استمتعوا
حفل خطوبة آيسيل وسوير
“ ما رأيك بهذا ماركيزة بريتشي؟“
“هممم …”
أمالت ديانا رأسها قليلاً إلى الجانب.
“ إذًا، ماذا عن هذا؟“
وضعت كونتيسة بواسون، أشهر مصممة أزياء في الإمبراطورية حالياً، أنواعاً عديدة من الأقمشة، بما في ذلك الحرير،
على الطاولة، ثم بلعت ريقها الجاف بصعوبة.
“هممم …”
لكن ردة فعل ديانا لم تكن مرضية هذه المرة أيضاً.
عندها، أخرجت كونتيسة بواسون كتيبها مجددًا وهي في غاية التوتر.
“ إذًا، ما رأيك بهذا ماركيزة؟“
كانت قد سمعت من النبلاء الآخرين بأنها امرأة لطيفة وناعمة للغاية،بل إنها كانت تُلقب بـ‘ قديسة بريتشي ‘ قبل زواجها.
وعلى غرار سمعتها،
لم تكن ديانا من النوع المتطلب أو المتذمر عادةً.
لكن، اليوم لم تكن كما في العادة.
“ أريد شيئًا أنيقًا لكنه راقٍ،
لطيفًا لكنه ناضج، بسيطًا لكنه فاخر من دون مبالغة…”
قالتها بابتسامة ملائكية.
“ ألا يوجد تصميم بهذه المواصفات؟“
عندها، لم تستطع كونتيسة بواسون أن تجيب بسهولة، وبدأت تتلعثم.
“ أه… سأفكر في الأمر أكثر، ماركيزة.”
“ شكرًا لك. في النهاية…”
أكملت ديانا كلامها وقد احمرّ خديها من الإحراج.
“ إنها خطوبة ابنتي الوحيدة.”
حالياً، كان قصر بريتشي في خضم التحضيرات لخطوبة آيسيل.
وبمجرد أن غادرت كونتيسة بواسون، دخلت آيسيل إلى الغرفة.
“أمي !”
“ نعم، آيسيل.”
“ هل قابلتِ الكونتيسة بواسون؟“
نظرت إلى الكتيبات المتناثرة على الطاولة.
“ نعم، لكن… لا يوجد شيء يعجبني حقاً.
لا أرى فستانًا يليق بأجمل فتاة في العالم، وهو أمر مقلق.”
“ أوه، أي شيء تختارينه لي سيكون جميلاً في نظري.”
“ آيسيل، ما رأيك أن تختاري بنفسك هذه المرة؟“
“هممم …”
بدأت تتصفح الكتيبات التي قدمتها لها ديانا ببطء.
ثم لمعت عيناها وكأن فكرة جيدة خطرت لها فجأة.
“ أمي، جاءتني فكرة رائعة!”
“ ما هي؟“
“ ماذا لو استخدمنا سحرنا في التصميم؟“
“ سحر؟“
“ نعم. فبين النبلاء، نادرًا ما يولد شخص يمتلك قوة سحرية.
وبسبب ندرتها، يصعب على الناس رؤيتها بأعينهم.”
راحت ديانا تمسح على شعر ابنتها بحنان وكأنها أسرت بقلبها.
“ صحيح، لهذا لا تزال الأحجار السحرية تلقى رواجًا حتى الآن.”
“ إذًا يمكننا استخدام تلك القوة في تصميم الفستان.”
“ تقصدين بلورات الجليد التي نصنعها بسحرنا؟“
“ نعم، بالضبط!”
واصلت آيسيل حديثها بحماس.
“ بلورات الجليد المشبعة بالسحر تتلألأ أكثر من الألماس،
فلا شك أنها ستكون جميلة للغاية. وإذا قمنا بتصميم نفس التصميم لدوق ودوقة آيبرك، فلا بد أنهما سيعجبان به أيضًا.”
“يا إلهي …”
كيف يمكن لطفلة أن تكون بهذه الإبداع؟
حتى لو كانت ابنتها،
فإنها لم تتمكن من أن تمنحها حبًا حقيقيًا في طفولتها.
ومع ذلك، كبرت بهذا الذكاء واللطف، مما ملأ قلبها بالامتنان.
“ ما أروع هذا القلب الجميل…”
“ لقد ورثته من والدتي طبعًا.”
ابتسمت آيسيل ورفعت زاوية فمها بلطف.
لكنها لم تنتهِ من الحديث بعد،
فقد بدا أنها ما زالت تود قول شيء آخر.
“ وفكرت في أمر آخر، أمي. هل سيكون من المقبول استخدام أموال التهنئة لبناء دار أيتام؟“
“ بالطبع! كيف خطر ببالك شيء نبيل كهذا؟“
“ كنت مشغولة طوال الوقت بالتفكير في الانتقام، ولم أتمكن من الاهتمام بأصدقائي في دار الأيتام الذين عانوا معي.”
فُغر فم ديانا قليلاً من كلام ابنتها العميق.
“ أنا آسفة يا آيسيل. كان يجب عليّ،
كراشدة، أن أفكر في ذلك أولاً.”
“ لا بأس يا أمي. كنتِ مشغولة جدًا، أعلم ذلك.
لكن الآن بعدما انتهى كل شيء، أود أن أرتب محيطي.”
“ ابنتي الجميلة…”
لم تستطع ديانا أن تتمالك نفسها،
فضمت آيسيل إلى صدرها بشدة.
“ كيف تكونين بهذا الجمال يا صغيرتي…”
شعرت بالندم لأنها لم تتمكن من مشاركة طفولة ابنتها.
“ هيهي~”
أما آيسيل، فقد وجدت في حضن والدتها دفئًا جعلها تبتسم.
أنصتت بهدوء إلى دقات قلب والدتها.
دومب… دومب…
وبينما تسمع النبض المنتظم،
شعرت وكأنها تتذكر لحظات وجودها في رحم والدتها.
“ وبما أننا ذكرنا الأمر،
ما رأيك أن نزور اليوم دار الأيتام التي كنتِ فيها؟
أليس ذلك المكان مختلفًا عن الذي وجدتكِ فيه؟“
“ آه، صحيح. ذلك المكان كنت فيه بعد أن هربت من هنا،
أما المكان الذي نشأت فيه حتى بلغت العاشرة، فهو مكان آخر.”
ابتسمت آيسيل بوجه نقي نحو ديانا.
ولم يكن على وجهها أي أثر للظلمة،
بل طفلة نقيّة بكل ما للكلمة من معنى.
“ حسنًا، إذًا…”
“أمي .”
وقبل أن تنهض ديانا من مكانها،
قاطعتها آيسيل بخفة وسألتها بلطف.
“ هل يمكنني الذهاب وحدي؟“
“ وحدك؟“
“ نعم. أنا الآن ساحرة في برج السحر،
بل حصلت على شهادة الساحرة المتوسطة.”
“هممم …”
“ سأتمكن من تدبر الأمر وحدي، أعدك.”
تلألأت عيناها بلون الزمرد وكأنها مليئة بالنجوم.
نظرت ديانا إلى ابنتها ببطء.
كانت تعلم جيدًا أن ابنتها عميقة التفكير وتخفي أمورًا لا ترغب بكشفها.
وفي النهاية، تظاهرت بأنها لم تلاحظ شيئًا وهزّت رأسها.
“ لكن خذي معكِ بعض الفرسان، حسناً؟“
“ بالطبع! شكرًا لك، أمي!”
قبلت آيسيل خد والدتها برقة ثم خرجت من الغرفة بخطوات مليئة بالحيوية.
لكن، ما إن أغلقت الباب خلفها، حتى تجمدت ملامحها تمامًا.
الحقيقة التي لم تقلها هي أن مديرة دار الأيتام التي تربت فيها حتى سن العاشرة كانت شخصًا حقيرًا.
وكانت متواطئة تمامًا مع أليشيا، لذا لم يكن الأمر مستغربًا.
“ من يرتكب ذنبًا، يجب أن ينال عقابه.”
تمتمت بذلك لنفسها، ثم خرجت من القصر.
وبينما كانت تستعد لركوب العربة،
شعرت بشخص يلمس كتفها بخفة.
“ هم؟“
استدارت بسرعة.
وإذا بسوير، ابن دوق آيبرك، يبتسم بلطف أمامها.
“ سوير!”
“ إلى أين أنتم ذاهبة، آيسيل؟“
“ آه، لدي أمر أريد الذهاب إليه…”
قالتها وهي تحمر خجلاً وتبتسم بخجل.
رغم أن علاقتهما بدأت بسبب ما حدث مع كاثرين،
إلا أن الأمور قد تغيّرت.
ورغم قلة كلامه، إلا أنه كان يتحلى باللباقة والمشاعر الصادقة.
وقد وقعت آيسيل في حبه بصدق من دون أن تدرك.
“ إن لم يكن الأمر مزعجًا، هل يمكنني مرافقتكِ؟“
وكان سوير كذلك.
شعر أن بها براءة مختلفة عن بقية النبلاء من عمره،
وكان يجد نفسه يشبهها كثيرًا.
وكلما تعرف عليها أكثر، ازداد تعلقه بها.
“ ليس مكانًا جيدًا…”
قالتها آيسيل بتردد، إذ كانت تنوي التوجه لإحداث ضجة.
كانت تخطط لإنقاذ أصدقائها من ذلك المكان ومعاقبة المديرة.
لكنها لم تستطع أن تسمح لسوير بأن يرى جانبها الغاضب أو القاسي.
‘ سوير لا يعرف بعد من أكون حقًا…’
كانت تتظاهر بالضعف أمامه لتكسب تعاطفه كي تُظهر كاثرين بصورة سيئة.
لذا، قد لا يكون سوير واقعًا في حب شخصيتها الحقيقية.
ومع ذلك، قال سوير بنبرة ملحّة.
“ المكان الذي تذهبين إليه لا يمكن أن يكون سيئًا، ما دمتِ فيه.”
“ في الحقيقة، أنا ذاهبة إلى دار الأيتام التي عشت فيها حتى سن العاشرة.”
بعد أن انتهى كل شيء،
أخبر كل من ديانا وآيسيل الدوقة سيرينا وسوير عن كل ما حدث.
ولحسن الحظ، لم يتغير موقفهما،
بل عبّرا فقط عن غضبهما تجاه كاليبسو وأليشيا وكاثرين.
“ دار الأيتام؟“
“نعم .”
“ إذًا، لا يوجد سبب يجعلني لا أرافقكِ.”
“هممم …”
ابتسم سوير لها ابتسامة واسعه.
“ حسنًا، إذن…”
نعم، كان عليها أن تُظهر حقيقتها عاجلاً أو آجلاً.
التمسك بكلمات والدتها عن قيمة الإنسان لا يتنافى مع معاقبة من يرتكب جرمًا.
ذلك كان إيمانها.
وما دام الزواج قادمًا، فلا يمكنها أن تخفي حقيقتها إلى الأبد.
وفي النهاية، أومأت آيسيل برأسها ببطء.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O ━O ━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات