استمتعوا
نعم، لقد كان خطؤها الواضح.
مهما كان الذي حدث، فقد سمعت بوضوح ديانا تقول إن هذا هو العطر المفضل لدى السيدة، وبدون التحقق جيدًا، سلمته إلى كاثرين.
وكانت تفكر فعلًا في أن تتقدم بنفسها وتعترف بكل شيء.
لكنها لم تتخيل أبدًا أن تشير كاثرين إلى خطئها بهذه الطريقة وفي هذا الموقف.
بالأصل، كانت أليشيا محاطة بالكثير من الأعداء.
ما يمكن أن يمر على كاثرين كنزلة برد،
قد يتحول إلى حمى قاتلة بالنسبة لأليشيا.
وكان من المستحيل على كاثرين ألا تدرك ذلك.
اهتزت نظرات أليشيا من شدة الصدمة،
لكن كاثرين واصلت حديثها دون أن يبدو عليها أدنى تأثر.
“قالت لي أن أرش العطر اليوم بالتحديد. كانت تصر على أن يكون اليوم، فلم أتمكن من الرفض… الآن عندما أفكر في الأمر، يبدو غريبًا. لماذا أهدتني تحديدًا اليوم زيت وعطر مونستروتيران…؟“
بل إن كاثرين لم تكتف بذلك، بل صورت خطأ أليشيا وكأنه متعمد.
لقد كانت تحاول تحويل كل الانتباه الذي كان موجهًا إليها نحو أليشيا.
“كنت أظن حقًا أنه مجرد عطر برائحة النعناع.
أنا آسفة، سيدتي…!”
وانفجرت كاثرين بالبكاء في تلك اللحظة.
الآن كل الأنظار التي كانت موجهة نحو كاثرين،
توجهت نحو أليشيا.
نظرات حادة مليئة بالعداء طعنتها مثل السكاكين.
ترنحت أليشيا وكأنها ستسقط من الدوار.
وبالفعل، كان الأمر يستحق الصدمة.
فقد تخلت كاثرين تمامًا عن والدتها من أجل أن تنقذ نفسها.
هل يجب أن تضيف الضربة الأخيرة الآن؟
بعد أن راقبت الموقف بهدوء، تقدمت ديانا ببطء إلى الأمام.
“… سموكِ، ليس الأمر كذلك…”
حاولت أليشيا أن تبرر،
لكنها أدركت أنه مهما قالت، فلن يكون هناك من يصدقها هنا.
حتى ديانا نفسها كانت تتظاهر بملامح مذهولة تمامًا،
وكأنها لا تستطيع تصديق ما يحدث.
لماذا تتظاهرين بذلك…؟ أنتِ من قلتِ لي أن هذا العطر هو المفضل لدى السيدة!
أرادت أليشيا أن تصرخ في وجه ديانا التي كانت تحدق بها بلوم واضح.
“هل كنتِ، يا آلي، على يقين تام بالأمر،
فأردتِ إثارة الضغينة لعدم تلقيكِ دعوة؟“
“لا! أنا، أنا حقًا كنت أعتقد أنه مجرد عطر عشبي…”
“مخيبة للآمال حقًا. أنا محبطة منك.”
قالت ديانا ببرود، دون أن تكلف نفسها عناء سماع تبرير أليشيا،
ثم أدارت ظهرها لها وانحنت شخصيًا أمام الدوقة سيرينا.
“أعتذر لك، سموكِ. سأحرص مستقبلاً على ألا أجلب من لم تتم دعوتهم. لم أكن أتخيل أن يحدث أمر كهذا…”
“… لا بأس، سموكِ. هذا ليس خطأكِ. لننهي الأمر هنا.
لنعد جميعًا إلى قاعة الحفل.”
بما أن المخطئة كانت من منزل الدوق، رغم الغضب،
كان من الحكمة إنهاء الأمر عند هذا الحد.
قادت سيرينا الجميع عائدة إلى قاعة الحفل.
ولم يتبقَ في الشرفة سوى أفراد قصر إيرنست.
بمجرد أن غادر الجميع،
أمسكت أليشيا بذراعي ديانا التي كانت تنظر إليها ببرود.
“سموكِ! أنتِ بنفسك قلتِ إن هذا العطر هو المفضل لدى السيدة!”
“ماذا تقولين الآن؟“
“قلتِ أنك لا تستطيعين إعطاءه لأي من ابنتيك،
لذا ستحتفظين به في المخزن!”
أبعدت ديانا ذراع أليشيا عنها ببرود.
“لا أفهم ما الذي تهذين به. هل تريدين الآن أن تلقي باللوم عليّ؟“
لم يسبق أن أظهرت ديانا وجهًا بهذه البرودة أمامها.
بل إن ما صدم أليشيا أكثر من تجاهل ديانا،
هو أن ديانا كانت غاضبة منها.
“ليس هذا قصدي، أرجوكِ استمعي إليّ…”
“حتى لو فرضنا أن كلامك صحيح. فبذلك تكونين قد أخذتِ عطري الذي لم أخصصه لأي من ابنتي وأعطيتِه لكاثرين دون إذني.”
ارتجفت كتفا أليشا وكأنها ستنهار في أي لحظة.
لم يكن هناك مهرب.
خرجت ابتسامة ساخرة بالكاد تلاحظ من شفتي ديانا،
ثم أدارت رأسها نحو كاثرين.
“كاثرين.”
“… نعم، أمي.”
“هل ما قالته أليشيا صحيح؟“
تلاعبت كاثرين بيديها المتشابكتين ثم أجابت بسرعة.
“لا أعرف شيئًا آخر. كل ما أعرفه أن الطبيبة أعطتني زيتًا وعطرًا، وطلبت مني أن أستخدمه اليوم فقط…”
“لقد خيبتِ ظني كثيرًا اليوم، أليشيا.
لا أريد رؤية وجهك بعد الآن، غادري فورًا.”
“سموكِ!”
ودون أن تعيرها مزيدًا من الاهتمام، أدارت ديانا ظهرها لأليشيا.
ولحقت بها آيسيل وكاثرين.
لم تلتفت كاثرين حتى لمرة واحدة.
وكأنها عقدت العزم على التخلي عن والدتها بالكامل.
بقيت أليشيا وحيدة وسط الشرفة الموحشة.
غطت وجهها المشوه بالرعب بكلتا راحتيها.
سرعان ما بدأت كتفاها ترتجفان.
ولم يكن يسمع في الشرفة إلا شهقات المرأة التي تخلت عنها ابنتها.
***
بعد أن أعادت السيدة الناس إلى قاعة الحفل،
رتبت الأجواء بسرعة.
ثم دخلت إلى صالون القصر لتهدئة قلبها الذي لا يزال خائفًا.
تبعت ديانا وكاثرين وآيسيل سيرينا إلى الداخل.
“حقًا، كيف يمكن أن يحدث مثل هذا الأمر!”
“أنا آسفة، سموكِ.”
“من فضلك، سموكِ، لا تحضري هذه السيدة إلى حفلاتي مرة أخرى.”
صاحت سيرينا بمجرد دخولها إلى غرفة الاستقبال.
كانت لا تزال غاضبة، لدرجة أن أنفاسها كانت متقطعة.
منذ البداية، لم تكن تحب تلك المرأة، والآن استخدمت عطر مونستروتيران لتسخر منها وتحاول إفساد الحفل.
وسط هذا العدد الكبير من النبلاء،
شعرت وكأنها تعرضت لإهانة علنية،
مما زاد من سوء حالتها النفسية.
“سأفعل ذلك. لم أكن أظن أن يحدث مثل هذا الأمر…”
ربتت ديانا على كتف سيرينا وأخفضت صوتها.
كانت تشعر بالأسف الشديد تجاهها.
فقد تسببت، بسبب انتقامها الشخصي،
في إيذاء سيرينا التي لا علاقة لها بالأمر.
“هاه… ليس ذنبكِ،سموكِ . إنه خطأ ابنة البارون الجاهلة تلك.”
بينما كانت سيرينا لا تزال تغلي من الغضب،
اقتربت منها كاثرين بتردد، تراقبها بحذر.
“كان يجب أن أتحقق أكثر قبل أن أضع العطر… أنا آسفة.
كنت أعتقد حقًا أنه مجرد عطر نعناع كما قالت الطبيبة.”
“…يجب عليكِ التحقق جيدًا في المستقبل.
لا تضعين عطرًا لا تعرفين مصدره أو مكوناته.”
“…سوف أضع ذلك في الحسبان، سيدتي.”
أخفضت كاثرين رأسها بحزن.
أشارت ديانا بصمت لكاثرين وآيسيل بالخروج من الغرفة.
خرجت كاثرين من الغرفة بوجه كأن العالم قد انهار فوقه،
بينما تبعتها آيسيل بابتسامة عريضة،
كما لو كانت تجد في الأمر متعة.
صدر صوت إغلاق الباب بعنف.
وبعد التأكد من رحيلهما، فتحت ديانا فمها لتتحدث مجددًا.
“سموكِ.”
“نعم، سموكِ.”
“بخصوص مسألة الزواج مع الأمير.”
توقفت سيرينا، التي كانت لا تزال غاضبة،
ولوحت بيديها علامة الاستنكار.
فقد اعتبرت ما حدث اليوم مجرد حادث عرضي.
وعلى الرغم من سوء مزاجها،
لم تكن لتنهي خطبة ابنها لمجرد خطأ طبيبة تافهة.
“…لا بأس، لم أكن لألغي الزواج بسبب هذا الحدث الصغير،“
أجابت سيرينا بنبرة أكثر هدوءًا هذه المرة. لكن ديانا قاطعتها.
“لا.”
“ماذا؟“
“من الأفضل أن نلغي الأمر.”
ارتجفت شفتا سيرينا باضطراب عند سماع تلك الكلمات الحاسمة.
“هل تقولين هذا لأنني غضبت قبل قليل؟ هذا…”
“أتحدث عن كاثرين.”
أمالت سيرينا رأسها وكأنها لم تفهم المقصود.
“عذرًا؟ ماذا تعنين؟“
“رغم أنها ابنتي،
إلا أنها تفتقر للكثير لتكون مناسبة للزواج من الأمير.”
“لكن…”
“بدلًا من ذلك.”
حدقت ديانا مباشرة في عيني سيرينا التي كانت تنظر إليها بوجه مليء بالحيرة.
“ما رأيك بآيسيل؟“
بدأت سيرينا تحدق في ديانا محاولة فهم مقصدها.
لكن لم يظهر على وجه ديانا أي علامة على الخداع أو المؤامرة.
بدت وكأنها ببساطة تقترح آيسيل بدلًا من كاثرين بسبب قصور الأخيرة.
“علاوة على ذلك، يبدو أن آيسيل أصبحت قريبة من الأمير.”
“حقًا؟“
بالنسبة لسيرينا،
لم يكن الأمر فارقًا سواء كانت العروس كاثرين أو آيسيل.
لولا ما حدث اليوم.
لكن كاثرين ارتكبت خطأً كبيرًا اليوم.
غنت بشكل مريع، ورشت عطر مونستروتيران مما افسد الحفل.
حتى وإن كان مجرد خطأ، فقد تركت لديها انطباعًا سيئًا للغاية.
لم تعد ترغب حتى برؤيتها.
وفوق ذلك، كانت آيسيل تبدو أكثر نضجًا من كاثرين رغم أنهما في نفس العمر.
بل إن آيسيل حظيت بمحبة مركيز بريتشي،
وتجيد استخدام السحر، مما جعلها خيارًا مثاليًا.
“نعم. يمكنك أن تسألي الأمير بنفسك. إلى جانب ذلك، آيسيل…”
“وما بها آيسيل؟“
“والدي يحبها كثيرًا لدرجة أنه يفكر في منحها حق إدارة المنجم.”
“أوه، تقصدين منجم الألماس؟“
اتسعت عينا سيرينا بدهشة عند سماع كلمة ‘ألماس‘،
وأشرق وجهها كما لو أن مزاجها السيء قد تلاشى تمامًا.
“نعم. والدي يعتز بها كثيرًا.”
كان منجم ألماس بريتشي مشهورًا جدًا بين النبلاء، ولا يجهله أحد.
وعلى الرغم من أن دوقية آيبرك كانت عائلة ثرية أيضًا،
إلا أن منجم الألماس كان شيئًا آخر تمامًا.
فقد كان بمثابة مصدر ثروتهم الرئيسي.
ابتلعت سيرينا ريقها، ثم حاولت إخفاء حماسها.
“همم. سواء حصلت على المنجم أو لم تحصل،
فإنني سأتبع رغبتكِ، يا صاحبة السمو.”
قالت ذلك وهي تسعل قليلاً، متظاهرة بعدم اهتمامها بالمنجم.
ابتسمت ديانا بسعادة وصفقت بيديها.
“جيد. إذًا دعينا نجعل الأمير يختار بنفسه.”
“ماذا؟ هل أنتِ متأكدة من ذلك؟“
تفاجأت سيرينا بشدة من ترك الخيار للأمير بين ابنتيها.
“أريد أن أمنح أطفالي حق الاختيار. فالزواج أمر مصيري.”
“إن كانت هذه إرادتكِ، فلا بأس… سأخبر سوير بذلك. في كل الأحوال، لم يكن هناك ارتباط فعلي مع كاثرين، لذا سيفهم الأمر.”
وهكذا،
ظهر رسميًا موضوع زواج عائلتي آيبرك وإيرنست إلى السطح.
تبادلت ديانا وسيرينا الابتسامات مع بعضهما.
“آه، سموكِ.”
“نعم؟“
كانت ديانا على وشك النهوض،
لكنها توقفت وكأنها تذكرت شيئًا مهمًا.
“هل يمكنني طلب أمر منكِ؟“
“بالطبع.”
“من فضلكِ، لا تخبري كاثرين بشيء. سأخبرها بنفسي.”
“بالطبع. يجب أن يكون ذلك من جانبكِ.”
هزت سيرينا كتفيها وكأن الأمر بسيط جدًا وأجابت بسهولة.
“شكرًا لكِ، سموكِ.”
عندها فقط، وقفت ديانا وتوجهت إلى الخارج،
وكانت خطواتها خفيفة للغاية.
دخلت إلى قاعة الحفل، حيث كان سوير وآيسيل يتحدثان،
وكانت كاثرين تحاول بشدة الانضمام إلى حديثهما.
ابتسمت ديانا لهم بسعادة كبيرة.
بعد أن أدت دورها الحقيقي حتى الآن،
آن الأوان لإعادة كل شيء إلى آيسل.
أما تعاسة كاثرين، التي أعطت كلًا من ديانا وآيسيل ذكريات مؤلمة، فكانت لتبدأ حقًا من الآن فصاعدًا.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 57"