كانت كأنها ضوء في زجاجة، يُرى من بعيد جميلًا، لكنه مختنق.
خلف كل ابتسامة مرسومة، كانت تخبئ تنهيدة.
وخلف كل مجاملة تسمعها، كانت تحاول ألا ترد بعينيها التي تحمل كل التوتر والخوف.
يومان فقط، كانت تفصلها عن لحظة ليست مجرد مأدبة
بين إنقاذ روح بريئة، أو خسارة كل شيء.
وفي إحدى الليالي، حين كان القمر نصف دائرة يتكئ على غيوم متفرقة كأنها أذرع تمسك به بحنان، اتخذت قرارها.
كان الجو ساكنًا، إلا من أنين الرياح بين أغصان الأشجار خارج القصر.
إيلينا خرجت من غرفتها متسلّلة كما اعتادت، بثوب داكن وعباءة أثقل من المعتاد.
خطواتها على الرخام كانت خفيفة، لا يسمعها أحد، لكن قلبها كان يدق كطبول حرب تسبق المعركة.
ذهبت إلى مطبخ لتحضر طعامًا
و مرّت بالممرات الخلفية، تجاه باب حجري لا يعرفه أحد من الزوار.
فتحت الباب المؤدي إلى الدرج السفلي، الدرج الذي قادها أكثر من مرة إلى حيث يُسجن إيثان بعيدًا عن العالم.
فتحته بصعوبة، وكان الصدأ يئن تحته كما لو أنه يحتج على فتحه.
الهواء كان رطبًا، والظلمة تختنق بالرطوبة.
لكنه لم يكن يزعجها
في نهاية الدرج، رأته.
إيثان، واقفًا كما اعتاد، جسده ساكن، لكن عينيه كانتا تغليان بشيء لا اسم له.
نظرة تعرفها إيلينا جيدًا.
نظرة من ينتظر، لا صوت في قلبه إلا سؤال واحد: هل ستأتي؟
حين رأته، شعرت بدفء غريب.
رغم المكان، رغم كل شيء، رؤيته كانت تمنحها لحظة تنفّس.
تقدّمت نحوه بهدوء، وفي صوت لم يستطع إخفاء ارتجافه، همست:
إيلينا: وجدت طريقة.
لم يتحرك، لكنه التفت أخيرًا.
عينيه، بلونهما القاتم، تشبثت بها كأنها المنفذ الأخير من عالمه المظلم.
اقتربت أكثر، تفصل بينهما خطوات قليلة، وتوتر كثير.
قالت وهي تمسك أطراف عباءتها بقوة
إيلينا: هناك ممر قديم خلف غرفة الخشب، كان يُستخدم سابقًا لتوصيل الحطب للمطبخ دون المرور بالممرات الرئيسية. الآن، لم يعد أحد يستخدمه. رأيته صدفةً قبل أشهر، واختبرته مؤخرًا… يفتح على حديقة جانبية خارج السور.
لمعت عينا إيثان للحظة، ولكن لا أحد يستطيع أن يفرق بين الأمل والحزن في تلك اللمعة.
همس.
إيثان: متى؟
رفعت عينيها إليه، كان صوته البسيط كافياً ليهز قلبها.
أجابت بهدوء
إيلينا: ليلة حفل سن رشد. سيكون الجميع منشغلين. الموسيقى ستغطي الأصوات، والناس سيكونون مشغولين بالتحدث و الرقص. سأختفي لبعض الوقت… وأكون هنا.
نظر إليها مطولًا و حزن، ثم قال
إيثان: لتودعيني؟
كلمته الأخيرة كسرت شيئًا صغيرًا بداخلها.
لم تستطع أن تنفي.
كل شيء قد لا يسير كما تتمنى، وهي تعرف.
أومأت بهدوء، ثم همست
إيلينا: بعد أن تهرب… اذهب بعيدًا. لا تبقَ قريبًا من العاصمة. سأعطيك معك هوية جديدة ومالًا يكفيك للسفر والبقاء. بعد عام… تعال إلى العاصمة من جديد. هناك ساحة فيها شجرة بلوط ضخمة..
هز رأسه بالإيجاب، نظراته لا تزال مشدودة لملامحها، كأنه يحاول أن يحفظ شكلها في ذاكرته، يحفرها كما تُنقش الحروف على الحجر.
إيثان: سنلتقي هناك… إن كنا لا نزال على قيد الحياة.
الصمت عاد.
لكن هذا الصمت لم يكن عاديًا.
كان يصرخ.
هي متوتره، وهو أيضًا.
لكن لا مجال للتراجع.
ثم، فجأة، اقترب إيثان منها.
لم يقل شيئًا، فقط فتح ذراعيه، واحتواها.
كان عناقًا قصيرًا في الزمن، طويلًا في المعنى.
كل الخوف، كل الرجاء، كل الذكريات التي لا تكفي الكلمات لوصفها، كانت في تلك اللحظة.
عندما ابتعد عنها، كان تنفسه مضطربًا، وعيناه حمرتان وكأنهما احترقتا من الداخل.
نظرت إليه، وقالت
إيلينا: لا تلتفت خلفك انسى الماضي، إيثان. لا مهما كان. لا تسمح للخوف أن يشدّك للماضي.
أومأ دون كلام، وكأن صوته علق في الحلق.
خرجت من القبو، وكل خطوة تخطوها كانت تثقل صدرها أكثر.
لكنها، للمرة الأولى، شعرت أنها قريبة من النور.
السماء فوقها كانت ما تزال ملبّدة بالغيوم، لكن القمر ظهر للحظة، كأنه يشهد على الوعد الذي قطعه قلبان في أعماق الظلمة.
كان وعدًا…
تحت ضوء القمر.
يتبع…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 56"