أخرج لازلو ضمادة كان قد أعدّها مسبقًا. مدّت أغنيس يدها اليسرى له دون مقاومة.
“لا تخلعيها أبدًا. حتى عامة الناس يعلمون أن من يحمل الشعار على ظاهر يده هو من العائلة المالكة.”
لفّ لازلو الضمادة بمهارة، مخفيًا الشعار تمامًا.
نظرت أغنيس إلى يده ثم إلى شعارها بوجه مضطرب.
“أخي!”
سمعوا فجأة صوت زولتان من الخارج.
“تذكر ما قلته لك.”
دون أي كلمات إضافية، ناول لازلو أغنيس الحقيبة التي أعدها لها، ثم أمسك بمعصمها وقادها إلى خارج الغرفة. عند فتح الباب، كان زولتان واقفًا هناك، يلهث من الغضب.
“اكتشفت من اللعين الذي فتح بوابة القلعة.”
“من؟”
“ماترون. ذلك الوغد الحقير، رأيته يلوّح بذيله لسيباستيان.”
كان وجه زولتان محمرًا لدرجة أنه كان يمكن رؤيته بوضوح حتى في الظلام.
ماترون…
عند سماع ذلك الاسم، صكّ لازلو على أسنانه بغضب. كان ذلك الرجل فارسًا وثق به وأبقاه قريبًا منه. لكنه خانه بهذه الطريقة…
“سأتولى أمر ذلك الخائن، أما أنت، يا زولتان، فخذ الأميرة وارحل الآن.”
عندما كان لازلو يحدّق في عينيها الزرقاوين، شعر بإحساسٍ غريب، كأنه يغرق في البعد.
“أنا سعيد لأنني أستطيع أن أقدم لكِ شيئًا أخيرًا.”
أخفى كلماته الحقيقية في قلبه، وقال بدلًا من ذلك الكلمات التي كان قد أعدها مسبقًا.
“ماذا… ماذا قلت للتو؟”
“أتمنى لكِ الصحة والسلامة.”
“لماذا تنظر إليّ بهذه الطريقة…؟”
قبل أن يتمكن من الرد، ضربها زولتان على مؤخرة عنقها، مما أفقدها وعيها.
رغم أن لازلو عبس عند رؤيته لذلك، إلا أنه لم يعترض، فقد أدرك كلاهما أن الوقت لم يكن في صالحهما.
تبادل الشقيقان نظرات سريعة، فلم تكن هناك حاجة لأي وداع آخر. ثم تحرك زولتان بعيدًا، مترددًا للحظة وكأنه يريد قول شيء، لكنه استدار في النهاية ورحل.
راقب لازلو ظهريهما وهما يبتعدان لفترة طويلة.
لا بد أن هذه هي المرة الأخيرة.
مرت العديد من الذكريات في رأسه—يوم وقفت أمام بوابة القلعة متوترة وهي تترجل من العربة، عندما احمر وجهها في الليلة الأولى وطلبت منه أن يناديها باسمها، تلك الليالي التي أمضياها معًا بسلام.
والآن، لم يتبق له سوى شراء الوقت حتى تصل بأمان إلى الجنوب.
استل سيفه من غمده وسار نحو بوابة القلعة.
***
“أين أخفيتِ الأميرة؟”
“أهغ…”
“أين أخفيتِ أغنيس! تكلم! أجبني!”
غرق لازلو في الدماء منذ فترة طويلة، جسده مشوه لدرجة أن ملامحه لم تعد تُعرف، وساقه تتدلى بلا قوة.
راح الملك سيباستيان يركل جسده الممزق بجنون، ثم تناول سيخًا غليظًا وغرسه مرارًا في جروحه المتقيحة.
أصدر لازلو أنينًا ضعيفًا. مهما اعتاد الإنسان على الألم، فلن يصبح ذلك سهلًا أبدًا.
“إن لم تتكلم الآن، سأقطع أطرافك وأبقيك حيًا!”
لم يرد لازلو.
“أتظن أنني لن أفعل؟! أحضروا لي سيفي فورًا!”
كان وجه الملك مشوهًا بالغضب، وعيناه تقدحان جنونًا. ارتعد الخدم من الخوف، مترددين في الاقتراب.
حينها، تقدمت الكونت بارانيا، التي كانت تراقب الموقف من بعيد، واقتربت من الملك.
“جلالتك، لازلو دوق أرباد من كبار النبلاء. إعدامه دون محاكمة قد يثير قلق الكثيرين.”
“هذا الخائن يخفي مجرمةً فارّة! هل تتوقعين أن أقيم له محاكمة؟ أحضروا لي السيف!”
“جلالتك…”
“كونت بارانيا، ألا تسمعيني؟”
أطبقت الكونت شفتيها للحظة قبل أن تغمض عينيها بإحكام. ثم سحبت سيفها وقدّمته للملك.
أخيرًا، ابتسم سيباستيان برضا وسحب النصل، والذي تلألأ بحدة تحت ضوء الشمس.
رفع الملك السيف عاليًا، ثم هوى به بقوة.
“آغغ!”
صرخة قصيرة، واندفعت الدماء في كل الاتجاهات، متناثرة كالرذاذ. تساقطت قطع اللحم الممزقة على الأرض.
مسحت الكونت بارانيا وجهها الملطخ بالدماء بهدوء.
“جلالتك، اسمح لي بتولي التحقيق من هنا.”
“بنفسكِ؟”
“نعم، الشمس حارقة اليوم، وأخشى أن يؤثر ذلك على صحتك.”
“حسنًا، تولَّ الأمر، لكن أريد مكانها منه بأي وسيلة. يجب أن تموت تلك المرأة.”
“كما تأمر.”
انحنت الكونت باحترام، بينما غادر الملك إلى خيمته.
ثم جلست الكونت على كرسي بالقرب من لازلو، حيث فاحت رائحة الدم في الأرجاء.
“دوق أرباد.”
رفع لازلو رأسه بصعوبة. الشمس ساطعة بشكل مؤلم، وعيناه المنتفختان بالكاد تفتحان.
“أيتها الكونت… هل ستبيعين عائلتك… لإنقاذ نفسك؟”
بسبب لسانهِ المتورم، كان كلامه مُبعثرًا.
حدقت بارانيا به للحظة في صمت.
كانت تعرف هذا النوع من الرجال جيدًا—لا التعذيب ولا التهديد سيجعلهم ينحنون.
“رجلٌ نبيلٌ حقًا.”
زفرت الكونت ببطء، وشعرت بالأسف لضرورة قتل رجلٍ مثله.
نظرت إلى الدماء المتجمعة أسفل لازلو، مدركًا أنه لن يعيش طويلًا بهذه الإصابات.
في تلكَ اللحظة، دخل أحد الجنود المسرعين، وانحنى للكونت.
“سيدي، وجدنا أثرًا للأميرة بالقرب من جبال زاهار.”
“كما توقعت.”
لم تكن لتصل بعيدًا. أغنيس نشأت في قصرٍ دافئ، ولم تعتد على السفر الطويل أو المشقة.
لذلك، لم يكن من الضروري استجواب لازلو في المقام الأول—كان هذا مجرد انتقام شخصي من الملك.
“هل لديك كلمات أخيرة؟”
نظر لازلو أمامه بصمت.
استرجع وجه والديه اللذين بالكاد يتذكر ملامحهما، وصورة زولتان الذي بكى وهو يودعه.
لكن في النهاية، لم يرَ سوى أغنيس.
“…”
“ماذا قلت؟”
حرك شفتيه بالكاد، ولم يكن صوته مسموعًا.
اقتربت الكونت أكثر وسألته مجددًا.
“قلها مرة أخرى.”
همس لازلو أخيرًا، بالكلمة التي لم يجرؤ على نطقها حين كانت بجانبه.
“أغنيس…”
أطلقت الكونت تنهيدة قصيرة، ثم رفعت سيفها.
اخترق النصل قلبه في لحظة، ليبدد الألم معه.
وفي تلك اللحظة، انتهت ذكرياتُه إلى الأبد.
الفصل الجانبي (1): في أحد الأيام في الماضي—تم
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 174"