رويري أراد أن يعامل من يحتقر الناس بناءً على مظهرهم أو نسبهم، بنفس الطريقة التي يفهمونها.
فأكثر ما يخشاه أمثال هؤلاء هو المكانة والسلطة.
“نعم، أنا دوقة هذه الدوقية، ديانا بيرتشي.”
عند سماع اسم ‘بيرتشي’، استعاد البارون ذكرى واجه فيها ماركيز بيرتشي ذات مرة في حفلة راقصة بالقصر الإمبراطوري.
كانت له هيبة عظيمة لدرجة أن البارون لم يجرؤ على الاقتراب، واكتفى بمشاهدته من بعيد.
بدأ جسد البارون يرتجف بشدة.
ثم ركع أمام ديانا على الفور.
“لـ… لم أعرف مقامك، أرجو المغفرة، صاحبة السمو!”
نظرت إليه ديانا وهو راكع أمامها بنظرة باردة.
ثم، بعد أن قررت أن تتابع خطّة لويري، بدأت تتحدث بهدوء:
“هل تعرف من هذا الشخص الذي وصفته بالمتشرد؟”
ابتسمت ديانا وقالت:
“حتى لو كنت تجهل عالم السحرة،
فلابد أنك سمعت بهذا الاسم من قبل.”
“سـ… ساحر؟”
“خليفة برج السحر التالي، رويري دي كونستانتين.”
“برج السحر…!”
شحب وجهه تمامًا من الصدمة.
من كان ليخمن أن خليفة البرج التالي يرتدي رداءً قديمًا كهذا؟
كاد البارون أن ينهار باكيًا.
برج السحر مؤسسة تتجاوز البشر بقوتها.
وإذا أغضبت أحد أعضائها،
فقد لا تقتصر العقوبة على السجن فحسب، بل قد تفقد حياتك.
استدار بسرعة نحو رويري،
وانحنى له حتى كاد رأسه يلمس الأرض.
“أرجوك، سامحني سيد رويري!
لم أعرف مقامك الشريف، لقد كنت أحمقًا…!”
لم تستطع ديانا منع ابتسامتها الساخرة.
يا له من مشهد مسلٍ.
هي ورويري لم يتغيرا في شيء.
لكن فقط لكونها دوقة، ولكونه خليفة برج السحر،
تغيّر كل شيء في نظر هذا الرجل.
مثير للسخرية بحق.
“هـ… خذيه، أرجوك! كنت أنا من تمسّك بالصندوق رغم أنك التقطته أولًا!”
نهض البارون بسرعة ومد يده نحوها بصندوق دموع الحورية.
لكن ديانا لم تكن ترغب في قبوله وهي بهذه الحالة من الاشمئزاز.
“لا حاجة. من الأفضل أن تتخلص من عادتك السيئة بالحكم على الناس من مظهرهم.”
قالت وهي تحدق في الصندوق الذي قدمه لها بنظرة باردة.
“وأنت رجل كبير في السن أيضًا.”
ثم سحبت ديانا ذراع رويري واتجهت نحو الدرج.
عادت برفقته إلى الطابق الأول،
وهناك دفعت ثمن ما التقطته وطلبت باقي الأشياء.
“من فضلك، أوصلوا دموع الحورية ورمال الذهب إلى دوقية إيرنست. بأقصى سرعة، وأعلى جودة.”
“امرك، سيتم ذلك.”
وبينما كانت على وشك المغادرة،
فوجئت بالبارون يعترض طريقهم مرة أخرى.
“أرجوكِ، خذيها!”
كان يتصبب عرقًا وهو يمسك بيد ديانا محاولًا أن يعطيها الصندوق مجددًا.
“ما الذي تفعله؟!”
أبعد رويري يده عن ديانا، وحدّق فيه بنظرة أكثر اشمئزازًا منها.
ولكن البارون لم يستسلم.
“لقد أنهيت الحساب بالفعل.
اعتبريها محاولة لطلب الصفح على وقاحتي…”
كان ينوي التغاضي عن تصرفه احترامًا لديانا،
لكن هذا الرجل كان من النوع الذي لا يمكن السكوت عنه.
“إن غادرتِ بهذه الطريقة، فسأشعر بانزعاج كبير…”
“هل عليّ أن أغفر لك فقط لأنك ستشعر بالانزعاج؟”
“مـ، ماذا؟”
“أمثالك لا أرغب أبداً في مسامحتهم.
أتمنى أن تبقى منزعجاً دائماً.”
تجاوزته ديانا وخرجت من المتجر.
أما رويري، الذي كان ينوي أن يلقنه درساً،
فقد اكتفى بتوجيه نظرة حادة له ثم لحق بها.
“نونا، انتظريني.”
“آه، آسفة. جعلتك ترى مشهداً غير سار.”
كان وجهها لا يزال متوردًا، وكأن الغضب لم يهدأ بعد.
“ماذا تقصدين بغير سار؟ لقد كنتِ رائعة.”
“رائعة…؟”
بكلمات رويري البريئة كالصبيان،
احمرّ وجه ديانا من نوع مختلف من الحرج.
“كما كنتِ دائماً…”
عندما سمعت صوته خلفها، التفتت إليه ديانا.
“لم تتغير أبداً.”
في تلك اللحظة، هبت رياح قوية تطاير معها شعره.
ورغم جمال شعره الأحمر المتطاير كالورود،
كانت نظرات رويري تلمع باللون الأزرق.
“ما الذي…؟”
أجل، هو يعرفني.
حاولت ديانا أن تسأله شيئاً، لكنها لم تستطع ذلك، لأن رويري اقترب منها فجأة واحتضن كتفيها، ففاتها التوقيت المناسب.
“والآن، إلى أين نذهب؟”
“إلى أين؟”
“أليس من النادر أن نخرج هكذا؟”
كيف يعرفني رويري بهذا الشكل؟
هزّت ديانا رأسها موافقة على كلامه.
“إذاً، بما أنني هذا الشاب الوسيم الأصغر سناً،
فدعينا نعتبرها موعداً غرامياً قبل العودة.”
قالها بطريقته المتملقة المعتادة،
دون خجل، حتى أنه أرفقها بغمزة لطيفة.
شعرت ديانا فجأة بخفقان في قلبها. كلمة ‘موعد’ بدت ساحرة على نحو غريب.
لكن، وللأسف، بسبب الشجار مع البارون، تأخر الوقت كثيراً.
أخرجت ساعة جيب صغيرة وتفقدت الوقت، ثم قالت بنبرة محرجة:
“…آه، آسفة رويري. يجب أن أعود الآن.
مضى وقت أكثر مما توقعت.”
“حقاً؟ يا للأسف…”
“وأنا كذلك.”
أجابت ديانا بنصف حزن حقيقي،
ونصف مجاملة لرفض الدعوة.
“حقاً؟”
“نعم؟”
لكن رويري لم يفوّت تلك اللحظة.
“إذاً، في المرة القادمة، يجب أن توعديني فعلاً. وعد.”
مدّ إصبعه الخنصر نحوها. مثل هذا التصرف معتاد بين الأطفال.
كانت نفس الحركة التي كانت تفعلها مع أطفال دار الأيتام حين تعدهم بأن يكونوا سعداء.
حدّقت ديانا في إصبعه الصغير وهي ترمش بسرعة.
تذكرت لحظات تطوعها في دار الأيتام.
لكن لم يكن هناك طفل بشعر أحمر في تلك الذكريات.
ومن المستحيل أن تنسى شعراً جميلاً بلون الورد كهذا.
“يجب أن نعد بعضنا بإصبع الخنصر، نونا.
ماذا لو لم تفي بوعدك لو اكتفيتِ بالكلام؟”
“حسناً، حسناً…”
تحت إلحاحه، شبكت ديانا إصبعها الصغير بإصبعه.
نظر رويري إلى الأصابع المتشابكة برضى،
ثم ابتسم كأنه تذكّر شيئاً.
“حسناً، سأوصلك. أنا أسرع من العربة.”
لفّ خصرها برفق، ثم استخدم السحر لينقلاها فوراً إلى غرفتها.
“شكراً، رويري.”
ابتسمت ديانا ابتسامة مشرقة وهي تلتقط أنفاسها من مفاجأة الانتقال المفاجئ.
“إذاً، أراك في الحصة القادمة، نونا.”
ترك تلك الكلمات واختفى أمام عينيها.
كان رجلاً يترك أثراً كبيراً.
سواء في مشاعره التي يظهرها لها، أو في مدى معرفته بها.
لكنها، من جهتها، لم تكن تعرف عنه سوى القليل.
ولهذا كان فضولها يزداد أكثر فأكثر.
حدّقت ديانا في المكان الذي اختفى فيه رويري بشرود.
أفكارها كانت تزدحم حوله.
كان رويري مختلفاً.
لم يكن مثل الآخرين.
منذ لقائهما الأول، لم تشعر أبداً بأن وجوده غريب أو بعيد.
“ميلان…”
تنهدت ديانا بحيرة ثم أنهت ترتيب الأشياء التي اشترتها،
وخرجت إلى الرواق. وهناك، كانت ميلان تسحب الستائر.
“أخبري السائق الذي ينتظرني في السوق أن يعود.
وجهّزي لي ماء الاستحمام أيضاً.”
اتسعت عينا ميلان بدهشة، لأنها لم ترى العربة تدخل.
“هاه؟ كيف عدتِ بهذه السرعة؟”
“صادفت شخصاً جيداً. بل رائعاً جداً.”
ابتسمت ديانا بدفء، متذكرة رويري.
وفي قلبها، الذي يشبه اللوحة البيضاء،
بدأ اللون الأحمر يتسلل ببطء، دون أن تلاحظ.
ببطء شديد.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 33"