كان زينوس يجفف شعره المبلل بعد الاستحمام حينها أطلق تنهيدةً طويلة. فقد عاد إلى ذهنه وجه سيلينا الذي رآه آخر مرةٍ قبل يومين.
“لقد كتبتُ كل التفاصيل هنا، فاقرأها جيداً، وإن وافقتَ فوقع وأعدها إليّ.”
تطلب منه ألا يطلب فسخ الخطوبة إلا بعد عامين من الخطوبة، بل وتحضر عقداً مكتوباً تطلب توقيعه عليه.
ومع أنها لا تفعل شيئاً لطيفاً، ومع أنها تعاملُه ببرود رسمي، إلا أن قلبه ظل ينبض بعنف.
هذا الشعور لم يعرفه سابقاً، لا عندما كان مع “الرفيقة الزائفة” التي دلّه عليها القصر الإمبراطوري، ولا في أي لحظةٍ من حياته.
شعر زينوس بأن قوةً لا يعرفها تدفعه دفعاً نحو سيلينا، ومع أنها لا تعرف شيئاً عن مشاعره، إلا أنها تريد فسخ الخطوبة، وهذا كان قاسياً عليه.
‘كنتُ أظن أن الأمور ستسير بخير حين أعثر على الحقيقية…..لكن يبدو أنه لا يوجد لغزٌ أصعب من هذا.’
وفي تلك اللحظة، بدأ العطر الذي يفتقده دائماً يلامس أنفه من جديد.
فرفع زينوس رأسه بسرعة. وكان العطر يزداد وضوحاً.
***
كانت سيلينا مرتبكةً بوضوح، فهي لأول مرة تزور قصر عائلةٍ أخرى في هذا الوقت المتأخر دون سابق اتصال.
‘قلت فقط: “أنا سيلينا آرسين. جئتُ لمقابلة الدوق.” ومع ذلك…..أدخلوني فوراً؟’
لم يكن بإمكانها دخول القصر الإمبراطوري بلا استعداد، لذا جرت أولاً إلى قصر الدوق، ولكنها لم تعلم كيف تدخل وظلت تتردد طويلاً.
ثم تشجعت وقالت ما قالت، فتصرف الخدم كأنهم كانوا بانتظار قدومها.
“من هذه الجهة.”
كان كبير الخدم يقودها إلى غرفة الاستقبال بينما كانت ترتدي قبعتها الواسعة التي تخفي وجهها، حينها سمعت صوتاً خلفهما.
“آنسة آرسين.”
كان زينوس يقرص وجنتيه وكأنه لا يصدق ما يرى، ثم يتألم وينظر إليها مجدداً، مما جعل سيلينا تضحك بخفة.
“أحيّي الدوق. أعلم أن الوقت متأخر، لكن الأمر عاجلٌ جداً. أيمكنكَ منحي بضع دقائق؟ والسيد فيليب أيضاً.”
لم يفهم رينوس ما الذي يحدث، لكنه كان سعيداً فقط برؤيتها مرة أخرى، فسارع كبير الخدم إليه ليخرجه من لاوعيه،
“سأذهب لإحضار السيد. تقدم وحدثها قليلاً ريثما أعود.”
“حسناً.”
استعاد زينوس تركيزه، و غسل وجهه سريعاً، ثم دخل غرفة الاستقبال.
كانت سيلينا قد نزعت قبعتها وجلست تعدّل ملابسها، ولاحظت أن زينوس لا يستطيع رفع عينيه عنها، فتحدّثت مازحة،
“هل أنا جميلةٌ إلى حد أنكَ لا تملّ من النظر إلي؟”
ظنت أنه سيشعر بالحرج ويصرف عينيه، لكنه لم يهرب بنظره،
“إنه شيءٌ أشبه بالقوة القاهرة.”
فاحمر وجه سيلينا أكثر منه.
‘كيف يمكنه قول شيءٍ كهذا بكل بساطة؟’
ثم تأملت الرجل الجالس أمامها بملابس منزلية مريحة.
‘يبدو أنه خرج من الحمام لتوّه.’
وحين وقعت عيناها على عضلاته الظاهرة تحت قميصه المنزلي، سارعت لصرف نظرها.
‘لحظة…..تلك قطرة ماء على أطراف شعره…..’
رفعت سيلينا منديلاً بسرعة كي تمنع قطرة الماء من السقوط على مؤخرة رأسه. ولم يسألها زينوس لماذا تقترب هكذا، بل أغلق عينيه بهدوء.
‘ماذا؟ لِمَ…..لماذا يغلق عينيه؟’
زاد ارتباكها حين ارتفعت أهدابه الطويلة ببطءٍ من جديد.
بينما كان صوت نبضها يكاد يصل لأذنيها، لكنها حاولت تمالك نفسها.
“كانت…..كانت هناك قطرة ماءِ ستسقط من شعركَ يا دوق.”
“أعلم. لقد مسحتِها أليس كذلك؟”
“نعم….وقد انتهيت للتو..…”
ثم تحدّث زينوس وهو لا يرفع عينيه عنها،
“خشيتُ أن أفقد بصري إذا اقترب وجهكِ الجميل أكثر، فأغمضت عيني دون وعي. لكن..…”
اقترب زينوس منها، وبحركةٍ مفاجئة وجدت سيلينا نفسها جالسةً فوق فخذه.
“لكن حتى لو فقدتُ بصري، أريد رؤية وجهكِ من هذا القرب.…”
و لم تستطع سيلينا منع نفسها من ابتلاع ريقها حين لامست يده خدها.
‘ما…..ما بال هذا الرجل؟ هذا ليس وقت هذا كله…..’
وحين اقترب وجهه أكثر، كانت هذه المرة هي من أغمض عينيه.
طَرَق طَرَق—
وبدا وكأن الطَرق كان إشارةً لابتعادهما فجأة.
ظهر فيليب مع هانز، وتجاهل تماماً ما رآه من أجواء غريبة بينهما و تحدّث بهدوء،
“آمل ألا نكون قد جعلناكِ تنتظرين طويلاً، آنسة آرسين. قلتِ أن ثمة أمراً عاجلاً؟”
“أحيّي السيد فيليب.”
“اجلسي براحتكِ. وأنا أفضل أن تناديني بـ“والدي” بدلاً من السيد فيليب، إن أمكن. ألا تستطيعين مناداتي هكذا؟”
كان فيليب مرةً أخرى يلمّح بلطف بأنه يريدها زوجةً لابنه. فابتسمت سيلينا ابتسامةً محرجة، وارتشفت رشفةً من الشاي الذي وضعه الخادم أمامها.
ثم خرج كبير الخدم سريع البديهة من غرفة الاستقبال، فاستهل فيليب الحديث.
“يا آنسة، الآن أخبرينا ما الأمر.”
وعندما أظلمت ملامح سيلينا للحظة وهي تضع فنجان الشاي بهدوء، أدرك فيليب وزينوس على الفور أن أمرًا ما قد حدث.
“هناك شيءٌ عليّ التأكد منه. هذه هي وثيقة العقد التي كنتُ قد سلمتها للدوق.”
قالت سيلينا ذلك وهي تُخرج الظرف المألوف من صدرها.
“هل أحضرتِها بعد تعديلها فورًا؟”
ابتسمت سيلينا بخفة لقول فيليب، ثم مزقت العقد أمامهما ورمته خلفها.
“الآن، هل تتفضلان بإخباري بالسبب الحقيقي لتقدمكم لخطبتي؟”
***
في صباح اليوم التالي، دخلت سيلينا القصر الإمبراطوري بعد أن تزيّنت بأفخر زينة.
أما إيريك فقد استُدعي من غير أن يعرف السبب، فجلس أمام والده بملامح من يتجرع شيئًا مرًّا.
“استدعيتكما لتتناولا الفطور معًا فحسب.”
“أبي…..لا، جلالة الإمبراطور، متى رأيتني أتناول الفطور أصلًا؟ ولماذا هذا من الصباح….”
“على ولي العهد أن يضبط لسانه وتصرفاته.”
ارتجف إيريك قليلًا لكلام الإمبراطور، ثم أصلح جلسته وهو يفكر أنه من الأفضل مسايرته الآن.
“قدّموا الطعام.”
وبقي الإمبراطور صامتًا من المقبلات وحتى الطبق الرئيسي ثم الحلوى، وكذلك الاثنان اكتفيا بتناول الطعام بصمت.
وبعد انتهاء الوجبة وتقديم الشاي، ابتسم الإمبراطور أخيرًا بحرارة وهو ينظر إلى سيلينا،
“يا صغيرتي، هل راق لكِ الطعام؟”
في تلك اللحظة، فلت من إيريك بعض الشاي الذي كان قد ارتشفه للتو.
“ولي العهد، ما إن طلبتُ منكَ التزام الأدب حتى تُظهر هذا التصرف؟”
و فكر إيريك قليلًا ثم،
“حتى درجة حرارة الشاي لا يستطيعون ضبطها. لتُستبدل الخادمة التي أعدت شايي اليوم فورًا.”
‘حقًا؟ وتريدُ إقراني مع شخصٍ كهذا؟’
حافظت سيلينا على ابتسامة مجاملة وهي تتحدّث للإمبراطور،
“جلالتك، ما سني لأُدعى صغيرة؟ سمو ولي العهد وأنا في العمر نفسه. لقد أصبحتُ في سنّ لا يُستغرب فيه أن أتزوج وأنجب طفلًا واحدًا.”
لم تكن علاقة الإمبراطور وسيلينا سيئة، لكنها لم تكن علاقة أبوّةٍ وعطف خالص أيضًا.
فقذ كان والدها، الكونت آرسين، دائمًا يشدد على ضرورة الحفاظ على مسافة مناسبة مع العائلة الإمبراطورية.
“نعم، لقد أحسنتِ القول. لقد بلغتِ سنًا لا يبدو ذلك فيه غريبًا.”
أومأ الإمبراطور موافقًا.
‘ما باله اليوم؟ ألم نتناول الشيء نفسه؟ لماذا ينظر إلى سيلينا هكذا؟ لا يمكن…..هذا غير ممكن!’
نظر إيريك إلى سيلينا بارتباك، لكنها كانت تبتسم بهدوء.
“جلالتك، هل من الممكن أن….”
“أراك لستَ بليد الفهم تمامًا، يا ولي العهد. نعم، هذا اللقاء هو موعد تعارف لكما. ما رأيكَ؟ أليست سيلينا مناسبةً لكَ كزوجة؟”
فاصفرّ وجه إيريك وصرخ،
“جلالتك! هذا لا يجوز. إن كنتَ لا تريد الإضرار بصداقةٍ غالية بيننا، فالرجاء سحب كلامكَ.”
ثم وقف فورًا وجثا على ركبةٍ واحدة، وألقى نظرةً خاطفة على سيلينا.
‘ماذا تفعلين؟ هيا، اركعي معي وتوسلي!’
لكن سيلينا لم تلتفت إليه أصلًا، بل شربت شايها بصمت.
فنقر الإمبراطور بلسانه بضيقٍ ثم أشار بيده.
“يا صاحب السمو، قف. عليكَ المغادرة الآن.”
“لن أنهض ما لم تسحب كلامكَ، يا جلالة الإمبراطور.”
“يا صاحب السمو، إن لم تغادر الآن فسترى ما هو أسوأ أمام الآنسة آرسين. أتقبل بذلك؟”
“يا لوس….أنا الآن….لا يمكن….”
“إنها إرادة الإمبراطور يا سموك، قف.”
نظر إيريك إلى الإمبراطور بحذر ثم وقف مترددًا وغادر.
______________________
يع اجتماع رخوم؟ سيلينا ارجل منهم
للمهم زينوس ياناس😭😭😭😭🤏🏻 طلع يعرف يغازل يمااااااه
وفيليب وهو مستانس ويقول ناديني والدي✨ بكره العرس
ابي مومنتات اكثر لزينوس وسيلينا ماشبعت
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 15"