صرخت روزنتين بأعلى صوتها. لم تعد تهتم إن جاء أحد. كانت مستعدّة لتحمُّل كلّ اللوم. كان هذا هو تفكيرها في تلك اللحظة.
دار الشبح ببطء حول جسدها الشاحب، وكأنه يحاول تهدئتها، ولكن كلماته التالية كانت أكثر تأثيرًا من أي حركة.
– يمكنني مساعدتكِ، يا روزنتين.
“ما هذا الهراء؟”
– إنهم أشباح الجنون. بنية جسد أختك كانت مختلفة. تلك الطفلة تستدرج الكراهية التي لا شكل لها.
توقّفت روزنتين فجأة. كان الرجل الذي يرتدي ملابس فاخرة يحدّق بها بنظرة فارغة.
غمرت أشعة الغروب البرتقالية الرجل من النافذة المفتوحة في الرواق. كانت الإضاءة شديدة لكن غير مؤذية.
نظرت إليه روزنتين بقلب ثابت.
اشتعل التصميم في عينيها الزرقاوين، وكان لانون يبتسم كما لو أن المنظر يُسعده.
“هل تستطيع إنقاذ كورت؟”
– دون أن يعلم أحد.
“هل ستساعدني؟”
– بالتأكيد، روزنتين. هذا وعد بيننا. سأظل أساعدكِ دائمًا.
كلماته عذبة. كان مختلفًا عن أي شبح آخر قابلته.
كان منظّمًا، ويعرف الأسرار، وتبدو عليه الحكمة مما جعله يبدو مريبًا. ولكن لم يكن هناك خيار آخر.
‘دون أن يعلم أحد.’ في تلك الكلمات رأت روزنتين بارقة أمل. لكنها كانت تعلم أن كل شيء له ثمن.
لذلك، قبضت الفتاة ذات السادسة عشرة على قبضتها ونظرت إلى الشبح. كانت نظرتها تحمل عرض صفقة.
“ما الذي تريده؟”
– ذات يوم، عندما يحين الوقت الذي أراه مناسبًا.
نظر الرجل للحظة إلى الخارج من النافذة. شعرت روزنتين أن نظراته كانت شاردة بشكل غريب. كان يعرض صفقة غامضة، لكنه كان يحدّق بشوق في مكان ما.
وعندما عاد ليحدّق في روزنتين، كان يبتسم بنفس ابتسامته الناعمة. كانت ابتسامة شفّافة.
– أريد منكِ فقط أن تفعلي لي معروفًا.
في اللحظة التي أومأت فيها، ركضت روزنتين إلى حيث كانت كورت. كانت في السادسة عشرة من عمرها. تلك كانت بداية لقائها معه.
—
كانت كورت ترتجف بجسدها الذي اسودّ نصفه. ظنّت روزنتين من حركتها أنها تبحث عنها.
من دون تفكير، اندفعت إليها. كانت تريد أن تمنحها الطمأنينة.
كانت يداها باردة، فضمّتها روزنتين بشدّة. بينما كانت نظرتها الحادّة موجّهة نحو الشبح. وذراعا كورت المرتجفتان أمسكتا بها بقوّة، مسببتين جروحًا في ذراعها النحيف.
تبعها الشبح وانزلق إلى ركن الغرفة. ونظراته المشبعة بلمسة باهتة كانت موجّهة إلى كورت.
“ماذا أفعل الآن؟”
في تلك اللحظة، كان نصف شعر كورت قد تحوّل إلى اللون الأسود.
لو تُركت هكذا، فربما يتحوّل جسدها بالكامل. ولا شكّ أن الألم كان يزداد في الأجزاء التي اسودّت أولًا.
عضّت روزنتين على شفتها. وقد منحها التوتر يقظة باردة أشبه بالماء المثلّج.
– تعلمين بوجود الأشباح في القصر، أليس كذلك؟
“أجبني بوضوح.”
-ولكن عليكِ أن تعرفي شيئًا آخر، إذا كنتِ تريدين إنقاذ أختك. هناك قاعدة هنا.
“قاعدة؟”
– نادِ باسمه، روزنتين. هذا كلّ ما عليكِ فعله. وأنتِ الوحيدة القادرة على القيام بذلك.
دار الشبح حولها. كما تدور الشمس الآفلة فوق رأس روزنتين. ولمع شعره البلاتيني في الهواء. فتح ذراعيه في الفراغ وابتسم بلطف.
– أنا لانون. وأنتِ روزنتين. أما ذلك الطفل، فقد نُسي اسمه، لكنه كان يُدعى يومًا ما هاستن.
سارعت روزنتين بنظرها إلى كورت. الاسم. أمرٌ لا يُصدّق، لكنها تقبّلته. إنها الآن تملك اسم الشبح، أو بالأحرى اسم الروح الشرّيرة.
عندما سمعت كلمة “هاستن”، بدت كورت وكأنها ارتجفت لوهلة. لكن روزنتين لم تُظهر الشكّ.
التعليقات لهذا الفصل " 3"