“تقولين لي أن أهدأ بعدما تجرّأت تلك الوضيعة على ذكر اسم إيريك واستعمال سلطةٍ ليست لها أصلاً؟ سأهدأ إذاً؟! يجب أن تُدان فورًا بجريمة إهانة العائلة الإمبراطورية. أمسكوا بها حالًا!”
“يبدو أنّ معالي الآنسات اللواتي سئمن الانتظار قد بدأن يمتدحن ’الشمس الصغير‘ ويُلطّفن الأجواء، لذا ربما لا يكون العقاب الفوريّ قرارًا مناسبًا يا جلالتك.”
“أتقولين أنه يجب عليّ تأجيل معاقبة تلك الصبيّة كي لا أربك أولئك الحمقى الذين يمدحونها من غير وعي؟”
“جلالة الإمبراطورة، هل استدعيتِني؟”
دخل إيريك في تلك اللحظة.
كانت الإمبراطورة قد استدعته فور سماعها أنّ إنغريد فتحت البوابة الرئيسية من تلقاء نفسها متذرعةً بإرادة وليّ العهد.
خلال تلك الفترة كان إيريك يتوخّى الحذر في قصر وليّ العهد بسبب قضية بيت الماركيز أندرسون. وكان يلتزم أيضًا بأوامر الإمبراطورة بألا يتدخل في المسابقة مطلقًا وألا يتبادل الزيارات مع إنغريد أثناءها.
‘أنا أنفّذ كل ما يُطلب مني، فما الذي لا يرضيها يا ترى؟’
وكان قد قرر أنه ما لم يكن الأمر جللًا فلن يواصل الصمت هذه المرة.
“وليّ العهد، حسنًا فعلتَ بمجيئكَ. لدي سؤالٌ قد يبدد شكوكي. هل منحتَ الآنسة هايزل صلاحية استخدام إرادة ’الشمس الصغير‘؟”
“نعم؟”
تردد إيريك قليلًا.
‘مررتُ إليها كلامًا عابرًا: إن واجهتكِ صعوبةٌ فقولي أنني سمحتُ لكِ. لكن….هل يُعد ذلك منحي إياها سلطتي فعلًا؟’
وبعد لحظة تفكير، أومأ،
“نعم، أنا من طلب منها ذلك. على أي حال، ما ترجوه الآنسة هايزل أمورٌ بسيطة. حتى لو استُخدمت سلطتي لأجلها فلن يلحظ أحدٌ ذلك.”
“لن يلحظه أحد؟ لقد قلتُ لكَ مرارًا ألا تتدخل في هذه المسابقة.”
“كنتُ أمتثل لإرادة جلالتكِ وأبقى في قصر وليّ العهد. ما الذي حدث تحديدًا ليستدعي قولكِ هذا؟”
كادت الإمبراطورة أن تروي له كل ما وقع ثم تراجعت. فربما عندما يسمع القصة سيُسرّ ظنًا منه أنّ سمعته ارتفعت بفضل ما حدث.
‘قبل أن تفتح الآنسة أندرسون البوابة الرئيسية، كنت أريد أن أرى أي العائلات ستنحاز لمن. لكنّها تجرأت وفتحت البوابة قبل ذلك….بل وباسم سلطة إيريك. كيف لي أن أُدير الأمور كما يجب وهُم يفسدون كل خطوة؟’
كانت الإمبراطورة تفضّل لو أن ابنها أنكر ذلك ببساطة. لكن إيريك اعترف ببرود أنه منح تلك الصلاحية بنفسه.
‘لا يمكن أن أتركهما يفعلان ما يحلو لهما.’
وتوصلت الإمبراطورة إلى قرارها.
“وليّ العهد، لا بد أنكَ تدرك أن سمعتكَ تتدهور الآن. ويبدو أنّ السبب في ذلك هو الآنسة هايزل، لذا من الأفضل لك خلال الأسبوعين القادمين من المسابقة ألّا تبقى في القصر الإمبراطوري. يُقال أنّ الجفاف اشتدّ في إقليم تشيرني، فاذهب وقدّم المساعدة.”
كانت الإمبراطورة في كل مرة يُحدث فيها إيريك مشكلة، تتذرع بجفاف إقليم تشيرني لترسله خارج العاصمة.
وبينما يغيب، كانت تُدير الأمور كما تشاء وتعيد ترتيبها، ثم تتصرف وكأن شيئًا لم يكن حين يعود.
‘يبدو أنّ إنغريد قد ارتكبت أمرًا ما.’
وبما أنّ الإمبراطورة لم يسبق أن اتخذت قرارًا يضرّ به، فقد اكتفى إيريك بالإيماءة،
“سأطيع أمر جلالتك. وسأغادر غدًا.…”
“بل الآن فورًا. يمكنكَ الانطلاق حالًا.”
كان إيريك ينوي لقاء إنغريد لمعرفة ما جرى، و عندما لم يتحقق له ذلك ضاق صدره.
“حسنًا، حسنًا. أمتثل للأمر.”
ثم غادر قصر الإمبراطورة بالكاد يلقي تحية.
فالتفتت الإمبراطورة إلى إحدى الوصيفات وسألتها من جديد،
“قلتِ أنها دخلت بلا عربة؟”
“نعم، لقد عبرت بوابة القصر الرئيسية أولًا.”
“جيّد. إذاً قدّمي لتلك الآنسة، التي اجتازت بوابة القصر أولًا، غرفةً تتعلّم فيها جيدًا ما يعنيه هذا القصر.”
“كما تأمرين.”
***
“سيلينا!”
مع حلول وقت العشاء، توجهت سيلينا إلى قاعة الطعام. و لوّح لها عددٌ من الوجوه المألوفة.
“اجلسي هنا.”
وبشكلٍ طبيعي دعتها فاليريا إلى الجلوس بجانبها. وقد كانت الطاولة تجمع سيدات تخرّجن من الأكاديمية.
“مضى وقتٌ طويل.”
ابتسمت سيلينا بحرارة فردّ الجميع بابتساماتٍ مشرقة.
“سمعنا أن لكِ دورًا كبيرًا في إعادة إحياء هذه المسابقة. أنتِ مذهلةٌ فعلًا. لا غرابة، فالأولى دائمًا مميّزة.”
“لا، لا معنى للقب الأولى. لقد طلبتُ فقط من جلالة الإمبراطور ألا يُلغى مسابقة لها هذا القدر من التاريخ.”
“وهل بيننا من يملك جرأةً كهذه غيركِ؟ هذا أمرٌ لا يقدر عليه إلا أنت يا سيلينا.”
في الأجواء الودّية، ألقت سيلينا نظرةً حولها.
“لا أرى الآنسة هايزل.”
“وليست الآنسة هيزل فقط، بل الآنسة أندرسون أيضًا. على ما يبدو، هناك كثيرات اخترن تناول الطعام في غرفهن.”
“طبيعيٌ أن يكون هناك من يتحاشى مواجهة البعض.”
“تقصدين مثل الآنستين اللتين جعلتا الجميع ينتظر صباح اليوم؟”
“إن كنتِ تعنينهما، فهما هناك. لا أعلم متى تصالحتا، لكنهما تجلسان على الطاولة نفسها.”
فأومأ الجميع، وقد بات واضحًا للجميع أنّ ما حدث صباحًا لم يكن سوى تمثيل.
“ربما مَن شوّهت اللوحة التي رسمتها جلالة الإمبراطورة لمشهد البوابة لم تستطع الحضور.”
وكانت سيلينا قد علمت بما جرى عند بوابة القصر وكيف انتهى الأمر.
‘ما زالت تجهل طريقة سير الأمور في المجتمع الراقي إلى هذا الحد؟ قد لا تتمكن حتى من الخروج من القصر بسلام. إن كانت إنغريد فعلاً الرفيقة القدَرية….فهل عليّ أن أحميها كي لا تموت؟’
ما إن أظلم وجه سيلينا للحظة حتى نكزتها فاليريا في جانبها،
“بِمَ تفكرين؟ هل هناك شيءٌ يُقيَّم حتى هنا أيضًا؟”
“هاه؟ لا….فقط كنتُ أفكر بما قد نفعله غدًا.”
حوّلت سيلينا الحديث بخفةٍ وابتسمت.
“كنتُ فضوليةً جدًا في البداية، لكن الأمر واضحٌ نوعًا ما. سألتُ من حولي ويبدو أننا سنتجمع في قاعة الولائم الكبرى.”
“أنتم سريعاتٌ في جمع المعلومات.”
“هذا ما يحدث حين تجتمع الآنسات ذوات الحنكة. ألم تكوني تعرفين هذا أصلًا؟”
“وماذا يمكن أن أعرفه من مجرّد معلومة عن ’القاعة الكبرى‘؟”
“الأمر واضح. منافسة الغد ستكون بلا شك….”
***
“ألن تفتحوا هذا الباب حالًا؟!”
صرخت إنغريد وهي تضرب الباب بقوة، وقد غدت ثيابها في حالةٍ يُرثى لها.
“إن التزمتِ الهدوء وتأملتِ تصرفاتكِ، فقد تمنحكِ جلالتها فرصة المشاركة غدًا.”
“وبأمر مَن تتحركون هكذا؟ أنا حبيبة ’الشمس الصغير‘! أتظنون أنه سيبقى صامتًا إن علم بأنكم عاملتموني بهذه الطريقة؟”
“إن واصلتِ إثارة الفوضى، فقد نُضطر إلى إجباركِ على الالتزام بالقوانين وآداب القصر يا آنسة.”
“أتجرؤون على قول هذا لي؟ لن أترككم وشأنكم!”
بعد اجتيازها بوابة القصر الرئيسية بكل زهو، ذهبت إنغريد مع وصيفتها إلى الغرفة التي خُصصت لها.
لكن تلك الغرفة كانت في الحقيقة أقرب إلى زنزانةٍ تحت الأرض.
لم يكن فيها أي أثاث، وأرضيتها الحجرية مغطاةٌ بالطحالب. و كادت إنغريد تنزلق من الدهشة، فأسرعت لفتح الباب، لكنه كان قد أُغلق بالفعل من الخارج.
لكنها ظنّت أنها ستكون في مأمن لأن المسابقة غدًا، ولأن إيريك واقعٌ في حبها.
وللحظة أذهلها ما سمّته الإمبراطورة “معاملةً خاصة”، لكن سرعان ما صرخت متحدية،
“سأجعلكم جميعًا تندمون!”
بنقرة إصبع واحدة كان بإمكان إنغريد العودة إلى غرفتها المجهزة بكل شيء. وكان بإمكانها أيضًا أن تُوقِع الوصيفتين، الخاصة بها ووصيفة الإمبراطورة، في ورطة كبيرة.
‘ليس الآن….لم يحن الوقت بعد.’
فكلما قلّ عدد الذين يعرفون حقيقة قوتها، كان المستقبل أسهل عليها.
“قلتُ لكُنّ: استَدعينَ وليّ العهد!”
ومهما صرخت وضربت الباب، لم يذهب أحدٌ لإحضار إيريك.
“متى ستتعب وتسقط على الأرض وتلطخ ثوبها بطحالبها الخضراء؟”
“لا أعلم. لقد ظلّت هكذا طوال فترة بعد الظهر. إنها حقًا عنيدة.”
كانت وصيفات الإمبراطورة يعرفن أكثر من غيرهن مدى فقر أسرة البارون هايزل.
والمسابقة غدًا، وقد تأكدن أن الآنسة هايزل دخلت القصر من دون فستان احتياطي.
‘لا بد أن تتذوق الخزي لتتعلم. فهي تحدّق بشجرةٍ لا تستطيع التسلق إليها.’
وكانت الكونتيسة ليفانتي تترقب بصبرٍ أن تنهك إنغريد وتسقط فوق الطحالب.
____________________
والله واو اعشق الامبراطوره و وصيفاتها يضحكون ايه بالله كملوا تنمر علو انغريد😭😭😭
الامبراطوره بعد تضحك غاسله يدها من ايريك قامت تنطلع في اي مكان😂
التعليقات لهذا الفصل " 53"