استمتعوا
من المستحيل…
ارتسمت ملامح الارتباك جليّة على وجه ديانا.
“كاليبسو…؟“
“هاه… جسدي… إنه غريب…”
وسقط على الأرض من فوره.
كان جسده يحترق بنار لا تُحتمل.
خديه قد احمرّا بشدة، كما لو أنه أصيب بحمى.
في تلك اللحظة فقط، استطاعت ديانا أن تفهم.
لماذا استدرجتهما أليشيا إلى هذه الغرفة بالتحديد.
“هل من الممكن… هل أعطتك أليشيا شيئًا لتشربه قبل أن تأتي إلى هنا؟“
“ماذا…؟“
رفع كاليبسو رأسه بصعوبة ونظر إليها، يلهث بأنفاس مضطربة.
نعم… تذكّر.
لقد قدّمت له كوبًا من الشاي قبل أن يغادر.
وقال بكلمات متقطعة.
“شربت… الشاي…”
لا شك أن الشاي كان مخلوطًا بشيء ما.
تنهدت ديانا وهي تهمس بأنفاس غاضبة.
خطة أليشيا باتت واضحة كالشمس.
أرادت أن تتحقق مما إذا كانت ديانا تعلم بعلاقتها مع كاليبسو،
وأن توصل تلك الحقيقة إلى كاليبسو بطريقة لا يمكنه تجاهلها.
وذلك من خلال ما إذا كانت ديانا ستتجاوب معه في الفراش… أم لا.
جزّت ديانا على أسنانها غيظًا من هذا المخطط الدنيء.
“سأحاول كسر الباب.”
جمعت طاقتها السحرية وبدأت بإطلاقها من جسدها.
ولكن هناك أمر غريب… الطاقة لم تتجمع كما ينبغي.
لم تتشكل إلى كتلة واحدة، بل تفتّتت كأنها حبيبات رمل.
“…لا يمكنني استخدام السحر…”
تلاشت كلماتها في الهواء كأنها لم تُنطق.
نظرت إلى كاليبسو، الذي لم يعد قادرًا على الرد.
إذا لم يتمكنا من الخروج في هذه الحالة… لا أحد يعلم ما قد يفعله كاليبسو وهو في هذه الحالة المشوشة.
بالطبع، بإمكانها أن تقاوم.
لكن المشكلة أن ‘المقاومة‘ بحد ذاتها ستكون مثيرة للريبة.
ديانا وكاليبسو… زوجان في نظر الجميع.
النوم معًا ليس أمرًا غريبًا أو غير متوقع.
تنهدت ديانا، تمرر أصابعها في شعرها بضيق شديد.
الوضع لا يُطاق.
لم يكن يكفي أنها عالقة في غرفة واحدة مع هذا الرجل البغيض… بل في موقف كهذا!
أما كاليبسو، فكان بالكاد قادرًا على التحكم بنفسه.
ظل يلهث بأنفاس ثقيلة،
يتصبب عرقًا كمن يقاوم نوبة مجنونة.
“آه… ديانا…”
وأخيرًا، لم يستطع كبح جماح نفسه أكثر.
نظر إليها بعينين تتوسلان، عينان تلمعان بالرغبة واليأس.
أغمضت ديانا عينيها بإحكام، في حيرة ويأس.
مستحيل… لا يمكن أن تسمح لنفسها بأن تلمسه.
ليس هذا الرجل، الذي لا يساوي حتى قمامة.
لكن إن هي رفضته الآن، فإنها ستقع تمامًا في فخ أليشيا.
وهذا ما كانت تكرهه أكثر من أي شيء.
ماذا تفعل؟ العقل مشوش، والوقت يمر.
وأثناء محاولتها التفكير، اقترب كاليبسو بخطوات غير متزنة،
كما لو أنه ثمل، حتى وقف أمامها.
ثم أمسك بمعصمها وسحبها بقوة نحو السرير.
“كاليبسو!”
لم تستطع مقاومة قوته.
سُحبت كأنها بهيمة تُقاد إلى المسلخ.
رفعها كاليبسو ووضعها فوق السرير بقوة.
“هاه… ربما لا بأس بأن نتبادل الحب بعد غياب طويل.”
بدأ بمحاولة نزع فستانها.
لكنه كان شديد التوتر والتسرع، فلم يستطع نزعه بسهولة.
لحسن الحظ، كانت ترتدي اليوم فستانًا معقدًا يصعب خلعه.
ورأت ديانا أن الفرصة قد حانت.
تشبثت بفستانها جيدًا، وصرخت:
“أنت لا تعرف لماذا أليشيا دبرت هذا كله؟
هل تنوي حقًا أن تنفذ ما أرادته؟ كاليبسو!”
حاولت بكل ما فيها أن تقاوم، أن تردعه بكلماتها،
لكن كأن صوته لم يعد يسمع شيئًا.
اقترب بفمه من عنقها.
ارتجف جسدها، وكأن حشرات تزحف على بشرتها.
نظرت حولها بيأس،
تبحث عن أي شيء يمكن أن تستخدمه كسلاح.
وفي تلك اللحظة… لمحت ريشة كتابة فوق الطاولة الجانبية.
ريشة ذات طرف حاد، بدت لها وكأنها خنجر.
مدّت ذراعها، ببطء وخفية، حتى لامست الريشة بأطراف أصابعها.
وما إن أمسكت بها، حتى قبضت عليها بقوة.
لم يكن كاليبسو في وعيه ليدرك ما في يدها،
كان منهمكًا كليًا في رغبته المشتعلة.
رفعت ديانا يدها المرتجفة نحو عنقه.
لو طعنت عنقه الآن… سيموت.
أن يموت رجل وهو يحاول اغتصاب زوجته… نهاية ليست سيئة لشخص مثله.
لكنها لم تستطع.
توقفت يدها عن الارتجاف.
وأسقطت الريشة على جانب السرير.
لا… لقد وصلت إلى هذه المرحلة بشق الأنفس،
لا يمكنها تدمير كل شيء الآن.
مدت ديانا ذراعيها، ولفّتها حول عنقه.
عندها، التصقت شفتاه المتلهفتان بشفتيها،
تاركًا علامات قذرة على رقبتها.
وسقطت دمعة من طرف عينها المغلقة.
كان الأمر مثيرًا للاشمئزاز… مقززًا.
لكنها أقنعت نفسها أن هذا، أيضًا، يجب أن تتحمله.
من أجل انتقامها الأكبر.
واستمر القُبلة الطويلة. يده تتحرك بجنون.
أغمضت ديانا عينيها بقوة.
وبدأت تهمس في داخلها مرارًا وتكرارًا:
‘أنا بخير… أنا قوية… سأنجو…’
لكن قبل أن يتمكن كاليبسو من نزع فستانها أخيرًا—
دوى صوت انفجار كبير، وتحطم الباب بعنف.
“أمي!”
وسط الغبار المتصاعد، دخلت آيسيل الغرفة.
***
“أمي، إنها أنا.”
وصلها اتصال من منجم الألماس.
أخبروها أنهم بدأوا بتجميع الألماس المزيّف بكميات جيدة.
وكانت آيسيل تنوي أن تُخبر والدتها بتفاصيل العمل،
فذهبت إلى غرفتها.
“همم؟“
لكن ديانا لم تكن هناك.
ولم تقل شيئًا عن الخروج أو مغادرة الغرفة اليوم.
مالت آيسيل برأسها بحيرة.
ربما ذهبت إلى الحديقة؟ فخرجت إلى الشرفة لتتفقد الأمر،
لكنها لم ترَ والدتها.
ومع ذلك، لم تشعر بأي قلق.
ثم قررت أن تتوجه إلى غرفة كاليبسو.
ربما أرادت ديانا مناقشة الأعمال معه.
كاليبسو نفسه لم يكن يعلم… لكن المشروع الذي يعمل عليه كان كفيلًا بأن يدمره.
دخلت آيسيل إلى مكتبه، تغني بصوت خافت.
“أبي؟“
لكن الغرفة كانت خالية.
“ما هذا؟“
ربما لم تكن لتقلق في وضع آخر…
لكن شعورًا غريبًا تسلل إلى ظهرها هذه المرة.
خرجت إلى الرواق، وبدأت تسأل الخادمات واحدة تلو الأخرى.
أينما ذهبت والدتها، لا بد أن أحد العاملين قد رآها.
ولم يمض وقت طويل، حتى وجدت إجابة.
“لم تري أمي؟“
“عذرًا؟ تقصدين صاحبة السمو الدوقة؟“
كانت تلك الخادمة نفسها التي أرسلَتها أليشيا لإيصال الرسالة.
وأجابت بكل بساطة، دون أي ريبة.
“قبل قليل، طلبت الطبيبة أن أبلغ سموها أن تلتقي بها في غرفة الضيوف في الطابق الثاني. أعتقد أنها هناك الآن.”
لماذا تكون أليشيا وأمي في غرفة الضيوف معًا؟
لسببٍ ما، شعرت آيسيل بقلق لا يُفسَّر.
هل كان ذلك بسبب ذكريات فقدانها لوالدتها سابقًا؟
فقد استقر الخوف دومًا في زاوية من قلبها.
“شكرًا لكِ.”
عبست آيسيل بين حاجبيها واستدارت بسرعة عن الخادمة،
عازمة على الصعود فورًا إلى غرفة الضيوف.
“آه، ولكن…”
“نعم؟“
بدت الخادمة وكأنها تذكّرت شيئًا، فأمسكت بآيسيل مجددًا.
“لقد رأيتُ الدوق يدخل إلى تلك الغرفة، وليس الطبيبة.”
“والدي؟“
“نعم. لقد مر وقتٌ طويل منذ دخوله… ولم يخرج.”
احمرّ وجه الخادمة، وكان بوسع آيسيل تخمين ما تعنيه تلك الملامح.
ولكن ما تفكر به كان غير معقول تمامًا.
لا يمكن أن تقع والدتها في علاقة مع ذلك الرجل،
الذي لا تستسيغ حتى أن تناديه بأبي.
“… فهمت.”
تركت آيسيل الخادمة وصعدت مباشرةً إلى الطابق الثاني،
ثم وقفت أمام غرفة الضيوف، وألصقت أذنها بالباب.
لكن لم يكن هناك أي صوت يسمع من الداخل.
“هل هي حقًا هنا؟“
أمسكت آيسيل بمقبض الباب وحاولت فتحه بهدوء، لكنه كان مغلقًا.
ثم سُمعت همسة صغيرة يعلوها التوتر من داخل الغرفة.
“… هل ستفعل ذلك، كاليبسو!”
شيءٌ ما كان يحدث في الداخل، دون شك.
“أمي؟ أمي!”
بدأت آيسيل تطرق الباب بقوة.
حاولت إدارة المقبض وطرق الباب مرارًا، لكنه لم يتحرك قيد أنملة.
ولم تكن والدتها تستجيب لندائها أيضًا.
أطلقت آيسيل طاقتها السحرية على الفور.
لكن الغريب أن المانا تفرقت ولم تتجمع.
“هاه؟“
حاولت مجددًا بإصرار أن تستدعي المانا من داخل جسدها،
لكنها ما زالت تتبعثر في الهواء.
“لماذا…؟“
لم تستطع فهم السبب.
لم يحدث شيء كهذا من قبل.
راحت تدور في مكانها وقد تملكها الاضطراب.
لم تستطع استخدام السحر، والباب لا يُفتح،
مما جعل قلبها يحترق من التوتر.
“ماذا عليّ أن أفعل…!”
ضربت الباب الصلب بقبضتها الصغيرة.
كانت تعلم أن ذلك غير مجدٍ، لكنها لم تتوقف عن الطرق.
وبينما بدأت يدها تتحول إلى اللون الأزرق من شدة الضرب،
ظهر شخص خلفها.
“أنت…؟“
كان يرتدي عباءة تغطي وجهه، إنه رويري.
“رويري!”
نادته آيسيل بفرح، لكنه لم يجبها.
فقط ابتسم بهدوء ووضع إصبعه على شفتيه.
أومأت آيسيل برأسها بصمت.
مدّ يده نحو الباب بتعبير جاد وأغلق عينيه كأنه يستشعر شيئًا لا يُرى.
ما بداخل الغرفة لم يكن سوى أداة سحرية رديئة الصنع.
أداة تسحر المكان لتبعثر المانا وتمنع الآخرين من الدخول.
لم تكن من نوع السحر العالي المستوى، لكنها تحمل قوة تماثل الخزنة، ويجب أن يكون الساحر ماهرًا بما فيه الكفاية لفكها.
“هل يمكنك فتحها؟“
“بالطبع، آنستي. ولكن…”
“ولكن؟“
“إن كسرت هذا الباب، فعليّ الرحيل فورًا.”
“ماذا؟ دون أن ترى أمي؟“
سألت آيسيل بعينين مستديرتين،
فتبدلت ملامح رويري إلى حزن عميق.
بدا مختلفًا تمامًا عن آخر مرة التقته فيها.
بدا حزينًا للغاية.
“رويري…؟“
“أنا لست مستعدًا بعد.”
“مستعد لماذا؟“
مسح رويري شعر آيسيل بوجه شاحب.
“هيا، أنقذي ديانا، أنقذي والدتكِ.”
ثم، بنظرة حاسمة نحو الباب،
التفت إليها مجددًا بابتسامة دافئة وقال:
“حتى أعود، يجب أن تحميها بنفسك. مفهوم؟“
“… نعم، فهمت.”
وما إن أنهت آيسيل جوابها، حتى تألق ضوء في عيني رويري.
فانطلقت من أمام الباب دائرة سحرية حمراء مرسومة بالنجوم والأقمار.
راح يحرك نقوش الدائرة المعلقة في الهواء بيديه.
“انتهيت. سأحطمه الآن.”
ثم فجّر الباب في لحظة، وبمجرد أن تحطم،
اختفى أثره من المكان تمامًا.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 86"