عندما عاد جِيم إلى العربة، كانت سيلينا وحدها بداخلها.
و عندما لم يلحظ تغيّر مزاجها، أخذ يروي لها بالتفصيل ما رآه للتو.
“كانت هناك عربتان تعترضان بوابة القصر الإمبراطوري. أردتُ أن أطلب منهما التنحّي، لكن السائق الآخر أوقفني وقال أن الأمر ليس من شأني.”
“هكذا إذاً، ومن أي أسرةٍ كان ذلك السائق؟”
مسحت سيلينا دموعها خفيةً وسألت بصوتٍ متعمد الخفة كي لا يكتشف أنه ضبطها تبكي.
“كان سائقاً من أسرة الكونت سانشارا.”
“إنها أسرةٌ لنا معها ارتباطاتٌ وثيقة في تجارتنا. ينبغي أن نكافئه لاحقًا.”
“أتعلمين يا آنسة لماذا منعني ذلك الرجل؟”
فأجابته سيلينا بهدوء،
“يا جيم، لقد بدأت المنافسة بالفعل.”
“بدأت؟ لكنني لم أوصلكِ إلى القصر بعد!”
نظرت سيلينا إلى جيم البريء دون أن تشعر، ثم فكّرت،
‘صحيح، لقد بدأت المنافسة فعليًّا. وهذه نتيجة ما بدأته أنا بنفسي. مسألة إنغريد….سأفكّر فيها بعد تجاوز هذه المرحلة.’
“هل تعرف من كانت تلك العربات التي سدت بوابة القصر؟”
“أخبرني السائق نفسه بذلك أيضًا. إحداهما لأسرة دوقية هانوفر، والثانية لأسرة ماركيزية سالارمان.”
تنهدت سيلينا.
‘يبدو أن جلالة الإمبراطورة أعدّت لهذه المنافسة نيةً واضحة منذ البداية.’
ونظرت من نافذة العربة بقلقٍ يملأ صدرها.
فالطابور الطويل الممتد أمامها لم يكن يتحرك قيد أنملة.
“جيم، سنفعل الأمر هكذا.…”
***
“هل دخل أحدٌ من المتسابقات بوابة القصر؟”
“ليس بعد.”
ابتسمت السيدة بولتون، وصيفة الإمبراطورة.
“جيد. سيكون من المزعج لو دخل أحدهن بسهولة. علينا أن نُظهر للجميع أن هذه المنافسة بعد إحيائها لن تُفتح أمام أيٍ كان.”
“لكن يا جلالتك، المنافسة لم تبدأ رسميًا بعد. أهذا التصرف مناسب؟”
“ألم يرغب جلالة الإمبراطور في أن يفرز بهذه المنافسة الموالين الحقيقيين للعرش من حلفاء الدوق؟ لهذا نفعل ما نفعل. لعلّه الآن يشيد بحسن تدبيري عند اللورد لوس.”
“نعم، بالتأكيد.”
ضحكت الإمبراطورة برضا، فتبعتها السيدة بولتون بضحكةٍ مشابهة.
“وقد تواصلتِ مع أسرة الماركيز أندرسون مسبقًا، أليس كذلك؟ ليأتوا بعد الظهر ليحلّوا الأمر ويدخلوا القصر.”
“نعم، أرسلنا إليهم.”
كانت الإمبراطورة فرحةً بأن خطتها الطموحة تسير كما أرادت.
‘يجب أن نُظهر للجميع من البداية أنها من ستبسط نفوذها أولًا تيدخل القصر قبل الجميع. حتى إذا فازت لاحقًا، فلن يعترض أحد.’
في تلك اللحظة هرعت السيدة ريفانت، وصيفةٌ أخرى مقرّبة، تنقل خبرًا عاجلًا.
“جلالتك، وصلت الآن للتوّ آنسةٌ و قد عبرت بوابة القصر.”
“ماذا؟”
رفعت الإمبراطورة حاجبًا، ثم سألت بحذر،
“هل هي الآنسة لايلا أندرسون ابنة الماركيز؟”
“الأمر هو…”
***
“لقد وصلتِ الأولى.”
قال جيم ذلك وهو يساعد سيلينا على النزول من العربة.
“نعم، وبفضلكَ وصلتُ بسهولة. بعد انتهاء التصفيات، ليعد موراي ويستقبلني في الموعد ذاته.”
“حاضر يا آنسة.”
انحنى جيم ثم همّ بالانصراف، لكنه انتبه فجأةً إلى العربة التي وصلت خلفهم.
“ما بالكَ يا جيم؟ لماذا دهشتَ هكذا؟”
سألته آنسةٌ داخل العربة، وقد بدت مستمتعةً برؤيته متفاجئًا.
“أعتذر….لم أتوقع أن تكون هناك آنسةٌ أخرى فكرت بالأمر نفسه الذي فكرت به آنستي.”
فضحكت الأنسة، ذات العينين المرفوعتي الأطراف،
“هذه بالفعل فكرة آنستكَ فقط. أنا لم أفعل سوى تقليدها. فكل ما تفعله سيلينا صوابٌ محض.”
“فاليري….حين تقولين ذلك سيصدقكِ جيم حقًا.”
“وما المشكلة؟ إنها الحقيقة. سواءً صدّق أو لم يصدّق فهذا شأنه.”
اقتربت فاليري من سيلينا ثم احتضنت كتفيها بقوة.
“لقد مرّ زمنٌ طويل! ذهبتُ قليلًا إلى الحدود، وفجأة أسمع شائعاتٍ غريبة عنكِ، ثم أعود لأجدكِ دوقة! أنا متأثرة جدًا….كل شيءٍ سمعته من الآخرين لا منكِ!”
“لم يكن لدي وقتٌ لأخبركِ أو أستشيركِ. آسفة. لكن سأحرص من الآن فصاعدًا على أن أخبركِ بكل جديدٍ عني.”
دخلتا معًا إلى داخل القصر وهما تتحدثان بودّ، بينما انحنى جيم مودّعًا وغادر القصر.
و حتى في طريق عودته إلى المنزل، كان صف العربات أمام البوابة لا يزال ممتدًا بلا نهاية.
سارت فاليري إلى جوار سيلينا داخل القصر وسألتها.
“كيف فكرتِ بالدخول من البوابة الجانبية؟”
“أنتِ تعلمين أن ما يحدث اليوم من تدبير جلالة الإمبراطورة، أليس كذلك؟”
“وكيف لي ألا أعلم؟ العربات التي سدت بوابة القصر الإمبراطوري كانت عربة دوقية هانوفر وعربة ماركيزية سالارمان.”
كان الدوق هانوفر، قبل أن يختفي من المجتمع الراقي، يساند كريستا دعمًا ماديًا ومعنويًا، كما كانت أسرته تدعم فرسان هيلوا دعمًا كاملًا.
أما الماركيز سالارمان، فله صلاتٌ وثيقة بأسرة الماركيز تشيرني، أسرة الإمبراطورة.
أتراه مجرد صدفةٍ أن خصومة أسرتَي الدوقيتين—المواليين لولي العهد والمقرّبين من الإمبراطور—تظهر اليوم تحديدًا أمام أنظار الجميع؟
“أنا، كابنةٍ لأسرة كونتٍ فقط، لا يمكنني التدخل لحل أمرٍ كهذا. لا أملك أي مبرر للتدخل أصلًا.”
“لكن في الحقيقة….أنتِ تستطيعين التحدث. فمكانتكِ الآن، لو تحدثنا رسميًا، هي مكانة الدوقة.”
فعتم وجه سيلينا قليلًا لسماع ذلك.
“فاليري، نحن داخل القصر الإمبراطوري الآن. كوني حذرة في كلامك.”
“أعرف، أعرف….آسفة.”
ضحكت سيلينا قليلًا وهي ترى فاليري تنقر شفتيها بالمروحة، ثم تابعت،
“إذًا هم ينتظرون أن يظهر أحدٌ كبطل ويفتح بوابة القصر، ثم يدخل المتسابقون عبر البوابة الرئيسية بكل شرف.”
أومأت سيلينا. لم يكن هناك داعٍ للشرح. فمن سيحلّ هذه الأزمة بطريقة باهرة اليوم….كان معروفًا مسبقًا.
“أنا فقط استخدمت طريقةً ملتوية بعض الشيء. بما أنني اعتدتُ دخول القصر منذ طفولتي وأعرف طرقه، لعل جلالة الإمبراطورة ستتغاضى عن ذلك.”
“وهل سيغضّون الطرف أيضًا إن قلتُ إنني مجرد تابعةٍ لكِ؟”
“بما أنكِ إحدى توأم فيجيل السحري، فسيتغاضون.”
فتحت فاليري عينيها دهشةً بطريقةٍ مبالغٍ بها، ثم انفجرت تضحك مع سيلينا.
“على الأقل سأشارك في التصفيات معكِ. لا أظن أنني سأصل إلى النهائيات.”
فهزّت سيلينا رأسها بقوة.
“لا، عليكِ أن تصلي للنهائيات معي. يجب أن يكون لديّ شخصٌ واحد على الأقل أعتمد عليه. فنحن لا نعرف حتى ما هو موضوع التحدي القادم.”
في تلك اللحظة اقتربت وصيفةٌ مسؤولة عن الإرشاد.
“تشرفت برؤية الآنستين. هؤلاء هن الوصيفات اللاتي سيتولين خدمتكن.”
في القصر الإمبراطوري لا يُسمح لأي شخص بالمكوث. حتى النبلاء الذين يستدعيهم الإمبراطور يترك خَدَمهم خارجًا.
أما مشتركات المسابقة، فيحصلن على امتياز الإقامة في القصر طوال مدة البطولة. ولكل واحدةٍ منهن وُكلت وصيفةٌ خاصة.
بدت وكأنها عنايةٌ خاصة من الأسرة الإمبراطورية بالمشاركات. لكن الواقع أن ذلك لم يكن سوى غلاف جميل يخفي حقيقةً واضحة، فهؤلاء الوصيفات سيكنّ عيون الإمبراطورة على الفتيات طوال أسبوعين كاملين.
‘هؤلاء سيكونون أعين جلالتها لمدة أسبوعين…..’
شعرت فاليري ببعض التوتر بينما كانت وصيفتها تقترب منها.
“تشرفت بلقائكِ يا آنسة فيجيل، أنا سارة وسأتولى خدمتكِ طوال الأسبوعين القادمين.”
و اكتفت فاليري بإيماءةٍ بسيطة نحوها.
“اسمحي لي بأن أرافقكِ إلى غرفتكِ المخصصة لهذا اليوم.”
أرسلت فاليري لسيلينا إيماءةً خفيفة ثم غادرت مع وصيفتها. عندها اقتربت وصيفةٌ أخرى كانت تنتظر في جانب قاعة الانتظار.
“تشرفت بلقائكِ يا آنسة آرسين. أنا نورا وسأتولى خدمتكِ طوال الأسبوعين القادمين.”
مرّت ابتسامةٌ سريعة على وجه سيلينا، و ما لبثت أن أخفتها عندما تذكرت أن العيون تراقب.
“سأرافقكِ الآن إلى غرفتكِ لهذا اليوم.”
فخرجت سيلينا والوصيفة دون أي إظهارٍ للمشاعر، لكنهما ما إن وصلا إلى غرفتها حتى أطلقت كل منهما زفرةً طويلة من الارتياح.
_______________________
وان تعرف نورا ذي؟😂 وناسه بنتي ذكيه🤏🏻
المسابقه ذي بتجي فيها اشياء تقهو واجد واضح بس عادي على الاقل يارب يكتشفون ان سيلينا الصدقيه وذيك ماغير عجوز
التعليقات لهذا الفصل " 51"