لم يخطر ببال إيريك مطلقًا أن حُليّ إنغريد قد تكون هديةً من سيلينا. فلم يهتم إيريك أبدًا بالطريقة التي حاولت بها سيلينا الاعتذار لإنغريد أو تعويضها طوال الفترة الماضية.
وخلال عامين ونصف، رغم أنه أوكل الأمر كاملاً لغيره، لم يفكر سوى في النتيجة التي يريدها.
والآن، بعدما سمع قصة الحُلي من الإمبراطورة، شعر بخيانةٍ كبيرة.
‘هل يعقل أن إنغريد طوال هذا الوقت كانت ترى شخصًا آخر غيري؟ كيف تجرؤ على اللعب بشمس الإمبراطورية الصغير؟ مجرد ابنة بارونٍ فقير؟’
كان شعور إيريك تجاه إنغريد أقرب إلى حبّ مراهق في ذلك العمر. كان يتخيّل كما يشاء، ويضع الطرف الآخر داخل قالبٍ صنعه بنفسه.
ذلك الشعور الذي يمكن أن يكون عميقًا أو سطحيًا، ظل محافظًا على شكله لمدة ثلاث سنوات بفضل تشجيع من حوله وتصرفات إنغريد.
‘كيف لم أعرف أنها قابلت شخصًا آخر غيري؟’
اجتاحه الغضب ممتزجًا بالعار.
بعد أن أصبح قريبًا من إنغريد، كان إيريك يستمتع بما يقال في المجتمع المخملي عن كونهما ثنائيًا متناغمًا.
فقد كان ذلك نوعًا من الاستعراض.
عندما ظهرت إنغريد لأول مرة في المجتمع، كان العديد من أبناء النبلاء يمتدحونها.
و قبل أن يُظهر ولي العهد اهتمامه العلني بها، ولأنها ابنة بارون، كان من السهل الحديث عنها، لكن إيريك كان يرى كل أولئك منافسين.
ومن بين هذا العدد الكبير من المنافسين، كان إيريك فخورًا جدًا بكونه الرجل الوحيد الذي منحته إنغريد قلبها، وبأنه الرجل الذي يقف إلى جانبها.
رجل ظفر بامرأة جميلة. كان إيريك مخمورًا بذلك الشعور، وكأنه أصبح بطلًا.
لكن أن تتلقى إنغريد هديةً من رجلٍ آخر دون علمه وأن تعتز بها؟
‘كيف تجرؤ على ارتداء الملابس التي اشتريتها لها بينما تتزين بتلك الحُلي الحقيرة أمام الناس وتتبختر أمامي؟ هكذا إذًا؟’
رأت الإمبراطورة تعابير ابنها المتقلّبة لحظةً بلحظة، فضحكت في سرّها.
‘كما توقعت. لا يمكن أن تعرف الحب الحقيقي.’
كان إيريك يشبه والده الإمبراطور كثيرًا. ذلك العمى الذي يصيب كليهما عندما يرغبان بشيءٍ كان متطابقًا.
‘سواءً تضررت الآنسة هايزل من هذا الأمر أو لم تتضرر، فذلك ليس شأني.’
فكررت الإمبراطورة بهدوءٍ كلامها الذي قالته قبل قليل.
“يا ولي العهد، توجه الآن إلى قصر الماركيز أندرسون وكن شريك لايلا أندرسون في حفل تقديمها الاجتماعي.”
شريك حفل التقديم، الذي يحدث مرةً واحدة في العمر، يكون عادةً شخصًا من العائلة أو من سيصبح عائلةً مستقبلًا.
ولأنه يعرف معنى هذا الدور جيدًا، رفضه سابقًا بشكل قاطع، لكنه الآن، محمّلًا بالغضب من إنغريد، ردّ،
“سأفعل ذلك.”
***
“أحيّي صاحب السمو ولي العهد، شمس الإمبراطورية الصغيرة، الأمير إيريك.”
لم يلقِ إيريك نظرةً حقيقية حتى على بطلة هذا اليوم، ثم جلس على المقعد القريب بصوتٍ واضح.
“لحسن الحظ أنك ارتديتِ الزي المناسب.”
عضّت لايلا طرف لسانها في سرّها.
وبينما كانت تتلقى اللمسات الأخيرة من التجهيز دون تغييرٍ في ملامحها، كان إيريك يطلق زفرات ثقيلة بلا توقف.
و كان من الواضح أنه لم ينم لعدة أيام.
‘إنغريد لا يمكن أن تفعل هذا.’
كلما فكر كذلك، عاد ليتذكر تلك الشائعات فيتنهد من جديد.
الشائعات دائمًا كذلك. تتضخم عدة مرات، وتسبب صداعًا مدمرًا لمن يسمعها.
ومع ذلك، كان لإينغريد صورةٌ قوية بأنها ما زالت حبيبة ولي العهد، لذلك لم تتجاوز الشائعات حدودًا معينة.
لكن إيريك لم يستطع تحمل حتى الحد الأدنى منها.
‘أي رجل جريءٍ هذا الذي تجرأ على الاقتراب من فتاتي؟ إلى أي حد سمحت له بالاقتراب؟’
لم يكن للخيال حدود، وكان يغلي دائمًا غضبًا يجعله يرتجف بالكامل.
الأسوأ أن إنغريد لم تأتِ إليه لتعتذر أو تشرح شيئًا. فتحمّل إيريك وحده كل الألم، ولم يستطع النوم من شدة الغضب.
‘ما الذي يفعله لوحده؟’
فكرت لايلا في سرّها دون أن تظهر أي شيء، وكأنها محاطةٌ بدرعٍ محكم.
وعندما تجلس بلا ملامح، كانت تبدو كدمية خزفية مصنوعة بإتقان.
“حان الوقت.”
عند تلك الكلمات، نهض إيريك وهو ينفض ركبتيه، ثم مد مرفقه نحو لايلا. فخفضت لايلا رأسها بصمت كأنها خجولة، وشبكت ذراعها بذراعه.
وأثناء انتظار الدخول إلى قاعة الحفل، تحدث إيريك إلى لايلا الواقفة بجانبه،
“هل أنتِ متوترة الآن؟”
“اليوم هو يوم مهم بالنسبة لي ولا يتكرر إلا مرة واحدة في العمر، لكن بما أن شمس الإمبراطورية الصغير تشاركني هذا اليوم، فلا أشعر بالكثير من التوتر.”
يبدو أن إجابة لايلا الهادئة أعجبت إيريك كثيرًا، فابتسم ابتسامةَ الواثق،
“صحيح، لا تتوتري ما دمتُ هنا. ليس أي شخص، بل ولي العهد نفسه يرافقكِ في حفل تقديمكِ، لذا يمكنكِ أن تكوني أكثر ثقة.”
وبينما يقول ذلك، أخذ يتفحّص الفتاة الواقفة بجانبه للمرة الأولى بتمعّنٍ حقيقي.
بشرتها البيضاء المتلألئة تلاءمت تمامًا مع الفستان الأبيض، وشعرها الأسود المتناقض مع بشرتها، وعيناها السوداوان كحبات اللؤلؤ.
أما الحُليّ ذات الإطار الذهبي والمرصعة بالأحجار الحمراء، فكانت ملائمةً لها لدرجة بدا معها واضحًا أنها صُنعت خصيصًا لها.
‘هذه هي الفتاة التي ستكون الإمبراطورة المستقبلية؟ حسنًا، مظهرها ليس سيئًا. لديها أناقة. وفوق ذلك، فإن كونها من عائلة الماركيز أندرسون يمنحها مكانةً رفيعة. قوة ونفوذٌ وثروة.’
أومأ إيريك بخفة، وكأنه يمنحها علامة القبول.
“الآنسة لايلا أندرسون، بطلة هذا اليوم، وشريكها صاحب السمو ولي العهد الأمير إيريك….يدخلان الآن.”
و سكنت القاعة تمامًا فور سماع هذا الإعلان.
“لنذهب.”
أومأت لايلا بخفة، ثم دخلت برفقة إيريك.
***
كان كل نبيلٍ فضوليًا بشأن كل ما يتعلق بالعائلة الإمبراطورية: أسلوب فستان الإمبراطورة، زخرفة سيف ولي العهد، والشراب المفضّل لدى الإمبراطور.
وبالطبع، فإن أي عائلة نبيلة تمتلك قدرًا من النفوذ كان تعرف تحركات الإمبراطور والإمبراطورة وولي العهد الخارجية.
لكن هذه المرة، عندما تعلق الأمر بشريك حفل التقديم، تدخلت الإمبراطورة بنفسها لمنع انتشار الأخبار.
لذلك حتى عائلة آرسين، الذين يُعرفون بأنهم الأسرع في معرفة أخبار العائلة الإمبراطورية، لم يصلهم سوى إشاعة غير مؤكدة بأن إيريك ربما سيكون شريك لايلا.
‘يمكنني استغلال هذا جيدًا.’
كانت سيلينا تسعى للحصول على دعوةٍ لحفل تقديم لايلا أندرسون.
ولأنها ليست على علاقةٍ وثيقة بعائلة أندرسون، فقد كانت مستعدةً حتى لأن تكون شريكة أحدهم للحضور إن لزم الأمر.
لكن قبل أن تبذل أي جهد، وصلت الدعوة إلى سيلينا بنفسها. ولم يكن ذلك مفاجأتها الوحيدة.
‘هذه….إنغريد؟’
فور وصولها إلى قاعة الحفل، رأت إنغريد واقفةً هناك رغم أنها لم تكن على أي علاقة بلايلا.
‘هل يعني هذا أن أحدهم أرسل دعوة لي ولإنغريد معًا؟’
إنغريد، العشيقة غير الرسمية لإيريك، وسيلينا التي يحاول الإمبراطور إدخالها إلى العائلة الإمبراطورية.
اجتماع الاثنتين في حفل تقديم من يُقال أنها الإمبراطورة المستقبلية….لم يكن يبدو مصادفة.
‘بأي نيةٍ جُمِعنا هنا جميعًا؟’
وبينما كانت غارقةً في التفكير، دفعتها فلورا بخفّةٍ وهي تمر بقربها، وكأنها تقول لها: لا تقفي في طريقي.
لقد كانت فلورا تنظر بازدراءٍ إلى سيلينا التي حاولت مؤخرًا إصلاح سمعتها عبر الظهور المتكرر بصفتها نائبة سيد الأسرة.
“هل ستسرقين مكان براندون مرةً أخرى؟ مهما فعلتِ، ستبقين الشريرة سيلينا. لن تعودي صاحبة سمعةٍ جيدة بمجرد حضوركِ بعض التجمعات.”
لكن مع تناقص الرسائل الاعتراضية الموجهة ضد سيلينا، بدأت فلورا تشعر بالقلق.
‘ماذا لو أعادت سمعتها فعلًا خلال ثلاثة أشهر؟’
ولعدم قدرتها على الجلوس ومشاهدة ذلك يحدث، قررت الحضور بصحبة براندون إلى هذا الحفل، أحد أكبر الفعاليات التي تسبق مسابقة الياقوتة الحمراء.
“على أي حال، بما أنكِ تلقيتِ دعوةً باسمكِ، فلا بأس إن استخدمنا نحن الدعوة التي وصلت لبيت آرسين، أليس كذلك؟”
ولسببٌ غير مفهوم، كانت هناك دعوةٌ إضافية وصلت إلى بيت آرسين.
رغم أن الأمر ليس مستحيلًا، إلا أنه بالتأكيد غير معتاد.
‘يبدو أن أحدهم أراد حضوري مهما كان الثمن.’
كانت تشعر بانقباضٍ غريب، لكنها لم تستطع منع فلورا وبراندون من استخدام الدعوة الأخرى.
وهكذا، وصل الثلاثة إلى حفل تقديم لايلا كلٌ في عربةٍ مختلفة.
وهناك….التقوا بشخصٍ لم يتوقع أيٌ منهم رؤيته.
____________________
من ماتوقعوا يشوفونه🤨 لايكون لزقه جديده؟ او فيليب؟✨
التعليقات لهذا الفصل " 42"