لمحة خاطفة إلى كريستوف كانت كافية له لتكوين تقدير دقيق. بعد أن افترض ثروته ، فرك التاجر يديه معًا و تحدث بصراحة.
“لدي كل شيء عدا لا شيء. ههههه”
بدلاً من أن يجيب ، كانت عينا كريستوف مشغولتين بمسح واجهات العرض. كانت الجواهر المختلفة تتلألأ بشدة ، محاوِلةً استعراض جمالها الفريد.
انفرجت شفتاه، وخرج صوته الجاف واللامبالي من بين شفتيه.
“أريد أن أرى مشبك شعر.”
“مشبك شعر؟ المشابك موجودة هنا.”
أشار صاحب المتجر إلى واجهة عرض على يساره.
وكما قال، كانت هناك مشابك شعر بأشكال وأحجام مختلفة داخل صندوق زجاجي.
تحركت عينا كريستوف بلا اكتراث قبل أن تستقرا على أحد المشابك. سارع التاجر إلى إخراج المشبك ودفعه نحوه.
“لا يمكن إنكار ذوقك الرفيع. هذا المشبك مستوحى من زهرة تدعى النجم الأزرق. بتلاتها الخمس تشبه النجوم، لذا يُطلق عليها اسم النجم”
“بوابة الحب”
“عذرًا؟” ،
سأل البائع باستغراب ، لكن كريستوف لم يرد عليه.
كان عقله غارقًا في قاموس لغات الزهور. سهر طوال الليل يقرأ ذلك الكتاب في الليلة الكئيبة التي رحلت فيها، تاركةً خلفها باقة من زهور أنف التنين على طاولته.
كان يتساءل إن كان هناك معنى آخر مخفي لهذه الزهرة، أملًا عبثيًا لم يستطع التخلي عنه بسهولة. لعل المعنى لم يكن الفخر ، بل الحب الأبدي أو العاطفة العميقة.
ولكن، حين أغلق الصفحة الأخيرة من الكتاب، كان وجهه يعكس اليأس والألم.
“بتلات النجم الأزرق تمتاز بلون أزرق خلاب. لذلك استخدمت الياقوت لمحاكاة هذا اللون بأكبر قدر ممكن. هل ترى هذا الأزرق المتألق؟ إنه ليس ياقوتًا عاديًا، بل من أعلى درجات الياقوت، يُدعى النجم الأزرق. ألا يبدو الأمر كأنه قدر؟ نجم أزرق يلتقي بنجم أزرق آخر؟ وليس هذا فحسب، الحواف مصنوعة من البلاتين، وليس الفضة. تألقه الأنيق يجعله فخمًا، ألا تظن ذلك؟ كلما تأملت هذا العمل الفني، زاد إعجابك به. إنه مشبك شعر لا يمكن لأي امرأة أن ترتديه دون أن تقع في حبه من النظرة الأولى.”
تلاشى صوت البائع الناعم من أذنيه. اللؤلؤة الصغيرة كانت تربط بين سبع بتلات من النجم ، مثل زهور أنفاس التنين ، وكأنها إكليل زهر.
أغمض كريستوف عينيه ببطء، متخيلًا ماريان وهي تضع المشبك في شعرها. لا بد أنه كان سيتناسب مع عينيها الزرقاوين.
تلك العينان اللتان كانتا تبدوان وكأنهما تحملان الكون بأسره.
وحين فتح عينيه ببطء، همس كريستوف بصوت خافت.
“سآخذه.”
“نعم، إنه اختيار ممتاز. هل هناك شيء آخر تحتاجه؟”
شيء آخر يحتاجه…
كان بإمكان كريستوف أن يُهدي ماريان متجر المجوهرات بأكمله لو أرادت ذلك. لكنها لم تكن ترغب في ذلك، وبدأ يدرك أن هناك أشياء أخرى لا يستطيع المال شراؤها أيضًا.
“هذا كل شيء.”
“بالطبع، يرجى الانتظار لحظة”
أخرج كريستوف دفتر الشيكات ووقّع عليه قبل أن يعود إلى العربة. بدلاً من التحديق في المشهد خارج النافذة، كان يعبث بالصندوق في يده.
كان يتساءل ما إذا كانت ماريان ستُعجَب به.
لمحة خافتة من القلق والتوقع مرت على وجهه. لم يتخيل يومًا أن هدية قد تحمل كل هذه المشاعر المختلفة.
استعاد ذكرياته عندما قدم لها الكثير من الهدايا في الماضي—ترف ومجوهرات لم تعبر عن مشاعره الحقيقية. وتذكر الابتسامة المريرة التي كانت ترتسم على وجهها عندما كانت تقبلها.
جف حلقه وهو يتساءل إن كانت ستبتسم بنفس الطريقة المريرة هذه المرة أيضًا. كم تمنى أن يعجبها.
“لقد وصلنا.”
عند سماع تعليق لويس، عدّل كريستوف ربطة عنقه قبل أن يخرج من العربة. وفي اللحظة نفسها، انفتح الباب الأمامي ليكشف عن السيدة ليزت.
“يا إلهي، تبدو وسيمًا جدًا اليوم، كريستوف. بالطبع، أنت دائمًا أنيق، لكن اليوم تبدو وكأنك… زوج سابق بإمتياز! ومع ذلك، أنا متأكدة أن هذا لا يقارن بجمال ماريان. ستُصدم عندما تراها، ترقب ذلك!”
ابتسمت بحماس طفولي مشاكس.
“أمي!” ، صاح لويس بدهشة من أسلوبها العفوي، لكن لا كريستوف ولا السيدة ليزت أعاراه أي اهتمام.
“تفضل!”
لوّحت السيدة ليزت بيديها نحو الباب الأمامي. وفي تلك اللحظة، خرجت ماريان ببطء إلى ضوء الشمس الأبيض.
“لا تسخري مني” ، قالت و هي تنظر بخجل إلى السيدة ليزت.
“…”
الفستان الكحلي كان يناسبها تمامًا. الألماس المتلألئ في ضوء الشمس أضاف لمسة من الفخامة الإضافية.
لم يستطع كريستوف أن ينطق بكلمة.
فقط حدّق بها بصمت.
حين تلاقت أعينهما، أشاحت ماريان بوجهها إلى الأرض بتعبير مرتبك، وكأنها غير معتادة على ارتداء فستان كهذا منذ زمن طويل.
دفعتها السيدة ليزت بخفة.
“أرأيتِ؟ ألم أخبرك؟ كريستوف سيكون مذهولًا تمامًا!”
احمرّ طرف عنق ماريان عند تعليقها. عندها شعر كريستوف بشعور غريب من الديجافو—إحساس بأنه عاش هذه اللحظة من قبل.
آه…
ثم، أومأ برأسه لا إراديًا. أدرك الأمر فجأة.
لقد كان في يوم زفافهما، عندما كان ينتظر ماريان وهي تمشي نحوه على الممر.
خفضت ماريان رأسها، نصف متوترة ونصف محرجة، بينما كان يحدّق بها مأخوذًا وهي تتقدم نحوه. وعندما أمسك بيدها، أدرك أنها كانت ترتجف.
وفي تلك اللحظة، شعر بالراحة. لم يكن يعرف حتى السبب.
لكنه شعر وكأن عطشه الجامح قد رُوي تمامًا. وكأنه… وجد أخيرًا سلامه الأبدي.
عاد كريستوف من شروده القصير وبدأ في السير ببطء.
صعد طابقين من السلالم قبل أن يمد يده نحو ماريان.
“…”
بعد تردد للحظة، أمسكت ماريان بيد كريستوف.
شد كريستوف فكّه السفلي، وتحرك حلقه ببطء، وكأنه يحاول ابتلاع شيء ارتفع في حنجرته.
“يجب أن نذهب.”
سارا جنبًا إلى جنب نحو العربة. لم ينطق أي منهما بكلمة. كان الصمت الخانق يثقل كاهلهما.
“…..؟”
صعدت ماريان إلى العربة أولًا، ثم نظرت إلى كريستوف، الذي كان لا يزال ممسكًا بيدها. لم يترك يدها، وكأنه رجل غارق في ندم لا ينتهي.
كان يعتقد أنه امتلكها يوم زفافهما. كان يظن أنها أصبحت له أخيرًا. كان يعتقد أنه سيمتلكها إلى الأبد. لذا، شعر بالراحة حينها.
ولكن الآن، أدرك كريستوف أنها قد تفلت من بين يديه في أي لحظة. أن ماريان قد تختفي بسرعة من متناوله إن لم يتمسك بها بكل ما لديه من قوة.
“…”
“…”
“…كريستوف؟”
في النهاية، كسرت ماريان الصمت. ببطء، أفلت كريستوف يدها بينما سحب أنفاسه بصعوبة. استغرق الأمر بعض الوقت، وكأن ذلك كان شيئًا بالغ الصعوبة عليه.
عندما جلسا داخل العربة، أُغلق الباب. ركض لويس نحو مقعد السائق، بينما نادت السيدة ليزت ابنها.
“لويس، عليك أن تقود العربة بحذر! لا تجعل فستان ماريان يتجعد!”
“…فهمتِ، أمي.”
ردّ لويس متذمرًا من توبيخها، وكأنه طفل في السابعة من عمره، ثم ضرب السوط لينطلق الحصان.
كان كريستوف يحدق بها بحدة. لم تستطع ماريان رفع رأسها، فقط كانت تعبث بأطراف فستانها. في تلك اللحظة ،
“!…..”
شهق كريستوف بدهشة.
كان ينظر إلى يد ماريان، تحديدًا إلى إصبعها.
كان خاتم الألماس لا يزال هناك، يلمع بوضوح. وعندما لاحظت ماريان نظراته، أخفت يدها بسرعة خلف ظهرها.
“هناك الكثير من العيون التي ستراقبنا… لم يكن لدي أي نية أخرى. فقط لا أريد إفساد حفل عيد ميلاد الماركيز”
تمتمت ماريان بعبارة اعتذار. أخذ كريستوف نفسًا عميقًا و حاول تهدئة مشاعره المتصاعدة، ثم قبض يديه بقوة.
رأى بصيصًا من الأمل في حقيقة أنها لا تزال ترتدي خاتم زفافها. وكأن هناك مساحة صغيرة لا يزال بإمكانه أن يتسلل إليها.
وإن كان هناك مجال، فلن يفوّته.
مهما كان صغيرًا أو ضيقًا، سيدخل من خلاله.
وبعد أن استعاد هدوءه بصعوبة، مدّ يده إلى ماريان، ناولها صندوقًا مخمليًا. كان الصندوق قد أصبح دافئًا بسبب حرارة جسده.
“ما هذا؟”
“ظننت أنه قد يناسبكِ ، اشتريته في طريقي إليكِ”
كان صوته المنخفض خشنًا وجافًا كورق الصنفرة. تحركت أصابعها. شعرت بالدهشة من نفسها لأنها ما زالت ترتعش عند سماع صوته.
خفضت ماريان نظرها إلى الصندوق، محاولة جمع آخر خيط من العقلانية داخلها. فتحته بشكل عادي، واتسعت عيناها على الفور.
“أوه…!”
هربت منها هتافة منخفضة. رفعت نظرها إلى كريستوف.
تقاطعت عيونها على الفور مع بؤبؤي عينيه الداكنتين.
كما لو أنه كان يراقبها طوال الوقت.
سألت ماريان بشك ،
“أخترتَ هذا بنفسك؟”
“ظننتُ أنه سيتناسب مع لون عينيكِ. هل يعجبك؟ إذا لم يعجبك، سأعيده في الطريق العودة …”
“أعجبني.”
قاطعته ماريان قبل أن ينهي تفسيره المليء بالقلق.
فرك كريستوف ذقنه بيده الجافة وتنهد براحة.
أخرجت ماريان مشبك الشعر ووضعته على الجانب الأيسر من رأسها بعد أن ترددت قليلاً. ارتخت شفتا كريستوف.
“يبدو عليكِ أفضل مما توقعتُ ، ماريان.”
“شكرًا… كريستوف.”
“على الرحب والسعة.”
هبط الصمت اللطيف. على عكس ما كان عليه في السابق، كان الصمت الآن حميميًا جدًا بالنسبة لهما. كان كريستوف ينظر إليها، بينما كانت ماريان تنظر من نافذة العربة.
مرت عربة محملة بالحليب بجانبهما. رفع الطفل رأسه عن غير قصد ووافق نظره مع نظر ماريان بعد أن مسح حذاءه.
كانت عيناه البنيتان تتألقان بالفضول.
“لم أدرك ذلك.”
“ما هو؟”
عادت العيون التي كانت تنظر من النافذة إليه. أضاف كريستوف بهدوء بينما كان يحدق في عينيها الزرقاوين.
“لم أدرك أن إعطاء هدية يمكن أن يجعلني متوترًا هكذا”
“…”
“و يجعلني سعيدًا أيضًا”
انحنَت شفتاه فجأة في ابتسامة. كان يعني ذلك حقًا.
في اللحظة التي وضعت فيها مشبك الشعر في شعرها، شعر بصدره ينتفخ كما لو أنه هو من حصل على هدية أيضًا.
كان شعورًا لم يختبره من قبل.
خفضت ماريان نظرها، غير قادرة على إيجاد الكلمات لترد.
سألها كريستوف بشكل غير رسمي.
“هل لديكِ خطط غدًا؟”
لم تستطع ماريان أن تتكلم.
كانت هذه أول عطلة لها منذ فترة طويلة.
لكنها كانت تخشى ما قد يقوله كريستوف بعد ذلك. تلعثمت وهي تدرك أن المسافة بينهما بدأت تقل. فكرت أنها ستسمح له في النهاية بأن يملك قلبها مرة أخرى إذا استمر الوضع على هذا النحو.
“غدًا…”
قبل أن تتمكن من الرفض، قاطعها كريستوف.
“أفكر في الذهاب إلى العاصمة.”
“العاصمة؟”
رفعت ماريان رأسها ببطء.
نظر كريستوف إليها مباشرة في عينيها بينما تابع.
“لقد رتبتُ موعدًا مع المحقق الذي كان مسؤولًا عن قضية فيرونيكا … هل تودين المجيء معي؟”
“!…..”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "51"
هذا الحب ولا بلاش