استمتعوا
“أمي!”
اندفعت آيسيل نحو ديانا وكاليبسو المتشابكين على السرير،
وسرعان ما ابتعدت ديانا عن أحضان كاليبسو.
“آيسيل!”
طالما أن آيسيل قد وصلت،
فلن يجرؤ حتى وحش مثل كاليبسو على إيذائها.
أسرعت آيسيل إلى أحضان والدتها.
ويبدو أن الأمور لم تخرج عن السيطرة بعد.
“آه…”
أنين كاليبسو الملقى على السرير تردد في أرجاء الغرفة.
حدّقت ديانا إليه بنظرات باردة، ثم مدّت يدها نحوه بلطف.
“كاليبسو، سأساعدك على النهوض.”
“آيسيل، نادي على أليشيا فورًا.”
“حسنًا، أمي!”
أسرعت آيسيل بخطواتها الصغيرة ونزلت إلى الطابق الأول.
وتقدّمت نحوها الخادمات اللواتي سمعن الضوضاء وساعدنها على النهوض.
كان يبدو متألّمًا للغاية،
وكأنه يبذل جهدًا جبارًا ليتماسك أمام وجود آيسيل.
فحتى لو فقد عقله،
لا يمكنه ارتكاب فعل دنيء أمام الفتاة التي يحبّها من قلبه.
حين وصلوا إلى غرفة النوم، كان لا يزال يلفظ أنفاسًا ساخنة من بين شفتيه الممددتين على السرير.
نظرت ديانا إليه بعينين باردتين،
وهو يتلوّى من الألم حتى تمزقت كل أزرار قميصه.
“تحمّل قليلًا فقط. أليشيا ستأتي.”
دخلت أليشيا مع آيسيل بعد لحظات.
وحين رأت ديانا بحالة سليمة، ارتجف جسدها من الصدمة.
وبالنظر إلى كاليبسو المرتجف على السرير، بدا أن شيئًا لم يحدث.
فصرّت أليشيا على أسنانها.
ضحكت ديانا ساخرًة من ملامح الارتباك على وجه أليشيا.
لا بد أن أليشيا توقعت أن شيئًا ما قد حصل—إما أن ديانا تعرضت للأذى، أو أنها قاومت ووقعت في الشبهات.
‘يبدو أن الحكام في صفي يا أليشيا.’
قالت ديانا بصوت بارد:
“عالجي كاليبسو بسرعة.”
“نـ، نعم…”
“أنت من أعطاه الدواء،
لذا يمكنك بالتأكيد أن تصنعي الترياق، أليس كذلك؟“
“ماذا؟“
تجمد وجه أليشيا من الصدمة.
“أليس هذا بديهيًا؟ أنتِ من دعتني أنا وكاليبسو إلى الغرفة.”
تابعت ديانا حديثها بنبرة كالجليد.
ولم تجرؤ أليشيا على الرد، فاكتفت بإخراج حقيبتها المجهزة.
وبيدين مرتجفتين، بدأت تبحث بين زجاجات الأدوية.
وبينما كانت تسحب زجاجة الترياق،
انزلقت من يدها وسقطت على الأرض، متحطّمة إلى قطع صغيرة.
ضحكت ديانا ساخرة من ارتباكها، ثم تكلمت بهدوء:
“أعلم أنك قلقة من علاقتي بكاليبسو،
لكن ما كان يجب أن تفعلي شيئًا كهذا. فهمتِ؟“
في تلك اللحظة،
شعرت أليشيا وكأنها تلقت ضربة بمطرقة على مؤخرة رأسها.
هذه الحمقاء ديانا، لم تدرك حتى أنها كادت تقع في فخ!
وارتسمت ابتسامة خفية على شفتي أليشيا خلف خصلات شعرها.
هل كانت تجهل أمر العلاقة؟ أم أن هذه القديسة العظيمة بريتشي متسامحة إلى درجة تغفر فيها حتى خيانة صديقتها مع زوجها؟
في الحالتين، لم يكن يهم.
ما يهم هو أن ديانا لا تنوي معاقبتها.
“نعم… لقد تصرفت بما لا يليق بي.”
اقتربت ديانا من أذن أليشيا وهمست بصوت خافت حتى لا تسمعها آيسيل:
“لقد أرعبني عندما دخلت آيسيل فجأة.
كيف تجرؤين على فعل شيء كهذا في وضح النهار؟ أنتِ شقية.”
“آه، هاها… سأحرص على أن يكون اللقاء ليلًا في المرة القادمة، سموّكِ…”
‘يالها من غبية!’
ابتهجت أليشيا في داخلها.
لم تعد هناك حاجة للخوف.
ومع أن عيون ديانا المتأججة بالكراهية كانت واضحة،
إلا أن أليشيا لم تنتبه، وانهمكت بمزج الأدوية.
بما أنها من صنعت هذا العقار،
فإن تحضير الترياق لم يكن بالأمر الصعب عليها.
صبت الدواء بين شفتي كاليبسو،
وسرعان ما عادت الحرارة إلى وجنتيه.
“والدكِ بحاجة للراحة الآن. هيا نعود، آيسيل.”
“حسنًا، أمي.”
***
عندما أغلقت ديانا الباب خلفها بعنف، كانت قبضتها ترتجف.
“أمي، هل أنتِ بخير؟“
“نعم، لا تقلقي. لم يحدث شيء بفضلك.”
مع أن الفضل في الحقيقة يعود لرويري.
ولم تكن آيسيل ترغب بالكذب،
لكنها تذكرت نظراته الزرقاء المتوسلة، فصمتت.
“هذا لن يصلح.”
“ماذا تقصدين؟“
لم تجب ديانا، بل ابتسمت ابتسامة نقية لا يُظن بها أي شر.
“حان وقت التخلص من أليشيا.”
“وكيف ستفعلين ذلك؟“
ردّت ديانا بابتسامة عذبة دون أن تجيب.
“سأذهب لزيارتها بنفسي.”
“حسنًا، أمي.”
بابتسامتها الهادئة، توجهت ديانا إلى غرفة أليشيا.
***
“أليشيا.”
“آه، سموّكِ؟“
لتوّهما افترقتا، فلماذا عادت فجأة؟
ارتبكت أليشيا وهي تحدّق بديانا،
بعد أن عادت فورًا إلى غرفتها من عند كاليبسو.
“لديّ شيء لأقوله.”
“ما الذي… تريدين قوله؟“
توتر جسد أليشيا فجأة.
لكن ديانا أجابت بلطف:
“كاثرين بدت ضعيفة مؤخرًا… هل يمكنكِ إعداد دواء مقوٍّ لها؟“
“بالطبع.”
تذكّرت أليشيا نظرات كاثرين القاسية لها، فردّت بصوت واهن.
تابعت ديانا بنبرة هادئة:
“هل ترين الكتب الجديدة التي وصلت؟“
“نعم، إنها هنا.”
كانت الكتب الطبية الحديثة مكدّسة على مكتبها،
وقد فتحت عدة صفحات وكتبت عليها ملاحظات كثيرة.
أعجب ديانا ذلك المنظر للغاية.
“من الأفضل أن تحضّري الدواء بطريقة مثبتة وفعالة.
ستجدين كل المكونات في المخزن.”
“مفهوم.”
“إذن، أتمنى لك التوفيق أليشيا.”
لقد أُلقيت النرد.
نهاية أليشيا باتت وشيكة.
وكأن الساعة الرملية خلف ظهرها قد بدأت تفقد حبيباتها الأخيرة.
وغادرت ديانا غرفتها بابتسامة خبيثة.
***
“هممم…”
خرج أنين خافت من بين شفتي كاثرين، التي كانت نائمة بهدوء.
فتحت عينيها ببطء.
لكن كان هناك شيء غريب.
“ماذا…؟“
رغم أنها فتحت عينيها، إلا أن الظلام لا يزال يكسو كل ما أمامها.
“آآآاه!”
صرخت كاثرين وتحسست بيدها،
فاصطدمت بزجاجة ماء على الطاولة،
فسقطت على الأرض وتحطمت بصوت مدوٍّ.
هرعت الخادمة من الممر ودخلت الغرفة.
“انستي…!”
“لا أستطيع الرؤية! لا أرى شيئًا!”
صرخت كاثرين بصوت مرتجف مليء بالرعب.
“مـ، مهلاً فقط! سأجلب الطبيبة فورًا!”
وهرعت الخادمة راكضة إلى غرفة أليشيا.
قريبًا، دخلت أليشيا مسرعة، وكان وجهها مشوبًا بالصدمة.
“كاثرين!”
“لا أستطيع الرؤية! لا أرى شيئًا!”
أمسكت أليشيا بذراعي كاثرين،
التي كانت تلوح بذراعيها في الهواء.
“اهدئي!”
“ما الذي حدث لعينيّ؟!”
كانت في غاية الارتباك والذعر.
فمنذ سقوطها في ذلك اليوم،
كانت حالتها الصحية تتحسن تدريجيًا دون أية مشاكل.
لكن لماذا فجأة لا تستطيع الرؤية؟
“ما الذي يحدث هنا؟“
دخلت ديانا الغرفة على عجل بعدما أُبلغت من الخادمة.
“أمي!”
دفعت كاثرين يد أليشيا جانبًا ونهضت من السرير،
لكنها وقعت أرضًا بسبب فقدانها للبصر.
“أوه، كاثرين!”
أمسكتها ديانا بسرعة وهي تبدو شديدة الذهول،
وساعدتها على الوقوف.
“ما الذي حدث بحق السماء؟!”
“أمي! لا أرى شيئًا!”
انسابت الدموع من عيني كاثرين المليئتين بالخوف.
هذه المرة كانت الحقيقة.
لم تستطع أن ترى شيئًا على الإطلاق.
“لماذا أنتِ فقط من يحدث لها هذا؟!”
نظرت ديانا سريعًا إلى أليشيا.
ويبدو أنها حتى في مثل هذا الوضع،
كانت متأثرة جدًا لأن ابنتها قد صدّتها.
“أليشيا، استفيقي! افحصي عيني كاثرين بسرعة!”
صرخت ديانا في أليشيا التي كانت لا تزال في حالة ذهول.
“نـ، نعم…!”
أسرعت أليشيا إلى كاثرين،
التي أجلسها ديانا، وبدأت تفحص عينيها.
كانت عينا كاثرين،
التي لطالما لمعت كالجواهر، قد فقدتا بريقهما تمامًا.
وبدا بياض عينيها معتمًا،
وكانت الهالات حول عينيها قاتمة.
بدا واضحًا أنها قد تسممت.
لكن من الذي يمكن أن يسقي كاثرين السم؟
“تبدو وكأنها قد تسممت.”
“تسممت؟! من الذي سمّم كاثرين؟!”
صرخت ديانا بنبرة غاضبة وقد سيطرت على انفعالاتها.
“أنـ، أنا لا أعلم…”
قالت أليشيا وهي تنظر بقلق إلى كاثرين التي لم تتوقف دموعها.
لقد دخلتِ في حالة ذعر تامة.
هزّت ديانا رأسها وسألت بيليندا:
“بليندا، من كانت الخادمة التي أحضرت الدواء لكاثرين؟“
“الدواء كان يُعطى دائمًا من قِبل الطبيبة، ولم تلمسه أية خادمة.”
أجابت بليندا بحزم.
وعندها استعاد عقل أليشيا وعيه.
لقد بدأت الأمور تأخذ منحى مريبًا.
“مـ، مهلًا…!”
“أليشيا، ما الذي أعطيتِه لكاثرين؟“
وجهت ديانا نظرة ثاقبة إلى أليشيا.
ردّت أليشيا وهي تضحك بمرارة وتلوّح بيديها نفيًا.
“ما الذي تقولينه الآن! كيف يمكن أن أؤذي الآنسة كاثرين…”
“أنا لا أقول إنك سمّمتها.
أسألك إن كنتِ قد أعطيتِها دواء خاطئًا!”
عند كلمات ديانا، بدأت يدا أليشيا بالارتجاف.
فقد أصبح عقلها فارغًا تمامًا، ولم تستطع قول شيء.
فكما قالت بليندا، كانت أليشيا الطبيبة الوحيدة في هذا القصر.
ومخزن الأعشاب مغلق بقفل قوي،
لا يمكن كسره إلا بواسطة قوة هائلة مثل قوة أحد الفرسان.
ولذلك، الشخص الوحيد القادر على تحضير الدواء لكاثرين هو هي نفسها، ومع ذلك، جسد كاثرين يعاني من مشكلة!
وهذا يعني أنها قد أخطأت أثناء تركيب الدواء.
“أحضري فورًا جميع أنواع الأدوية التي أعطتها لكاثرين.”
“نعم، سموك.”
نظرت ديانا إلى أليشيا، التي كانت ترتجف، بنظرة باردة وواثقة.
فاليوم، سيكون آخر يوم ترى فيه أليشيا هذا العالم.
وظهرت على وجه ديانا ابتسامة خبيثة، وهي تنظر إلى أليشيا، التي على وشك أن تتذوق الألم نفسه الذي ذاقته هي ذات يوم.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 87"