3
بعد ذلك بأسبوعين، حدّق فيها خطيبها، أو بالأحرى الشخص الذي ستفسخ خطوبتها منه قريبًا، بعينين تقولان أنه كان يتوقع أن يحدث شيءٌ كهذا يومًا ما.
كانت سيلينا مغتاظةً وهي تحدّق بإيريك بنظرةٍ حانقة.
‘كل هذا بسبب ذلك اللعين.’
كانت سيلينا تشعر بظلم شديد. فهي لم تكن شريرةً حقًا.
صحيحٌ أنها استفادت من احتكار معين، لكنها لم تكن لتقبل لو كانت تظن أن ما فعلته سيلحق الضرر بإنغريد.
فقد وافقت على مساعدتها لتكون سعيدةً بجانب ولي العهد، الذي أحبّته بصدقٍ رغم صِغَر شأنها كابنة بارون.
وكانت تنوي أن تعتذر لها رسميًا بعد أن ينعقد خطبتهما. وكانت تؤمن أن إنغريد الطيبة، التي كانت تقبل الهدايا الاعتذارية دائمًا دون أن تعيدها، ستتفهم كل شيء.
وبينما لعبت سيلينا دور الشريرة، أظهرت إنغريد لطفها وبراءتها أكثر، حتى إنّ ذلك جعل من الشائع في المجتمع الأرستقراطي أن يُنظر إلى الأشخاص لا إلى أنسابهم.
وكانت خطة إيريك ناجحةً بما يكفي، إذ أظهر للعائلة الإمبراطورية والمجتمع كم هو عميقٌ حبه لإنغريد.
ورغم أن سيلينا أصبحت شريرةً في أعين الناس، فقد ظنّت أن من المقبول التضحية بسمعتها مؤقتًا إن كان ذلك سيساعد في كسر جدار الفوارق الطبقية.
لكنها الآن تجد نفسها متهمةً بجريمة أثّرت في العلاقات الدبلوماسية بين الإمبراطوريات!
كانت الضحية الأميرة الثانية من مملكة فورون، ولم يكن لدى سيلينا حجة غيابٍ وقت تمزّق الفستان، وهذا كان مؤكدًا.
أما ولي العهد إيريك، الوحيد القادر على تبرئتها، فكان واضحًا أنه لن يتدخل.
“إن لم يكن لديكِ ما تقولينه سوى أنكِ لم تفعليها، فسنرفع الأمر إلى جلالته ليكشف الحقيقة بنفسه.”
“يا للعجب، إلى هذا الحد وصلتِ ولا كلمة اعتذار واحدة؟ كم أنتِ مذهلةٌ بالفعل.”
رغم تلك الكلمات، ظلت سيلينا تعضّ شفتها بصمت.
‘اعتذار؟ لا، مستحيلٌ أن أعتذر.’
فالأمر لم يعد مجرد تمزيق فستانٍ من فساتين العائلة الإمبراطورية.
فأسرة آرسين تملك شركةً تجارة دولية، وكانت على وشك عقد مشروع تجاري مشترك مع عائلة باتيل.
ولو اعتذرت سيلينا الآن لتفادي الموقف، فسيُعدّ ذلك اعترافًا بالذنب، وستنتشر الشائعات، وقد تتأثر تجارة العائلة كلها.
كانت سيلينا، الابنة الوحيدة للكونت آرسين، قد قبلت زواج المصلحة هذا حتى لا تُهمَّش أمام زوجة أبيها وأبنائها، ومن أجل منفعة العائلة.
لكن إن تفاقم هذا الأمر، فقد يُطلب منها التنحي عن إدارة شؤون الأسرة بالنيابة.
‘لا يمكن أن أسمح بحدوث ذلك أبدًا.’
كانت بحاجةٍ لطريقةٍ تخرج بها من هذه الورطة.
“يا آنسة، على الأقل قولي أين كنتِ وماذا كنتِ تفعلين في ذلك الوقت؟”
قالت الأميرة هيلينا ذلك بنبرة فيها شفقة على سيلينا.
“كنتُ…..مع شخصٍ ما.”
“من؟ هل كانوا أكثر من واحد؟ إن لم يكن هنا، فاستدعيه ليشهد بنفسه.”
“آه، في الحقيقة..…”
أشار إليها إيريك بعينيه بعنف، وكأنه يقول لها ألا تتفوّه بكلمة.
“صاحب السمو، هل تؤلمكَ عيناك؟”
و سألت إنغريد التي لاحظت تلك الإشارة، فتنحنح إيريك،
“يا للأسف…..من المؤسف أن أشهد بنفسي مثل هذا الحادث المؤسف. ربما يجدر بنا أولاً إزالة ذلك الفستان من هنا.”
لكن الأميرة هيلينا ردّت بحدة،
“مستحيل. هذا دليل جريمة. بعد أن تخبرنا الآنسة سيلينا بمن كان معها ونأخذ شهادته، حينها فقط سنقرر ما إذا كنا سنزيله أم لا.”
‘حتى إتلاف الأدلة لا يُسمح لي به إذًا.’
مرّر إيريك يده على وجهه بيأس.
‘كيف وصل الأمر إلى هذا الحد؟’
كان يعلم أنه يفعل شيئًا أحمق، لكنه كان مستعدًا لفعل أي شيء ليجمع بينه وبين إنغريد.
فقد خرجا مؤخرًا معًا في مواعيد سرية عدة، وصار الناس في المجتمع يقولون أنهما أنسب ثنائي على الإطلاق. الهدف كان قريبًا جدًا، ولا يمكنه التراجع الآن.
‘سامحيني يا رفيقة السلاح…..دافعي عن نفسكِ بنفسكِ. سأضمن لكِ على الأقل حق الاحتكار مهما حدث.’
وبينما أدار وجهه عنها بخفة، أغمضت سيلينا عينيها بمرارة.
‘ذلك الوغد…..ينوي الهرب وترك كل شيءٍ لي.’
لم تدرك أبدًا كم كان لقب “ولي العهد المحظوظ” مناسبًا له كما الآن. فالضربات التي كان يجب أن تصيبه، تلقاها غيره، أما المديح فكان دائمًا من نصيبه.
فمكانته كولي عهدٍ معترفٌ به من الإمبراطور نفسه جعلت كل شيء ممهّدًا له. وبفضل ذلك، استطاع أن يعيش مرتاحًا منشغلًا فقط بحبه الأول.
‘بينما يرمي بالذنوب كلها على غيره بهذه الطريقة.’
نظر إليها الشاب باتيل بازدراء وسألها ببرود،
“مع من كنتِ إذًا؟ إن كنتِ واثقةً من نفسكِ، فأتينا به ليثبت قولكِ.”
‘يتظاهر بأنه يعرف أنها تكذب…..’
شعرت وكأن تلك العبارة الهمسية خرجت من أفواه الجميع وارتطمت بأذنيها.
“الشخص الذي كنتُ معه هو…..”
تجمعت الأنظار حولها، بينما أجابت سيلينا باستسلام،
“لا يمكنني الكشف عن اسمه.”
“هل تمزحين معنا الآن؟”
“أتظنين أن ما يحدث أمرٌ بسيط؟”
“هذه قضيةٌ تستحق محكمة القصر الإمبراطوري!”
وبينما ارتفعت الأصوات في الغرفة، دخل شخصٌ ما إلى قاعة الاستراحة.
“تحيةً لدوق الإمبراطورية.”
كان ذلك زينوس يوستيا، الدوق الوحيد في إمبراطورية سيفايا.
وهو ابن عم ولي العهد إيريك، في العمر نفسه، لكنه شارك في الحروب خمس مراتٍ بالفعل، بصفته محاربًا متمرّسًا.
بطل سيفايا الذي ورث قوة التنين الأسطورية التي لا تنتقل إلا بين دماء العائلة الإمبراطورية.
كان زينوس يحقق النصر في كل مرةٍ يخرج فيها للقتال، حتى صار يُلقَّب بين الناس بـ “وحش الحرب”.
“تشرفنا بلقاء شمس الإمبراطورية الصغيرة، سمو ولي العهد الأمير إيريك.”
قال ذلك ويل تشايس، مساعد الدوق ورفيق طفولته، وهو ينحني احترامًا، ثم تابع ببراعة،
“يتساءل الدوق عمّا كان يُناقش هنا.”
كان زينوس معروفًا بصمته الشديد وكراهيته للظهور العلني، لذلك كان ويل كثيرًا ما يتحدث نيابةً عنه.
“وأظن أنكما ستدهشان مما ستسمعانه. فالأميرة هيلينا من مملكة فورون، نجمة هذه الأمسية…”
بدأ الجميع يتحدثون واحدًا تلو الآخر عمّا جرى في قاعة الاستراحة.
بسبب الحروب المتكررة بين أوتم وسيفايا، نادرًا ما كان زينوس أو ويل يعودان إلى العاصمة، وإن عادا لم يلبثا طويلًا قبل أن يغادرا إلى الجبهة مجددًا.
ولذلك اندفع الجميع إلى الحديث بحماس، محاولين لفت انتباه الدوق بأي طريقة.
‘يا إلهي، ما العمل الآن؟’
كانت سيلينا تقف على هامش الحشد المتحمس، تفكر بيأسٍ في كيفية الخروج من المأزق.
وفجأة شعرت بنظرةٍ ثابتة عليها، فالتفتت بحذر لتجد عينيها تلتقيان بعيني زينوس.
عينا التنين الحمراوان، اللتان ترمز إلى القوة الموروثة في دمائه، كانتا موجهتين نحوها بلا شك.
‘هل يشك بي أيضًا؟ هل صدّق كلامهم؟’
خفضت سيلينا رأسها سريعًا، ثم رفعت نظرها مرة أخرى بخفة.
لكن زينوس كان لا يزال ينظر إليها، وكأن لا أحد في الغرفة سواها.
‘تلك النظرة….ليست نظرة شك. بل كأنها..…’
راودتها فكرةٌ غريبة للحظة، فسارعت إلى طردها من رأسها.
‘ما الذي أفكر فيه؟ أن له اهتمامًا بي؟ هذا جنون! خصوصًا في موقفٍ كهذا. عليّ أن أجد طريقةً للخلاص لا أن أتوهم أشياء.’
لكن قبل أن تفكر أكثر، كان الآخرون قد أنهوا سرد تفاصيل ما حدث.
“نحن نعتقد أن الجانية لا يمكن أن تكون سوى الآنسة سيلينا آرسين، التي تسببت بمشكلةٍ قبل وقتٍ قريبٍ أيضًا.”
“هي الوحيدة التي لم تفسّر بوضوحٍ أين كانت وقت وقوع الحادث.”
“كل ما فعلته هو تكرار أنها لم تفعلها.”
سألها مورغان باتيل، الذي أعلن فسخ خطوبته منها، بنبرة حادة،
“مع من كنتِ إذًا؟ ولماذا لا تستطيعين قول اسمه؟ أم أنكِ الآن ستعترفين بأنكِ كذبتِ منذ البداية؟”
و أومأت الأميرة هيلينا موافقةً،
“الآنسة آرسين، إن لم تشرحي بوضوح، فسيظن الجميع أنكِ المسؤولة عن الحادث.”
لم تستطع سيلينا أن تقول الحقيقة، ولا أن تعترف بشيء لم ترتكبه. لذا، رغم أن الأمر جعلها تبدو متغطرسة، لم تجد سوى أن تكرر ما قالته سابقًا،
“كما قلتُ قبل قليل، كنتُ مع شخصٍ ما. لكن لا يمكنني الإفصاح عن هويته..…”
“كنتُ معها.”
ثم رنّ صوتٌ عميق وجميل في أرجاء الغرفة، فاهتزّ الجو كله بثقله.
__________________________
هذا البطل الجنتل زينوس الي يبي لي اتعود على اسمه🥰
ايريك ذاه مره يعععع شلون طاه ولي عهد؟ عز الله الامبراطورية راحت فيها
المهم تخيلوا بعد انغريد هي الي شقت الفستان عشان تحطها في سيلينا؟ شكلها شاكه ان سيلينا تحب ايريك الزفت
معليس يختي تراكم تناسبون بعض
Dana
Chapters
Comments
- 5 - هل يمكنني إرسال عرض زواج؟ منذ 14 ساعة
- 4 - يمكنكِ القول أنكِ كنتِ معي منذ 14 ساعة
- 3 - مع من كنتِ؟ منذ 14 ساعة
- 2 - أريد فسخ خطوبتي منذ 14 ساعة
- 1 - بأمرٍ إمبراطوري، كوني شريرة! منذ 14 ساعة
التعليقات لهذا الفصل " 3"