لم يكن تفادي أعين الحراس الذين يحرسون قصر الكونت آرسين أمرًا صعبًا على الإطلاق.
وقد كان زينوس محاربًا شبحًا يستطيع التحرك دون أن تلتقطه حتى أعين الجنود المدربين في ساحات الحرب.
وبعد أن وصل في غمضة عين إلى شرفة غرفة سيلينا في المبنى الرئيسي، طرق النافذة طرقًا خفيفًا بحذر.
ظنّت سيلينا في البداية أنها توهّمت الصوت فتجاهلته، لكن حين تكرر الطَرق تذكرت أنها ترتدي ثوب النوم فقط، ومع ذلك فتحت ستارة التعتيم بسرعةٍ لتتأكد ممن بالضبط.
“سمو الدوق.”
“ناديني زينوس.”
“ز…..زينوس، قد يراك الناس، ادخل أولًا.”
فتحت سيلينا النافذة على عجل لتدخله.
ما إن فُتحت النافذة حتى اشتدت رائحة سيلينا في الجو، وما إن دخل زينوس حتى احتواها بين ذراعيه.
كانا يتجنبان اللقاء منذ عودتهما إلى العاصمة حتى لا يثيرا انتباه الإمبراطور. ورغم أن المراقبة خفّت بعد أن عقدت سيلينا اتفاقها مع الإمبراطور، إلا أن العيون لم تختفِ تمامًا.
“ألم تفتحي النافذة بسهولةٍ أكثر من اللازم؟”
“ماذا؟”
سألت سيلينا وسط دهشةٍ من العناق المفاجئ.
“ماذا لو لم أكن أنا؟ ماذا كنتِ ستفعلين لو فتحْتِ لشخصٍ آخر؟”
انزلها من بين ذراعيه وهو يتحدث بضيق، فضحكت سيلينا بخفة عند رؤيته على تلك الحال.
“في هذا الوقت لا يجرؤ كثيرون على الطرق على نافذتي، وخصوصًا شخصٌ يستطيع تجاوز حرّاسي بهذه السهولة، فهؤلاء نادرون جدًا.”
“ومع ذلك، هذا خطرٌ جدًا، أن تفتحي النافذة هكذا دون أن يكون إلى جواركِ أحدٌ يحميكِ…..”
توقّف زينوس عن الكلام حين نظر إلى سيلينا التي لا ترتدي سوى ثوب النوم، وأدار وجهه.
وحين رأت أذناه قد احمرّتا، حاولت سيلينا تغيير الأجواء بابتسامةٍ مشرقة.
“هل تعرف ماذا كنتُ أفعل أثناء احتجازي؟ طلبتُ من كاشي أن تجمع لي كتبًا عن التنانين وقرأتها بجد. بل فكرت حتى في بعض الفرضيات. هل تود سماعها؟”
أجلست زينوس بحذر على أريكة الغرفة وتابعت كلامها.
“مصدر القوة التي تملكها أنتَ في النهاية هو التنين، أليس كذلك؟ لا بد أن هناك ارتباطًا. لذلك جمعت المعلومات عن التنانين ووضعت بعض الفرضيات. أولها أن التنانين تتخذ شركاء لها، وهذا الشريك يبدو كأنه يعيش حياةً مرتبطة بالتنين ما دام حيًا، وهذا قد يعني أننا نحن أيضًا.…”
ثم اقتربت سيلينا من زينوس وأمسكت يده.
“قد نكون مرتبطين ببعضنا.”
وعند اقتراب عطر سيلينا منه، نظر زينوس إليها دون أن يستطيع المقاومة.
“سيلينا، كنتِ ترتدين القلادة.”
وبسبب ثوب النوم، كانت القلادة الجلدية واضحةً للعيان.
“لم تنسَ ما بداخلها، أليس كذلك؟”
أخرجت سيلينا القلادة من تحت ثوبها. و داخل كيس جلدي صغير كان يوجد رمز الزواج الذي يشبه حصاةً صغيرة، وخاتم الزواج الذي ألبسها إياه زينوس.
“لا أعلم بعد ما إن كان لها معنى خاص، لذلك لم أنزعها عن جسدي. إن كانت في هذه قوة، فقد تحميني عند الخطر.”
“تفكيرٌ سليم.”
قال زينوس ذلك وهو يمسك يدي سيلينا الاثنتين ويقبلهما بخفة.
“سيلينا.”
فنظرت إليه وكأنها تتساءل لماذا يناديها.
“لقد تلقيت الرسالة التي طلبتِ من كاشي إيصالها جيدًا، وأعلم أيضًا أن هذا جزءٌ من خطتكِ لإجبار جلالته على الاعتراف بعلاقتنا أمام الناس حتى لو كان ذلك على كرهٍ منه.”
كان يقول أنه يعلم، لكن ملامحه كانت توحي بعدم رضاه عن اضطراره لإخفاء العلاقة حاليًا.
‘لو كان هذا سابقًا لبدت هذه التعابير مخيفة، أما الآن فهي تبدو لطيفة.’
رغم أن وجهه احمر قليلًا، إلا أن زينوس لم يبعد نظره عنها وهو يمرر يده بلطف على خدها.
“سيلينا، هذا ليس أمرًا يمكن تجاوزه بمثل هذا الكلام، أنا أريد أن أعلن فورًا على مستوى الإمبراطورية كلها أنكِ زوجتي.”
فابتسمت سيلينا برفق وهي تراه على تلك الحال، ثم تركت عنقه وأمسكت يده،
“وأنا كذلك.”
“لكن سيلينا قالت ذلك فقط، ثم طلبت مني أن أنشر إشاعة أنني أبحث عن زوجة.”
“يجب أن نفعل ذلك حتى يتحرك القصر الإمبراطوري وفق ما نريده، لا مفر من ذلك.”
“قد يسمع القصر هذه الإشاعة ويقرر ألا يختاركِ أصلًا كإحدى المشاركات.”
قال رينوس ذلك بقلق.
“وهذا في الحقيقة تصرّفٌ حكيم، فالشخص العاقل الذي لا يطمع بشيء سيحاول أن يسدّ طريق الترشيح من الأساس، لكنكَ تعرف جيدًا يا زينوس، ذلك الشخص مليءٌ بالطمع.”
“إلى حد أنّه قتل إخوته جميعًا طمعًا في القوة والعرش.”
بعد أن توقفت عند تلك النقطة واقتربت من زينوس، وقفت سيلينا أمامه وأخبرته بما دار بينها وبين الإمبراطور في القصر، حتى أنها أدخلت بعض التمثيل في روايتها.
***
“تريدين إعادة المسابقة التي ألغتها أختي؟ أتظن أن الأمر سيكون سهلاً؟”
“هذه مسابقةٌ تقليدية استمرت حتى الآن. رغم انقطاعها مؤقتًا بسبب حادثة غير سارة، إلا أن شرعيتها لم تُفقد، وكذلك رمزيّتها. يمكن أن تصبح حدثًا يواسي شعب الإمبراطورية المتعب من الحرب. أما من ناحية التمويل، فلن توفر عائلة الكونت آرسين دعمها.”
ما إن سمع الإمبراطور أن العائلة ستساهم ماليًا، حتى ارتخى تعبير وجهه قليلًا.
كانت أي مسابقةٍ تدعمها عائلة آرسين دائمًا مختلفة. سواءً كانت دعمًا بالمال أو بالموارد، لم يُهمل شيء، لذا كانت تلك المسابقات تلقى شعبيةً كبيرة.
و حتى مع تراجع شعبية سيلينا مؤخرًا، ظلّت سمعة العائلة متينة.
“حسنًا، جيد. إعادة المسابقة من هذه الدورة لن تكون صعبة. لكن ليس لدينا حجر الروبي الأصلي الخاص بمسابقة ‘الياقوتة الحمراء’ ذو الشرعية.”
“الروبي حجرٌ يرمز للإمبراطورية، أليس كذلك؟ لكن هل يجب أن يكون بالضرورة روبي المسابقة القديمة؟ أليس هناك أحجارٌ ذات تاريخٍ أعظم من ذلك الروبي الذي أزالته الأميرة كريستا؟ وحتى لو لم يكن روبي، فهناك أحجارٌ ثمينة ذات معنى كبير.”
عند سماع ذلك، ضرب الإمبراطور ركبته،
“صحيح، يمكننا استخدام حجر له تاريخٌ أعظم، وإذا لزم الأمر يمكن استبداله بحجرٍ يحمل قوةً غامضة.”
“إذا منح جلالتك الفائز حجرًا ذا معنى، فسيدرك الجميع مدى أهمية الإمبراطورية لهذه المسابقة.”
فهز الإمبراطور رأسه موافقًا وبرضا شديد.
“ماذا سيكون مناسبًا؟”
“حين كنتُ صغيرة، كان ولي العهد الأمير إيريك يتباهى أمامي بشيء، وكنتُ أغار منه جدًا. حتى الآن، أرغب كثيرًا في رؤية تلك التحفة.”
“أي تحفة تقصدين؟ يجب أن تكون تحفةً مشهورة وقيّمة في العائلة الإمبراطورية.”
“سمعت أنه يوجد بروشٌ مصنوع من حجر سحري مصنّع، أليس هذا مناسبًا تمامًا ليحل محل بروش الروبي الذي فقدناه؟ يحمل قوةً غامضة، ويُظهر أوهامًا مختلفة حسب مكانه وحامله.”
“هل تقصدين البروش الذي أضفى عليه الإمبراطور السابق قوة؟”
“نعم، اسمه ‘ميموريا’.”
كان والد الإمبراطور الحالي وخليفة الجيل الثالث خبيرًا في فنون الأوهام.
ورغم أنه لم يجد شريكته، قسم قوته إلى أحجارٍ مدمجة وموزعة قبل أن تغمره القوة بالكامل، وحددت العائلة الإمبراطورية تلك الأحجار كتحفٍ ثمينة.
وبما أن هذه التحف ملك للعائلة الإمبراطورية، فهي لا تُعطى بسهولة للعائلات النبيلة الأخرى.
ففكر الإمبراطور مبتسمًا بعطف،
“جيد، سنجعل بروش التحفة الذي أردتِ رؤيته يُقدَّم كرمز جديد لمسابقه ‘الياقوتة الحمراء’ للفائزة.”
***
“إذاً رمز ‘الياقوتة الحمراء’ الجديد هو بروش التحفة الذي صنعه الإمبراطور السابق.”
“بالضبط.”
“ما قيمة هذه التحفة لدرجة أنكِ أردتِ رؤيتها كثيرًا؟ لو أخبرتني، كنتُ سأجلبها لكِ فورًا.”
فابتسمت سيلينا بلطف لزينوس وردّت،
“لا بأس، سأراه على أي حال حين أشارك في المسابقة هذه المرة.”
______________________
ياناااااااس دخلته لها حلوه😭🤏🏻
اذا اعلنوا زواجهم اطالب بعرس كبير لهم وفيليب يبكي وكاشي و ويل ماسكين بعض 😔
بعدها ترمي وردة العرس وتمسكها انغريد وغصب تتزوج إيريك الغبي الي ماتبيه✨
التعليقات لهذا الفصل " 37"