“لم أتوقع أن تتواصلوا معي أولًا.”
تفرّد فيليب من جديد—من دون أن يلفت الانتباه—في صاحبة الشائعات التي يُقال أن سيلينا تسيء معاملتها.
أليست هي التي قيل أنها العشيقة غير الرسمية لولي العهد؟
يا له من قدرٍ قاسٍ…..أن تكون الفتاة التي قد تكون رفيقة زينوس مرتبطةٌ بإيريك.
رفعت إنغريد عينيها الواسعتين مقوستين كالهلال، وابتسمت بلطف.
كانت ابتسامةً صافية لا يبدو فيها أي نيةٍ سيئة.
‘لهذا السبب إذن وقع إيريك في حبها من دون أن يأبه بفارق المكانة.’
لكن فيليب كان يعرف جيدًا أن هذه الفتاة ليست سهلة.
لقد سمع من زينوس كل ما حدث في بيت الماركيز أندرسون، كما سمع شائعاتٍ كثيرة من نبلاء فصيل الدوق.
“هل يمكنني أن أناديكَ أبي؟”
“نادني كما تشائين.”
“أبي، أظنني أعرف تمامًا ما الذي يدور في ذهنكَ الآن.”
“أوه؟ وتعرفين فيما أفكر؟”
“إنكَ تشك فيما إذا كنتُ حقًا الرفيقة، أليس كذلك؟”
ابتسمت إنغريد بثقةٍ وراحة.
“أنا الرفيقة الحقيقية. كون قوة الدوق لا تعمل عليّ هو الدليل. أنت نفسكَ لم تؤثر قوة السيدة كريستا عليكَ، ومن خلالها علمت أنكَ رفيقها، أليس كذلك؟”
كانت قوة كريستا هي التحريك عن بُعد. لو أرادت، لرفعت صخورًا بحجم منزل.
لكن فيليب لم يستطع أن يتحرك بها. كان قد حمل مثل تلك الصخور بذراعيه عدة مرات، لكنه لم يستطع استخدام قدرتها.
وقد ضحكت كريستا يومها قائلة: كيف لا تكون رفيقي وأنت لا تستطيع استخدام قوتي؟
“لا أدري….هل كنتُ عاجزًا عن استخدامها فعلًا أم أني لم أرد استخدامها. لا طريقة لدي لمعرفة الحقيقة، لذلك لن يقنعني هذا الكلام.”
“ومع ذلك تواصلتَ معي أولًا وتريد مقابلتي. رغم أنكَ غير واثقٍ من أنني الرفيقة الحقيقية.”
ضحكت إنغريد وكأنها تجد الأمر ممتعًا.
“فقط شعرت أنه يجب أن أراكِ مرة واحدة على الأقل. سواءّ كنتِ الرفيقة أم لا، لا يكفي أن أعتمد على الشائعات. كان لا بد أن أراكِ بنفسي وأفهم.”
***
“رجاءً أوقفوه.”
“حضرة المساعد، لن يبقى فينا عظمٌ سليم. أنقِذْنا رجاءً.”
بعد حفل الظهور الأول، ومنذ أن رأى زينوس ردة فعل فيليب، ظل يكدّس نفسه في التدريب مرهقًا جسده بلا توقف.
“لابد أنه مكروبٌ للغاية….تحمّلوا قليلًا.”
“حضرة المساعد!”
حتى بعد أن التقت سيلينا بالإمبراطور وفازت في إقامة مسابقة الياقوتة الحمراء وأعلنت أنها ستذهب إلى العائلة الإمبراطورية، لم تختفِ مراقبة القصر.
بل إن بيت الدوق أطلق شائعةً بأن العروس القادمة من بين المشاركات في بطولة الياقوتة الحمراء ستكون دوقة المستقبل، مما جعل التحرّك بحذرٍ أصعب.
لذلك صار زينوس يحضر كل تجمعٍ اجتماعي قد تذهب إليه سيلينا، ليلتقي بها مصادفة.
‘لكنه لم يتوقع ظهور الرفيقة الحقيقية هناك. تلك الفتاة التي يعشقها الأمير إيريك بجنون؟ إنغريد هايزل؟’
ازداد الأمر ثقلًا حين بادر فيليب نفسه بالتواصل مع تلك الفتاة وذهب لرؤيتها مباشرة.
كان من الطبيعي أن ينهار زينوس في التدريب هكذا. لقد عاش حياته يجلّ فيليب أكثر من أي أحد، الرجل الذي ربّاه وحماه وحده في ساحات القتال، والده.
والآن يفكر في إدخال امرأةٍ غير سيلينا زوجةً لابنه….
لو علمت سيلينا بذلك، كم ستحزن؟ مجرد التفكير كان يمزّق قلب زينوس.
‘يا صديقي….ضرب الفرسان لن يغيّر شيئًا.’
نظر وِيل إلى زينوس بعينين مليئتين بالأسف.
“التالي!”
“يا سمو الدوق، أرجوكَ ارتَح قليلًا.”
“اشرب ماءً على الأقل.”
“متى أصبح فرساننا بهذا الضعف؟ هل ستطلبون شرب الماء في ساحة الحرب أيضًا؟ التالي!”
“كفى. ستؤذي نفسكَ بهذه الطريقة. لا تتعب الآخرين دون داعٍ….واجه المشكلة مباشرة.”
لم يستطع ويل الاحتمال فتدخّل. و نظر إليه زينوس، ثم مسح عرقه وانتقل إلى مكانٍ آخر.
“إلى أين تذهب؟”
أشار الفرسان بأذرعهم برمز إكس وكأنهم يقولون لويل: لا تسأله! بالكاد نجونا!
“قلتَ واجهها مباشرة….سأذهب لأفعل ذلك.”
فلم يكن من طبعه أن يبقى مهمومًا صامتًا.
***
“لقد وصل!”
غرقت إنغريد في فرحٍ عميق وهي تنظر إلى الرسالة الموضوعة أمامها.
حتى البارون هايزل—الذي يسلّم لها الرسائل عادة—نظر إليها بدهشة، وكأنه لأول مرة يراها بهذه السعادة.
“أبي.”
“ارتبك البارون أمام هذه المخاطبة الغريبة ما جعله يتخشّب في مكانه من جديد.
“غدًا….يجب أن تُخلي لي هذا القصر.”
“هذا القصر.…؟”
“هل لدينا قصرٌ آخر غيره؟ نعم، هذا القصر.”
طوال الوقت، لم تسمح إنغريد لأي أحد بدخول هذا القصر.
أولًا لأنه رثّ للغاية ولا يليق باستقبال الضيوف، وثانيًا لأنه يقع على أطراف العاصمة مما يجعل الوصول إليه صعبًا.
لذلك ظلّ البارون هايزل قابِعًا فيه دائمًا، متجنّبًا أي حركةٍ أو كلمةٍ قد تثير شكوك إنغريد.
وكانت هذه أول مرة تطلب فيها منه أن يُخلي القصر.
“لا خيار. يجب أن أستقبل ضيفًا ثمينًا. اقضِ يومكَ في مكانٍ آخر. آه، بإمكانكَ زيارة أختي الكبرى ووالدتي.”
يبدو أن إنغريد كانت قد تحققت مسبقًا من مكان وجود زوجة البارون وابنته. فارتجّ فكّ البارون.
“نـ….نعم، سأنطلق حالًا.”
كان عليه أن يحذّر عائلته من دون تردد—أن يطلب منهم المغادرة بعيدًا….أبعد من هذه الحافة المهجورة من الإمبراطورية.
وربما كان سيرسل لابنته الكبرى رسالةً يحثّها فيها على مغادرة الإمبراطورية لبعض الوقت.
“إن كان السفر متعبًا، هل تريد أن أُرسلكٍ بنفسي؟ سيكون هذا أفضل. قد تشعر بدوارٍ قليل، فأغمض عينيكَ.”
وما إن طرقت إنغريد بأصابعها حتى اختفى البارون هايزل.
“حسنًا، الآن دعيني أُغيّر هذه الغرفة قليلًا.”
قامت سعيدةً تطرق بأصابعها مراتٍ عدة، فبدّلت الأريكة ثم السرير.
وعلى الطاولة في غرفتها الصغيرة وُضعت تلك الرسالة التي حسّنت حالتها المزاجية فجأة.
[بخصوص ما تحدثنا عنه سابقًا، أود رؤيتكِ غدًا. أعلميني بالوقت والمكان وسأحضر.
زينوس مينيرفا يوستيا]
لم تكن رسالةً عاطفية، وكانت عباراتها جافةً إلى حدٍ مزعج، لكنها بالنسبة لإنغريد كانت كافيةً وأكثر.
فحتى فيليب، بعد رؤيتها، عاد مطأطئًا رأسه. وزينوس—مهما أظهر تصلّبًا—سيتزوّج بها لو كان يقدّر حياته.
‘حينها سيجري كل شيءٍ وفق خطتي. سأحصل على رجلين تتمناهما كل فتيات الإمبراطورية. صاحب قوة التنين….والإمبراطور القادم. وكلاهما سيخضعان لي.’
نظرت إنغريد بارتياحٍ إلى الأثاث الجديد.
ثم طرقت بأصابعها لتُنشئ رسالةً أخرى.
[إلى الدوق يوستيا العزيز….إنه لشرفٌ كبير أن أتلقى منكَ رسالةً أولًا.
أرجو حضوركَ إلى منزل هايزل غدًا قبل الثالثة مساءً، لأتمكن—على قلّة ما لدي—من استقبالكَ والحديث حول الأمر.
…سأنتظر بقلقٍ ولهفة. إنغريد هايزل]
غيّرت خطّها عدة مراتٍ بأصابعها حتى أعجبها الشكل، ثم أرسلت الرسالة إلى زينوس.
و تفاجأ زينوس للحظة حين سقطت الرسالة أمامه فجأة، لكنه فضّ ختمها وقرأ ما فيها.
“ماذا كتبت؟”
اعتاد ويل على رؤية قوى زينوس، لذا لم يفزع من ظهور الرسالة المفاجئ، لكنه حاول أن يبدو هادئًا.
“تدعوني….إلى منزلها.”
“فتاةٌ جريئة حقًا. لا تبدو ضليعةً بأعراف النبلاء. ماذا تنوي فعله؟”
مع أن زينوس كان هو من بادر بطلب اللقاء، إلا أن النبيلات عادةً لا يدعون رجلًا إلى مكانهن الخاص.
وإن التقين، فذلك في مقهى أو حفلة شاي ينظمها طرفٌ آخر لتجنّب القيل والقال.
“ظنّت أن وجود البارون هايزل يجعل الأمر آمنًا.”
“بصراحة، فتاةٌ تجرؤ على خطف الرقصة الأولى في حفل الظهور الأول لابنة ماركيز، لا بد أن لديها نوايا.”
فصمت زينوس قليلًا ثم تحدّث،
“اسمع يا ويل….سؤالٌ فقط….برأيكَ، إلى أي حدّ يعلم إيريك بأمرها؟”
فتجمّد وجه ويل تمامًا عند سماع السؤال.
____________________
يعني هي حرفياً كذا ماعندها هدف بس تبي الرجاجيل حولها؟
و فيليب عساه ما ارتاح لها يوم شافها؟
بعدين انغريد الزفت لايكون طلعت لهم قوتها عشان يصدقون؟
اول مره ودي فلورا تطلع ياحماره وش علمينا من ذي😭
اهخ عيالي ياويلكم تفرقونهم😔🫂
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 48"