‘ألم تتزوجي على عجل خوفًا من أن يأخذكِ الإمبراطور؟ هل وصلتما إلى هذا الحد من التقارب؟ ما الذي يعجبكِ فيه؟ دائمًاتقفين في طريقي!’
وبينما كانت على وشك فرقعة إصبعها بغضب، صدح صوت الإعلان عن الدخول،
“الآنسة لايلا أندرسون، بطلة هذا اليوم، وصاحب السمو ولي العهد الأمير إيريك….يدخلان الآن.”
ظهرت لايلا بفستانها الأبيض وحُليها الحمراء، بينما وقف إيريك إلى جانبها بزيه الأبيض المتناسق.
و تحولت أنظار الحاضرين من سيلينا وزينوس نحو مركز الحفل، ثم بشكلٍ طبيعي نحو إنغريد.
لم تتوقع إنغريد أن ترى إيريك هنا. كانت قد تلقت دعوةً من شخصٍ ما وجاءت ظنًا أن إيريك هو من دعاها، بعد خلافها الأخير مع مجموعة أتباعها.
ظنّت أنها دعوةٌ سرية لقضاء وقت خاص معه بعيدًا عن الأعين.
لكن إيريك كان واقفًا الآن بجوار فتاةٍ ترتدي فستانًا أبيضًا، بطلة الحفل.
‘لماذا يقف هناك؟’
كانت إنغريد واثقةً أنها خططت لكل شيءٍ بإحكام.
صحيحٌ أن المكانة الوحيدة التي تمكنت من شرائها بكل ما تملك كانت كونها الابنة الثالثة لبارونٍ من الأطراف، لكنها اعتقدت أنها إن أصبحت عشيقة ولي العهد، فستحصل على النفوذ المطلوب.
وإذا حصلت على النفوذ، فستتمكن من الاقتراب من دوق يوسيتيا بسهولة….تمامًا مثلما رأته يحدث على القارة الأخرى التي عاشت فيها سابقًا.
رأت امرأةً بلا أي قوة تجمع حولها قلوب عدد من الرجال، فظنت أنها هي أيضًا قادرةٌ على ذلك.
وكانت الأمور تسير كما تريد.
فالدوق، الذي لم يكن يمكث في العاصمة عادة، لم يغادر هذه المرة مباشرة، بل تزوج سيلينا سرًا متجنبًا أعين الناس.
وكان ذلك علامةً على أنه سيبقى طويلًا في العاصمة. لذا اعتقدت إنغريد أنها ستتمكن قريبًا من وضع كل من ولي العهد والدوق في راحة يدها.
أين بدأ كل شيءٍ بالانحراف؟
بدأت الخطة تتشقق تدريجيًا. ووقوف ولي العهد إلى جانب فتاة أخرى هو أكبر دليلٍ على ذلك.
تفاجأت أعين إيريك قليلًا عندما رأى إنغريد بين الحاضرين. بمكانتها، كان من المستحيل أن تحضر هذا الحفل.
لكن حين انقبض وجه إنغريد بحدة عند رؤيته مع لايلا، ارتبك إيريك وحوّل نظره بعيدًا فورًا.
في المقابل، كانت لايلا تلوّح للحاضرين بابتسامةٍ هادئة.
‘هل يعني هذا أن هذين الاثنين سيتزوجان مستقبلًا؟’
‘وماذا عن الآنسة هايزل إذًا؟’
تتابعت النظرات بين منصة الحفل وإنغريد مندهشة. وحتى إنغريد شعرت بتلك النظرات فاستعادت وعيها سريعًا.
‘لم ينتهِ الأمر بعد.’
***
“هل تسير الأمور كما يجب؟”
“نعم، دخلا إلى القاعة بسلام وهما يتحدثان على الطاولة الرئيسية الآن.”
وصلت أخبار حفل تقديم لايلا بسرعة إلى الإمبراطورة.
وكان إرسالها لإيريك ليكون شريكة لايلا إشارةً واضحة للمجتمع الراقي.
وبسبب ذلك، لم تحضّر الإمبراطورة هديةً فاخرة خصيصًا للايلا.
‘إن بالغتُ في لطفـي الآن، سيصعب ترويضها لاحقًا.’
لكن الإمبراطورة كانت تخطط لاستغلال الحدث بأفضل شكل. فهي مَن أرسلت الدعوة لكل من سيلينا وإنغريد.
‘قبل أن يثيرن الفوضى داخل العائلة الإمبراطورية، يجب أن يعرفن مكانهن جيدًا.’
كانت الإمبراطورة في مكانة أعلى من كل زوجات الإمبراطور الأخريات—ولا تنوي السماح لأحد بتهديد تلك المكانة.
كان لا بد من كبح جماح سيلينا وإنغريد حتى لا تجرؤا على الحلم بمثل ذاك المقام.
كان عليهما أن تعرفا من هي التي ستشغل مكان الجلوس إلى جانب إيريك مستقبلًا.
‘لو أنهما أثارتا فوضى في ذلك الموضع لكانت فضيحةً عظيمة. مع ذلك يبدو أنهما تتصرفان بحكمة.’
ارتاحت الإمبراطورة قليلًا لأنها رأت أنه لن يحدث ما يثير الفوضى في القصر خلال عهد إيريك.
“جلالتك، أعلم أنني أُغضب مقامكِ، ولكن.…”
“ما الأمر؟”
كانت زوجة الفيكونت بولتون ترتجف شاحبة الوجه، لا تقوى حتى على إبلاغ الخبر الذي وصلها للتو.
“الأمر هو….قبل قليل في بيت الماركيز أندرسون، كان سمو ولي العهد و.…”
وحين همست بما لا تجرؤ على قوله بصوتٍ عالٍ في أذن الإمبراطورة، نسيت رصانتها وصرخت بغضب.
“ماذا فعلت تلك الوضيعة؟”
“اهدئي يا جلالة الإمبراطورة.”
و اضطر كل من كان في غرفة الإمبراطورة إلى خفض رؤوسهم وانتظار أن تخمد ثورتها.
***
بذلت إنغريد كل ما لديها لتحافظ على تعابير وجهها. و تظاهرت بوجهٍ عطوف أمام الأنظار وهي تصفق للشابين.
وكأنها تفهم كل شيء عن حبيبها السابق.
‘هل فهمت الأمر كلّه وتركته يرحل؟’
‘يقولون أن الآنسة هيزل أيضًا لها شريكٌ آخر، فهل انفصلا برضا؟’
اشتد فضول الحاضرين.
‘طبعًا، إنغريد لن تُظهر تعابير قاسية كهذه. لا بد أنني تخيلتُ الأمر.’
حتى إيريك هزّ رأسه في أعماقه عندما رأى تعبير إنغريد.
نزلت البطلة لايلا السلالم ببطءٍ مع إيريك وتوجها إلى المقعد المُعد لهما.
و اجتمع الناس حول مقعد الشرف الوثير الذي يبعث على الراحة لمباركتهما.
كان ترتيب الحفل هو: تلقي التهاني، ثم الرقصة الأولى للايلا، ثم المأدبة.
ولأن الجميع يجب أن يقدموا التهاني والهدايا، فقد بدأ أصحاب الرتب الأعلى بالوقوف أولًا.
كما كان الاهتمام منصبًّا على نوع الهدايا التي جلبتها كل أسرة.
فتنحّى زينوس عامدًا عن المقدمة.
“كيف لي أن أتقدم على معاليكَ؟ هذا لا يجوز.”
“هذه أول مرة أحضر فيها مثل هذا المقام، ولا أعلم إن كان اختياري للهدية مناسبًا، فسأنتظر الوقت الملائم لأقدمها. الأفضل أن تتقدموا أنتم.”
ثم تقدّم بخفّة لينتقل إلى جانب سيلينا. فنظرت إليه سيلينا بعيونٍ متفاجئة، و بادلها زينوس إيماءةً مازحة.
وحين جاء دور سيلينا، حبس الناس أنفاسهم وهم يراقبون أول لقاء رسمي بين سيلينا ولايلا في المجتمع الراقي.
لم يكن هناك من يجهل الشائعات التي تقول أن سيلينا أطاحت بإنغريد هايزل، العشيقة غير الرسمية، طمعًا في “شمس الإمبراطورية الصغير”.
والآن أراد الجميع أن يعرف كيف ستتصرف مع لايلا التي نالت شرف مرافقة حفل الظهور الأول من إيريك شخصيًا.
ولم يكن هذا كل شيء. كانت هذه هي المناسبة التي ستكشف فيها لايلا أندرسون مكانتها للمرة الأولى في المجتمع.
ورغم صغر سنها، فقد رافقت ولي عهد الإمبراطورية نفسه باعتباره شريك ظهورها الأول. كيف ستتعامل لايلا أندرسون مع شابة تطمع بهذا القدر في خطيبها المستقبلي؟
كانت لحظةً قصيرة لكنها فرصةٌ لقراءة دهاء لايلا الاجتماعي.
“أُحيّي شمس الإمبراطورية الصغير، وأحيّي الآنسة أندرسون.”
“أحيّي شمس الإمبراطورية الصغير، وأبارك لآنسة أندرسون هذا اليوم المميز.”
انحنى زينوس بجانب سيلينا التي حيّت باناقة. واتسعت أعين الحاضرين الذين كانوا يراقبون الإنحاء بين لايلا وسيلينا فقط.
التعليقات لهذا الفصل " 43"