أمسك شارتوس بيد روزنتين، وأخذ يربّت على ظاهرها، ثم نفخ أنفاسه فوق الجرح اللاذع.
“لقد جُرحتِ.”
شهقت روزنتين وهي تشعر بأن المسافة قريبة جدًا، حتى انها أحسّت بخصلات شعره تلامس خدّها، وبالدفء يتسرب إليها.
“… ليس بالأمر المهم.”
وكان الأمر كذلك فعلًا. صحيح أن الدم كان يتسرب قليلًا، لكن الجرح في ظاهر يدها لم يكن سوى خدش سطحي، لا هو قطع بسكين ولا طعنة. لذا، لم يكن هناك ما يستدعي كل هذا القلق منه.
“كان لوسين محقًا. لم يجدر بي السماح لك بفعلها.”
قال شارتوس بصوت هادئ، متجاهلًا تأكيدها أنها بخير.
أحسّت روزنتين بأن ظاهر يدها، حيث يلامسه بصره، صار ساخنًا على نحو غريب. حقًا، لم يكن الأمر يستحق. ففي حياتها السابقة، كانوا يقولون إن لعق الجرح باللعاب يكفي لشفائه.
أزاحت عينيها بخجل، فهي ليست معتادة على أن تكون بين ذراعي أحد، فكيف إذا كان هذا الشخص شارتوس نفسه.
كان يبدو عليه الندم. ومن الغريب أن رجلاً كان كوحش قبل قليل يُظهر هذه الملامح، مما جعل روزنتين تسارع إلى التبرير:
“أنا من طلب ذلك.”
“لكن أنا من سمح به. لم أكن أعلم أن النظر إلى جرح واحد يمكن أن يمنحني هذا الشعور.”
انعرجت شفتا شارتوس قليلًا. لم يكن يتوقع أن تتمكن روان وحدها من الإمساك بالرجل، وكان ينوي أن يتبعها فور مغادرتها قاعة الحفل.
فبعد انتهاء المراسم، كان يمكنه أن يترك بقية الأمور للوسين. لكن روان عثرت على التابع أسرع بكثير مما توقع، حتى قبل أن ينهي مراسمه.
لا أحد يدري كم كان سريعًا حين انطلق يبحث عنها بعد اختفائها.
“أشعر بالندم.”
التقت عيناهما مباشرة، ونظراته كانت حادة لدرجة جعلت روزنتين تحبس أنفاسها. لم تكن تعرف إن كان يعني ما يقول بصدق أم لا.
لكن، ولدهشتها، رأت في عينيه شيئًا من الأسى الحقيقي، رغم أنها ليست في نظره سوى قطعة على رقعة شطرنج لحماية حياته.
شعرت بأفكار متشابكة.
منذ البداية، كان ما يربطهما عقدًا يضمن لكلٍّ منهما النجاة بحياته لا أكثر. ومع ذلك، لم يعجبها أن تراه متألمًا، فسارعت لتخفيف الأمر:
“يكفي أن أضع عليه قليلًا من اللعاب وسأكون بخير.”
“هذا غير ممكن.”
“بل ممكن.”
تمتمت روزنتين ذلك، ودفعت شفتيها إلى الأمام في حركة طفولية دون أن تشعر، مستاءة لأن كلمتها قوبلت بالرفض الفوري.
ابتسم شارتوس قليلًا وهو يراها غاضبة في حضنه.
لم أرَ هذا الوجه من قبل.
وشيء من هذه المتعة هدّأ أعصابه المشدودة. مدّ إبهامه ولمس برفق طرف ذقنها.
“هل هذه وصفة شعبية متوارثة؟ موثوق بها؟”
“نعم، على الأرجح.”
“إذًا يمكنني أن أضعها أنا.”
“مستحيل!”
اقترب بشفتيه من ظاهر يدها، فبادرت بالرد بسرعة هذه المرة، بنفس الحسم.
اتسعت عينا روزنتين دهشة، فيما ابتسامته ازدادت عمقًا وهو ينظر إليها من أسفل، ممسكًا بيدها.
شعرت بحرارة عند أذنيها وهي ترى ذلك الوهج اللطيف في عينيه.
عادةً ما كانت ستغضب من هذه النظرة وكأنها دعوة للتحدي، لكن ذلك الدفء الخفي جعل الأمر مستحيلًا.
رمشت بعينيها، وشعرت بذراعه التي تطوقها مشدودة وقوية.
“كنتِ ترتجفين.”
كان ذلك حين أمسك بالمتسلل. وحينها أدركت السبب الذي دفعه لرمي سيفه الثمين أرضًا: لأنها كانت ترتجف.
“حتى هذا أشعرني ببعض الندم.”
قالها بهدوء، وقد اختفت من صوته تلك القسوة القاتلة التي سمعَتها قبل قليل، بينما كانت يده الدافئة تحيط بظهرها.
كان العناق ثابتًا، لكنه ليس قويًا لدرجة يصعب عليها الإفلات منه إن أرادت.
كان يبعث على الطمأنينة، مليئًا بالقلق، وكأنه يواسيها ويتأكد من سلامتها.
أدركت روزنتين أن ارتجافها قد توقف بالفعل، وشعور غريب لا يمكن وصفه ملأ صدرها.
“… أنا بخير الآن.”
“لقد أظهرتُ جانبًا فظًّا.”
اعتذر عن أمر لا يحتاج إلى اعتذار، ومع ذلك، لم يكن الإحساس الذي منحه لها اعتذاره سيئًا.
بل ربما كان هذا بالذات ما يجعله خطيرًا.
خطرت ببالها فكرة أنه لعل هذه القدرة هي سبب امتلاكه لكل هؤلاء الأتباع. كان يمتلك جاذبية تجعل المرء أسيرًا له من اللحظة الأولى، وهو أمر بدا لها غير عادل قليلًا؛ فحتى ملامحه وحدها تكفي لأن يتجاوب معه الجميع، فكيف وهو بهذه اللطافة؟
شعرت بشيء يشبه الألم الخفيف في صدرها، فقد كانت تخفي عن شارتوس الكثير.
ساد صمت قصير، بدا فيه وكأنه يفكر في أمر ما.
وهي، وفي قلبها إحساس كمن ابتلع حبيبات رمل، قررت أن تنهي هذه اللحظة:
“… أظن أن المسافة قريبة أكثر مما ينبغي.”
“أهكذا ترين.”
قالها بابتسامة خفيفة، وفي عينيه بريق مرح جعلها ترتبك، إذ لم يكن هذا رد الفعل الذي توقعتُه.
كان من المفترض أن يتراجع، لكنه بدل ذلك شد ذراعه حولها أكثر.
خفق قلبها بسرعة، والمشكلة لم تكن في العناق نفسه بقدر ما كانت في ذلك الوجه، وذلك الصوت.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 17"