‘إذًا الآنسة أندرسون أيضًا إحدى الفتيات اللواتي يعجبن بزينوس.’
فكّرت سيلينا بذلك وهي تراقب ردّة فعل لايلا.
“حسنًا، بما أنك حضرتِ فاستمتعي بالحفل.”
قال إيريك ذلك بلا اكتراث وهو يلمح بنظره إلى آخر الصف.
فلم تكن الهدايا الثمينة ولا وجود زينوس يهمانه الآن. كل ما كان يشغله هو حضور إنغريد.
أراد أن يسألها إن كان مشهد اليوم قد آلمها، وأن يطالبها بأن تنظر إليه وحده إن كانت تعرف حقيقة مشاعره.
وبرغم قضية الحليّ التي أثارت غضبه، كانت إنغريد أول حبٍ في قلب إيريك.
فالنساء اللواتي اعتاد أن يراهنّ من حوله هنّ من نوع سيلينا التي تسعى لتكون سيدة عائلة، أو الإمبراطورة التي تضبط النظام في القصر، نساءٌ قويات وحازمات.
لذلك كانت نعومة إنغريد بالنسبة إليه كالماء الذي يطفئ عطشًا عمره سنوات.
“يا سموّ الأمير، إن جئتم كشريك، فعليكَ مراعاة اللباقة. إن تصرفتَ هكذا قد تعاتبكَ جلالة الإمبراطورة.”
و لم تتحمل سيلينا فوبّخته بلطف.
“لا يهمني إن عوتبت أو لا. إن كنتم قد انتهيتم من التحية، فتراجعوا يا آنسة آرسين.”
تصلّبت ملامح زينوس عند سماع ذلك، فربّتت سيلينا على مرفقه تهدئةً له. و أدرك زينوس قصدها فقبض يده ثم بسطها.
ثم أدارت سيلينا وجهها عن إيريك وتحدثت إلى لايلا.
“يا آنسة أندرسون، الهدية التي أحضرتها هي-”
“آنسة آرسين، هذا اللقب يجعل المسافة بيننا كبيرةً جدًا. يبدو أننا سنلتقي كثيرًا من الآن فصاعدًا، فادعيني باسمي….لايلا.”
كانت لايلا قد التقت بالكثير من فتيات الأسر النبيلة ذلك اليوم. فقد خرجت لتنال اعتراف المجتمع الراقي قبل حضورها مسابقة الياقوتة الحمراء.
ولم تتمكن سيلينا—بصفتها ابنة كونت—من لقائها إلا في آخر القائمة تقريبًا.
ولكن هذه كانت أول مرة تطلب فيها لايلا من أحد أن يناديها باسمها مباشرة.
‘هل تقصد أنها حين تصبح إمبراطورةً ستوّطد العلاقة مع أسرة آرسين؟’
‘أم أنها تُظهر حُسن نية تجاه الآنسة آرسين التي تخلصت من منافستها قبلها؟’
تأمل الحاضرون المشهد، يحاول كلّ منهم استيعاب مقاصد الطرفين.
فبادلت سيلينا لطف لايلا بلطفٍ مماثل.
“حسنًا، لايلا….ادعيني سيلينا إذًا.”
فرفض لطف من ستصبح الإمبراطورة يومًا ما كان حماقةً واضحة.
“شكرًا لكِ يا سيلينا لحضوركِ في يومي المميز.”
و قد قبلت لايلا الاقتراح دون أي تردد.
“لدي الكثير من الأسئلة التي أرغب في طرحها عليكِ. هل يمكن أن تخصصي لي وقتًا لاحقًا؟”
“بالطبع يا لايلا. أرسلي إليّ بطاقة دعوةٍ متى ما شئتِ. هل تحبين أن تري هديتي الآن؟”
هزّت لايلا رأسها بفرح.
“لقد صنع متجرنا مجموعة هدايا جديدة للمناسبات الخاصة. وهذه هي مجموعة هدية الظهور الأول. ويسعدني أنها ستكون ملككِ أنتِ وحدكِ….أول مجموعة ظهورٍ في العالم.”
ابتسمت لايلا برضا وهي تنظر إلى العطور ومستحضرات التجميل المرتبة بدقة داخل الصندوق.
أما إيريك فبقي جالسًا بجانبها بمللٍ واضح.
ثم قدّم زينوس هديته أيضًا: قلم ريشة مصنوعٌ خصيصًا من متجر آرسين.
“يا آنسة، هلّا تشرحين لها أنتِ أيضًا عن هديتي؟”
قال زينوس طلك بابتسامة ناعمة، فشرحت سيلينا بكل حماس.
وكان ينظر إليها بعينين لامعتين كأنه يعشق كل حركةٍ منها.
“يا لها من هدية رائعة، اسمي منقوشٌ بهذا الخط الجميل! من الذي كتب هذا الخط؟”
“هذا….في الحقيقة أنا التي كتبت الأحرف بخطوطٍ مختلفة، ثم استُخدمت للأعمال المعدنية. وهذه الكتابة أيضًا لي.”
“إذن هو خط سيلينا….إنه ناضجٌ فعلًا. لطالما أردتُ كتابة خط ناضج لكنني فشلتُ رغم محاولاتي العديدة.”
“يمكنكِ أن تتدربِ مستخدمةً هذا القلم.”
“شكرًا لكَ على الهدية يا دوق يوستيا.”
فابتسمت سيلينا بارتياح عندما رأت لايلا سعيدةً بالهدايا.
‘أحسنتُ فعلًا باختيار هذه الهدية.’
وكان زينوس راضيًا لمجرد أنها ابتسمت.
وعندما همّا سيلينا وزينوس بالمغادرة، وقف إيريك أيضًا قائلًا إنه سيأخذ استراحة.
“يا سمو الأمير، لم ننته من التحايا بعد.”
قالت لايلا ذلك بوجه جامد، دون أثرٍ للابتسامة السابقة.
“وهذا سبب رغبتي في الاستراحة. سأكمل التحايا بعد عودتي.”
فأجابها إيريك ببرود.
“سموك، علينا إنهاء التحايا سريعًا لنتمكن من أداء الرقصة الأولى، ثم يبدأ الضيوف بالمأدبة.”
ثم قالت لايلا بهدوء، لكن بحزم.
‘ما هذا؟ هل تنوين إصدار الأوامر لي من الآن؟ من تظنين نفسكِ؟’
نظر إليها إيريك بنظرةٍ باردة،
“أتريدين أن تمنعيني أنا، شمس الإمبراطورية الصغير، من المغادرة؟ يا آنسة، أعلم أن اليوم هو يومكِ المميز، لكن من الأفضل لكِ أن تعرفي حدودكِ.”
ولم تستطع لايلا في النهاية أن تمنع إيريك من مغادرة مقعده. لكنها، حفاظًا على ترتيب الحفل، تابعت استقبال التهاني من دون إيريك.
فهذا يوم الظهور الوحيد في حياتها، ولا يليق بها أن تبدو غير مكتملةٍ أمام الضيوف.
ولأن التحايا لم تنتهِ بعد، لم تلحظ أن أحدهم تبع إيريك أثناء مغادرته.
***
كان هناك من يراقب إيريك بصمتٍ وهو يستريح في الشرفة. لكن لم يكن أحدٌ يجرؤ على منع إنغريد هايزل من اللحاق به.
فهما مهما كان سبب خلافهما—إن كان انفصالًا هادئًا أو شجارًا مشتعلًا—فلا أحد من الخدم أو الحرس يحق له التدخل.
فمشاكل العشاق—كما يقال—كضرب الماء بالسيف، قد تلتحم فجأة وتنقلب نيرانها على من يقف بينهم.
“إنغـ….آنسة هيزل.”
قال إيريك ذلك وهو يلتفت بعد أن شعر بحضورها.
“ألم تعد تناديني إنغريد يا سموّ الأمير؟”
وقد قالت ذلك وهي تنظر إليه بعينين دامعتين تعرف جيّدًا أنه يضعف أمامهما.
فتقدّم نحوها بلا وعي، ثم توقف.
‘لا….قالت أن لديها رجلًا آخر.’
تراجع عن مدّ يده كأن لمسها سيُدنّسه، و ردّ ببرود،
“يبدو أن هناك الكثير ممن يحق لهم مناداتكِ باسمكِ….فلا حاجة لأن أكون واحدًا منهم.”
“لا يوجد أحد. أي شخص؟ لا! هل كل هذا بسبب ذلك الحُليّ؟ أقسم أنني مظلومة.”
“مظلومة؟ إذًا لماذا لم توضّحي منذ البداية؟ لماذا لم تقولي أمام الجميع من قدّمه لكِ؟!”
قالها إيريك ذلك بصوتٍ مرتفع، وقد بدا واضحًا أنه جُرح بشدّة. فأجابته إنغريد بانفعالٍ ممزوجٍ بالدموع،
“إنه….والدي! والدي هو من قدّمه!”
ولم يكن يخطر ببالها أبدًا أن تعترف أن الهدية من سيلينا.
فلو عرف إيريك أن سيلينا كانت ترسل لها الهدايا الغالية سرًا لتعتذر، لربما اعتقد أن حادثة النافورة لم تكن من فعلها منذ البداية.
‘وإن سألني: لماذا لم تخبري أحدًا طوال هذا الوقت؟ كيف سأجيب؟’
لذلك كانت قد أعدّت كذبتها بعناية مسبقة.
“لو أخبرت الناس أن والدي حصل على الحُلي بتلك الطريقة….لقالوا أنه يخرّب بيته من أجل نزواتي. خفتُ على سمعته….وخفتُ على سمعتي أيضًا. ألا تفهم ذلك يا سموّ الأمير؟”
كانت دموعها تتساقط وكتفاها يرتجفان، فبدأ قلب إيريك يلين.
‘نعم….مستحيلٌ أن تنظر إنغريد إلى غيري. أنا شمس الإمبراطورية الصغير.’
ولم يشك بكلامها للحظة.
“لكن بما أن لدى سموّك مشاعر نحو أخرى….فسأتراجع. أنا، إنغريد هايزل، لست امرأةً طامعة تتجاوز حدودها. أنا فقط.…”
توقفت لحظة، تحبس شهقتها، ثم تابعت،
“أردتُ قلب سموّك….لا أكثر.”
ثم أدّت تحيةً رشيقة ورحلت بخطواتٍ حازمة، كأنها صادقةٌ في قرارها.
لكنها لم تمشِ سوى بضع خطوات حتى أمسكها إيريك من ذراعها وجذبها إلى صدره.
ولم يرَ الابتسامة المنتصرة التي مرّت على وجهها للحظة.
“كيف تجرئين على إدارة ظهركِ لي؟ ألهذا الحد لا تثقين بي؟ ألا تفكرين حتى أن تتوسلي إليّ لأجل حبنا؟”
“ولكن….سموّ الأمير مرتبطٌ الآن بالآنسة أندرسون.…”
“كانت مجرد مرافقةٍ للحفل. هذا أمرٌ من جلالة الإمبراطورة لا أكثر.”
‘لكنني لم أتوقع أن يكون الأمر فعّالًا إلى هذا الحد….سأستخدم الطريقة نفسها كثيرًا من الآن فصاعدًا.’
فكّرت إنغريد وهي تطمئن لنجاح خطتها.
“سيدي الأمير….هل تستطيع أن تُظهر للناس….أنني ما زلتُ في قلبكَ؟”
__________________
الله يعين الامبراطورة ولايلا على ايريك السبك ذاه
ماعلينا المهم زينوس يانااااااااااااااس يجنن وهو مستانس على اي شي تسويه سيلينا🤏🏻
التعليقات لهذا الفصل " 44"