الفصل: أنا سعيد لانكِ هنا
كانت الشمس قد بدأت تميل نحو الأفق، ملقية بظلالها الذهبية على حدائق القصر الهادئة.
كانت إيلينا تجلس تحت إحدى الأشجار، تتصفح كتابًا أحضرته معها، مستمتعة بلحظات السلام النادرة التي تجدها في هذا المكان.
لم تكن تتوقع أن يأتي ديمتري، لكنها لم تتفاجأ عندما سمعت صوت خطواته تقترب.
لقد بدأ في الظهور أمامها أكثر من المعتاد مؤخرًا، ولم يكن لديها تفسير واضح لذلك.
ديمتري: هل أزعجتك؟ سأل ديمتري بصوت هادئ، لكنه لم ينتظر إجابتها قبل أن يجلس أمامها، متكئًا على جذع الشجرة.
رفعت إيلينا نظرها عن الكتاب ونظرت إليه بابتسامة خفيفة. لا، لكنك تبدو مشغولًا هذه الأيام. لماذا أتيت؟
صمت ديمتري للحظة، كما لو كان يبحث عن إجابة مناسبة.
لم يكن هناك سبب حقيقي لوجوده هنا، فقط شعر أنه يريد أن يكون بالقرب منها.
لكنه لم يكن مستعدًا للاعتراف بذلك، حتى لنفسه.
ديمتري: أردت فقط التحدث. قال أخيرًا.
أغلقت إيلينا كتابها ونظرت إليه باهتمام.
إيلينا: عن ماذا؟
نظر إلى السماء للحظة، ثم عاد بنظره إليها.
ديمتري: لا أعرف… أي شيء؟ كيف كان يومك؟
ابتسمت إيلينا، شعرت أن ديمتري يتصرف بغرابة، لكنه لم يكن مزعجًا.
إيلينا: كان جيدًا. قرأت قليلاً، وتحدثت مع المعلمة بشأن دروسي. وأنت؟
أمال رأسه قليلًا، كما لو أنه لم يفكر في يومه حتى الآن.
ديمتري: كان مملًا. نفس التدريبات، نفس الأوامر، نفس كل شيء. لا شيء مثير للاهتمام.
رفعت إيلينا حاجبها.
إيلينا: ألم يكن عيد ميلادك بالأمس؟ أليس هذا أمرًا مهمًا بالنسبة لك؟
نظر إليها بصمت للحظة، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة، لكنها لم تصل إلى عينيه.
ديمتري: لا أحد يحتفل بعيد ميلادي، لذلك لم يكن مختلفًا عن أي يوم آخر.
شعرت إيلينا بوخزة خفيفة في قلبها، لكنها لم تُظهر ذلك.
إيلينا: لكنني احتفلت به معك، ولو قليلاً.
نظرات ديمتري تغيرت قليلًا، وكأن كلماتها لامسته بطريقة لم يتوقعها.
ديمتري: نعم، وهذا… كان جيدا.
صوته كان أهدأ مما ينبغي، وكأنه يتحدث لنفسه أكثر من حديثه لها.
ساد الصمت بينهما للحظة، لكن لم يكن صمتًا غير مريح. على العكس، بدا وكأنهما وجدا نوعًا من الراحة في وجودهما معًا دون الحاجة إلى ملء الفراغ بالكلمات.
ديمتري: هل تعتبريني صديقك؟
ضحكت إيلينا قليلًا، غير مدركة للجدية التي كانت تختبئ خلف سؤاله.
إيلينا: بالطبع، أنت صديقي.
كلمة “صديقي” لم تكن غريبة، لكنها تركت أثرًا لم يكن ديمتري مستعدًا له.
شعر بشيء ثقيل في صدره، لم يكن ألمًا، لكنه لم يكن مريحًا أيضًا.
لم يكن متأكدًا مما كان يبحث عنه في إجابتها، لكنه أدرك فجأة أنه أراد سماع شيء آخر.
نظر بعيدًا للحظة، وكأنه يحاول إخفاء أفكاره عنها، ثم قال بصوت منخفض
ديمتري: لم يكن لدي صديق من قبل سواك.
إيلينا لم تعلق فورًا.
كانت تعلم أن ديمتري نشأ في بيئة قاسية، لكنها لم تفكر يومًا في مدى وحدته الحقيقية.
إيلينا: حسنًا، لديك واحد الآن.
قالت بابتسامة صادقة.
نظر إليها مرة أخرى، وهذه المرة كانت عينيه تحملان شيئًا مختلفًا…
شيئًا لم تستطع إيلينا قراءته بوضوح.
لكنه لم يقل شيئًا، فقط اكتفى بالنظر إليها، كما لو كان يحاول حفظ هذا المشهد في ذاكرته.
مرت لحظات من الصمت قبل أن يقف ديمتري فجأة.
ديمتري: سأذهب الآن.
نظرت إليه إيلينا بتعجب.
إيلينا: هكذا فجأة؟
أومأ برأسه.
ديمتري: نعم…
لم تفهم تمامًا ما كان يعنيه، لكنها لم تسأل.
فقط راقبته وهو يبتعد، ولاحظت أنه توقف للحظة قبل أن يستدير إليها مجددًا.
ديمتري: إيلينا…
نطق اسمها ببطء، وكأنه يتذوقه للمرة الأولى.
إيلينا: نعم؟، سألت بفضول.
تردد قليلًا، ثم قال بصوت هادئ لكنه ثابت
ديمتري: أنا سعيد لأنكِ هنا.
لم تنتظر إيلينا إجابة واضحة، ولم تكن تحتاج إلى واحدة.
ابتسمت له ببساطة، فبادلها بابتسامة خفيفة قبل أن يدير ظهره ويختفي بين الأشجار.
لكن في داخله، كان يعلم أن هذه الجملة لم تكن كافية لتفسير ما يشعر به.
يتبع……
التعليقات