الفصل 178 : القصة الجانبية 12 : في أحد الأيام في الحاضر ⁴
“ماذا؟”
“إذا وقف شخصان في آنٍ واحدٍ أمام البلورة، فلن تتمكن من قراءتها.”
“همم، لا، هذا مستحيل.”
“متى كانت آخر مرة جاءت فيها دورتكِ الشهرية؟”
عند التفكير في الأمر، لم تأتِها الدورة هذا الشهر. تُرى، هل حدث ذلك في الشهر الماضي؟
ربما آخر مرة رأت فيها الدم كانت…
لم تحتج إلى تشغيل عقلها لتتذكر، فقد كان ذلك قبل عودة لازلو من السماء.
“قبل شهرين ونصف.”
“إذن، مرّ ما يقارب الثلاثة أشهر؟ هناك احتمالٌ إذًا.”
“أنا؟ حامل؟ هل أنا حامل حقًا؟”
“كما توقعت. لا يمكن أن يكون ما صنعته معطوبًا.”
قالت ريكا بثقةٍ كبيرة، بينما وجدت أغنيس صعوبةً في تصديق كلماتها. فخلال السنوات الست الماضية، لم تحمل ولو لمرة واحدة، لذا كان من الطبيعي أن تشكّ.
“هل أنتِ متأكدة؟”
“لا يُمكن أن أُخطئ. لقد عمل الجهاز بشكلٍ صحيحٍ بالأمس.”
نهضت أغنيس من مقعدها فجأة. أصبح عقلها فارغًا تماماً، ولم تكن تعلم ما الذي ينبغي عليها فعله.
“هل أنتِ متأكدة تمامًا؟”
“آه، إذا كنتِ لا تصدقين، فاذهبي إلى طبيب القصر وتحققي بنفسكِ.”
ترنحت أغنيس وهي تغادر مختبر ريكا.
وحين وصلت إلى غرفة نومها، طلبت باستغرابٍ من كبير الخدم أن يستدعي طبيب القصر، ما دفعه لسؤالها بقلق.
“هل تشعرين بعدم الارتياح في مكانٍ ما؟”
“لا، أريد فقط التأكد من شيءٍ ما.”
وحين وصل الطبيب، قام بفحص جسدها بعنايةٍ تامة، ثم أشرق وجهه.
“جلالتك، أنتِ حامل. لقد مرّ الآن أكثر من شهرين بقليل.”
“آه…”
“مباركٌ لكِ، جلالتك!”
كان خدم القصر هم أول من تفاعل مع الخبر، حيث انحنوا بعمقٍ وقدموا لها التهاني.
أما أغنيس، فلم تقل شيئًا، وكأنها لم تستوعب الأمر بعد.
“هل ينبغي أن نُبلغ الدوق على الفور؟”
قال كبير الخدم مبتسمًا بسعادة، وعندها فقط تذكرت أغنيس لازلو.
“… لا.”
“عفوًا؟”
“سأخبره بنفسي، لذا التزموا الصمت جميعًا.”
“آه، سنفعل ذلك يا جلالتك.”
بعد أن صرفت الجميع من الغرفة، وضعت أغنيس يدها على بطنها.
شعرت بإحساسٍ غريب.
لقد كان الحمل شيئًا تمنته طوال السنوات الست الماضية، ومع ذلك لم تستطع تصديق الأمر.
ربما لأنها لم تشعر بأي أعراضٍ واضحة، لذلك بدا الأمر غير حقيقيٍ بالنسبة لها.
بلا شك، عندما تخبر لازلو، سيفرح كثيرًا.
ربما ستغمر الدموع عينيه من السعادة.
لكن في الوقت ذاته، شعرت أغنيس بالخوف.
حتى الآن، ورغم عدم وجود وريثٍ للبلاد، كان لازلو يذهب إلى الأماكن الخطرة دون تردد. فماذا لو، بعد أن علم بوجود الطفل، قرر أن يذهب وهو مطمئن تمامًا؟
أغلقت أغنيس عينيها وأخذت نفسًا عميقًا ببطء.
صورتان متضادتان، لازلو وهو سعيد، ولازلو وهو يرحل، اجتمعتا في ذهنها، مما زاد من معاناتها.
***
في تلك الليلة، وصل لازلو إلى غرفة النوم في الوقت المعتاد. رأته أغنيس، لكنها بقيت جالسةً على السرير، صامتةً تمامًا.
“ما زلتِ غاضبة؟”
“…”
“أغنيس.”
جلس لازلو بجوارها بحذر، متفحصًا تعابير وجهها.
“أعلم ما الذي يشغل بالكِ، لكنني سأعود.”
“…”
“المكان الذي ينبغي أن أكون فيه دائمًا هو بجانبك.”
لم تتفوه أغنيس بكلمة. شعر لازلو ببعض التوتر، فرفع ذقنها لينظر مباشرةً في عينيها.
“ألن تقولي شيئًا؟”
“أنتَ…”
“تحدثي، أغنيس.”
حين التقت عيناها بعينيه، انعكس وجهها في حدقتيه الخضراء العميقة.
“لو افترضنا…”
“أنا أستمع.”
“طفل… لا، لا شيء.”
هزّت رأسها محاولةً إنهاء الحديث. حاول لازلو إلحاحها بالسؤال، لكنها أبقت شفتيها مطبقتين ورفضت الكلام.
ومضت الأيام على هذا النحو.
بدأت أغنيس بتقليل عدد المرات التي تتناول فيها الطعام معه، وكانت تنام قبل وصوله. ورغم أنهما كانا في المكان ذاته، لم تسنح لهما فرصةٌ للتحدث.
ومع تكرار ذلك، أصبح وجه لازلو يزداد شحوبًا وسوءًا يومًا بعد يوم.
“لماذا يبدو وجهك بهذا السوء؟”
“زولتان.”
“حتى أنا، الذي أسهر لحراسة الخطوط الدفاعية، لا أبدو بهذا الإرهاق.”
قال زولتان، الذي جاء إلى القصر بعد غيابٍ طويل، بينما ألقى بنفسه على الأريكة وأرخى جسده تمامًا.
بوجهه المشرق وعباءته، بات يبدو كدوقٍ بحق.
“مر وقتٌ طويل. هل اعتدتَ على العمل؟”
وكأن زولتان كان ينتظر هذا السؤال، إذ بدأ بالشكوى فورًا.
“لا تذكرني! أكوام من الأوراق يوميًّا، الدفاعات، وحتى نايل! أشعر أن عشرة أجسادٍ لا تكفي للتعامل مع كل هذا. كيف كنتَ تدير كل شيء؟”
“ماذا عن نايل؟ سمعتُ أنه أصبح أكثر لينًا بعد الزواج؟”
“خلال شهر العسل، كان يبتسم طوال الوقت لدرجةٍ جعلتنا نشعر بالقشعريرة، لكنه مؤخرًا تشاجر مع أدريان بسبب سفرها.”
أطلق زولتان تنهيدةً ثقيلة، وهز رأسه وكأن الأمر مرهقٌ للغاية.
وبعد قليل، دخلت ناي، التي جلست بجوار زوجها، وضربت فخذه برفق، فمد زولتان يده ليضعها على كتفها تلقائيًا.
أضافت ناي وهي تتابع الحديث.
“لذلك، لم أجرؤ على قول شيءٍ له. بدا غاضبًا لدرجةٍ جعلتني أشعر بالتوتر.”
“أما أنا، فقد أُصبتُ بعسر هضمٍ أثناء تناول الطعام معه.”
“إلى أين أرادت أدريان الذهاب؟”
“إلى إحدى القرى النائية في ليانا، حيث ينتشر وباءٌ محلي.”
“لماذا؟”
“تقول إنها بحاجةٍ إلى جمع أعشابٍ لا تنمو إلا هناك لإجراء أبحاثها.”
“حاولتْ السفر سرًا وتسببت في شجارٍ كبير.”
“لا يزالان كما هما تمامًا.”
ابتسم لازلو ابتسامة خفيفة. فتفحصت ناي ملامحه قبل أن تفتح فمها.
“على أي حال، كان يجب أن أسأل ما إذا كان جلالتك بخير… لكن بالنظر إلى وجهك، لا يبدو الأمر كذلك.”
“ما الأمر؟ من الذي يثير غضبك مجددًا؟”
“هل للأمر علاقة بجلالة الملكة؟”
“الآن وقد ذكرت ذلك، بدا وجه جلالتها غير جيد أيضًا، أليس كذلك؟”
“يبدو أنكما قد تشاجرتما.”
“أوه، أخي، يجب أن تعتذر أولًا وتتوسل لها. الزواج هكذا بطبيعته.”
“يجب أن نعرف ما الذي حدث أولًا قبل تحديد من المخطئ.”
“مخطئ؟ ألا تتذكرين عندما حاولتِ فعل ذلك، فانتهى بكِ الأمر غاضبةً ونمنا في غرفةٍ منفصلة لمدة نصف شهر؟”
“غاضبة؟ انتقِ كلماتك بعناية، أيها الدوق أرباد. لم أكن أنا الغاضبة، بل أنت من كنت كذلك.”
بينما كان لازلو يستمع إلى حديثهما، بدأ يشعر بصداعٍ متزايد. ضغط على صدغيه وأطلق تنهيدة عميقة.
“كفى.”
“غاضب؟ أنا؟ متى؟ في أي شهر؟”
“لمَ تسأل عن التاريخ وكأنك طفل؟ ألا تتذكر عندما طلبتُ منك تناول الطعام معي، لكنك خرجت متجاهلًا إياي؟”
“ذلك لأنني كنت مشغولًا، وقلت ذلك بالفعل.”
“هاه، أي عذرٍ سخيفٍ هذا؟ حتى كلاب سوتمار لن تصدّق…”
“قلتُ كفى!”
عندها فقط أطبق الزوجان، دوق أرباد وزوجته، شفاههما بإحكام.
“إذا استمر الأمر هكذا، فمن الأفضل أن تغادرا. رأسي يؤلمني بالفعل.”
“هممم. أين كنا؟”
“أخي، قلتَ إنك تشاجرت مع جلالتها.”
“يا إلهي، هل حدث شيءٌ بينكما؟”
سألت ناب وكأن شيئًا لم يكن، فقام لازلو بإيجاز بشرح ما حدث.
بمجرد أن أنهى حديثه، عبس زولتان بشدة.
“لكن لماذا تصرّ على الذهاب إلى الجدار؟ أخي، أنت حقًا تفتقر إلى الدهاء. في مثل هذه الأوقات، يجب أن تبقى صامتًا وألا تبادر بشيء. لا يجب حتى أن تلتقي عيناكما.”
“لم يكن هناك أحد مناسب للذهاب، فماذا كان علي أن أفعل؟”
“لا يوجد أحد مناسب؟ بل لا أحد يريد الذهاب.”
“وماذا قالت جلالتها؟”
“لم تقل شيئًا.”
“ماذا؟”
“منذ ذلك اليوم، لم تتحدث معي على الإطلاق، حتى أنها بالكاد تنظر إلي.”
“أوه…”
أطلقت ناي تنهيدة منخفضة، فيما انخفض رأس لازلو أكثر فأكثر.
“يبدو أنها غاضبةٌ حقًا.”
“ماذا علي أن أفعل؟”
“ماذا تعني بماذا؟ ببساطة لا تذهب.”
“لو كنت أستطيع تجنب ذلك، لفعلت منذ البداية. لا يوجد أحد غيري يمكنه الذهاب.”
“أخي.”
ضرب زولتان صدره بإحباط.
“لمَ أنت عديم المرونة هكذا؟ إذا لم يكن هناك أحد للذهاب، فاصنع شخصًا ليذهب.”
“أصنع؟”
رفع لازلو رأسه فجأة. اقترب زولتان من أخيه وهمس في أذنه بشيء ما. وما إن سمعه، حتى أشرق وجه لازلو وقفز من مقعده على الفور.
***
“هاااااام.”
“هل أعود لاحقًا؟”
“لا، تابع.”
كان الإداري الذي يقرأ التقارير واحدًا تلو الآخر يراقب مزاج الملكة بحذر. لم يكن ذلك مستغربًا، فقد تثاءبت للمرة الثالثة بالفعل.
غطّت أغنيس فمها بقوة، شربت الماء البارد مرارًا. مؤخرًا، لم يكن النوم كافيًا لها أبدًا. رغم أنها أصبحت تنام قبل موعدها المعتاد بساعتين، إلا أن الاستيقاظ في الصباح بات معاناة.
بعد أن أنهت الاجتماع وهي تحارب النعاس، تناولت غداءً فاخرًا مع دوق أرباد وزوجته بعد غياب طويل.
لكن حتى بعد ذلك، كانت المهام التي تنتظرها كثيرة. قرصت أغنيس فخذها لمقاومة نعاس فترة الظهيرة.
“جلالتك، هل نلغي الجدول التالي؟”
“لا داعي.”
اقترح كبير الخدم بحذر، لكن أغنيس لوّحت بيدها رافضةً.
“إذا أجلتُه اليوم، سيتضاعف العمل غدًا. من التالي؟”
“إنه الكونت سيلون.”
“أوه؟”
كان قد مرّ وقت طويل منذ أن جاء إيميريش إلى العاصمة، فارتسمت ابتسامةٌ مشرقة على وجه أغنيس.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 178"