“آنستي….أعني، سيدتي. سعيدةٌ برؤية سموّ زوجة الدوق. مررتِ بالكثير من الأمور الصعبة، ولم أستطع أن أبقى إلى جانبكِ.”
“كيف كان بإمكانكِ البقاء؟ لقد طُردتِ ظلمًا. لكن كما يقولون، الأزمة قد تتحول إلى فرصة.”
“يسرّني أن الأمور جرت تمامًا كما توقعتِ، وأنه تم عقد هذه المنافسة. وحتى أنه قد وُزِّعَت المهام على وصيفاتٍ عاديّاتٍ مثلي….لقد كان اتباعي لرؤيتكِ، أقصد رؤيتكِ يا سيدتي، قرارًا صائبًا.”
“لا بأس. الآن ليس من مصلحتي أن يسمع كثيرون أنكِ تنادينني بزوجة الدوق. ناديني كما اعتدتِ. أين تعملين الآن؟”
“أعمل في جناح الأمير بيدرو.”
كان بيدرو أميرًا يصغُر إيريك بسنواتٍ كثيرة.
وهو ابن الزوجة الثانية، وتنتمي أسرته من جهة الأم إلى أسرة الماركيز تيلين القوية.
ولولا فارق السن الكبير بينه وبين إيريك لكان منافسًا قويًا على ولاية العهد.
“لقد وصلتِ إلى مكانٍ جيد.”
“هذا بفضل انتمائي لأسرة آرسين. فالأسرة الإمبراطورية تريد مصاهرة تلك الأسرة بأي طريقة.”
ثروة الكونت آرسين الهائلة وهداياهم الثمينة كانت مطمعًا لجميع أفراد العائلة الإمبراطورية.
وفي الوقت الحالي، كان الإمبراطور والإمبراطورة يدقّقان في الهدايا التي تقدمها عائلة آرسين ثم يوزّعانها.
لكن من يدري؟ لعل شخصًا على درايةٍ دقيقة بأسرار تلك الأسرة يستطيع الحصول على الهدايا عبر طرقٍ جانبية.
لهذا تمكنت نورا بسهولة من أن تصبح وصيفة الأمير بيدرو.
“ستكونين عيني وأذني هنا في القصر لفترةٍ من الزمن، تعلمين ذلك جيدًا.”
“بالطبع يا آنسة.”
“الأهم الآن هو تصفيات الغد. هل علمتِ بشيء؟”
“وصلني أمرٌ بتجهيز قاعة الاحتفالات الكبرى.”
كانت قاعةً كبيرة بما يكفي لاستيعاب جميع المشاركات.
“أما غير ذلك….فلم أتمكن من معرفة المزيد، فهذه الأمور لا يعلمها إلا المسؤولون مباشرة عن إدارة المسابقة. أعتذر يا آنسة.”
“لا بأس، هذا وحده مفيدٌ جدًا. والأهم من ذلك أنني خلال وجودي في القصر لن يُقيدني أحد، أليس كذلك؟”
“نعم. ومع ذلك….أتمنى أن أنهي عملي سريعًا وأعود لخدمتكِ كما كنتُ.”
فابتسمت سيلينا برقة لها.
***
“قلتُ لكَ لن نتحرك من هنا! بصراحة هذا غير عادل. أنتم من قطع علينا الطريق أولًا!”
“وهل يكفي كونكم ماركيز سالارمان لتتعالوا هكذا؟ نحن دوقية هانوفر! كيف يجرؤ موكب ماركيزٍ على اعتراض موكب دوق؟”
“وهل كل دوقٍ دوقٌ حقًّا؟ هيا صدقني….هل النبيلة داخل عربتكَ هي فعلًا ابنة الدوق؟”
“ماذا قلتَ؟ أتراكَ حقًا تود القتال؟”
كان الشجار مستعرًا منذ الصباح ولا نية لأي طرفٍ بالتراجع.
“وما قيمة دوقكم الذي بقي منه الاسم فقط؟ على أي أساسٍ ترفعون أصواتكم؟”
“وتظنون أنكم إن صرختم سيتغير شيء؟ إن لم تفسحوا الطريق، سنرفع الأمر لمحكمة القصر، وحينها ستجثون عند الأقدام طالبين الصفح!”
الدوق دوق، والماركيز ماركيز، وكان من الطبيعي أن تلتزم ماركيزية سالارمان حدودهم ولا يرفعوا أصواتهم أمام دوقية هانوفر.
ومهما كان وصول ماركيزية سالارمان أولًا، فقد كان الأجدر بهم التنحي حين وقع الخلاف مع أسرةٍ دوقية.
لكن وضع دوقية هانوفر البائس اليوم جعل هذا التصعيد مفهومًا.
“ما الذي يحدث؟ لماذا لا يتحرك الموكب؟”
سألت إنغريد سائقها وقد أنهكها السفر الطويل في عربة عادية بعد أن تأنقت منذ الصباح الباكر.
كانت تخطط للظهور بعربة القصر التي يرسلها ولي العهد، لكن إيريك أجابها،
[غضب النبلاء من حادثة إفساد الظهور الأول الخاص بآنسَة أندرسون لا يزال مشتعلًا. وإن أرسلتُ لكِ عربة القصر اليوم، فسيقولون أن الفائزة محددة مسبقًا.
أعلم أن الأمر مؤسف، لكن تعالي بعربتكِ الخاصة هذه المرة. وسأدعوكِ إلى جناحي شخصيًا حين تصلين—أنتِ وحدكِ، بشكلٍ خاص.]
“يبدو أن هناك شجارًا عند بوابة القصر الإمبراطوري.”
عندما سمعت ذلك، تلألأ بريقٌ في عيني إنغريد.
‘أيًا يكن ما يحدث….إن خرجتُ وحللتُ المشكلة بنفسي، سينظر إليّ الجميع باحترامٍ مجددًا. منذ قضية الظهور الأول تلك وهم يثرثرون عن حلّ حاشيتي وعن العقوبات….إن أصلحتُ هذا الوضع ستعود سمعتي.’
ففتحت إنغريد باب العربة مباشرة.
“أين وقع الشجار؟ خذني إليه.”
“إلى مكان الشجار، يا آنسة؟”
حدق السائس فيها صعودًا وهبوطًا، ثم تحدّث بنبرةٍ من يمنّ على غيره،
“من الأفضل ألا تتدخلي. المتصارعون من بيوت نبيلة—ونبيلةٍ جدًا.”
“وفّر كلامكَ الفارغ، واصحبني فحسب.”
هزّ السائق رأسه متذكرًا المنزل المتواضع الذي استقلّت منه إنغريد، ثم تحدّث،
“لا حاجة لأن أصحبكِ. الشجار في نهاية هذا الطابور الطويل، يمكنكِ الذهاب بنفسكِ. أما أنا فلا أستطيع الاقتراب، لذا سأدير العربة راجعًا. أعطني الأجرة فقط.”
قطّبت إنغريد جبينها عند سماع كلام السائق ورمت إليه بضع قطع نقدية كما لو كانت تتخلّص منها.
فالتقط السائق النقود بسرعة، ثم ساق عربته مبتعدًا، واضحًا أنه لا يريد التورّط في هذا الأمر بأي شكل.
سارت إنغريد بمفردها نحو نهاية صفّ العربات الطويل. وعلى طول الطريق كانت تستقبل الكثير من النظرات، لكنها لم تُعرها أدنى اهتمام.
بل على العكس، كانت تتمنى أن يعرف الجميع أنّ الشخص الذي سيفضّ هذا الإشكال هو هي.
‘انظروا جيدًا. لتعرفوا من سيكون منقذكم.’
وعندما وصلت أخيرًا إلى المقدمة، رأت السائقين اللذين ما يزالان يصرخان ويتشاجران دون أن تبدو عليهما أي نيةٍ للتنحي جانبًا.
“يعني، إن كنتم تريدون التفاخر باسم عائلتكم إلى هذا الحد، فلتُثبتوا لنا على الأقل أن الفتاة في داخل العربة تنتمي حقًا إلى دوقية هانوفر!”
“ولماذا يجب على آنستنا أن تُثبت أي شيءٍ لسائقٍ تافه مثلكَ؟”
“لأن الجميع هنا يعرف الحقيقة. أنه لا يوجد وريثةٌ تُواصل نسب دوقية هانوفر.”
“ما الذي تقوله؟ ألا تعرف حدّك؟”
كانت دوقية هانوفر إحدى العائلات التي وُضعت على قائمة التطهير يوم اعتلى الإمبراطور العرش.
وبعد أن فقدت جميع ورثتها، لم تستطع البقاء إلا بعدما قدّمت دعمًا ماليًا هائلًا، فعومل لقبها باعتباره مجرد اسمٍ بلا قوةٍ تُذكر.
والحال ذاته ينطبق على معظم الدوقيات المتبقية في إمبراطورية سيفايا؛ فقد فقدت جميعها ورثتها ونجت بالكاد.
ولهذا السبب تحديدًا منح الإمبراطور لقب الدوق الكبير يوستيا لزينوس—فقد كان لقب الدوقية التي قد فقدت هيبتها حتى صارت الماركيزات نفسها تنظر إليه بازدراء.
وكان الإمبراطور يقدّم هذا اللقب كجائزة “لمن يضحّي بحياته من أجل الأمة”، وإن كان اللقب لا يحمل قيمةً حقيقية بعد الآن.
“هممم!”
فتقدّمت إنغريد نحو السائسين و تحدّثت بثقة،
“إلى متى ستظلان تسدّان مدخل القصر الإمبراطوري؟ ابتعدا فورًا.”
“ولماذا علينا أن نتنحّى….بالتحديد؟ إن أردتِ أحدًا يتنحّى، فابدؤوا بعربة تلك العائلة!”
“ومن تكونين أنتِ لتتدخلي في أمرٍ يخصّنا؟”
ولأن منظرها يوحي بأنها آنسةٌ من عائلة نبيلة، رفع السائقان نبرتهما قليلًا لكن دون احترام حقيقي.
“ومن أكون برأيكما؟ أنا الشخص الذي سيحلّ هذا الإشكال.”
“لا، نحن نسأل: من أنتِ تحديدًا حتى تأمريَنا؟ يبدو أنكِ لا تدركين من تتحدثين إليهم. أنا سائق دوقية هانوفر؛ دوقيةٌ ذات تاريخ طويل وعريق، أفهمتِ؟”
فما كان من السائق الآخر إلا أن يرفع صوته هو أيضًا،
“وأنا من ماركيزية سالارمان! لكن….هل جئتِ وحدكِ، يا آنسة؟”
كان في الأمر شيءٌ غير مألوف: فأن تأتي نبيلة دون أي خادمة أو مرافق، وتتدخل بنفسها في شجار بين عربات—أمرٌ مستغربٌ للغاية.
تبادل السائقان نظرات سريعة، ثم تحدّث أحدهما،
“آنسة، بعد أن نُحدد من منا سيدخل أولًا، سنُفسح الطريق من تلقاء أنفسنا. فانتظري في الخلف رجاءً.”
“نعم، أدخلي إلى عربتكِ بعد أن ننتهي نحن من حلّ الأمر.”
لكن إنغريد هزّت رأسها بقوة،
“لا يمكن ذلك، ولهذا تقدّمتُ بنفسي. ألا ترون طابور العربات الطويل خلفكم؟ كلّهن آنساتٌ مشاركات في المسابقة بانتظار الدخول.”
“بموجب إرادة الشمس الصغير، عليكم أن تبتعدوا فورًا عن مدخل القصر الإمبراطوري! وكل من أثار هذه الفوضى سيُسمح له بدخول القصر فقط بعد دخول جميع العربات التي انتظرت حتى الآن. أكرر للمرة الأخيرة: هذه هي إرادة الشمس الصغير!”
___________________
إيريك: تجيك التهايم وانت نايم
وانغريد العجوز شفيها تحولت فجأه لمبعوث؟ يعووه
المهم وناسه تو استوعب نورا هي الس كانت مع سيلينا بداية الروايه هااااااعاعاهاهاها بنيتي ذكيه وااس حولها اذكياء✨
التعليقات لهذا الفصل " 52"