استمتعوا
“هاه …!”
استيقظت كاثرين من نومها وهي تلهث وتهبّ جالسة في سريرها.
كان كابوسًا غير منطقي تمامًا.
كيف يعقل أن تكون أكثر النساء أناقةً وجمالًا في هذا العالم
— والدتي — ليست والدتي الحقيقية؟
‘ نعم، هذا أمر لا يُصدَّق.’
تنهدت تنهدًا صغيرًا خرج من بين شفتيها.
تمدّدت قليلًا ثم نهضت من السرير.
في تلك اللحظة، دخلت الخادمة سيرا من قصر دوقية إيرنست وهي تحمل وجبة الإفطار.
“ آنسة، لقد أتيت بإفطارك.”
“ شكرًا، سيرا.”
ابتسمت كاثرين لها ابتسامة مشرقة.
“ هل نمتِ جيدًا؟“
“ نعم، وأنتِ؟“
“ وأنا أيضًا.”
سيرا، التي تلقت تحية الصباح،
وضعت الصحون على الطاولة وهي تبتسم بود.
“ كيف تبدو انستنا مشابهة تمامًا للدوقة؟“
“ أنا أيضًا أود أن أُشبه أمي،
لكن الجميع يقول إنني أُشبه أبي فقط.”
قالت كاثرين ذلك وهي تقترب من الطاولة متذمرة بطريقة غير مزعجة.
“ صحيح أنك تشبهين والدك في الشكل، لكن الجو العام يختلف.”
“ الجو العام؟“
“ الإحساس المُلَائكي؟ أنتِ ناعمة جدًا مثلها تمامًا.”
تابعت سيرا ثرثرتها وهي تنقل كل الأطباق من العربة إلى الطاولة.
“ حتى احترامك للخدم يشبه تمامًا ما تفعله الدوقة.”
“ إنهم يعملون من أجلي، وهذا طبيعي.”
قالت كاثرين وهي تلمس مؤخرة عنقها بخجل.
لقد ترعرعت منذ ولادتها وهي تنظر إلى والدتها.
ديانا بريتشي، التي تُلقّب بقديسة بريتشي،
والتي أصبحت الآن دوقة إيرنست.
وكان حلم كاثرين أن تصبح مثلها تمامًا.
“ مم، أقول لك إن طبخ كبير الطهاة لدينا لا يُضاهى!”
“ هل أعجبك الطعام؟“
“ نعم. هل تناولتِ فطورك، سيرا؟
إن لم تفعلي، تعالي وتناولي معي.”
“ لا يمكن ذلك! كيف يمكن لخادمة أن تتناول الطعام مع سيدتها؟!”
“ هيا، لا بأس في ذلك.”
وضعت كاثرين يديها فوق كتفي سيرا التي كانت تلوّح بيديها رافضة.
ثم أجبرتها بلطف على الجلوس بجانبها.
“ كانت والدتي تردد دائمًا، جميع الناس لهم كرامة وجدارة.”
عائلة دوقية إيرنست، التي تمتد تقاليدها العريقة منذ زمن.
لكن للأسف، شهرة العائلة لم تكن مكتملة.
فكل الأعمال التي خاضها الدوق لم تُكلل بالنجاح.
رغم أنها لا تُظهر ذلك،
إلا أن كاثرين كانت دائمًا تشعر بالأسى تجاه والدها.
وكانت لا تشعر إلا بالإعجاب تجاه والدتها التي كانت تقف إلى جانبه بصمت.
“آنستي …”
نظرت سيرا إليها بعينين ممتلئتين بالتأثر.
“ أنتِ حقًا…”
وفي النهاية، تناولت الاثنتان فطور الصباح معًا بلطف وألفة.
“ آه، شبعت. حان وقت إلقاء التحية الصباحية على والديّ.”
مسحت كاثرين فمها بمنديل وهي تنهض لتضبط فستانها.
“ سأذهب الآن.”
ابتسمت لسيرا وبدأت السير نحو مكتب كاليبسو، والدها.
كانت نوافذ الممرات مفتوحة على مصراعيها بسبب الطقس الجميل، وكانت نسمات الربيع الدافئة تتسلل عبرها.
السماء كانت زرقاء وعالية.
راودها شعور أن شيئًا جيدًا سيحدث اليوم.
“ همم~ هممم~”
وهي تدندن، فتحت كاثرين باب المكتب بهدوء دون أن تطرقه، دون أن تدري.
“ آه؟“
في مثل هذا الوقت، كان من المفترض أن يكون والدها جالسًا على مكتبه، لكن المكان كان فارغًا.
أمالت رأسها بتعجب.
“ أبي؟“
تقدمت قليلًا وهي تنظر حولها.
وفجأة، صدر صوت خافت من طرف المكتب،
وكأن فستانًا يُحتك بشيء.
‘ ما هذا؟‘
لماذا يصدر صوت فستان في مكتب والدها؟
تقدّمت أكثر وهي تعقد حاجبيها بقلق.
“آه …!”
وفي تلك اللحظة، غطّت كاثرين فمها بيدها.
وأمامها مباشرة…
“ أبي… والطبيبة…!”
كان كاليبسو وآليشا يرتديان ملابسهما على عجل.
***
“ كاثرين…”
دخلت آليشيا غرفة كاثرين وشرحت لها كل ما جرى.
علاقتها مع كاليبسو.
وأن كاثرين هي ابنتها الحقيقية.
كاثرين، التي صُدمت، لم تستطع التفوه بكلمة واحدة.
“كيف … كيف يمكن …”
كيف يمكن لهذا أن يحدث؟
منذ متى كان والدها يخون والدتها؟
بل، الأسوأ من ذلك،
أنها ليست الابنة الحقيقية لامرأة تُكنّ لها كل هذا الاحترام.
أمر يفوق قدرة طفلة في العاشرة من عمرها على احتماله.
“أنا …”
سقطت دموع غزيرة من عينيها البنفسجيتين،
التي ورثتهما عن كاليبسو.
“ لستُ ابنتها الحقيقية… ؟“
“ كاثرين.”
نظرت آليشيا إليها بحزن،
لكنها واصلت حديثها وهي ترى أنها قد حصلت على فرصة.
“ ماذا تعتقدين سيحدث لو كُشف أنك لستِ ابنة ديانا الحقيقية؟“
تذبذبت نظرة كاثرين مع الريح، بوضوح.
رأت آليشيا ذلك وواصلت ضغطها.
“ هل تظنين أن ديانا ستظل تحبك كما تفعل الآن؟“
ومع كل رمشة عين، تسقط دموع كاثرين كالمطر.
كانت مجرد طفلة في العاشرة.
كيف يمكنها قبول أن كل ما عرفته كان كذبًا؟
“ ثمرة علاقة غير شرعية؟“
لكن آليشيا، لأجل رغباتها،
لم تتردد في طعن قلب ابنتها بكلمات جارحة.
رغم أن الأمر مؤلم الآن، لكنه سينكشف في النهاية.
وبما أنه كُشف الآن، فعليها استغلال الموقف لتقنع ابنتها.
“ ديانا، في النهاية، بشر.”
“لكن …”
“ لو علمت أنك ابنة غير شرعية، فإن معاملتها لك ستتغير.”
اتسعت عينا كاثرين بذلك الكلام.
لكن غصتها كانت تمنعها من النطق.
“ بل، من الأفضل أنه انكشف الآن.
كنتُ أفكر متى سأخبرك بذلك…”
نظرت آليشيا إلى كاثرين التي تبكي بصمت،
ومدّت يدها لتمسح شعرها بلطف.
كم تمنّت أن تفعل ذلك من قبل.
رغم أنها كانت قادرة على التقرب منها كطفلة،
إلا أنها كانت مضطرة لمعاملتها كأنسة نبيلة.
لكن الآن وقد كُشف كل شيء،
يمكنها أخيرًا إظهار محبتها التي لم تستطع إظهارها من قبل.
“ إذاً… أين ابنة أمي الحقيقية؟ أين… الأميرة الحقيقية؟“
“ تلك الطفلة، تعيش بين العامة. في بيئة متدنية جدًا.”
“ متدنية… ؟“
“ نعم. كلما عاشت تلك الطفلة في بيئة متدنية، كلما أصبحتِ أنتِ أكثر نبلا. ولكي تصبحي الأميرة الحقيقية، يجب ألا تختفي تلك الطفلة.”
عندها، رفعت كاثرين رأسها ببطء.
ابنة ديانا الحقيقية تعيش بين العامة.
هل يُمكن تركها هكذا؟
قبضت كاثرين على يديها بإحكام.
ثم مسحت دموعها وضبطت تعابيرها قائلة.
“ أريد… أن أراها.”
“ بالطبع. يمكنني إحضارها أمامك متى أردتِ.
ما رأيك أن تستخدميها كخادمة لديك؟“
“…… في الوقت الحالي فقط. هل يمكنني رؤيتها اليوم؟“
“ أحسنتِ، ايتها الذكية.”
احتضنتها آليشيا بشدة.
ثم أخبرت كاليبسو أن كل شيء سار كما هو مخطط،
وذهبت إلى الميتم الذي تركت فيه آيسيل وأحضرتها.
وانتهزت فرصة غياب ديانا لتدخلها خفية إلى غرفة كاثرين.
“آه …”
“ هذه هي الآن الأميرة التي ستخدمينها من اليوم فصاعدًا.”
نظرت آيسيل إلى آليشيا وكاثرين بعينين مرتجفتين،
وقد فُقِد منها أي طاقة.
وحين رأت كاثرين شكلها،
فتحت فمها من شدة الصدمة دون وعي منها.
فقد كانت تشبه والدتها بشكل كبير جدًا.
‘ إنها… مختلفة عني.’
على عكس كاثرين، التي كانت تشبه والدها فقط،
كانت هذه الطفلة تشبه ديانا بدرجة لا يمكن إنكارها.
ولو لم تكن نحيلة ومتسخة بهذا الشكل، لكان الشبه أكثر وضوحًا.
‘لكن …’
ومع ذلك، كان الأمر صادمًا من ناحية أخرى.
كانت أليشيا بالتأكيد أقرب صديقات ديانا.
لكنها استبدلت ابنة ديانا بابنتها هي،
ثم تركت الابنة الحقيقية لديانا تنشأ بهذا الشكل؟
من مظهرها، لم يبدو حتى أنها أُرسلت إلى دار أيتام محترمة.
“ قلتِ لي أن أستخدمها كخادمة، صحيح؟“
قالت كاثرين وهي تضبط ملامحها عن عمد لتبدو غير مكترثة،
ثم نظرت إلى أليشيا.
“ إذن، أريد التحدث إلى هذه الطفلة قليلًا.”
“ بالطبع، تفضلي.”
ابتسمت أليشيا بلطف لكاثرين ثم خرجت من الغرفة.
وفور صدور صوت إغلاق الباب، أمسكت كاثرين بكتفي آيسيل التي كانت تركع أمامها، ورفعتها واقفة.
“ ما اسمك؟“
تسللت نبرة مرتجفة من بين شفتيها دون أن تشعر.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O ━O ━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل "112- التشابتر الخاص الاول- ماذا لو اختارت كاثرين بيئتها بدلًا من دمها؟"