4
جميع من في القاعة صُدموا والتفتوا نحو مصدر الصوت.
لم تكن نبرته مرتفعةً ولا منخفضة، لكنها كانت واضحةً لدرجة أن الجميع سمعها.
‘ماذا قال للتو؟ معي؟’
نظرت سيلينا إلى زينوس بدهشةٍ وعدم تصديق. ورغم نظرات الحاضرين المتساقطة عليه، لم تكن عيناه تتزحزحان عنها.
“كان يمكنكِ ببساطة أن تقولي أنكِ كنتِ معي، لم يكن أمرًا صعبًا، وقد عانيتِ دون داعٍ.”
فبدأ النبلاء يتهامسون في ضجةٍ كبيرة.
“حـ…..حقًا؟”
“تقول أنها كانت مع الدوق؟!”
“هذا مستحيل!”
“لكن الدوق ليس من النوع الذي يختلق الأكاذيب..…”
غلى مورغان من الغيظ وسألها بنبرةٍ حادة،
“هل ما قاله صحيح؟ وإن كان كذلك، فلماذا لم تصرّحي به أمام الجميع؟”
“صحيح، لمَ لمْ تقولي ذلك منذ البداية؟”
كانت سيلينا نفسها مرتبكة من هذا الموقف المفاجئ.
‘لماذا قال الدوق مثل هذه الكذبة؟’
كانت هذه أول مرةٍ تلتقي فيها دوق يوستيا وجهًا لوجه منذ أن كانت في الخامسة من عمرها.
فبعد أن ورث القوة الغامضة التي حصلت عليها أسرة سيفايا من عهد التنين، صار يخرج إلى ساحات الحرب دون انقطاع.
‘سمعتُ أنه لا يهتم بشيءٍ سوى القتال…..’
فإمبراطورية سيفايا وإمبراطورية أوتم تخوضان حربًا أزلية منذ قرون، لكن الكفة بدأت تميل لصالح سيفايا بفضل بركة التنين التي تسري في دم العائلة الإمبراطورية.
وكانت أكثر من أسهم في هذا التحوّل الأميرة كريستا، والدة زينوس الراحلة، وأخت الإمبراطور الكبرى.
لقد أصبح زينوس، الذي ورث قوتها، رمز النصر المتجدد للإمبراطورية، يحبه الجميع ويهابونه ويقدّسونه.
أما سر تلك القوة، وكيف تختلف مظاهرها من وريثٍ إلى آخر، فقد ظلّ سرًا مقدسًا لا يخرج من جدران العائلة الإمبراطورية، خوفًا من أن يتسرب لأعداء الدولة.
لكن الناس كانوا يعرفون حقيقتين لا غير، أن الوارث يكتسب قدراتٍ قتالية تتجاوز حدود البشر، وأنه إن لم يتزوج “رفيقه المقدر” فسيكون عمره قصيرًا.
لذلك انتشرت قصصٌ رومانسية عن الورثة وأزواجهم القدريين، حتى غدت أسطورةً يتناقلها الجميع بشغف.
ولهذا السبب، حين سمع الحاضرون أن سيلينا كانت وحدها مع مثل هذا الرجل، لم يخفِ كثيرٌ من النبيلات غيرةً فاضحة، بل حتى بعض النبلاء الذكور لم يفهموا كيف لتلك الفتاة أن تكون في صحبة بطلهم الأسطوري.
‘لا أعرف السبب، لكن هذه فرصتي…..لا يمكن أن أضيعها!’
فقررت سيلينا أن تساير الموقف.
“أ….أجل.…”
كانت تشعر بالحرج وهي تكذب أمام الجميع، لكنها تماسكت و أكملت بنبرةٍ هادئة،
“لأنني خشيت أن يمسّ كلامي بسمعة سمو الدوق، فقد آثرتُ الصمت.”
رمقت وجه مورغان المليء بالغضب، ثم تابعت بثقة،
“صحيحٌ أننا اتفقنا على فسخ الخطوبة، لكننا لم نتبادل رموز الفسخ بعد. فلو شاع أنني كنتُ بمفردي مع الدوق، ألن يُعد ذلك مساسًا بمكانته؟”
كانت كلماتها منطقية لدرجة أن بعض النبلاء بدأوا يهزون رؤوسهم.
“كلامها معقولٌ فعلًا، لو عُرف ذلك لكان في الأمر إساءةً للدوق.”
“أجل، يبدو أنها تصرفت بحكمة.”
“يا آنسة آرسين.”
جاء صوت زينوس هذه المرة من جانبها مباشرة. فرفعت رأسها مذعورةً و وجدته يقف بالقرب منها، صم تحدّث بهدوء،
“في المرات القادمة، لا تسمحي لأن يتم ظلمكِ. إن كنتِ بريئة، فلتقولي الحقيقة فورًا.”
“أشكركَ…..سمو الدوق.”
حينها، سألت إينغريد التي كانت تقف بجانب إيريك، بنبرة متشككة،
“بصراحة، أجد صعوبةً في تصديق ما أسمعه. هل كنتِ فعلًا مع سمو الدوق؟ أليست هذه أول مرة تلتقيان فيها؟ ولماذا كنتما وحدكما؟ حتى السيد تشايس لم يكن معكما؟”
“آه…..نـ-نعم، لأننا كنا بحاجة إلى الحديث على انفراد بشأن أمرٍ ما..…”
“وهذا ما أود أن أعرفه، ما ذلك الأمر بالضبط؟ ألا يمكن أن سمو الدوق قال ذلك فقط بدافع الشفقة؟ أنتم تعلمون كم هو رحيمٌ بكل أبناء سيفايا.”
عندها نظر ويل تشايس إلى إينغريد بنظرةٍ حادة وسألها،
“من تكونين يا آنسة؟ إلى أي أسرة تنتمين؟”
فأجابت بخجلٍ بسيط،
“أنا إينغريد، الابنة الثالثة للبارون هايزل.”
فأكمل ويل، بنبرةٍ مهذبة تخفي حدةً مباغتة،
“آنسة هايزل، أعذريني، لكن من كلامكِ يبدو وكأنكِ تصرّين على أن الآنسة آرسين هي الجانية.”
فارتبكت إينغريد بوضوح وردّت متلعثمة،
“لـ-لا! لا أقصد هذا أبدًا، أنا لم أقل..…”
“الآنسة ابنة الكونت آرسين والدوق أكّدا بأنفسهما أنهما كانا معًا، فهل من المنطقي أن نطالبهما الآن بالكشف عما دار بينهما حتى نصدق؟ أليس هذا غريبًا؟”
فهزّ النبلاء رؤوسهم موافقين على الكلام.
“صحيح، هذا ما قالاه وانتهى الأمر.”
“وما الحاجة للمزيد من الكلام بعد ذلك؟”
“منذ متى أصبحنا نتدخل إلى هذا الحد؟”
انحنى ويل قليلًا نحو إينغريد هايزل الأقصر منه قامة، ونظر إليها بعينين حادتين تنضحان بالهيبة.
“هل أصبح واجبنا أن نرفع تقارير بكل تحركاتنا أمامكِ يا آنسة؟”
“ويل تشايس!”
فتدخل إيريك بسرعة بعدما رأى ملامح الخوف على وجه إينغريد.
“نحن لسنا في الجيش يا ويل. لا يليق بكَ أن تتخذ نبرة ترهيبٍ كهذه مع آنسة نبيلة!”
ثم التفت إلى إينغريد بلطفٍ وسألها بنبرةٍ مليئة بالعطف،
“هل أنتِ بخير يا آنسة؟ ما رأيكِ أن تنتقلي لتستريحي قليلًا؟”
وأجابت وهي تمسح دموعها المتساقطة،
“لقد تجاوزتُ حدودي كثيرًا اليوم…..أظن أنه من الأفضل أن أعود إلى المنزل.”
وهكذا غادرت إينغريد المكان والدموع ما تزال تنهمر من عينيها.
فزفرت سيلينا أنفاسها في ضيق وهي تنظر إليها.
‘لم يُحلّ شيءٌ بعد.’
وحين نظرت إلى إيريك، وجدته يربّت على كتف إينغريد التي دفنت وجهها في صدره وهي تبكي، وألقى نحو سيلينا نظرةً يطلب فيها المساعدة.
‘رائع…..يبدو أنني سأضطر لتدارك الموقف مرة أخرى بدلًا منه.’
“صاحبة السمو الأميرة هيلينا، أعلم أن العثور على الجاني أمرٌ مهم، لكن الحفل لم ينته بعد، وأنتِ بحاجةٍ إلى فستان للخروج. لذا إن تكرمتِ بإخباري بمقاسكِ فسأقوم بتجهيزه بسرعة. هل يناسبكِ فستانٌ على طراز سيفايا التقليدي؟”
ى ما إن أنهت كلامها حتى بدأت وصيفة الأميرة تسرد مقاسات سموها، والألوان والنقوش التي تلائمها دون توقف.
كان الكلام طويلًا، لكن سيلينا حفظته كله في ذهنها، ثم استعارت ورقةً وقلمًا وكتبت الملاحظات بسرعة، وسلّمتها إلى أحد الخدم طالبةً إيصالها إلى منزل آرسين.
كانت تجارة آرسين واسعة النطاق، وكان لديهم بالفعل فساتين جاهزة على طراز سيفايا التقليدي.
ورغم أن الفستان الجاهز لا يضاهي فستاناً مصمم خصيصًا، إلا أن سيلينا رأت أن إصلاح المقاس بسرعة أفضل من استعارة فستانٍ من شخصٍ آخر.
وبعد وقتٍ قصير، وصلت الفساتين، فاختارت الأميرة هيلينا منها واحدًا وأبدت إعجابها به،
“يبدو أن هذا الفستان يليق بي أكثر من الفستان الأول. أشكركِ كثيرًا، آنسة آرسين.”
وبينما كانت الأميرة تبتسم بسعادة، أدرك النبلاء الذين تجمعوا للمشاهدة أن الحادث قد طُوي دون مشكلاتٍ إضافية.
***
بعد أن أجهشت إينغريد بالبكاء، خرجت مع ولي العهد إلى غرفة الاستراحة، لكنها ما لبثت أن غادرت القصر حتى قبل وصول الفستان الجديد.
كان إيريك يبدي أسفه لمغادرتها المبكرة، لكنه أصرّ على أن تُقلّها العربة الملكية بنفسه، وأوصى السائق أن يعتني بها جيدًا.
وفي العربة الفاخرة، أسندت إينغريد جسدها المنهك إلى المقعد الوثير، وعضّت شفتيها بقهرٍ وهي تفكر.
‘ما العلاقة بينهما حقًا؟’
لقد صُدمت حين سمعت زينوس يقول بنفسه أن سيلينا كانت معه.
‘لكنني رأيت بأم عيني تلك المرأة مع ولي العهد!’
ففي الحقيقة، كانت إينغريد هي من مزّقت فستان الأميرة هيلينا، وقد خططت لذلك وهي واثقةْ أن سيلينا و إيريك لن يجرؤا على كشف الحقيقة أمام الجميع.
‘كنت أنوي أن أجعلها هذه المرة أكثر النساء كراهيةً في الإمبراطورية كلها…..كيف انتهى الأمر بأن يتدخل الدوق يوستيا بنفسه لينقذها؟ هل فعل ذلك ليحميها؟ أم أنه فعلها لأجل ولي العهد؟’
مهما يكن، فقد كان تصرف إينغريد الحاد أمام الجميع خطأ فادحًا لا يغتفر.
لذلك تماسكت بهدوء، وعاهدت نفسها،
‘إن كنت أريد الوصول إلى المستقبل الذي أحلم به، فعليّ أن أكون أكثر حذرًا في أفعالي من الآن فصاعدًا.’
__________________
اوك نا تفاجأت توقعت ذي تستس صدق وسيلينا مب داريه حتى لانها مب داخله في روايه ذولا قاعدين يعيشيون صدق 😭
والحين الزفته يعني خلاص ولي العهد بين يدينس وش تبين؟ خلي بنتي!
المهم الدوق ومساعده مره واو ههههعهعهعهعهع
الدوق واضح مع سيلينا وشكله يحبها؟ وشكله هو الي مسكها يوم طقت بعد ماطاحت انغريد في النافوره؟
اما المساعد يبي بعد هو بنيه🤏🏻
Dana
Chapters
Comments
- 5 - هل يمكنني إرسال عرض زواج؟ منذ 13 ساعة
- 4 - يمكنكِ القول أنكِ كنتِ معي منذ 13 ساعة
- 3 - مع من كنتِ؟ منذ 13 ساعة
- 2 - أريد فسخ خطوبتي منذ 13 ساعة
- 1 - بأمرٍ إمبراطوري، كوني شريرة! منذ 13 ساعة
التعليقات لهذا الفصل " 4"