1
“فسّري موقفكِ إذاً، يا آنسة آرسين.”
قالت هيلينا ذلك، أميرة إمبراطورية فورون، بحدةٍ كأنها سيفٌ من الجليد.
“إنّ هذا الحفل المقام اليوم هو حدثٌ رسميّ بين إمبراطوريتين، فهل هذه هي طريقة إمبراطوريتكم سيفايا في الترحيب بي؟!”
كانت تشير إلى ما لم يعد يُسمّى ثوبًا بل مجردَ خِرَقٍ ممزقة لا يمكن لأيّ إنسانٍ ارتداؤها.
كان ذلك الثوب في الأصل زِيًّا رسميًا أعدّته إمبراطورية سفايا خصيصًا لتلبسه الأميرة هيلينا في الجزء الختامي من الحفل.
“إن كان لكِ لسانٌ، فاشرحي ما حدث فورًا!”
فأرسلت سيلينا نظرة استغاثة إلى إيريك.
‘ماذا تريدين مني أن أفعل؟’
تمتم ولي عهد سفايا، الأمير إيريك، مظهرًا حيرةً حقيقية. فهو، أكثر من أيّ أحدٍ آخر، يعلم أنّ سيلينا آرسين ليست الجانية.
لأنه كان معها بالضبط في الوقت الذي تم فيه تمزيق الثوب. لكن كيف له أن يصرّح بأنهما كانا معًا، وحدهما، في مكانٍ آخر؟
فمهما كانت صداقتهما القديمة منذ الطفولة، فقد بلغا مرحلة البلوغ وظهرا في المجالس كرجُلٍ وامرأة.
ولو انتشر أنّهما كانا منفردين، فلن يعود أيٌّ منهما كما كان. خصوصًا وأنّ سيلينا مخطوبةٌ منذ ثلاث سنوات، أمّا هو فلديه فتاةٌ أخرى في قلبه، فالموقف كان معقدًا إلى أقصى حد.
‘تصرّفي بنفسكِ، لا أستطيع إنقاذكِ الآن.’
قالها له بعينيه وإيماءاته.
وأتقول هذا حقًا الآن؟!’
عضّت سيلينا على أسنانها وهي تحدّق به غيظًا.
ففي أوساط الطبقة الراقية كانت قصّة الحبّ بين ولي العهد والأنيقة، ابنة البارون الفقير، موضوعًا يلهبُ الأحاديث والخيالات.
ورغم أنّ الإمبراطور والإمبراطورة التزما الصمت، إلا أنّ معظم النبلاء كانوا في الخفاء يؤيّدون هذا الحبّ الممنوع.
والمفارقة أن أكثر من ساعد على نسج تلك القصّة الخيالية كانت سيلينا آرسين نفسها.
“آنسة آرسين، أتتعمدين تجاهل كلامي؟ على الأقل قدّمي تبريرًا واحدًا! لم أتعرض لمثل هذا الإهانة في حياتي. سأرفع الأمر مباشرةً إلى جلالة إمبراطور سفايا—”
ازدادت نبرة الأميرة حِدّةً، فيما راحت سيلينا تفكّر بسرعة لتجد طريقًا تنقذ به نفسها من الكارثة.
“أنا.…”
‘إن وصل الأمر إلى الإمبراطور فلن يمكن تداركه، عليّ أن أنهي كل شيء هنا، في قاعة الاستراحة الخاصة بالضيوف، وكأنهاحادثةٌ بسيطة لا أكثر.’
“أنا لم أفعل ذلك.”
تمكّنت أخيرًا من نطق الجملة بصوتٍ ثابت.
“كلمةٌ واحدة؟ أترين هذا كافيًا لتبرير الموقف؟”
قالت الأميرة هيلينا ذلك بازدراء.
لو كانت سمعة سيلينا أفضل، أو كان لها مناصرون بين النبلاء، لربما نهض أحدهم الآن مدافعًا عنها،
“الآنسة آرسين ليست من يفعل مثل هذا!”
لكن لا أحد تجرّأ. بل على العكس، كان الحاضرون يتهامسون وقد حكموا عليها في سرّهم بأنها الجانية.
“ربما ظنت أن الثوب مخصّصٌ للآنسة هايزل، حبيبة ولي العهد، فمزقته بدافع الغيرة؟”
ساد الهمس من جديد، والاتهامات تسري كالريح.
‘لا! لم أفعل شيئًا!’
صرخت سيلينا في داخلها، لكن صوتها لم يغادر صدرها.
وفي تلك اللحظة خرجت شابةٌ أخرى من بين الحضور، ترتجف وهي تتكلم.
“يا آنسة آرسين، لقد تجاوزتِ كلّ حدّ! لو كان هذا الثوب لي أنا، هل كنتِ ستفعلين الشيءَ نفسه؟! يا للأسف…..لقد خيبتِ ظني.”
كانت تلك إنغريد هايزل، ابنة البارون الفقير التي سرقت قلب ولي العهد.
وكانت كلماتها المرتجفة، مقرونةً بمظهرها البريء، كفيلةً بإثارة تعاطف الجميع.
“حتى لو كنتِ تكرهين الآنسة هايزل، ما كان عليكِ أن تفعلي هذا!”
“بل تجرّأتِ على إغضاب أميرة فورون نفسها!”
“كلّما حاول أحدنا التحدث معكِ أو نصحكِ قلتِ أنّ ما بينكِ وبين الآنسة هايزل شأنٌ خاص! والآن انظري، ها هي ضحيةٌ جديدة! إن كان فيكِ لسان، فتكلّمي!”
احتدم الجوّ شيئًا فشيئًا حتى بدا أن الجميع على وشك الهجوم. و ارتبك إيريك وأخذ يبحث بعينيه عن مخرج.
وفجأة، لمح خطيب سيلينا يقف في الصفوف الخلفية، فصاح بسرعة،
“ألم تكن الآنسة آرسين طوال الوقت مع السيد باتيل؟!”
“بل كان برفقتنا.”
قال أحد أصدقاء باتيل، وأضاف آخر ساخرًا،
“كان يحدثنا عن معاناته مع خطيبته العنيفة.”
“قال أنه ينوي قريبًا أن يطلب من عائلته فسخ الخطبة رسميًا.”
أكمل الثالث، وكأنهم اتفقوا مسبقًا على طعنةٍ جماعية.
‘لقد كنتَ تشكو لي قبل قليل فقط من خوفك من فسخ الخطوبة! والآن تقول هذا؟!’
كادت سيلينا تنفجر، تضرب صدرها غضبًا وذهولًا.
لكن الضرر وقع، وبدأت الهمسات تتزايد من جديد.
“انظروا كيف تتظاهر بالبراءة.”
“ليس غريبًا أن يُفسخ خطوبتها، تصرّفاتها وحدها تشرح السبب.”
“ومن يرى حالة هذا الثوب…..يعلم أنها نالت ما تستحق.”
“هل يجوز لنا أن نُبقي آنسةً شرسة كهذه في وسط مجتمعنا الراقي؟”
لم يستطع الموقف أن يهدأ على الإطلاق، فتململ إيريك مرتبكًا لا يعرف ما يفعل، ثم تجمّد في مكانه فجأة.
“ما الخطأ العظيم الذي ارتكبته لتكرهيني بهذا الشكل؟”
قالت إنغريد هايزل ذلك بنبرةٍ حزينة والدموع تتساقط من عينيها قطرةً تلو أخرى.
وفي لحظة، شقّ إيريك طريقه بين الحضور واقترب منها، ثم مدّ يده بمنديله.
“آنسة هايزل، امسحي دموعكِ، فأنا كما عهدتِني دائمًا…..بجانبكِ.”
“أوه….سمو ولي العهد..…”
مسحت إنغريد دموعها بخجلٍ بائس، بينما كانت سيلينا تحدّق بإيريك الغارق في تمثيل الفارس النبيل.
‘حتى في مثل هذا الموقف تريد أن تلهو بالحب وحدكَ؟ لا تمنحني عذرًا واحدًا أمام الجميع وتذهب لتلاحق حبكَ؟ بفضلكَ أنا على وشك فسخ خطوبتي، والآن تورطني في أزمةٍ دبلوماسية أيضًا؟!’
نعم، سيلينا كانت الضحية.
كل هذا لم يكن إلا مسرحيةً قاسية كُتبت ونُفذت بأمرٍ غير معلنٍ من إيريك.
***
بدأ كل شيءٍ قبل ثلاث سنوات، حين رأى إيريك إنغريد هايزل للمرة الأولى في حفل ظهورها في المجتمع.
“إنها…..جميلةٌ حقًا.”
ذلك الحزن الهادئ المنبعث طبيعيًا من ملامح وجهها.
وتلك البراءة التي تُشعّ عندما تبتسم بعينيها. والجو الغامض الفاتن الذي لا يُرى في أي فتاةٍ من سنّها.
في ذلك اليوم، وقع كثيرٌ من الرجال في حب إنغريد. وبالفعل، أصبحت بين ليلة وضحاها “أيقونة الحب الأول” في أوساط النخبة.
لكن إنغريد لم تستطع الظهور كثيرًا أمام الناس. فبصفتها ابنة بارون، كانت الأماكن المسموح لها بحضورها محدودة، كما أن كلفة التزيّن في كل مرة كانت عبئًا عليها.
أما إيريك، فقد أراد بأي وسيلةٍ أن يراها أكثر، وأن يقضي وقتًا معها وحدهما. إلا أن مكانته الرفيعة جعلت من المستحيل أن يعبّر علنًا عن مشاعره لابنة بارونٍ بسيطة.
ومع ازدياد عدد النبلاء من البارونات والكونتات الذين صاروا يحيطون بإنغريد، لم يستطع سوى أن يشتعل غيظًا من الداخل.
وكان أول ما فعله أن بدأ بإرسال هدايا لها دون أن يذكر اسمه.
أرسل فساتين وإكسسوارات متناسقةٍ معها، لكنها كانت تعود إليه في كل مرة. والسبب دائمًا نفسه: “لا أستطيع قبول لطفٍ مفرطٍ من شخصٍ لا أعرفه.”
ومع ذلك، لم يزده هذا الرفض إلا افتتانًا بها وبصفائها. حتى انتهى به الأمر إلى ارتكاب ما لا ينبغي فعله.
ابتكر “فتاة شريرة مزيفة”.
قبل عامين، حين استدعى سيلينا إلى القصر، أمسك بيدها،
“تظاهري بأنكِ تضايقين الآنسة هايزل.”
“ها؟ ما الذي تقوله؟ حاول أن تتحدث بطريقةٍ أفهمها.”
صفعت سيلينا يده بعيدًا عنها.
كانا صديقين منذ الطفولة وزميلين في الأكاديمية، تربطهما علاقةٌ وطيدة. لكن إيريك لم يبالِ برفضها وأكمل حديثه بحماس.
“مثلًا، تسكبين شرابًا عليها في الحفلة وتقولين: أوه، لم أركِ هناك! ثم أنا أقدّم لها فستانًا جديدًا كتعويضٍ عنكِ. كيف ترين الفكرة؟”
“وماذا عن سمعتي إذًا؟ أتريد أن يُمنع وجهي من دخول أي حفلٍ مجتمعيٍ بعد الآن؟”
تذمرت سيلينا، لكن إيريك تابع محاولاته لإقناعها.
“أنتِ مخطوبةٌ بالفعل، أليس كذلك؟”
“بلى، أنا مخطوبة.”
“وزواجكِ من عائلة باتيل هو لأجل مصلحةٍ متبادلة لتجارتكم.”
“صحيح.”
“إذًا ليست لديكِ حاجةٌ إلى سمعة حسنة في الحفلات. أنتِ لن تبيعين بيدكِ شيئًا للناس، ومعظم الفتيات يأتين للحفلات ليجدن زوجًا مناسبًا. أما أنتِ فخُطبتِ فعلًا.”
ردّت سيلينا على هذا الهراء بضربةٍ خفيفة على رأسه.
“آخ!”
“كفّ عن الكلام الفارغ، لو سمعت الإمبراطورة بهذا لأغمي عليها فورًا.”
“أنتِ…..كيف تجرئين على ضرب أحد أفراد العائلة الإمبراطورية! إن استمررتِ هكذا، فلن يكون أمامي سوى قولها.”
“قول ماذا؟”
عندها، أطلق إيريك، الذي كان يتظاهر بالحنق، إعلانًا جادًا بكل صرامة،
“إنه أمرٌ إمبراطوري…..كوني شريرة.”
___________________________
ابشركم ايريك الخيخه ذاه مب البطل😘
المهم ذي روايه جديده طبعا زي المعروف اخترتها عشان الغلاف والقصه مكرره عادي بس الحلو ان البطلة سيلينا مب متجسده✨ يعني طازجة
ها ذي حساباتي عشان اي شي حتى لو تسلمون 😘
توتر: Dana_48i انستا: dan_48i تلقرام: dan_xor
Dana
Chapters
Comments
- 5 - هل يمكنني إرسال عرض زواج؟ منذ 14 ساعة
- 4 - يمكنكِ القول أنكِ كنتِ معي منذ 14 ساعة
- 3 - مع من كنتِ؟ منذ 14 ساعة
- 2 - أريد فسخ خطوبتي منذ 14 ساعة
- 1 - بأمرٍ إمبراطوري، كوني شريرة! منذ 14 ساعة
التعليقات لهذا الفصل " 1"