازع في الصف الأمامي.
“كل حركةٍ من يديها أنيقة.”
“تلك الآنسة.…”
وبينما كانت المرأة تنظر إلى فاليري التي بدت خطواتها متعثرة قليلًا، آثرت الصمت.
ومن مكانٍ قريب، نقر ماثيو لسانه قائلًا،
‘تسك. فضيحةٌ للعائلة، إنها فضيحة.’
وهو يشاهد حركات لا تنسجم مع اللحن الأنيق، هزّ ماثيو رأسه.
“تلك هناك تؤدي بشكلٍ لا بأس به أيضًا.”
قال أحدهم وهو يشير إلى سيلينا.
“تلك الآنسة بالتأكيد.…”
كانت خطوط رقص سيلينا مختلفةً بوضوحٍ عن باقي الآنسات. بل وقدمت دورانًا أنيقًا ينسجم مع الإيقاع البطيء.
“سمعتها ليست جيدة، لكن مهارتها في الرقص تبدو أفضل من بقية الآنسات.”
وعند تلك الكلمات، نفث رجلٌ يرتدي قناعًا أسود في أحد الجوانب هالةً من القتل. فارتبك ماثيو، وسارع لإبداء رأيٍ لتهدئته.
“أليس علينا الآن تقييم مهارة الرقص الإبداعي لا سمعة المشاركات في المجتمع الأرستقراطي؟”
“صحيح. يكفي أن تنظروا إلى الرقص وحده وتحكموا.”
و حين رأى ماثيو أن حدّة زينوس قد خفّت قليلًا، تنفّس الصعداء في داخله.
لم يكن ويل هو من حضر اليوم ممثلًا لعائلة تشيس، ولذلك طلب من ماثيو على وجه الخصوص أن يتولى دور المساعد المؤقت.
كان من الجيد أن يصبح مساعدًا ليومٍ واحد لزينوس الذي يكنّ له الاحترام، لكنه لم يتوقع أن يواجه أشخاصًا يتحدثون بسوءٍ عن سيلينا بهذه السهولة.
‘أتمنى أن تنتهي التصفيات من دون مزيد من القيل والقال.’
لكن منصة الحكّام لم تهدأ.
“الموسيقى تصبح أكثر حدةً تدريجيًا.”
“التغير المفاجئ في اللحن سيُربك الآنسات كثيرًا.”
“ربما يريدون اختبار قدرتهن على التعامل مع المواقف الطارئة.”
راح الحكّام يراقبون المشاركات وهن يتفاعلن مع التغير المفاجئ في الموسيقى.
“آه، لم أكن أعلم أن الآنسة فيجيل تستطيع مواكبة الإيقاع السريع بهذه البراعة. يبدو أنها تتأقلم أفضل مع الرقصات السريعة.”
“كما هو متوقع من آنسةٍ تمثل عائلة الماركيز فيجيل.”
ورغم سماعه الثناء على فاليري، شدّ ماثيو قناعه أكثر.
‘ما الذي تفعله؟ هل تتدرب على أساسيات المبارزة بالسيف هناك؟ أريد العودة إلى المنزل، حقًا.’
وبعض النبلاء العسكريين الذين تعرفوا على حركات فاليري، ارتسمت على شفاههم ابتسامةٌ خفيفة.
وكان هناك من ألقى نظرةً خاطفة نحو ماثيو المقنّع.
“رقصة الآنسة آرسين الواقفة في الصف الأوسط جديرةٌ بالمشاهدة أيضًا. لماذا كانت تخفي مثل هذه المهارة طوال هذا الوقت؟”
“لم تكن تخفيها، بل لم تتوفر لها فرصةٌ تستحق أن تُعرض فيها.”
في تلك اللحظة، شهق أحدهم وأشار إلى الصف الأخير.
“تلك، تلك الآنسة.…”
“أليست الآنسة هايزل؟ لأنها في الصف الأخير لم تلفت الأنظار.”
“يقال أنها حلت فوضى بوابة القصر الإمبراطوري أمس متذرعةً بإرادة سمو ولي العهد.”
وعند تلك الكلمات، خيّم الصمت على منصة الحكّام لبرهة.
“إنه مكان وجود الماركيز أندرسون….فهل يُعد هذا تصرفًا حسنًا؟”
“لقد غضبت جلالة الإمبراطورة كثيرًا بسبب تلك الحادثة.”
وبينما كان الجميع مترددين في إبداء آرائهم.
“لكن، انظروا إلى رقصة الآنسة هايزل.”
وعندها، وجّه الجميع أنظارهم إلى رقصة إنغريد.
_______________________
قاعدة تسحرهم؟ كلوا تبن
المهم وناسه ماتوقعت زينوس موجود خلاص واضحه من بيعطي سيلينا الورده✨✨
والتوأم يا انهم يضحكون😭😭😭 ماثيو متفشل و فاليري ليه احسها متعمده تفشله😂
التعليقات لهذا الفصل " 54"