استمتعوا
“هل… عدت؟“
أخذ يلتفت بسرعة حوله.
في غرفة البرج السحري، كانت قلادة نحاسية على شكل نجمة،
رمز الساحر الأعظم، معلّقة على الحائط.
“في أي عام نحن الآن؟“
تجهم وجه رويري وبدأ بتقليب الأوراق.
من القلادة، كان من الواضح أنه قد أصبح ساحرًا أعظم،
لكن لم يستطع تحديد السنة الدقيقة التي عاد إليها.
ثم توقفت يده فجأة وهو يفتش على المكتب.
لم يكن مهمًا ما هو العام تحديدًا.
الأهم من ذلك كله، هو ما إذا كانت ديانا لا تزال على قيد الحياة.
“لقد أعدتها في كامل هيئتها، فلتشعر بالامتنان لذلك.”
اندلعت ألسنة لهب سوداء في زاوية الغرفة.
ومن داخل النيران، خرج إكليبت ببطء، وعلى وجهه ابتسامة خبيثة.
“إكليبت…!”
بابتسامة دائرية تدور حول شفتيه،
بدا وكأن لديه شيئًا خفيًا في جعبته.
نظر لويري إليه بعينين مليئتين بالريبة وسأله:
“ماذا تقصد بكامل هيئتها؟“
“تلك المرأة، كانت قد فقدت بصرها.”
الآن وقد تذكر، كان هناك حديث عن أن المرأة المسماة أليشيا،
مع كاثرين، قد تآمرتا على سلب بصر ديانا.
لو لا الحذر، لعادت ديانا إلى الحياة فاقدة لبصرها.
عند هذه الفكرة، شعر رويري برعب شديد وزفر تنهيدة ارتياح.
“أليس هذا جميلًا؟“
رفع إكليبت كتفيه بتفاخر وابتسامة ماكرة.
“…نعم، ممتن جدًا.”
تمتم رويري بسخرية.
رغم أن استعادة بصرها أمر يستحق الفرح،
فإن حقيقة أن إكليبت فعل ذلك دون طلبه كانت تثير الريبة.
لكن إكليبت لم يبدُ عليه أي انزعاج من رد فعل رويري،
بل أشار بأصبعه نحو الباب.
“هيا، ألا تود التأكد بنفسك من أن أميرتك قد عادت فعلًا إلى الحياة؟“
“ديانا…!”
نعم، لا وقت لإضاعة الكلمات في الحديث مع إكليبت.
أمسك رويري برداء معلق على الجدار وارتداه حتى غطّى وجهه،
ثم استخدم تعويذة الانتقال الفوري إلى القصر.
بدأت يد رويري تشعّ بضوء المانا الأحمر.
لم يكن بوسعه أن يُكشف، لذا استخدم سحر التخفّي.
الشرارات الصغيرة التي استدعاها ارتفعت في الهواء وتحوّلت إلى سائل شفاف لزج.
ثم سال ذلك السائل ببطء على جسده.
شيئًا فشيئًا، أصبح جسده شفافًا تمامًا،
فدخل مباشرة إلى القصر.
في الداخل، رأى الخادمات يتحركن في نشاط.
تبع إحداهن وهي تحمل ماء للغسل وتتوجه نحو مكان ما.
طالما أن الخادمة تقدم ماء الغسل،
فالمكان هو إما للدوق، أو لزوجته، أو لابنته.
كان رويري يدعو في نفسه أن تكون وجهة تلك الخادمة هي غرفة ديانا، وسار خلفها.
ولحسن الحظ، دخلت الخادمة غرفة ديانا.
بينما كانت ترتب الغرفة، بدأت ديانا،
التي كانت تغط في نوم عميق، بالتململ.
“…هممم.”
“سمو الدوقة، هل استيقظتي؟“
لقد نجت. لقد عادت فعلًا إلى الحياة.
مشهد جسدها البارد آنذاك تداخل مع وجهها وهي الآن تتحرك وتحرّك شفتيها.
امتلأ صدره بالعاطفة.
حتى لو لم تتذكره، حتى لو لم يعد بإمكانه أن يحبها، فلا بأس.
لو استطاع فقط رؤيتها وهي تتنفس وتعيش،
حتى لو مرة بين الحين والآخر.
اقترب رويري من ديانا.
كانت تضع غطاءً رقيقًا على عينيها.
إكليبت أخبره بوضوح أنه أعاد إليها بصرها بشكلٍ كامل.
وبمجرد أن تزيل الغطاء، ستظهر عيناها الجميلتان كحجر الزمرد.
لكن ديانا بدأت تتحسس عينيها بتردد.
كان رد فعل طبيعي.
فجأة تستطيع الرؤية مجددًا، فلا بد أن الأمر غريب عليها.
ابتسم رويري بهدوء وهو يراها على هذه الحال، شعر بالارتياح.
لا يزال لديه وقت. عليه فقط أن يضع خطة لإنقاذها بسلاسة.
قرر العودة إلى برج السحر لوضع خطة، فاستدار ببطء.
“ما هذا…!”
لكنه سمع صوتًا غريبًا خلفه.
في صوت ديانا، الذي بدا مصدومًا، التفت رويري مرة أخرى.
“ما الذي حدث…؟ ما تاريخ اليوم؟“
“نعم؟ العام 22 من تقويم الإمبراطورية، اليوم الأول.
ذهبتِ إلى المعبد بالأمس، وأُصبْتِ…!”
في تلك اللحظة، بدا وكأن شيئًا خطر في باله، وبدأت عيناه تهتزّان.
على الفور، وبوجه متجهم،
استخدم تعويذة الانتقال الفوري وعاد إلى برج السحر.
وما إن وصل، حتى صرخ:
“إكليبت، أخرج!”
تقلصت عضلات وجهه من شدة الغضب.
“أعرف أنك تراقب…!”
وعلى وقع صوته الغاضب، ظهر إكليبت وسط لهيب أسود متوهج.
كان يبتسم وكأنه كان يتوقع رد فعل رويري.
أمسك رويري بياقة إكليبت بخشونة.
“ما الذي حدث؟“
“ماذا تقصد؟“
أجاب إكليبت وهو يتظاهر بعدم الفهم، بنبرة ماكرة.
“ماذا فعلت بديانا؟“
“لم أقل أبداً أنني سأمحو ذكريات الماضي.
متى قلت شيئاً كهذا؟“
سقطت يد رويري التي كانت تمسك بياقة قميصه ببطء.
بدت خيبة الأمل عميقة في عينيه.
“بدلاً من أن تشكرني، البشر أنانيون فعلاً.”
“…اصمت.”
لو أنه لم يعرف شيئاً، لكان اقترب من ديانا بشكل طبيعي،
وأخبرها بمؤامراتهم، وتمكن من إنقاذها هي وابنتها.
لكن إن كانت تتذكر كل شيء، فالأمر مختلف.
كانت ذكريات مؤلمة.
تعرضت للخيانة من زوجها وصديقتها،
ومن ابنتها التي ظنت أنها ابنتها الحقيقية، ثم قُتلت في النهاية.
وها هي الآن تعود وهي تحمل كل تلك الذكريات المروعة.
لا بد أنها تشعر وكأن قلبها يحترق.
في لحظاتها الأخيرة، ربما كل ما كانت تريده هو السلام.
ولكنني، بدافع أنانيتي، أعدتها إلى الحياة على هواي.
“أنا فقط ساعدتها كي تتمكن من الانتقام.”
“…ماذا؟“
“يا لي من شيطان رحيم. كم أنا عطوف.
أرجو أن نرى انتقاماً رائعاً.”
قال إكليبت ذلك بطريقة مبالغ فيها وكأنه يؤدي مشهداً مسرحياً.
الشيطان كان يستمتع بالموقف.
“لن أسمح بأن تسير الأمور كما تريد.”
قبض رويري على يده بإحكام، ثم اندفع خارجاً من الغرفة.
ولأن ديانا لا تتذكره، قرر الذهاب إلى ماركيز بريتشي ليخبر والد ديانا بكل شيء.
لكن حينها، سمع صوت إكليبت يتردد في رأسه:
“تذكّر، لا يمكنك إخبار أحد بأنك عدت في الزمن.
وإن فعلت، فلن تموت أنت، بل من يسمع هذا الكلام.”
“تبا اللعنة!”
خرجت من فم رويري شتيمة قاسية.
لقد استهان كثيراً بالشيطان.
إكليبت كان يحيك مسرحية معقدة فقط ليستمتع بمشاهدتها.
انتقام ديانا، ومعاناة رويري بسبب حبٍ لا يمكن أن يتحقق.
ربما كان هذا عقاباً من الحاكم لأنه استدعى شيطاناً ليعيد الزمن.
لم يكن أمامه خيار سوى العودة إلى برج السحرة.
وبالفعل، عندما عاد، كان إكليبت قد اختفى من غرفته.
فور عودته، استدعى جميع الكتب التي تتعلق بالقوة الإلهية.
لكن لم يكن هناك أي طريقة لفسخ عقد مع شيطان في أي من كتب البرج.
أراد الذهاب إلى المعبد، لكن في الوقت الحالي، العلاقة بين البرج والمعبد متوترة بسبب خلاف بين سيد البرج والكاهن الأعلى.
مما يعني أنه عليه أن يجد الحل بمفرده.
أمر جميع السحرة المبتدئين بجمع كل الكتب المتعلقة بالقوة الإلهية.
وهكذا، قضى عدة أيام وليالٍ وهو يبحث بلا توقف عن طريقة لمواجهة هذه المسرحية السخيفة.
“سيدي رويري، وصل بريد.”
“بريد؟“
دخل خادم البرج حاملاً رسالة بيده.
كان رويري يعض على قلمه، فأنزله وتناول الرسالة.
كان على الظرف ختم عائلة بريتشي.
“بيريتشي…!”
مزق الظرف بسرعة بسكين الرسائل، وبدأ يقرأ محتواه بعناية.
كانت الرسالة تطلب إرسال ساحر موثوق به لتعليم دوقة إيرنست السحر، مقابل أي مبلغ يطلبه.
ديانا تريد تعلّم السحر…!
لمعت عينا رويري بلون أزرق حاد.
كانت فرصة لا تعوض ليكون بجانب ديانا ويحميها.
“ما مضمون الرسالة؟“
“إنها من بيريتشي، يطلبون إرسال ساحر.”
“آه، إذن علينا إرسال ساحر متوسط المهارة.
عائلة بيريشتي من داعمي البرج.”
قال الخادم وهو يهز كتفيه بمعرفة.
“…سأذهب بنفسي.”
“المعذرة؟“
“أرسل لهم رداً. قل إنني سأذهب بنفسي.”
“أمرك، مفهوم.”
تفاجأ الخادم من قرار رويري، لكنه أومأ وخرج من الغرفة.
سحب رويري الستائر التي كانت تغطي النافذة.
بدت غابة السحر بأكملها أمامه.
ثم تمتم وهو يبتسم بمرارة:
“هذه المرة… سأقول لك كلمة ‘أختي‘ التي كنتِ تتوقين لسماعها، كما تشائين. وسأريك ابتسامتي التي كنتِ تحبينها كثيراً.”
أغمض رويري عينيه بإحكام.
صورة ديانا الجميلة تراءت أمامه داخل ظلام جفونه.
“ديانا…”
***
حين جاء اليوم الموعود، انطلق رويري مباشرة إلى القصر الكبير.
كانت ليلة يتلألأ فيها الهلال الحاد في السماء بشكل جميل.
كان يطفو في الهواء، يراقب غرفة ديانا من فوق.
فتحت ديانا باب الشرفة وخرجت.
نسيم الليل العليل هب، فتطاير شعرها الذهبي بجمالٍ أخّاذ.
شعرها الذهبي الناعم انعكس عليه ضوء القمر،
فبدا كأنه يلمع ببريق ساحر.
أطلقت ديانا زفرة عميقة، وبدت وكأنها مرتاحة،
فارتسمت على وجهها ابتسامة ناعمة.
في تلك اللحظة، حدق رويري بها بذهول، وكأنه سُلب روحه.
كان يظن أنه يستطيع ألا يحبها.
حتى لو لم يكن قادراً على امتلاكها إلى الأبد،
فإن رؤيتها حية تكفيه.
لكن، بمجرد أن رأى ابتسامتها،
انهارت كل مشاعره مثل قلعة من الرمل.
كيف يمكن ألا يحب شخصاً بهذا الجمال؟
توجهت عيناه الزرقاوان نحوها بشوقٍ عميق.
“لا تكن جشعاً“، قال لنفسه.
ومع تصاعد المشاعر داخله، أغلق عينيه بقوة، وهز رأسه.
ثم، وكأنه حسم أمره، قبض على يده وظهر أمامها.
“هاه…!”
تفاجأت ديانا من ظهوره المفاجئ، فتراجعت وسقطت أرضاً.
كانت تنظر إليه وكأنه شخص تراه لأول مرة.
شعر بألمٍ في قلبه كأنه يُمزق.
لكن رويري أخفى ذلك الألم وملأ وجهه بابتسامة أحبّتها.
ثم، وبقلبٍ يرتجف، بدأ بالكلام ببطء:
“يا للعجب، لم أكن أعلم أن تلميذتي ستكون بهذا الجمال.”
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 70"
نفسي اعرف هيتجوزوا ازاي و ايه نهاية اكليبت
حرااااااااام الحماس هيموتني