استمتعوا
عادت كاثرين بسرعة ونظرت إلى ديانا.
كانت على وشك أن تسأل كيف استطاعت آيسيل ارتداء هذا الفستان الجديد الجميل، لكن ديانا كانت قد ابتعدت،
وأصبحت مع سيرينا على بُعد مسافة، تتحدث مع الضيوف.
كانت عيون كاثرين محمرة من الغضب، لكنها كانت تعلم جيدًا أنه إذا تصرفت بشكل سيئ هنا، فإن ظهورها الأول في المجتمع سينتهي بشكل كارثي.
كانت غاضبة للغاية بسبب أنها مضطرة لاحتواء غضبها في هذا الموقف.
كانت تريد أن تمسك بتاج آيسيل الذي يلمع فوق رأسها،
وتقوم بنزعه وتدميره تمامًا.
كانت يديها ترتجفان.
بعد أن قاومت الغضب بصعوبة، حاولت كاثرين أن تبتسم وتوجه تهنئتها لأولئك الذين حضروا لمباركة ظهورها الأول.
لكن آيسيل كانت تقترب منها باستمرار.
وعندما وقفت بجانبها،
أصبح مظهر كاثرين المتهالك أكثر وضوحًا مقارنة بآيسيل.
لم يكن الأمر متعلقًا بالفستان والمجوهرات فقط.
كانت الطموحات التي التصقت بها جعلت الفارق بينهما واضحًا،
من مشية كل منهما إلى تفاصيل أخرى.
لم يكن هناك أثر لجمال كاثرين الطفولي بعد الآن.
“كاثرين.”
“… لا تتحدثي إليّ.”
“لا تقلقي. اليوم ستكونين أنتِ بطلة الحفل.”
“ماذا؟“
ابتسمت آيسيل بشكل ساخر ورفعت زاوية فمها قبل أن تتجه نحو مقدمة قاعة الحفل.
وكأنها تطلب الانتباه، قامت بنقر كوب زجاجي بمعلقة صغيرة.
مع الصوت النقي، بدأت أنظار الجميع تتجه نحو آيسيل.
“شكرًا لكم جميعًا على حضوركم حفل ظهوري الأول مع كاثرين.”
آيسيل أمسكت بحافة فستانها بكلتا يديها وقامت بإلقاء تحية لطيفة. كانت كاثرين تنظر إليها بدهشة، فهي مجرد فتاة تم تبنيها مؤخرًا، ومع ذلك كانت تتصرف وكأنها هي صاحبة هذا القصر.
“مع ظهوري الأول في المجتمع، لدي مفاجأة ممتعة لكم جميعًا.”
بدأ الضيوف يركزون أنظارهم على آيسيل، ينتظرون حديثها.
“منذ أيام، زارنا هنا الأمير آيبرك.”
وعلى الرغم من أنها كانت تتحدث لأول مرة أمام هذا العدد من الناس، إلا أن آيسيل كانت هادئة وغير مترددة.
“لكن… قام أحدهم بفعل جريمة شنيعة،
حيث وضع السم في السكر الذي كان الأمير سيأكله.”
في تلك اللحظة، فغرَت فم كاثرين ببطء.
بدأت ترتجف، وكأنها فهمت شيئًا ما.
هل هذا يعني أنها ستصبح هي الهدف؟
انتشر شعور بالقشعريرة في جسد كاثرين عندما فهمت ما تعنيه آيسيل.
“لم يتمكنوا من العثور على الجاني، وقد كانت دوقة آيبرك في قمة القلق، ولكن أخيرًا تم العثور على الجاني.”
على الفور، خرجت إحدى الخادمات لتقف بجانب آيسيل.
“هذه الخادمة تقول إنها تعرف الجاني.
هل يمكنكِ إخبارنا من هو؟“
“الجاني هو…”
كانت الخادمة ترتجف بوضوح لكنها رفعت إصبعها ببطء.
ثم أشار إصبعها مباشرة إلى كاثرين.
“كاثرين، الأميرة.”
“الأميرة؟!”
“لماذا فعلتِ هذا مع الأمير؟“
بدأ الضيوف يتحدثون معًا بهدوء.
تقدمت كاثرين، فمها يتحرك بشكل عصبي.
“هذا كذب! كيف يمكنني…؟“
“لقد طلبتِ مني أن اذهب بدلاً عنكِ في محل الفساتين… ثم ذهبتِ لشراء شيء. لم أكن أعلم أنه سم…”
“كاثرين، لماذا؟“
صرخت ديانا بذهول، وكأنها كانت مفاجأة حقيقية.
“أأنتم تصدقون كلام خادمة تافهة كهذه؟
قلتُ لكم إنني لستُ من فعلها!”
“هناك دليل…”
عندما واجهت كاثرين هذه التهمة، انفجرت الخادمة في الكلام.
“دليل؟“
تلعثمت كاثرين، كانت تعلم أنه لا يوجد دليل يدينها.
“هذه الأقراط التي أعطتني إياها الأميرة.”
“هذه…!”
كانت هي الأقراط البلورية التي تركتها عندما زارها الدائنون،
ولكنها لم تعطيها تلك الخادمة.
لم تكن غبية إلى هذا الحد.
لكن الخادمة كانت تحدق في كاثرين وتكمل حديثها.
“ستجدون نفس الأقراط في صندوق مجوهرات الأميرة كاثرين.”
عادت نظرات كاثرين مليئة باليأس.
بينما كانت ابتسامة آيسيل تتسع ببطء وهي تراقب كاثرين.
بالطبع، لم يكن من الممكن أن يصدق الجميع شهادة الخادمة وحدها.
لهذا السبب، عندما جاء الدائنون إلى القصر، كانت آيسيل قد طلبت من الخادمة أن تأخذ إحدى الأقراط من مجوهرات كاثرين وتخفيها، لتظهر وكأن كاثرين هي من طلبت منها ذلك.
ثم قدمت بليندا ومعها القرط الآخر من صندوق مجوهرات كاثرين.
“كيف حدث هذا؟!”
“أمر مفتعل…!”
بدأت كاثرين تهتز وكأنها ستفقد صوابها،
لكن تم قطع كلامها بسرعة من قبل شخص آخر.
“هذا ليس مفتعلًا.”
كان هو سوير. بدأ يتقدم ببطء وقال:
“سمعتُ هذا بنفسي. في ذلك اليوم، قالت لي الأميرة كاثرين.”
“ماذا قالت؟“
“قالت لي، ‘أنا آسفة‘ .”
هل كان مستيقظ في ذلك اليوم؟
كانت كاثرين تومض بعينيها غير مصدقة.
“قالت لي، ‘لن أسمح لآيسيل بالزواج من سوير أبدًا.
مهما كان ما سيتطلب علي فعله، سأفعله‘ .”
لم تستطع كاثرين الرد على كلام سوير.
بدأ الضيوف يتنهدون، كان حديث آيسيل صحيحًا.
أصبحت هذه القصة مثار حديث الجميع.
لكن آيسيل لم تكن ستتوقف هنا.
“لكن، هذه مجرد بداية.”
“آيسيل، أنت…!”
“الحديث الأكبر الآن سيبدأ. لماذا حاولتِ تسميم سوير؟“
بدأت نظرات الضيوف تصبح أكثر حدة.
ماذا ستقول آيسيل الآن؟ كان وجه كاثرين شاحبًا تمامًا.
“لأن كاثرين ليست ابنة دوقة إيرنست، إنها ‘مزيفة‘ .”
“ماذا؟ أمي؟“
نظرت كاثرين بدهشة إلى ديانا التي كانت قد دخلت في الحديث.
“ماذا تعنين؟ أنا لست مزيفة!”
“كفى كذبًا، كاثرين.”
نظرت إليها ديانا بنظرة باردة وقالت بصوت منخفض.
ثم بدأت تمشي للأمام.
تجمعت الأنظار على كاثرين.
“أيها الحضور.”
بدأت ديانا حديثها بهدوء.
“كاثرين هي ليست ابنتي.”
كانت كلمات ديانا أكثر إثارة للدهشة من حديث آيسيل،
بدأت القاعة تهتز.
“هي ابنة زوجي السابق، كاليبسو دي إيرنست،
وصديقتي السابقة، إليشيا لو بلير.”
نظرت ديانا إلى كاثرين بعينين بطيئتين.
“إنها ابنة غير شرعية.”
كانت كاثرين تتأرجح ممسكًة بالطاولة بجانبها،
كأن العالم قد انهار من حولها.
بعد أن اكتشفت ديانا الحقيقة، لم يكن هناك أحد هنا للدفاع عنها.
لا إليشيا ولا كاليبسو، ولا أحد غيرها.
كانت وحدها.
كانت تنفس بصعوبة وتحرك رأسها نافية.
“لا، لا! أنا ابنتكِ الحقيقية!”
لا يمكن أن يكون هذا هو النهاية.
كيف تحمّلت كل تلك السنوات؟
كانت تعلم أنه بعد أن اكتشفت ديانا أنها مزيفة، سيتركها الجميع.
لذلك تمسكت بكل قوتها للنجاة.
لكن هل ستنتهي هكذا بسهولة؟
لحظة، ظهر وجه إليشيا أمام عينيها.
لكن صرخة آيسيل أعادت عقل كاثرين إلى الواقع.
“أنتِ مزيفة، كاثرين!”
“أنا لست مزيفة…”
“أبي.”
نقلت ديانا أنظارها نحو المدخل.
كان ماركيز بريتشي قادمًا.
ذهب الماركيز بريتشي ببطء نحو مقدّمة قاعة الحفل وهو يتحدث.
“ثمة أمر لا يُنقَل إلا إلى رؤساء العائلات.”
وفي يده كان يحمل خاتم العائلة المرصع بالزمرد.
“الجوهرة المغروسة في الخاتم، تكشف ما إذا كان في عروق الشخص دم من تلك العائلة أم لا.”
“لا، لا تفعل…! جدي، أنا كاثرين!
كاثرين التي أحببتها، جدي العزيز!”
بدأت كاثرين تتراجع إلى الخلف،
ولكن بليندا قطعت عليها طريق الهروب من خلفها.
وسرعان ما وصلت يد الماركيز الحاملة للخاتم إلى كاثرين.
وكما كان متوقعًا، لم يصدر عن الجوهرة أي ضوء.
وانعكست الصدمة على وجوه جميع الحاضرين الذين راقبوا المشهد.
قالت ديانا بصوت رزين، وقد تزامنت كلماتها مع حركات يد الماركيز وهو يمد الخاتم نحو آيسيل:
“أليشيا لو بلير بدّلت ابنتها بابنتي،
وجعلت ابنتي تكبر كخادمة، تتعرض للإساءة.”
وما إن لامست الجوهرة آيسيل، حتى بدأت تشعّ بألوان قوس قزح.
“هذه هي ابنتي الحقيقية، آيسيل.”
كانت آيسيل قد عُرفت سابقًا بأنها مُتبناة من دوقية إيرنست بعد حفل عيد ميلاد سوير الأخير.
لكن اتضح الآن أنها في الحقيقة الابنة الحقيقية لديانا.
أصيب جميع من في القاعة بصدمة جعلتهم يتجمدون من الذهول.
لكن ديانا لم تكتفِ بهذا.
“لو أن الأمر اقتصر على هذا فقط،
لما دفعتُ كاثرين إلى هذا الحد.”
“لكن كاثرين تحالفت مع أليشيا،
وسعت لقتلني وقتل آيسيل أيضًا…!”
انفجر الغضب الذي كانت ديانا تحبسه طوال هذا الوقت.
اقتربت من كاثرين التي كانت تهزّ رأسها نافيًة،
وأمسكت بذراعيها بقوة.
“كيف استطعتِ فعل ذلك؟!”
خرج صوتها كصرخة تمزق القلب.
“كنت أحبكِ كثيرًا… حتى لو لم تكوني ابنتي الحقيقية،
كنت مستعدة لأحبك كأنكِ كذلك…!”
اهتزّت أسنان كاثرين وتصدعت، وهي ترتجف من شدة التأثر.
“تلقيتِ كل ذلك الحب، فكيف خنتِني؟!”
نظراتها المضطربة أخذت تجول في القاعة.
كل ما كان يحدث بدا وكأنه كابوس.
وصوت ديانا صار يتلاشى في الخلفية،
وكأنها على وشك أن تفقد وعيها.
نظرات الناس انغرست فيها كالسكاكين.
رغم أنهم لم يقولوا شيئًا، إلا أن أعينهم كانت تصرخ:
“مزيفة، مزيفة.”
“لا! أنا لست مزيفة!”
وفجأة، بدأت العلامة المحفورة في كفّ كاثرين،
التي تركها إكليبت، تُطلق هالة سوداء.
“ما هذا؟!”
تصاعد الدخان الأسود تدريجيًا،
قبل أن يتحوّل إلى نور حاد صعد إلى السماء.
ثم انقسم إلى ثلاث أشعة.
واحدة اتجهت نحو كاثرين،
وأخرى إلى أليشيا، والثالثة إلى كاليبسو.
وفي تلك اللحظة، انغرست لعنة إكليبت،
التي تركها في آثار العلامة، في أذهانهم.
ومن خلالها، عادت إليهم الذكريات التي سبقت عودة ديانا وآيسيل إلى الماضي.
تذكّروا كيف قتلوا ديانا وآيسيل،
وكيف انتهى بهم المطاف إلى مصير بشع على يد رويري.
“آه…!”
رفعت كاثرين رأسها فجأة، وكذلك فعلت أليشيا وكاليبسو.
وأدركوا عندها كل شيء.
الأحداث التي كانت تحدث لهم، وما تعنيه.
“أمي…!”
اقتربت كاثرين من ديانا، وهي ترتجف بشدة.
“ما هذه الذكريات؟! هذا… هذا ليس أنا!”
هزّت رأسها بعنف،
محاولة نفي الذكريات التي سقطت عليها كالشهب.
“لماذا أضع السم لأمي…؟!”
يبدو أن لعنة إكليبت كانت لا تزال سارية حتى بعد موته.
لقد ترك أثره في كاثرين حتى النهاية.
وكان ذلك بمثابة عقاب منه على خيانتها له في لحظاته الأخيرة.
“أما زلتِ تنادينني أمي؟
لمَ لا تناديني ديانا كما كنتِ تفعلين سابقًا؟“
كان صوتها هادئًا بشكل مقلق،
لكن عينيها لم تحمل أي أثر للابتسامة.
لقد حان الوقت… لتوجيه الضربة القاضية.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 106"