استيقظت إيلينا على همسات الشمس التي تسللت بخفة عبر النوافذ العالية، حاملة معها دفء لا يشبه دفء القصر المهيب، بل دفء جديد يحاول أن يحتضن قلبها المتعب.
كانت الستائر المخملية الثقيلة تنسحب ببطء، لترسم على جدران الغرفة ألوان الذهب الفاتح التي تتراقص على السجاد الفاخر كأنها أرواح من نور، تعانق برقة كل زاوية في غرفتها الملكية.
الغرفة، رغم فخامتها، كانت تشعرها أحيانًا بأنها قفص من ذهب، فاخرة لكنها لا تخلو من قيود.
حولها، زخارف فنية دقيقة محفورة على الخشب والرخام، تعكس تاريخ عائلة الماركيز المهيب، تذكرها بأن هذا القصر هو أكثر من مجرد بيت؛ إنه إرث ثقيل يحمل معه أعباء وأسرارًا لا تُمحى.
في زاوية الغرفة، كانت هناك ماري، خادمة صغيرة ذات وجه بريء و شعر بني وعيون بنيه تلمع بوفاء، تنتظر بصمت أن تفتح إيلينا عينيها على ذلك العالم المليء بالتوقعات.
فتحت إيلينا عينيها ببطء، وكأنها تحاول أن تلتقط أنفاسها بعد حلم مزعج، حلم يتكرر بين الحين والآخر، يحمل معه وجوهًا من الماضي، صمت القبو، وعيون إيثان التي ترافقها في كل لحظة.
حاولت أن تتخلص من ذلك الشعور بالقلق المتربص، لكن القلب كان ينبض بعنف، كأنه يحذرها من أن اليوم سيكون مختلفًا، يحمل معه شيئًا من الغموض.
همست بصوت خافت
إيلينا: ماري، هل يمكنكِ تجهيز فستاني؟ اليوم موعد حفلة الشاي..
ابتسمت الخادمة بحنان، وعيناها تعكسان قلقًا لا تستطيع أن تخفيه، لكنها لم تجرؤ على طرح الأسئلة.
فقط أومأت برأسها وبدأت تتحرك بخفة بين أركان الغرفة.
دخلت إيلينا الحمام، حيث أعدت لها ماري حمامًا دافئًا ملأته رائحة الورد والياسمين.
كانت قطرات الماء تتساقط على بشرتها البيضاء، تذكرها بأنها ما زالت فتاة، رغم كل ما جرى، رغم كل ما حمله قلبها من أعباء.
استنشقت بعمق، محاولة أن تترك وراءها ثقل الليل وأحلامه المظلمة.
بعد الحمام، جلست أمام المرآة، عينان تراقبان انعكاس فتاة تبدو نبيله، لكن عينيها تخفيان حكايات أخرى.
ساعدتها ماري على ارتداء الفستان الأزرق الداكن المطرز بخيوط فضية، يُظهر أناقتها الطبيعية.
على رأسها، وضعت القبعة المزينة بالريش الأبيض، التي كانت تضيف لمسة من البراءة والرقي إلى مظهرها.
كانت الخدم تتحرك حولها بهدوء، ينظفون ويجهزون كل شيء بحرص، فقد كان اليوم يوم حفلة الشاي الشهريه التي تجمع نبيلات القصر وأهل النبلاء من مختلف المناطق.
يتوجب على إيلينا أن تؤدي دورها كنبيله، أن تكون الفتاة المثالية، الذكية واللطيفة، الخالية من أي اعتراض.
نزلت إيلينا إلى القاعة الكبرى، حيث كانت القاعات تعجّ بالألوان وأصوات الحوار والنقاش.
الفساتين الفاخرة تزين النبيلات، اللواتي يتحدثن بصوت خافت، يتبادلن الحكايات عن آخر صيحات الموضة، وتفاصيل حفلات الزواج، ومكانة العائلات في المجتمع.
كانت إيلينا محط الأنظار، ليس فقط لجمالها الذي يأسر القلوب، ولكن أيضًا لطبيعتها الهادئة التي تثير احترام من حولها.
مع ذلك، كان ثقل التوقعات يضغط عليها في كل لحظة.
تبادلت أطراف الحديث مع نبيلة تدعى ليليان، التي كانت تميل إلى الحديث عن الزواج والطبقات الاجتماعية.
خلال الحفلة، مرّ عليها شاب من عائلة نبيلة، تبادل معها بعض الكلمات، لكنها لم تستطع التركيز، فقد كان قلبها غارقًا في بحر من الأفكار والآمال المكسورة.
عادت إلى قصرها و ذهبت الي غرفتها بعد انتهاء الحفلة، وأغلقت الباب خلفها بهدوء، كأنها تحاول أن تحبس صوت أنين روحها.
وقفت عند النافذة، تنظر إلى السماء الصافية، حيث كان القمر يتلألأ في عتمة الليل، يشبه وميض الأمل الذي لم تفقده بعد.
همست لنفسها ببطء، كأنها تعانق الهواء: سوف أعيش حياتي، مهما كانت الصعاب. ستأتي الأيام التي تتحقق فيها أحلامي.
مرت ساعات الليل، وأصوات القصر خفتت تدريجيًا، لتحل مكانها صمت عميق يلفّ المكان بعباءة من الوحدة.
جلست إيلينا على سريرها، تتأمل تلك الكلمات التي نطقتها للتو، وتتساءل إن كان بإمكانها حقًا أن تحققها.
في داخله، كان هناك صراع مستمر بين القلب الذي يريد الحرية والعقل الذي يخشى المجهول.
كانت تفتقد إيثان بشدة، ذلك الشاب الذي يشبهها في الأسر، ولكن على الجانب الآخر من القبو.
كانت تتذكر نظراته الحزينة، همساته التي لا تزال تتردد في أذنها، وعده لها بالحرية، وقلبه الذي كان يحمل حبًا لا يعرف كيف يعبر عنه.
لكنها لم تعرف إن كان إيثان يشعر بنفس الشيء، أم أنه أيضًا محاصر داخل دوامة الألم والانتظار.
في تلك اللحظة، ظهر صوت خافت خلف الباب.
كانت ماري، دخلت بهدوء وهي تحمل كوبًا من الشاي الساخن.
جلست بجانب إيلينا، ووضعت الكوب على الطاولة الصغيرة.
خرجت إيلينا إلى الشرفة، حيث النسيم العليل يلعب بخصلات شعرها، ودفء القمر يغمر وجهها.
جلست هناك وحدها، تخاطب النجوم في السماء، وكأنها تصنع معها عهدًا جديدًا.
كانت عيناها تحملان دموعًا لم تذرف، لكنها كانت تلمع بحسرة وألم عميق.
أخذت نفسًا عميقًا، وقالت:
سأعيش…… لكنني لن أنسى….
وبينما كانت هناك، في ظلال القصر القديمة، شعرت إيلينا لأول مرة بأن قلبها أصبح أكبر، يتحمل الحزن، ويحتضن الأمل، وينتظر بشوق الفجر الجديد.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات