كانت القاعة الكبرى تشبه الحلم، تعجُّ بالضيوف والأنغام، تتلألأ كأنها عالَم منفصل لا يعترف بالألم أو الحقيقة.
أضواء الشموع القديمة، المثبتة في الثريات الكريستالية العالية، كانت تبعثر نورها الرقيق على الجدران المزخرفة، فترسم دوائر من الدفء الخادع على وجوه المتجمّعين، وتكاد تُخفي خلفها تاريخًا من البرد، من الأسر، من الخداع.
بين هذه الجدران اللامعة، وقفت إيلينا.
كانت أشبه بشعاع ضوء وسط العتمة، تتوهج بفستانها الأبيض المزيّن بخيوط لؤلؤية دقيقة، تمتد على قماش حريري كالضباب.
لكن وهجها لم يكن من زينة الفستان أو البريق، بل من صمتها.
من عينيها الخضراوين اللتين صارتا أعمق من أي وقت مضى، كأنهما تخبئان خلفهما أبوابًا لا أحد يجرؤ على فتحها.
الابتسامة مرسومة على شفتيها، لكنها باهتة.
قناعٌ أنيق تتقنه جيدًا.
مشيت بين الحضور بخفّة، وكأنها راقصة معتادة على أداء هذا الدور.
نظراتها تمرُّ فوق الرؤوس، وتفاصيل المكان تتسلّل ببطء إلى قلبها: أصوات الكؤوس، الضحكات الخافتة، همسات لا تنتهي.
لكن داخلها…
كان الصخب مختلفًا.
كل ثانية تمرّ، كانت تُحسب.
كل خفقة قلب تُشعرها أن الليلة تمضي، وأن عليها التحرّك.
لم تكن فقط تخوض حفلة.
كانت تخوض وداعًا صامتًا.
وداعًا لأمان مزيف، لحياة مفروضة، لشخص تحبه ولا تملك حق حمايته سوى بهذه الطريقة.
انسلّت من بين الحضور كأنها ظل.
خطواتها خفيفة، لكن بداخلها كانت أثقل من الجبال.
قلبها لم يعد ينبض في صدرها، بل بين يديها.
في كل نفس كانت تأخذه، تشعر به يئن.
ذهبت الي غرفتها لتجلب أشياء المهمة، التي كانت تخططها و تجهزها لهذا اليوم.
و خرجت من غرفة بهدوء
كانت تراقب المكان اذا كان هناك شخص هنا…
واقتربت من حيث باب صغير يؤدي إلى أحد الممرات الخلفية المظلمة.
لم يكن كثيرون يعرفونه، لكنه كان طريقها نحو الحقيقة.
ذهبت إلى القبو
فتحت الباب، واستقبلها هواءٌ بارد خالٍ من الموسيقى.
كأنها دخلت عالمًا آخر.
و بيدها المفتاح و الهدية و الخريطه التي كانت تجهزها له.
نزلت الدرج المؤدي إلى قبو القصر.
كانت الرائحة مألوفة: عطن الطين، وبرودة الصمت.
كم مرة نزلت هذا الدرج؟ كم مرة حملت في يدها كتبًا، طعامًا، أو حتى فقط صمتًا دافئًا لتمنحه له؟
وعندما وصلت، كان هناك.
إيثان.
كان ينتظرها
يجلس على الأرض، ظهره مستند إلى الحائط، كتاب بين يديه.
الضوء الخافت الذي تسلل من المصباح الضعيف كشف عن وجهه المنهك، وعن عينيه العميقتين اللتين لم تفقدا بريق الحذر.
رفع رأسه ببطء، كمن أُيقظ من حلم.
نظرت إليه، وتنفّست ببطء.
قالت بهدوء
إيلينا: تعال، يا إيثان. الليلة هي فرصتك.
لم يكن هناك تردّد في عينيه، لم تكن هناك أسئلة.
فقط قام، كما لو كان يعلم أن هذه اللحظة قادمة منذ زمن.
كانت بينهما لغة لم تُكتب، ولم تُعلَّم، لكنها كانت موجودة.
سارت أمامه، وهو خلفها بخطوات صامتة.
الممر خلف القبو كان ضيقًا، مظلمًا، والجدران تحكي تاريخًا من العفن والرطوبة.
لكن قلبها كان دليله.
في الليلة التي خُلقت للفرح، كان الحزن يُحيك خيوطه بصمت.
أنوار القصر كانت تتوهج، الموسيقى تعزف أنغامًا راقصة، وعيون الحاضرين تلمع بإعجاب وهم يتبادلون الكلمات والضحكات، غير مدركين أن في أحد أركان هذا القصر، كانت تدور وداعًا…
وداع لن يُقال بصوت، بل بنظرة، بلمسة، بحضنٍ أخير يحتضن العمر كله.
كانت إيلينا تسير بخفة، كأن فستانها الأبيض المطرّز باللؤلؤ يُثقل روحها لا جسدها.
كانت جميلة حد الألم، وهادئة حد العاصفة.
كل شيء فيها بدا متماسكًا، ما عدا قلبها الذي كان يتشقق بصمت.
في يدها المفتاح…
المفتاح الذي لا يفتح بابًا فقط، بل حياة كاملة.
وربما موتًا ببطء.
وصلت إلى الغرفة الصغيرة المختبئة خلف الجدران القديمة، حيث الغبار يملأ الزوايا، والصمت ثقيل كأسرار القصر.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 59"
تدرين متى تقطع قلبي ؟