“لا يمكن أن يحدث هذا، كيف يمكن أن يحصل شيءٌ كهذا!”
في قصر ولي العهد كان إيريك يتململ بقلقٍ شديد وهو يندب الوضع الحالي.
“لقد قلت بوضوح في طفولتي أنني أنا وسيلينا لا يصلح أن نكون معًا، فكيف يمكن لأبي أن يتخذ قرارًا كهذا؟ لماذا سيلينا بالذات؟ أنا أحب الآنسة هايزل!”
وحين ضرب المكتب عدة مراتٍ بقوة تناثرت بعض رسائل الآنسة هايزل التي كان يحتفظ بها بعناية.
“كيف يربطني بتلك المتحذلقة كثيرة التذمر ويترك الآنسة هايزل ذات الخط الجميل؟ ثم كان عليها أن تعترض حتى الموت، فكيف تقف هناك دون أن تفعل شيئًا؟”
“اهدأ يا سموك.”
“كيف أهدأ يا سام؟ هذا زواج! زواج! ثم إنه زواجٌ من سيلينا آرسين! لو كنتَ مكاني هل تريده؟!”
“لا أرى أنه يجدر بكم التفكير فيه بشكل سيء فقط. صحيحٌ أنه بيت كونت، لكنه بيت ثري جدًا. والآنسة آرسين هي الابنة الشرعية الوحيدة، ومهرها لن يكون قليلًا قطعًا.”
فضحك إيريك ساخرًا،
“المال؟ صحيح، هم يملكون المال. لكن أتظن زوجة أبيها ستسمح لها أن تأخذ كل ثروة البيت معها إلى زواجها؟”
هز إيريك رأسه بيأسٍ وكاد يبكي.
“هي فتاةٌ بلا دم ولا دموع، لا تهتم إلا بوراثة العائلة. يقولون أنها لم تزاحم الآنسة هايزل، لكن من يدري؟! لم يعمَ كل من كان هناك، وأنا رأيت كل شيء من بعيد. صحيحٌ أنني طلبت منها أن تتصرف كشريرة، لكنها تجاوزت الحد كثيرًا. من قد يرغب بالزواج من شخصٍ كهذا؟!”
سام، وهو يرى إيريك يلوّح لكماته في الهواء بكل ما أوتي من قوة، كان يهز رأسه مسايرًا له.
“نعم، أفهم تمامًا مدى كرهكَ لهذا الأمر. لكن كل ذلك قامت به تنفيذًا لأوامر سموك. وإذا كان جلالة الإمبراطور قد قرر، فلا خيار لسموك سوى اتباعه. ثم فكر قليلًا؛ الحلفاء كلما كثروا كان ذلك أفضل.”
“ما معنى هذا؟”
“جلالته لديه خمس زوجات بمن فيهن الإمبراطورة، بينما يمكن لسموك الزواج بأربع فقط.”
لوّح إيريك بيده بضجر.
“لا أحتاج إلى هذا العدد.”
“قد يتغير رأيكَ لاحقًا. على أي حال، حتى لو دخلت الآنسة آرسين إلى القصر، فهي ابنة كونت، ولا يمكنها أن تصبح الإمبراطورة مستقبلًا. فهل تظن أن الآنسة هايزل ـ وهي ابنة بارون ـ يمكنها أن تصبح الإمبراطورة؟”
لمع بريقٌ حاد في عيني إيريك وهو يردّ،
“سأجعلها تصبح الإمبراطورة.”
“كما تشاء، لكن طالما أن للإمبراطور والإمبراطورة رأيًا، فلن يكون الأمر سهلًا. وفي النهاية ستدخل فتاةٌ نبيلة ذات مقام أعلى لتصبح الإمبراطورة مستقبلًا. وفي تلك الحال، إن أرادت الآنسة هايزل أن تبلغ ذلك المقام يومًا، فإنها بحاجة إلى حليف يقف في صفها، أليس كذلك؟”
“…..وإن لم تساعدها سيلينا؟”
“ستجعلها تساعد.”
“كيف؟”
“يقولون أن الناس هذه الأيام يستخدمون ما يسمّى بعقد ما قبل الزواج.”
ربّت إيريك على كتفي سام بحماس، ثم أمر الخادمة بترتيب المكتب وبدأ يفكر بجدية في صياغة عقد ما قبل الزواج.
***
وبعد أن غادرا القصر الإمبراطوري بسلام، توجهت سيلينا و زينوس مباشرة إلى قصر الكونت آرسين.
“أبي.”
“سيلينا، هل حُلّ الأمر كما يجب؟”
“إلى حد ما. هل جهزت كل ما طلبته؟”
“نعم، لقد حزمتُ كل أمتعتكِ.”
“عندما يأمر جلالته بدخولي القصر، حاول تأجيل الأمر قدر الإمكان. ونحن…..سنعود بعد أن نتزوج.”
“يا سمو الدوق.”
حاول الكونت الانحناء حال رؤيته زينوس، لكن زينوس منعه.
“رجاءً، لا تفعل ذلك.”
“شكرًا لقبولكَ مرافقتها في مغامرةٍ كهذه.”
“لا شكر على واجب. أنتَ تعرض عليّ ابنةً تفوقني قدرًا بكثير، فكيف لي ألا أكون ممتنًا؟”
“لا وقتَ لدينا، يجب أن نذهب الآن.”
“حسنًا، اذهبا بسرعة.”
وبعد أن حمّلا الأمتعة على العربة، التفتت سيلينا نحو والدها.
“أبي…..يجب أن تبقى على قيد الحياة. أرجوكَ.”
ثم صعدت العربة دون انتظار إجابته وانطلقت فورًا.
و راقبها الكونت وهي تبتعد، وشعور الأسى يخالج صدره، لكنه لم يكن وقت الحزن الآن.
“إنها حالةٌ طارئة. ابتداءً من اليوم، فليُغلق قصر الكونت، ولتُنْجَز كل أعمال القافلة خلال عشرة أيام. وأخبِروا الجميع أنني مريضٌ وغير قادر على الحركة، وأن براندون سيتولى منصب القائم بأعمال سيد العائلة مؤقتًا.”
“نعم، مفهوم.”
عندما تحرك بن لتنفيذ الأوامر، خرجت فلورا التي كانت تشاهد كل شيءٍ من داخل القصر وهي تكاد تطير من الفرح،
“سيدي الكونت، قلتَ الآن أن براندون سيصبح القائم بأعمال سيد العائلة، صحيح؟”
“نعم، أحضري براندون إلى غرفتي.”
“إذًا سيلينا..…”
“لن يصبح براندون القائم بأعمال سيد العائلة إلا إذا تعاونتِ معي دون اعتراض فيما سأفعله لاحقًا. فقط إن لم تفسدي الأمر. فهمتِ؟”
“فهمت، لن أعترض. براندون! أين أنتَ؟ تعال سريعًا وساعد والدكَ!”
نظر الكونت آرسين إلى فلورا التي ركضت إلى غرفة براندون بحماس، وتنهد بعمق.
“عودي بسلام يا سيلينا..…”
***
“جلالتك، هل بدأ وعيكَ بالعودة؟”
بعد ثلاث ساعات فتح الإمبراطور عينيه.
“لوس…..ما الذي حدث؟”
“إنها قوة التنين يا جلالتك. لم يكن هناك أي سبيلٍ للمقاومة.”
“ها تجرأ واستخدم تلك القوة ضدي؟ هذا عصيان! أحضروه فورًا!”
“أرجوك اهدؤوا وانظر إلى الوضع بعقلانية. إذا جمعنا ذكريات تلميذي وذكرياتكَ، فسوف نفهم ما حدث قبل أن تغفو يا جلالتك.”
“حسنًا، أخبرني بما تتذكرون.”
ساعد لوس الإمبراطور على الجلوس، وأومأ لتلميذه الذي بدأ يروي ما جرى.
“حين قدمتَ للآنسة سيلينا عقد ما قبل الزواج وطلبتَ توقيعها، اقتحم الدوق يوستيا المكان دون استئذان.”
“صحيح، دخل علينا بكل وقاحة معتمدًا على تلك القوة اللعينة….ورآنا، ثم..…”
توقف الإمبراطور لأنه لم يعد يتذكر ما بعد ذلك، فأعطى لوس إشارةً لتلميذه مجددًا.
“لقد جعلنا نغفوا.”
“صحيح…..هذا ما حدث، لقد جعلنا ننام.”
صفق لوس بيده وقال بحماس،
“إذن…..يبدو أننا عرفنا أخيرًا قوة وريث العرش الجديد.”
“نعم! القدرة على التنويم! هذا هو! قدرةٌ مذهلة بالفعل. حتى لو هاجم العدو، سينهيهم جميعًا بجعلهم ينامون!”
“إنها لا تُقارَن بقوة السيدة كريستا. لقد كانت تحرك الأسلحة بالتخاطر…..الفرق شاسعٌ بالفعل.”
فأومأ الإمبراطور،
“كانت أختي بلا ندّ، فقد امتلكت تلك القوة إضافةً إلى قوة جسدية هائلة. أما هذه…..فمجرد قدرةٍ على التنويم؟ لم أستغرب أنه حاول إخفاءها بشدة. لم أتوقع أن تكون ضعيفةً هكذا.”
“على الأقل ليست قدرة قتل، وهذا أفضل. كان يمكن أن يحدث أمرٌ خطير لولا ذلك.”
“صحيح، وبما أننا عرفنا أنها قدرةٌ تافهة، فسنتمكن من سحقهما بسهولة. اذهبوا إلى قصر الدوق، وأحضروا الدوق يوستيا وسيلينا! ولجعل سيلينا مطيعة، علينا أسر الكونت آرسين أيضًا.”
“جلالتك، أرجوك اسحبوا هذا الأمر.”
انحنى لوس محاولًا ثني الإمبراطور.
“لوس…..ماذا تعني؟”
“قد تكون قدرةً ضعيفة، لكن إن كانت تنوّم أي شخص، فلا فائدة من إرسال عددٍ من الجنود. ثم إن هناك نبلاء من مؤيدي قوة التنين. وفي ظل الحرب المستمرة مع أوتوم، لا يمكننا المخاطرة بإشعال حربٍ أهلية.”
“هذا…..صحيح. لكن لا يمكنني ترك الأمر يمر هكذا!”
قهدّأه لوس فوراً،
“لقد أمرت الجميع بالتكتم الشديد عمّا حدث اليوم. عليكَ الاحتفاظ بقوتك إلى أن يأتي الوقت لسحقهم دفعةً واحدة.”
“إذاً ماذا يجب أن نفعل الآن؟”
“يجب منع إتمام الزواج بينه وبين شريكته.”
“لكنه أخذها معه بالفعل!”
فردّ لوس بهدوء للإمبراطور الغاضب،
“يا جلالة الإمبراطور…..إن لم يتم الزواج رسميًا، فإن الزواج بين الشريكين يُعد لاغيًا.”
فصفق الإمبراطور بيده بقوة،
“صحيح! لن يتمكنا من الزواج أبدًا. لن أسمح بذلك مهما حدث!”
________________________
بزر كل الأوامر جايه من طرف لوس وهم يقولون صححح فكره حلوه ياي
وابو سيلينا بالله ارقد نومه حلوه لا يمسكك الامبراطور
التعليقات لهذا الفصل " 17"