كان فيليب قد اهتمّ بملابسه بعنايةٍ قبل أن يركب العربة، ثم طلب من السائق التوقف قليلًا.
“سيدي، ما الأمر؟”
سأل السائق بدهشة، فأجابه فيليب بوجهٍ بدا عليه بعض الاحمرار،
“أريد تجربة شيءٍ رأيته في أحد الكتب.”
تقدّم فيليب نحو عربة زهورٍ في الشارع واشترى باقةً كبيرة من الورود الحمراء.
‘لم أشترِ زهورًا منذ تلك التي أهديتها لكريستا..…’
وبسبب قيامه بأمرٍ غير معتاد، احمرّت أطراف أذني الرجل الضخم.
“هيا، لنكمل الطريق.”
كان عبير الورود الغزير يملأ العربة حتى أشعره بالدوار، لكنه جلس بثباتٍ حريصًا على ألا تنحرف قبعته بينما يحتضن الباقة بعناية.
بينما كانت سيلينا تحاول تهدئة توترها وهي تنتظر فيليب في المقهى.
‘لماذا طلب رؤيتي؟’
حاولت التفكير رغم خفقات قلبها المتسارعة، لكنها لم تجد سببًا آخر.
‘هل سيغضب ويقول: كيف تجرئين على تقديم مثل هذا الاقتراح لابني؟ سيكون الأمر مخيفًا لو غضب..…’
ثم طرَق أحدهم الباب.
“آنسة، ضيفكِ المنتظر وصل.”
“دعه يدخل.”
مسحت سيلينا كفّيها من العَرَق، ورفعت طرف فستانها لتستقبل الضيف بأدب، لكنها تجمّدت من الدهشة.
فقد دخل فيليب—الضخم كابنه زينوس—وهو يحتضن باقةً ضخمة من الورود الحمراء بعناية.
“تشـ…..تشرفت بلقائكَ يا سيد فيليب.”
تمتمت سيلينا وهي تستعيد تركيزها بصعوبة.
‘سمو الدوق يشبه والده كثيرًا…..’
كان الأمر أشبه برؤية زينوس بعد ثلاثين عامًا.
“الانطباع الأول مهمٌ في أي لقاء. تشرفتُ بلقائكِ يا آنسة. أنا والد زينوس، وهذه هديةٌ تعبيرًا عن حسن النية.”
ابتسم فيليب بثقةٍ وقدم لها الباقة. فترددت سيلينا لحظةً ثم أخذتها.
“شكرًا جزيلاً.”
“ألا تحبين الزهور؟”
كان فيليب خبيرًا بقراءة الوجوه؛ فقد مرّ بآلاف الجنود في ساحات القتال، وتدربت حواسه على كشف النوايا—سواءً كانت لجواسيس من العدو أو من داخل القصر—حتى أصبحت عادةً لديه.
و تفاجأت سيلينا قليلًا من سرعة فهمه، لكنها أجابت بثبات،
“لا أكرهها…..فقط لست معتادةً عليها. لم يكن هناك أحدٌ يهديني الزهور.”
“سمعت أن لديكِ خطيبًا سابقًا. يبدو أنه لم يهدكِ شيئًا كهذا. من الجيد أنكِ تركته. لا تلتقي رجلًا لا يهدي فتاةً جميلة وذكية مثلكِ حتى باقةَ وردٍ واحدة.”
‘لكن حتى سمو الدوق لم يهدِني زهورًا بعد….هاها…..’
“تفضلي بالجلوس.”
“حسنًا.”
وما إن جلسا متقابلين حتى دخل مدير المقهى في اللحظة المناسبة.
“آنسة، الشاي جاهز.”
“أدخله من فضلك.”
صبّ المدير الشاي ووضع بعض الكعكات قبل أن يغادر. و تذوق فيليب الشاي ثم تحدّث،
“إذا كان المقهى يقدم هذا المستوى من الشاي، فلا عجب أن يأتي الناس ويدفعوا مالًا هنا. ممتازٌ يا آنسة.”
“شكرًا لكَ. أنا أدير مقاهي العاصمة بنفسي. لم يمر سوى عامين على إنشائها، لكنها أصبحت مصدر دخل كبيرٍ للتجارة. هناك أمورٌ كثيرة ما زلت بحاجةٍ لتحسينها بالطبع.”
هزّ فيليب رأسه وهو يرى الحماس في عيني سيلينا.
“يبدو أنكِ تحبين عمل التجارة حقًا…..بصدق.”
“نعم، لستُ أفعل ذلك فقط لأنني مسؤولةٌ عن العائلة، بل لأنني أريده.”
“إذاً…..هل هذا أيضًا—”
قال ذلك وهو يخرج من جيبه عقد الخطوبة.
“هل هذا أيضًا شيءٌ تريدينه بإرادتكِ؟”
“آه….هذا..…”
‘كيف وصل عقد الخطوبة إلى يد والد الدوق..…؟’
قرأ فيليب تعابيرها بسهولة وتحدّث مطمئنًا،
“هذا أمرٌ يتعلق بالعائلة، لذا اضطررتُ لقراءته. أنا من يقرر الموافقة أو الرفض على مثل هذه العقود.”
“آه…..فهمت.”
“إن كان هذا العقد نابعًا من رغبتكِ الحقيقية، فقولي ذلك بثقة. هل تعتقدين أن هذا العقد—بهذه الصيغة—خطأٌ كبير في نظر الكبار؟”
“أشعر أنه قد يبدو غير مناسبٍ من وجهة نظرهم، نعم.”
“لم آتِ لأحاسبكِ يا آنسة. لدي فقط بعض الأسئلة. لماذا تريدين خطوبةً فقط، وبعقد…..دون الزواج من ابني؟ ما سببكِ الحقيقي؟”
“ماذا؟”
“أسأل، لماذا تريدون الخطوبة فقط؟”
تابع فيليب حديثه دون أن ينظر إلى سيلينا التي بدت في حيرة.
“لماذا لا تريدين الزواج؟ أليس في الزواج منفعةً لكِ أيضًا؟ الدوقية تملك المال، ولها الشرف الذي يتمناه الجميع. الأراضي واسعةٌ، والأرباح ليست سيئة. ومع كل ذلك…..لماذا الخطوبة فقط؟ لماذا لا تتزوجين؟”
“أنا….أنا…..”
وللمرة الأولى فهم فيليب حقيقة نواياها،
“لا نية لكِ في الزواج، أليس كذلك يا آنسة؟”
انحنت سيلينا برأسها اعترافًا.
“مجرد أنكِ لا ترغبين في الزواج أصلًا. لهذا وضعتِ شرط الخطوبة ثم الانفصال.”
هزّ فيليب رأسه أخيرًا وكأنه استوعب الأمر.
***
“كيف يجرؤ على تجاهل أمر الدخول إلى القصر؟”
ارتجف الإمبراطور من الغضب حتى كاد يصاب بالجنون.
و كان مستشاره الأقرب، روس، يراقب يد الإمبراطور التي تقبض بقوة على الكأس، ثم أجاب بهدوء،
“هذا أمرٌ معتاد يا جلالتك.”
“لا، هذه المرة الأمر مختلف!”
ثم، بلا أي تحكم، رمى الإمبراطور الكأس الكريستالية أرضًا وحطمها.
مرت الشظايا قرب جوارب روس الطويلة، فسال منها الدم قليلًا، لكنه لم يتحرك وظل واقفًا باحترام.
“أتدري من أنا؟ أنا إمبراطور هذه البلاد. الوحيد الذي يملك لقب سيفايا. حتى إيريك لم يُسمح له بحمله. إنه لقبي وحدي!”
صرخ الإمبراطور وكأنه فقد صوابه،
“ثم يأتي دوقٌ حقير—مطرود من العائلة الإمبراطورية—ويجرؤ على تجاهلي؟ فقط لأنه يملك قوة تنين؟ ليست قوة الخلود، مجرد قوةٍ دنيوية! وبسببها يظن أنه يستطيع التغاضي عن وجودي؟ دوقٌ تافه مثله؟!”
ظل روس منحنياً حتى هدأ الإمبراطور قليلًا.
“إنهم دائمًا يتجاهلونني. لم يركع هؤلاء أمامي إلا حين كنت أهبهم أشياء كريستا بعد الانتصارات. وكل مرةٍ كانوا يتوسلون أمامي، كنت أقسم في داخلي أنني سأقطع رؤوسهم جميعًا يومًا ما.”
تلألأ الغضب في عيني الإمبراطور.
“والآن…..لم يأتوا رغم أن الوقت قد حان. أتدري ما يعني هذا؟”
تجمّد وجه روس.
“بالضبط.”
صبّ الإمبراطور شرابًا في كأس أخرى وكأنه لا يبالي.
“لقد وجدوا الرفيقة الحقيقية أخيرًا. أولئك الحمقى الآن يغلي دمهم لأنهم أدركوا أنهم خُدعوا بي طوال 12 عامًا.”
أخذ رشفةً ثم ضحك بخبث.
“يا للغباء. ظلوا يركضون عبر الإمبراطورية بحثًا عن معلوماتي المزيّفة، ثم ظنوا أن إيجاد الحقيقية سيحل كل شيء؟”
شعر روس بقلق، متوقعًا أن تعود البلاد إلى بحرٍ من الدم، لكنه أخفى ذلك بصعوبة.
“اقترب يا روس، دعني أرى وجهكَ.”
تقدم روس، وكشف عن ندبةٍ كبيرة فوق حاجبه الأيمن—جرحٌ ناله أثناء حمايته لجلالته خلال صراع العرش.
نظر إليه الإمبراطور برضا، ثم ترك وجهه وربت على كتفه.
“يجب أن نظهر لهم أن العثور على الحقيقية لن يفيدهم في شيء.”
ارتجف روس قليلًا، لكنه انحنى احترامًا.
“هل هناك ما يعيقه؟”
سأله الإمبراطور، فتمتم روس بتوتر،
“إنها مجرد عائلة كونتٍ صغيرة، لا أكثر.”
“طبعًا سيتزوجها ابني، لكن دون منحها لقب الإمبراطورة. نعد عقد زواجٍ مسبقًا، ونجعلها توقّع. أليس هذا كافيًا؟”
“حكمتكم عاليةٌ يا جلالتك.”
“أنجزه بسرعة. يجب ضم سيلينا إلى العائلة الإمبراطورية قبل أن تُعرف حقيقتها.”
“سأفعل فورًا.”
“فأنا—الإمبراطور—لا يمكن أن ألصق باسمي تهمة إبادة عائلة صديقي القديم. تصرف جيدًا، يا روس.”
و بقي روس منحنياً، يخشى أن يظهر قلقه.
“أمركَ مطاع، يا جلالتك.”
__________________________
ويت💀 الامبراطور يدري ان سيلينا هي زوجة زينوس؟ وساكت يبي زينوس يفطس💀
وجع يع وش عقدة النقص الي عنده ذاه؟ اصلا كيف دولتهم للحين قايمه وذاه امبراطورهم؟ وعوه
المشكله قال بنفسه مجرد قوه مب حتى خلود اجل انجنيت عشانها ليه؟ كل تبن
المهم فيليب ياناس 😔🤏🏻 خذها بسرعه لولدك قبل ياخذها ذا الرخمه
التعليقات لهذا الفصل " 12"