٣٢
الفصل : عاصفة من الخوف والتوتر
غفت إيلينا على سريرها دون أن تشعر.
كانت ملامحها هادئة، لكنها كانت تحلم بصوت خافت يهمس باسمها، صوت يشبه إيثان.
لكن ذلك السلام ما دام طويلًا.
صوت طرقات مستعجلة على الباب، ثم صوت خادمة تهمس من خلفه.
“آنستي… آنستي، استيقظي.”
فتحت عينيها ببطء، ثم جلست بسرعة وهي تفرك عينيها.
فتحت الخادمة الباب ودخلت بسرعة
آنا: عذرًا على الإزعاج، لكن عليكِ أن تبدئي بحمامكِ حالًا. عيد ميلادكِ قريب، وحفل ظهوركِ الرسمي سيكون خلال أيام قليلة.
عندما دخلت الخادمات إلى غرفة إيلينا، كانت تلك اللحظة مختلفة عن أي يوم آخر.
دخلن بسرعة، وكأنهن يحملن في قلوبهن أمرًا عاجلاً.
نظرت إيلينا إليهن بعيون متسائلة، لكن ما لبثت أن شعرت بالقلق يتسلل إلى قلبها.
كانت الخادمات يبدون مستعجلات، وهن يسرعن في ترتيب الغرفة وتنظيفها وكأنهن يستعدون لحدث كبير.
إيلينا: ماذا يحدث؟
وقبل أن تستوعب الكلمات، بدأت خادمتان أخريان بتحضير الحمام، فتح الستائر، وجلب ملابس نظيفة.
جلست إيلينا في السرير، نظراتها شاردة.
لم تجبهم.
“عيد ميلادي؟ حفل ظهوري؟”
كم مضى من الوقت؟ متى أصبحت الأيام تمر بهذه السرعة؟
سألت إيلينا بصوت منخفض، محاولاً كبح شعور عدم الارتياح الذي بدأ يتسارع في صدرها.
آنا: لا وقت للحديث، أنسة إيلينا، يجب أن تبدأي بحمّامك الآن.
راي: عيد ميلادك قريب، ووالدك قد طلب من مصممة مشهورة أن تجهز لك فستانًا خاصًا لاختيارك.
قالت إحدى الخادمات بينما كانت تسرع في ترتيب الزهور المبعثرة على الطاولة.
سقطت الكلمات على إيلينا كالصاعقة.
عيد ميلادها؟ كان من المفترض أن يكون حدثًا عادياً بالنسبة لها، لكن الفكرة فجأة أصبحت أكثر تعقيدًا مما توقعت. لم تكن قد فكرت في عيد ميلادها كثيرًا.
في السنوات الماضية، كان هذا اليوم يمر كما تمر أي أيام أخرى، لا يثير في نفسها سوى ذكريات الضياع والوحدة.
لكن الآن، أصبح يومًا يُنتظر منه الكثير.
إيلينا:… ليس الآن.
قالت إيلينا بهدوء، رغم أن قلبها كان ينبض بسرعة.
إيلينا: لم أكن أريد فستانًا، ولم أكن أتوقع هذا كله.
لكن الخادمات لم يعطينها فرصة للاعتراض.
واحدة منهن أخذت بيدها بلطف، بينما الأخرى كانت تُعد الحمام لها، حتى أنهن لم يتركن لها مجالًا للتعبير عن أي رغبة أخرى.
بينما كانت إيلينا تجلس في الماء الدافئ، كانت أفكارها تسبح بعيدًا، متموجة كالماء الذي يحيط بها.
كيف يمكن لها أن تكون مستعدة لهذا؟ كل شيء كان يتسارع حولها، وكلما اقترب عيد ميلادها، زادت المخاوف التي كانت تكتمها داخليًا.
لم تكن قادرة على التخلص من فكرة أن كل شيء يحدث بسرعة شديدة.
والدها كان يتوقع منها أن تكون مميزة، أن تظهر للجميع، أن تكون مثل غيرها من نبيلات في القصور.
لكن إيلينا كانت تشعر أن تلك الصورة المثالية التي يريدها والدها ليست هي الصورة التي تريد أن تكون هي عليها.
لماذا اختاروا أن يكون عيد ميلادها حفلًا رسميًا بهذه الطريقة؟ لم تكن قد طلبت أي شيء، ولم تكن تريد أن تكون في مركز الاهتمام.
لكنها، رغم ذلك، وجدت نفسها عالقة في تلك الدوامة.
لم يكن مجرد قلق عن الحفل أو الفستان، بل كان هناك شعور أعمق، شعور بأنها على وشك مواجهة شيء أكبر من نفسها.
في كل مرة تذكر فيها عيد ميلادها، تذكر نفسها بالماضي الذي كانت تحاول الهروب منه.
كانت ترى في هذا اليوم ذكريات قديمة عن الوحدة، عن الأيام التي كانت تنتظر فيها شيئًا من الحياة، حولها تأتِ تلك الأشياء أبدًا.
فكرت بإيثان
ربما كان هو السبب في شعورها بالغربة.
لم يكن يعرف معنى الاعياد أو مأدبات، وكان دائمًا يفضل الهدوء بعيدًا عن الضجيج.
لكنها، الآن، بدأت ترى الأمور بشكل مختلف.
كان عيد ميلادها يعني شيئًا أكثر من مجرد احتفال.
كان يعني بداية فصل جديد في حياتها، وتغيير في الطريقة التي ترى بها نفسها والعالم حولها.
يتبع……
التعليقات لهذا الفصل "32"