الفصل: في انتظار الضوء 

بعد أن أنهت إيلينا حديثها، ساد الصمت بينهما للحظات.

 لم يكن صمتًا مزعجًا، بل كان هادئًا، كأن الهواء في القبو أصبح أخف، وكأنهما وجدا طريقة جديدة للتواصل دون الحاجة للكلمات.

إيثان ظل ينظر إلى صفحات الكتاب بين يديه. 

أصابعه، التي كانت ترتجف قليلًا، تتلمس الورق وكأنه كنز نادر. 

لم يكن معتادًا على لمس شيء سوى الجدران الحجرية الباردة، ولم يكن معتادًا على رؤية شيء غير العتمة.

إيثان: إيلينا…

نطق اسمها ببطء

رفعت نظرها نحوه، وعيناها تلمعان بضوء خافت.

 إيلينا: نعم؟

ظل صامتًا للحظة، ثم رفع رأسه لينظر إلى السقف الحجري الرمادي. 

إيثان: كيف هو لون السماء؟

السؤال كان بسيطًا، لكنه ضرب شيئًا عميقًا داخلها.

إيلينا فتحت فمها لتجيب، لكنها توقفت. كيف يمكنها أن تصف له شيئًا لم يره من قبل؟ شيء بديهي بالنسبة لها، لكنه بالنسبة له حلم بعيد؟

ابتسمت بحزن وأغلقت الكتاب بهدوء. 

إيلينا: إنها… واسعة جدًا، لدرجة أنك عندما تنظر إليها، تشعر وكأنها لا تنتهي.

نظر إليها بتركيز، كأنه يمتص كلماتها واحدة تلو الأخرى.

إيلينا: وفي النهار، تكون زرقاء، لكن ليس أي أزرق… إنه أزرق ناعم، يشبه لون الماء في الأنهار، لكنه أكثر إشراقًا. وفي بعض الأحيان، تمر الغيوم البيضاء كأنها قطن يطفو بهدوء.

إيثان ظل يحدق بها، وعيناه تتسعان كأنها تخبره بقصة خيالية لم يسمعها من قبل.

إيثان: جميل..

إيلينا ابتسمت، وعقلها يستحضر المشهد الذي تحبه أكثر من أي شيء آخر.

 إيلينا: في الليل، تتحول السماء إلى لوحة مظلمة… سوداء مثل الحبر، لكن هناك نجوم، نقاط صغيرة من الضوء تتلألأ مثل الماس. وهناك القمر أيضًا، وهو مثل كرة مضيئة تراقب العالم من الأعلى.

إيثان نظر للأسفل للحظة، ثم إلى الكتاب المفتوح على صورة شجرة مزهرة. 

مرر أصابعه فوق الرسم، وكأنه يحاول تخيل كيف سيبدو في الواقع.

إيثان: هل تعتقدين… أنني سأتمكن من رؤيتها يومًا؟

لم يكن صوته يائسًا، بل كان يحمل شيئًا جديدًا ،أملًا صغيرًا، ضعيفًا لكنه موجود.

إيلينا شعرت بشيء ينكمش في صدرها. 

لم تكن تملك القوة لإخراجه من هذا القبو الآن، لكنها كانت تملك شيئًا آخر ،وعدًا.

مدت يدها وأمسكت بيده برفق.

 كان جسده يرتجف للحظة، غير معتاد على هذا النوع من التلامس، لكنها لم تتركه.

إيلينا: أعدك، إيثان. يومًا ما، ستخرج من هنا. وسترى السماء بنفسك.

لم يقل شيئًا، لكنه لم يسحب يده أيضًا.

وظلا هناك، جالسين على الأرض الباردة، لكن داخل كل منهما، كان هناك دفء لم يكن موجودًا من قبل.

وفي ذلك القبو المظلم، تحت السقف الحجري البارد، كان هناك شخصان يحلمان بشيء واحد الحرية.

يتبع….