“في هذه اللحظة ربما يتساءلون كيف لم يعثروا علينا رغم أنهم أغلقوا المعبد الذي يوجد فيه كبير الكهنة وفتشوا محيط قصر الدوق وقصر الكونت من الأعلى إلى الأسفل.”
“لن يرسلوا جنودًا ليُفتّشوا داخل القصر نفسه…..صحيح؟ أو يسحبوا العائلة الموجودة بالداخل؟”
“هذا يعتمد على مدى صبر أصحاب المقامات العليا، لكن إن تجرؤوا على تجاوز الحدود فالنبلاء الآخرون لن يلتزموا الصمت. ثم إن اتهامكم بالخيانة يحتاج إلى أدلة هم لا يملكونها.”
ناولها وِيل الماء وهو يطمئن سيلينا،
“هناك بين النبلاء من يؤيدون الحفاظ على قوة التنين، لذلك لن يسمحوا لجلالته بأن يتهور ويقوم بما يشاء. اطمئني.”
“وكم تبقى حتى نصل إلى وجهتنا؟ وإن كان شخصٌ من القصر الإمبراطوري قد سبقنا ووصل هناك؟”
ابتسم زينوس ابتسامةً هادئة يهدئ بها قلقها،
“علينا أن نسير ثلاثة أيامٍ أخرى. وأظن أن التفكير في احتمال وجودهم هناك سيأخذ وقتًا طويلًا منهم. فذلك المكان لا يُكشف إلا سرًا للوريث وحده.”
“صحيح…..لم أكن أعرف أصلًا بوجود قانون يقول: ‘يُعترف بزواج من يملك قوة التنين مع قرينه إذا عُقد في أرض التنين.’”
“هذا القانون سنّه الإمبراطور الثاني الذي كان وريثًا في ذلك الزمن، ولا يعرفه إلا قلةٌ قليلة.”
“أرض التنين..…”
تمتمت سيلينا بهدوءٍ وقد بدا عليها الفضول بينما تتكشف الحقائق أمامها واحدةً تلو الأخرى.
“في الأصل تلك الأرض لا تسمح بدخول أي أحد. فقط الوريث وقرينه يستطيعان دخولها، ولهذا لا بد أن يكون الزفاف بينكما وحدكما.”
“لن نعرف التفاصيل إلا عندما نصل.”
“وإذاً..…”
نظرت سيلينا إلى زينوس بتردد،
“إذا لم أكن أنا القرين الحقيقي؟”
حين رآها مترددة ابتسم زينوس بثقة.
“صحيحٌ أن أنفي يقول لي دائمًا أنكِ رفيقتي، لكن لو افترضنا حقًا أنك لستِ الرفيقة..…”
“نعم، أنا سأغيب من هنا قليلًا.”
غادر وِيل المكان بذكاء ليتركهما وحدهما، فاقترب زينوس أكثر من سيلينا،
“سأتزوجكِ ولو اضطُررتُ لاستخدام أي طريقةٍ أخرى.”
“ولن تبحث عن الرفيقة الحقيقية؟”
“لن أبحث.”
“لكن…..ألم تقل أنكَ لن تعيش إذا لم تتزوج الرفيقة الحقيقية؟”
‘لو كنتُ مكانه لبذلت قصارى جهدي لأجد رفيقي كي أعيش..…’
ابتلعت سيلينا كلماتها ولم تنطق بها. لكن زينوس لم يُبدِ أي تردد وهو يجيبها،
“سأتزوجكِ أنتِ. ولن يتغير هذا. يمكنكِ القول أنني وقعتُ في حبكِ من النظرة الأولى، أو أن هذا انجذابٌ فطري من وريث إلى رفيقته…..كلاهما لا يغيّر الحقيقة.”
وبدون أن ينتبها صارا جالسين متلاصقين كما كانا عند البحيرة.
فنظر زينوس في عينيها،
“لقد أصبحتِ شخصًا لا أستطيع مقاومته. أريدكِ إلى جواري مهما كلّف الأمر.”
بدا دفء صوته في عينيه الحمراوين فشعرت سيلينا بالعطش رغم أنها شربت الماء للتو.
“من حسن الحظ أن الشاب باتيل وافق على فسخ الخطبة. على الأقل لم يُصب أحدٌ بأذى.”
“أجل. أرى أنه كان قرارًا حكيمًا ألا يطمع بما يفوقه. لكنني لن أسامحه على تلويث سمعتكِ.”
بعد حديثهما عند البحيرة شعرا بأنهما اقتربا من بعضهما كثيرًا.
وسيلينا رغم ذلك ظلت مرتبكةً أمام حرارة مشاعر زينوس.
لكن تلك الليلة التي أسرعت فيها إلى قصر الدوق، وسمعت منه الحقيقة بكل صدق، وسارت معه هذه الرحلة الطويلة جعلتها تقرر أن تثق به.
‘لن أندم على اختياري.’
فأسندت رأسها براحة أكبر على كتفه،
“حتى لو كنتُ الرفيقة…..قبول كل هذا لم يكن سهلًا. كان شيئًا بعيدًا بالنسبة لي.”
“أتفهّم ذلك. وأشعر بالأسف أيضًا…..كأنني دفعتُكِ إلى كل هذا.”
ما إن سمعت سيلينا كلماته رفعت رأسها ونظرت إليه مباشرة وردّت بحزم،
“كنتُ أريد قول هذا منذ فترة…..هذا ليس شيئًا ينبغي أن تعتذر عنه يا سمو الدوق.”
“آنسة..…”
“قدومي معكَ في هذه الرحلة كان لأن العائلة الإمبراطورية أرادت استغلالي للضغط عليكَ. هذا ليس ذنبكَ، لذلك لا تعتذر.”
“لكن لو لم أكن أمتلك هذه القوة…..لكنتِ الآن تستطيعين إقامة حفل زفافكِ حيث تشائين، وسط من تحبين، وتحصلين على التهنئة التي لطالما حلمتِ بها.”
حفل الزفاف الذي حلمت به….
فتساءلت سيلينا في داخلها،
‘لو أخبرته بأنني أصلًا لم أحلم بزفاف معيّن في أي وقت، فما الذي سيقوله؟’
الجميع يظنها زهرة أسرة ثرية…..لكن حقيقتها أنها عاشت دائمًا تقاوم كي لا يُنتزع منها شيء.
‘حتى هذا القرار…..كان فقط لحماية ما هو لي.’
لم تكن تريد أن تُساق إلى العائلة الملكية لتُسلب تجارتهم وتعيش حياةً مرهونةً بمستقبل مجهول.
“قد يبدو الأمر غريبًا، لكنني ببساطة لم أمتلك أي وهم حول الزواج. لدي أهدافٌ أخرى أسعى إليها.”
قالت سيلينا ذلك مبتسمةً بخفة.
“لذلك، لا تشعر بالأسف تجاهي. فهذا خياري أنا أيضًا. أنا من اختار ألا أتجه إلى القصر الإمبراطوري، واخترت أن أبذل جهدي لأجل مستقبلي الذي أريده وأنا إلى جانبكم يا سمو الدوق.”
أمسك زينوس يد سيلينا بقوة.
“أخبِريني بما تحتاجينه. أي شيءٍ من أجلكِ…..سأساعدكِ فيه.”
فشعرت سيلينا بالثبات من خلال قوة يده المتشابكة مع يدها، و ابتسمت ابتسامةً جميلة.
***
“لوس…..لم أتوقع أن تأتي بنفسكَ إلى هنا.”
قال الكونت آرسين ذلك وهو ينظر إلى لوس الذي نجح في الدخول إلى القصر رغم أنه كان مُحاصرًا.
“وماذا لو كنتُ مصابًا بمرضٍ معدٍ! وأنت رجلٌ يقف قريبًا من جلالته كل يوم!”
“جئتُ بأمرٍ إمبراطوري.”
“أمر إمبراطوري…..نعم، توقعت أنكَ ستدخل بهذه الطريقة. فاليوم هو اليوم الثامن.”
فسأل لوس بهدوء،
“ألا تعرف حقًا أي خبرٍ عن ابنتكَ؟”
“بينما تصنعون كل هذه الضجة…..هل تظن أنني لو كنت أعرف لَكنتُ أخبرتكَ؟”
تنهد لوس وهو يرى الكونت يتوقف عن التظاهر بالمرض ويصبّ لهما الشراب.
“كنتُ أعلم…..لم يتبقَّ لديكَ في هذه الدنيا سوى سيلينا، وستحميها بأي طريقةٍ كانت.”
“أجل، وأنتَ أكثر من يعرف سبب فعلتي هذه.”
ارتطم كأساهما وشربا جرعة، ثم تحدّث لوس بحذر،
“جلالته يريدكَ أن تأتي إلى القصر.”
“يريدني أن أصبح رهينةً طوعًا؟”
“إذا بقيتَ هنا فلن أستطيع ضمان حياتكَ. جلالته ينتظر أن يرى ولاءكَ مرة أخرى. أنتَ تعرف هذا جيدًا.”
“أعلم…..فالأمور وصلت إلى نقطة لا أملك فيها ما أقوله.”
فارتجفت عينا لوس وهو يسأل،
“لا تقل لي أنكَ حقًا تنوي إدارة ظهركَ لجلالته؟”
فتنهد الكونت آرسين،
“من هو خطيب ابنتي؟ إنه الدوق يوستيا. ومن الآن فصاعدًا لن يثق بي جلالته أبدًا.”
“ولماذا اخترت لها شخصًا كهذا أصلًا؟ كان عليكَ تزويجها من أسرة باتيل فقط!”
“لو لم يتصرف جلالته وكأنه يريد تزويج سيلينا غدًا فورًا، لوجدت عائلةً أخرى. لكنه كان يتصرف وكأنه يريدها لسببٍ خاص…..ألا تعرف أي شيء عن ذلك؟”
‘لأن ابنتكَ هي الرفيقة الحقيقية..…’
لكن لوس لم يستطع قول ذلك فهز رأسه،
“الهرب من العائلة الإمبراطورية والذهاب إلى الدوق…..هل تظن أن قوة التنين التي لديه ستكفي لحماية ابنتكَ؟ لا أظن ذلك. قلت لكَ أكثر من مرة إنها قوةٌ مبالغٌ فيها!”
“بعد سبعة عشر عامًا كاملين دون أن يطمع بها…..وفجأة يبدأ جلالته بطلب ابنتي؟ لا بد أن هناك سببًا. وإن لم يكن هناك سبب، فأنا لا أملك ما أقوله بعد الآن. عليّ فقط أن أقدم لجلالته سببًا واضحًا يمنعه من أخذ ابنتي.”
“لكن الانحياز إلى الدوق اختيارٌ خاطئ!”
خارج الغرفة، كانت فلورا تسترق السمع، فشهقت دون أن تشعر، ثم أسرعت بالابتعاد بصمت.
______________________
ذي الحماره فلورا بتسوي مصيبه بلقافتها انا متأكده
والكونت ذاه طلق فلورا خلاص
المهم سيلينا وزينوس اول مايتزوجون بالله نادها زوجتي 😔 انت نغازل انت تستطيع
التعليقات لهذا الفصل " 21"