“تحديد المشاركات في هذه المسابقة كانت فكرةً رائعة فعلًا. والدي أيضًا أثنى على ذلك كثيرًا، وقال أن مجرد اختيار الشابة لتمثيل عائلتها سيجعلها تشعر بالفخر.”
ابتسمت سيلينا بإشراق وهي تجيب على مديح زينوس.
“بالضبط، هذا ما كنتُ أهدف إليه. إذا اختارت العائلة شخصًا ليمثلها فهذا يعني أنه قام بما يستحق الاعتراف. أردته مكانًا يبدو أنه يجمع أشخاصًا بهذا المستوى. وبهذا نُظهر احترامًا لنية السيدة كريستا الراحلة.”
“وسيكون لسيلينا أيضًا فرصةً للتفاعل مع تلك الشابات.”
“نعم، هذا صحيح. هذه فرصةٌ ثمينة بالنسبة لي. وسأستغلها جيدًا من أجل مستقبلي.”
“كم سيتأهل من المرشحات عبر التصفيات والنهائيات؟”
“التصفيات يشارك فيها جميع الشابات النبيلات اللواتي اخترن ممثلاتٍ عن عائلاتهن. أما النهائيات فلن يتقدم إليها إلا عشرٌ منهن. وأما الجولة الأخيرة.…”
“سيبقى منها اثنتان فقط، إذاً.”
“والعائلة الإمبراطورية ستأخذ الفائزة، الياقوتة الحمراء.”
ابتسم زينوس بلطفٍ وهو ينظر إلى سيلينا التي جلست مجددًا إلى جانبه.
ولم تستطع سيلينا منع احمرار خديها لرؤيتها تلك الابتسامة.
‘أليس من غير العادل أن يكون وسيماً إلى هذا الحد؟’
رفع زينوس يده اليمنى وكأنما أدرك أفكارها، ووضعها على خدها الأيسر المتورد.
ثم قرّب وجهه قليلًا وسأل،
“هل تتذكرين ما الذي فعلناه قبل أن نفترق في المرة الماضية؟”
فانتزعت يده من خدها لتنساب نحو مؤخرة عنقها، وجذبها إليه بلطف.
كان ملامسة شفتيه لها كأن جسدها كله ينبض. فأغمضت عينيها لشدة صوت نبض قلبها، وعندما فتحتهما رأت زينوس ينظر إليها كأنها أحب من في هذا العالم.
وكانت سيلينا تعرف جيدًا أن هذه النظرة المفعمة بالمحبة كفيلة بتحطيم قلبها، ولن تسمح لأحد أن يعرف ذلك.
***
كانت الإمبراطورة تقضي أيامًا مشغولةً بمحاولة حل المهمة المفاجئة التي أعطاها الإمبراطور.
“لا أفهم لماذا يبذل كل هذا الجهد من أجل سيلينا. أعاد لقب الياقوتة الحمراء فقط ليجلبها؟ حسنًا، إن أحضرت مهرًا كبيرًا فسأعاملها كما كنتُ أفعل، لكن ما الذي سيجنيه من جلب فتاةٍ ساءت سمعتها؟”
لم تستطع الإمبراطورة تقبل فكرة أن الإمبراطور يعمل لأجل جعل ابنة عائلة كونت مجردة من مكانتها “ياقوتةً حمراء”.
لكنها لم تكره المشاركة في الإعداد للحفل، فهي كانت يومًا ما مشاركةً في مسابقة الياقوتة الحمراء.
قبل دخولها العائلة الإمبراطورية، وحتى عندما كانت لا تزال ابنة الماركيز تشيرني، كانت تُعجب بالأميرة كريستا، شقيقة الإمبراطور.
كريستا كانت ابنة الإمبراطورة الراحلة، ودائمًا ما كانت مميزةً بين الأميرات العديدات.
ومع أنها قضت معظم وقتها في ساحات الحرب بعد أن أصبحت فارسة، إلا أن ذكريات الإمبراطورة معها في العاصمة عزيزةً عليها حتى الآن.
‘كيف رحلت قبل أن تصل الثلاثين؟ ما أقسى السماء.’
رحلت من كانت موضع الإعجاب، تاركةً وراءها زينوس، وريث القوة التي لطالما أرادها الإمبراطور.
‘يبدو أن زينوس أيضًا ينوي إيجاد عروس في هذه المسابقة، أليس كذلك؟ هل فتح عينيه على العاطفة بعدما قضى أيامًا مع سيلينا خارج القصر؟’
كانت الإمبراطورة تعتقد أنه من واجبها الاهتمام بزواج زينوس بدل كريستا الراحلة.
‘لكن الوريث يجب أن يتزوج رفيقته الروحية. هل يعني هذا أن الرفيقة ستظهر في المسابقة؟ إن عرف الإمبراطور بذلك فلن يسمح للأمور أن تجري بسلاسة.’
كانت تعرف جيدًا مدى تملك الإمبراطور وولعه بكل ما يتعلق بوريثه.
ولم تكن قد حافظت على مكانتها دون مشكلات طوال السنوات الماضية إلا لأنها لم تتحدّ الإمبراطور مباشرةً في أي أمر.
ومع تجهم وجه الإمبراطورة، أسرع الخدم والحشم في الحركة حولها. فأول ما يتعلمه الخادم في القصر هو قراءة مزاج من يخدمه دون أن ينطق.
وبين أولئك الذين يتحركون دون إصدار صوت واحد، فكرت الإمبراطورة بقلق،
‘لا يمكن أن تكون عائلة الدوق قد تخلت عن البحث عن رفيقة زينوس. لقد عانوا طويلًا في سبيل العثور عليها. بالتأكيد ظهورها في المسابقة يعني أنها ستصبح الياقوتة الحمراء. ماذا أفعل إن حدث ذلك؟’
عندها خطرت لها فكرةٌ بارعة.
‘على أي حال، ستشارك شابة واحدة فقط من كل عائلة، وهذا يعني أن تلك التي ستصبح الإمبراطورة المستقبلية ستظهر أيضًا. وبما أنني أحد الحكّام، يمكنني منحها نقاطًا كافية لتفوز بلقب الياقوتة الحمراء. وسأجعل سيلينا ضمن المرشحات النهائيات فقط. وبهذا فلن يكون أمام تلك الرفيقة أي مكان.’
و عندما رأى خدّام القصر الإمبراطوري أن ملامح الإمبراطورة استرخت، تنفّسوا جميعًا الصعداء.
‘يجب أن أدعو الآنسة ليلا أندرسون ابنة الماركيز إلى القصر قريبًا.’
كانت أسرة الماركيز أندرسون من أكثر الأسر الموالية للإمبراطور، شأنها شأن أسرة الماركيز تشيرني، إذ ترتبطان بالإمبراطورية بروابط زواجٍ قوية ومتينة.
وكانت ليلا أندرسون، التي ستبلغ الرابعة عشرة قريبًا، أوضح مرشّحةٍ لتكون الإمبراطورة المستقبلية.
بل إن مستقبل هذه الشابة، التي لم تحضى بعد بحفل الظهور الأول، قد تحدد سلفًا بقرارٍ من العائلة الإمبراطورية.
‘المسابقة ستكون بعد حفل الظهور الأول الخاص بها، إذاً لا مشكلة. فتاةٌ تربت في منزل الماركيز أندرسون وتلقت تعليم الإمبراطورة لا يمكن أن تخسر أبدًا. سيبدو المشهد مثاليًا للجميع.’
فابتسمت الإمبراطورة مقتنعةً بأنها اهتدت إلى فكرةٍ رائعة.
***
“الياقوتة الحمراء؟ وما هذا؟”
تساءلت إنغريد بجفاءٍ وهي جالسةٌ بكبرياء، بينما تردّد البارون هايزل قبل أن يجيب.
“يمكن اعتبارها مسابقة جمالٍ يا سيدتي.”
“هاه، يفعلون كل شيء هذه الأيام، على ما يبدو.”
“إنها مسابقةٌ عريقة، ومعترفٌ بها في المجتمع الراقي.”
“ولماذا أسمع عنها لأول مرةٍ الآن؟”
“لأنها توقفت لفترةٍ ثم أُعيدت، فربما لم يصلكِ الخبر.”
وبينما كان البارون يرتجف ويتلعثم في الكلام خوفًا، قطّبت إنغريد حاجبيها بعصبية.
‘قلتُ له أن يتصرف كوالدي، لكن هل يستطيع هذا الوضيع التخلي عن الكلام الرسمي؟ اخترتُ شخصًا جبانًا يجسّد الجبن في أسوأ صوره.’
نقرت إنغريد على ذراع كرسيها، ثم سألت،
“إذاً وصلت لعائلتنا دعوةٌ للمشاركة في المسابقة؟”
“نعم، وقد أرسل صاحب السمو ولي العهد إيريك شخصيًا من يسلّمها لكِ.”
“ويمكن لواحدة فقط من كل عائلة أن تشارك، صحيح؟”
“نعم.”
“وماذا عن ابنتكَ؟”
تجمّد وجه البارون فجأة.
‘كيف لي أن أسمح لابنتي بالمشاركة؟ كيف أعرضها أمام هذه المرأة المخيفة؟ لقد كان قرار إبعادهم إلى منطقة بعيدة عن العاصمة قرارًا صائبًا بالفعل.’
أخفى البارون أفكاره جيدًا وأجاب،
“أرى أنه من الطبيعي أن تخرج المشاركة من الشخص الذي تلقّى الدعوة.”
في اليوم الذي جاءت فيه إنغريد حاملةً مبلغًا هائلًا تطلب به أن تُسجّل كابنةٍ ثالثة للبارون، كان الرجل قد استغل كل ذريعة ممكنة لإرسال زوجته وابنته غير المتزوجة إلى مكانٍ آمن بعيدًا عن العاصمة.
كما أرسل رسالةً لابنته الكبرى يطلب منها عدم الاقتراب منهم مهما حدث في الوقت القريب.
فبيع الانتماء الطبقي، وإن كان يحصل سرًا، يُعد جريمةً كبرى قد تمحو الأسرة بأكملها لو اكتُشفت من قبل العائلة الإمبراطورية.
‘لو كان ممكنًا لنصحتها بعدم المشاركة في هذه المسابقة.…’
لكن الوضع لم يسمح. فولي العهد إيريك كان غارقًا تمامًا في عشق هذه المرأة مجهولة الهوية.
كان في سنّ يفيض بالحيوية، وكان يرسل الهدايا الفاخرة بلا توقف، ويبعث عربة القصر لجلبها كلما أراد رؤيتها.
وكان البارون وحده من يعيش كل يومٍ في رعب، يخشى انكشاف هويتها.
أما إنغريد، فكانت تزداد جمالًا يومًا بعد يوم.
‘ثم تلك القدرة المخيفة التي رأيتها مؤخرًا.…’
ارتعش جسد البارون وهو يتذكر لحظة صفّقت فيها المرأة بأصابعها فاختفت جثة ذلك الضخم من رجالهما وظهرت في باحة المنزل الخلفية.
‘ذلك الرجل العملاق.…’
قتلت رجلًا ثم نقلت جثته فورًا بمجرد فرقعة أصابع. فلم يعد البارون قادرًا حتى على تخيّل ما الذي قد تفعله لاحقًا.
وعندما رأت إنغريد وجهه الشاحب، نقرت بلسانها باستخفاف.
‘لو استمر على هذا المنوال سيبلل نفسه أمامي.’
وبوجهٍ مليء بالضجر، أشارت إليه بأن يضع الدعوة ويخرج فورًا.
فما كان من البارون إلا أن وضع الظرف على الطاولة وانطلق خارجًا هاربًا كأنما ينتظر هذا الإذن منذ زمن.
_________________
طيب لحظه زينوس بيمسي عند سيلينا؟ بالله كثر جيات ترا عادي لو تضيع فصول على المغازل وكذا 😘
الي يضحك شكل حتى سيلينا وقعت له بسرعه مدري عشانها الرفيقة ولا عشانه يجنن
المهم من يعلم الامبراطوره ان سيلينا هي الرفيقة😭😭 واضح انها حبيبه وحلوه وتحب زينوس عشانه ورع صديقتها بس لا لاتحطين سيلينا في اي مكان تكفيييين
فيليب مايعرف ان الامبراطوره معهم؟ وذي يلمح لها ان سيلينا هي الرفيقة😔
التعليقات لهذا الفصل " 38"