5
ما إن غادرت الأميرة هيلينا قاعة الحفل حتى تبعها أولئك النبلاء الذين كانوا قبل قليل يهاجمون سيلينا بالإهانات، فتناقص عدد الحاضرين في قاعة الاستراحة بسرعة.
وكذلك خرج إيريك متذرعًا بمرافقة إنغريد، فلم يتبقَّ في الغرفة سوى القليلين.
نظرت سيلينا إلى مورغان باتيل الذي بقي في المكان يرمقها بعدم رضا، فعبست في وجهه متضايقة.
‘ولِمَ بقي هذا هنا بالذات؟ لو أنه خرج، كنتُ سأتمكن من سؤال سموّ الدوق عما حدث حقًا. لن أنام الليلة إن لم أعرف السبب.’
لكن مورغان، الذي لم يكن يدرك ما يجول في خاطرها، بادرها بقولٍ حادّ،
“آنسة آرسين، وقاحتكِ لا حدود لها حتى النهاية.”
عندها تنفّس ويل ببطء وردّ بسخريةٍ باردة،
“يبدو لي أن السيد باتيل رجلٌ جبانٌ بحق.”
“ماذا قلتَ؟!”
“أقول أنكَ تتجرأ على توبيخ الآنسة آرسين الضعيفة بدلًا من أن تفتح فمكَ بكلمةٍ واحدة أمام الدوق نفسه الذي قال أنه كان معها. هذا لا يبدو لي إلا جبنًا صريحًا.”
“أ….أنا لم أقصد..…”
“هل تراني أسيء الأدب الآن يا سيد باتيل؟”
“لا، ليس هذا ما أعنيه..…”
“إذاً لعلني أسأتُ الفهم؟ في هذه الحالة، هلّا تشرح لي موقفكَ بالخارج على طريقتنا نحن الرجال؟”
رفع ويل يده كما لو أنه سيلقي القفاز أرضًا، فارتبك مورغان فورًا وتلعثم،
“أ…..أعتذر! لقد تجاوزتُ حدودي.”
فمن ذا الذي يجرؤ على مبارزة “ويل تشايس”، أحد أمهر المبارزين في الإمبراطورية؟
أما مورغان، الذي لم يمسك سيفًا بيده يومًا، فقد انكمش على نفسه بسرعة.
“أه…..عليّ أن أذهب إلى قاعة الحفل الآن، سنتحدث لاحقًا يا آنسة، يا سموّ الدوق.”
قال ذلك وغادر المكان مسرعًا. و لم يبقَ في القاعة سوى ثلاثة أشخاص.
“سأذهب لأتفقد الأوضاع في قاعة الحفل. وإن سأل أحدٌ عني، قولوا أننا كنّا نحن الثلاثة هنا معًا.”
“لـ، لحظة..…”
لكن قبل أن تُكمل سيلينا حديثها، كان ويل قد اختفى بالفعل.
حينها تحدّث زينوس بنبرةٍ هادئة،
“هل أفزعتكِ بتدخلي المفاجئ؟”
تجمدت سيلينا في مكانها، وصوتها اختنق قبل أن تنبس ببنت شفة.
بينما تابع هو،
“تدخّلتُ فقط لأنكِ بدوتِ في موقفٍ صعب، وأردتُ مساعدتكِ.”
رفعت سيلينا رأسها ونظرت إليه، وفكّرت بدهشة،
‘من كان يظن أن صوت الدوق، الذي يُقال أنه لا يعرف سوى الحرب، يمكن أن يكون بهذه الجاذبية….ونظراته منذ قليل، كم هي حارّة…..’
“آنسة آرسين؟”
اقترب منها خطوةً حين رآها صامتة، و تحدّث بصوتٍ جادّ،
“إن كنتِ تقلقين على سمعتكِ، فسأتحمل المسؤولية كاملة. سمعتُ أنكِ على وشك فسخ خطوبتكِ، لذا ما إن تنتهي الإجراءات، فلنتزوج.”
“…..ماذا؟”
رفعت سيلينا رأسها بسرعة، غير مصدّقةٍ ما سمعت، وسألته بارتباك،
“سمو الدوق…..هل تقترح الزواج عليّ الآن؟”
“لم أقل أمام الجميع أننا كنا معًا بلا نيةٍ في تحمّل العواقب. فأنا، رغم أنني قضيتُ عمري في ساحات القتال، لستُ غافلًا عن شؤون الشرف واللياقة.”
ثم انحنى قليلًا لينظر مباشرةً في عينيها وتحدّث بجديةٍ حازمة،
“لقد نطقتُ بتلك الكلمات أمام الجميع، وسأتحمل مسؤوليتها حتى النهاية.”
‘لا….لا….هذا لا يمكن!’
ارتبكت سيليناو تراجعت خطوةً إلى الوراء، مغمضةً عينيها تحاول استعادة اتزانها.
كانت هذه المرة الأولى التي تقف أمامه وجهًا لوجه منذ طفولتها.
تذكرت تلك الأيام البعيدة في القصر الإمبراطوري، حين كان زينوس لم يزل شابًا لم يحمل بعد لقب الدوق، والتقته صدفةً بينما كانت تلعب مع إيريك.
‘لقد مرّ أكثر من عشر سنوات على ذلك اللقاء…..بعدها التحقتُ بالأكاديمية، ثم عدتُ إلى العاصمة في الرابعة عشرة من عمري، لكنني لم أشارك بعد في أي حفل نصر، فلم أره مجددًا حتى الآن.’
أما آخر مرة كادت تراه فيها فكانت قبل ثلاثة أشهر في حفل النصر الذي وقعت فيه حادثة النافورة، لكنها هربت آنذاك دون أن تجرؤ على تحيته.
‘لم نكن على تلك الدرجة من القرب…..بل ولم أظن أنه سيكذب لأجلي، فضلًا عن أن يعرض الزواج!’
لكن عقلها بدأ يدور بسرعةٍ في اتجاهٍ آخر.
‘رغم غرابة الموقف، إلا أن الوضع ليس سيئًا أبدًا. لقد أنقذني الدوق من فضيحةٍ اليوم، وسأحصل قريبًا على ثلاثة امتيازات احتكارٍ من ولي العهد.’
كان زينوس يوستيا الدوق الوحيد في إمبراطورية سيفايا، ونفوذه يمتد حتى خارج حدودها.
‘الزواج به سيكون صفقة العمر. زوجة الدوق…..هذا اللقب وحده كفيلٌ بأن يرفع مكانتي إلى مصافّ السلطة الثانية بعد الإمبراطور نفسه. لكن…..لماذا أنا بالذات؟’
وبينما كانت الأفكار تتسابق في ذهنها، خيّم ظلٌّ عليها من جديد. فتحدّث الدوق بصوتٍ منخفضٍ ثابت،
“هل أرسل خطاب الخطبة إلى قصر آرسين غدًا؟”
حتى قبل أن تنتهي من حساباتها، لم تستطع سيلينا أن تلتقط أنفاسها من سرعة اندفاع الدوق زينوس.
‘ما بال هذا اليوم مليئًا بالأحداث المربكة؟’
كانت قبل لحظات على وشك أن تُصبح خائنة للإمبراطورية، وها هي الآن على وشك أن تُصبح زوجة دوقها، محط غبطةٍ وحسد جميع نساء الإمبراطورية.
‘اهدئي يا سيلينا، لا يجب أن تضعفي أمام هذا الوجه الوسيم.’
تراجعت سيلينا خطوةً إلى الوراء وهمّت بأن تردّ بهدوء.
“صاحب السمو الدوق.”
فرمقها زينوس بنظرةٍ عميقة يصعب قراءة مكنونها.
“أنا…”
***
عادت سيلينا إلى قصر الكونت وهي منهكةٌ تمامًا وأصدرت تعليماتها بصوتٍ خافت.
“أنا متعبة. نُورا، ساعديني على تبديل الملابس، وكاثي، اعتني بماء الحمام.”
كانت أسرة الكونت آرسين تدير شركةً تجارية ضخمة وتُعدّ من الأسر الثرية، لكن سيلينا لم تكن تعيش حياةً زهرة مدلّلة في هذا البيت الفخم.
كانت تقيم في الجناح الشرقي من القصر، وهو في الأصل مبنى جانبي مخصص للضيوف.
وكان يُسمح بالدخول إليه فقط للكونت آرسين، وسيلينا، وعددٌ محدود من الخدم وخادمتين و رئيس الخدم.
ولم تتمكّن من فرض هذا الحد من الدخول إلا في السنوات القليلة الماضية.
“آنستي، الحمام جاهز.”
أغمضت سيلينا عينيها وهي تغطس في الماء الدافئ. و ابتسمت بسخرية وهي تتذكر ما حدث قبل قليل.
‘أولئك الذين فرحوا علنًا بخبر فسخي للخطوبة، ماذا سيقولون لو علموا أني تلقيت اليوم عرض زواجٍ من الدوق نفسه؟ لا بل، هل سيصدقون ذلك أصلًا؟’
أولئك الأشخاص…..
كان سبب اضطرارها للعيش في جناحٍ منفصل يعود إلى البنية العائلية الحالية لأسرة الكونت آرسين.
حين بلغت السابعة من عمرها، وبعد عامٍ واحد فقط من وفاة والدتها، تزوج الكونت آرسين امرأةً من العامة، رغم معارضة الجميع، وكانت تلك المرأة أماً لطفلٍ أيضًا.
كانت تلك المرأة هي الكونتيسة فلورا الحالية، زوجة أبيها.
“سيلينا، هذه هي السيدة التي ستصبح والدتكِ من الآن فصاعدًا، وستعتني بكِ في غيابي.”
“سيدي الكونت، لا تقلق. سأعتني بها كما لو كانت ابنتي.”
و كان هناك فتى صغير في الثامنة من عمره تقريبًا، يُدعى براندون، متشبثًا بثوبها في ذلك اليوم.
ومع مرور الوقت، كبر براندون جسدًا وهيئة، وبدأ مع والدته فلورا في محاولة إقصاء سيلينا من العائلة.
كان يردد علنًا أن وريث الأسرة يجب أن يكون الابن الأكبر، وأنه الوريث الشرعي التالي لأسرة آرسين.
‘يا له من هراء، دمنا لا يجري حتى في عِرقٍ واحدٍ به.’
لكن طرد فلورا وبراندون لم يكن بالأمر السهل، فوجود الأخ غير الشقيق سيباستيان كان عائقًا دائمًا.
كان سيباستيان يصغر سيلينا بتسع سنوات، وهو ابن الكونت الحقيقي من فلورا، وقد ورث ملامحه بالكامل.
“آنستي، لِننهي الاستحمام الآن.”
“حسنًا.”
بعد أن انتهت من الحمام وجففت شعرها الطويل، جلست على مكتبها لتكتب في مذكرتها.
لكن يدها توقفت فجأة، وفتحت صندوقًا مخمليًا أحمر كان موضوعًا على الطاولة.
في داخله قلمٌ فاخر مكتوبٌ عليه “الأولى على دفعتها في أكاديمية سافايا – الدفعة الخامسة والثلاثون.”
مرّت أصابع سيلينا بلطفٍ على ريشة القلم وقالت في نفسها،
‘كم تعبتُ حتى أحصل على هذا القلم.’
ولتجنب الصدام المباشر مع تلك الأم وابنها، قررت الالتحاق بالأكاديمية في سن العاشرة.
طالبة منحةٍ دراسية — هكذا كان يُعرف اسم سيلينا آرسين في كل مجتمع النبلاء حتى اليوم.
لكن هذه الصفة، التي قد يراها البعض مصدر فخر، كانت تعني لها شيئًا مختلفًا تمامًا.
‘تعلمت الكثير هناك. ولهذا لم أستسلم بعد. سأرث لقب أسرة آرسين. لن أدع الأمور تسير كما يريدون.’
تلألأت عينا سيلينا بعزمٍ لا يلين.
________________________
بعد طلعت مضطهده وين الدوق مافيه وقت للزواج اخطفها
صح وش صار ؟ قال انا والمؤلفه طارت خيييييييير الفصل الي بعده مب عندي الحين وش قالت
المهم ويل يجنن قاعد يشبكهم؟😭
و زينوس انفداه ماعنده وقت للخطبه يبي الزواج✨
Dana
Chapters
Comments
- 5 - هل يمكنني إرسال عرض زواج؟ منذ 13 ساعة
- 4 - يمكنكِ القول أنكِ كنتِ معي منذ 13 ساعة
- 3 - مع من كنتِ؟ منذ 13 ساعة
- 2 - أريد فسخ خطوبتي منذ 13 ساعة
- 1 - بأمرٍ إمبراطوري، كوني شريرة! منذ 13 ساعة
التعليقات لهذا الفصل " 5"