أتى رئيس الخدم وهو يحمل صندوقًا مزخرفًا بداخله كأسين خاصّين لا يُستخدمان إلا في هذا الطقس، وأبدى احترامًا شديدًا.
بدأ النبلاء الحاضرون في الهمس فيما بينهم.
فما يحدث لم يكن من المشاهد المألوفة، وكلّ الأنظار كانت منصبّة على هذا الطقس المقدّس،
وخاصة على شارتوس الذي وقف بجانب الإمبراطور مستعدًا لأداء الطقس.
رفع الإمبراطور الكأس المملوءة بالنبيذ عاليًا،
في حين ركعت أفينتوا برقة على ركبة واحدة أمامه.
“باسم كارتاجين، كارتاجين التي أنا إمبراطورها، أُبارك هذا الطقس. نسل الذهب، باسمك نحفظ الصحة والازدهار، ونبقى أبديين لا نتغيّر. أفينتوا، بصفتك من كارتاجين، اجعلي الأبديّة أكثر أبدية.”
تألقت ثياب شارتوس البيضاء المذهلة.
وقد زُيّنت كـالتي يرتديها الإمبراطور بزخارف ذهبية تناسب جسده تمامًا.
وكانت الهيبة التي تشعّ من جسده تملأ أجواء الطقس.
أومأ شارتوس برأسه تلبية لنظرة الإمبراطور،
ثم اقترب من أفينتوا وقبّل ظهر يدها وفقًا للطقوس.
بعد ذلك، وقف وتوجّه نحو الإمبراطور،
الذي سلّمه الكأس الذهبية.
كأسٌ مسمومة.
كان السائل الداكن في داخلها يهتزّ.
أخذ شارتوس الكأس ورفعها إلى شفتيه،
تحرّك حلقه عدّة مرّات،
ثم، بعد صمتٍ قصير، تمتم قائلًا:
“لتدُم الأبديّة أكثر… يا ذهب.”
في تلك اللحظة، انطلق صوت أنينٍ خافت ومختنق: “كه!”
“اصمت. لا تفتح فمك.”
تألّق نصل الخنجر ببرودة،
كان خنجرًا يحمل ختم شارتوس.
روزنتين، التي وضعت الخنجر على عنق رجلٍ ما،
كانت قد كمّمت فمه وهمست بتحذيرٍ سريع.
كان الرجل يبدو مشوّشًا.
ضغطت روزنتين على رقبته بطرف النصل،
فتدفّقت قطرة دم على شكل خط أحمر.
أومأ الرجل برأسه مذعورًا،
ملامحه تقول إنه لا يفهم ما يحدث.
“أُبارككِ، أفينتوا.”
“نُبارك أفينتوا.”
كان الرجل يقف في زاويةٍ من الحفل، في زاوية بالكاد يصلها الضوء السحري، يراقب الطقس المقدس من بين الظلال.
كان شارتوس، بشكلٍ لا يُصدّق، يُتمّ باقي الطقس بمنتهى الهدوء.
ابتسم الإمبراطور ابتسامة جدّية، و أفينتوا انحنت ممسكة بطرف ثوبها بكلّ احترام.
كان المشهد مسالمًا… لكن لا يمكن أن يكون كذلك.
فحسب خطّة هذا الرجل، كان من المفترض أن تذوب أحشاء الأمير الثاني حالما يشرب النبيذ.
وكانت الفوضى ستجتاح القصر، وفي تلك الفوضى، كان سيهرب من القصر الإمبراطوري.
“أتموت فضولًا؟ أنا أيضًا كنتُ متشوّقة لرؤية وجهك. بفضلك، لم أنم طوال ثلاثة أيام.”
همست روزنتين بصوت خافت.
نظر الرجل المكمّم فمه حوله بجنون.
وسقط عليه ظلّ من فوقه.
انتهى الطقس وبدأت الأضواء تخبو تدريجيًّا.
ضغطت روزنتين طرف الخنجر على رقبته،
وكان الدم قد بدأ يبلّل ياقة ثوبه.
فصرّ الرجل على أسنانه.
خطّته كانت مثالية.
لقد تأكّد بنفسه من أن الطاهي المرتشي
أضاف مادة مجهولة إلى النبيذ.
ولم يكن الطاهي يعتقد أبدًا أنه يشارك في تسميم أحد أفراد العائلة المالكة.
فكل ما فعله كان إضافة شيء إلى نبيذٍ عادي.
لكن هذا النبيذ، بعد قليل من الوقت،
أُعيد إلى مكانه على أنه النبيذ الخاص بالطقوس، بعد أن بدّلت إحدى الخادمات ملصق الزجاجة.
وقد أمر تلك الخادمة بتبديل الزجاجات
لأنها كانت على صلة بالكونت المرت.
كانت الخطة مزدوجة.
بحيث لو حصل الأمير الثاني على الكأس الأخرى، فإنه سيظل يشرب السم.
“اتبعني.”
أمرت روزنتين بصوتٍ منخفض، وجرّت الرجل من ياقة ثوبه نحو الحديقة المتّصلة بالشرفة.
لم يكن هناك أحد، لأن الجميع كان يحضر الطقس.
كانت رائحة العشب في الهواء، لكنه كان يبدو كرائحة موت.
شدّت روزنتين الخنجر بقوة، فقال الرجل بصوت مخنوق:
“من أنتِ؟ كيف فعلتِ هذا؟”
“من أكون؟ أنا مجرد خادمة.”
ابتسمت روزنتين ابتسامة وقحة،
وكانت تمسك فمه بيدٍ متوترة مشدودة.
نظرت عينا الرجل إلى ثوبها.
كانت ترتدي زيّ الخادمات.
لم يصدق ما يراه.
تبديل الكأس الأخير
لم يكن ممكنًا لغير خادمة.
لكن كيف؟
كيف لخادمة أن تعرف كل هذا؟
فكّر في الدم الذي يسيل من رقبته،
ولم يشعر بالدوار، ما يعني أنّه لا يزال قادرًا على الحركة.
(امرأة…)
حين خطر له ذلك، ركّز نظره على يد روزنتين التي كانت تسدّ فمه.
يدٌ ناعمة.
لا تعرف كيف تستخدم السلاح، كان هذا واضحًا.
بدأ يقاوم.
مدّ يده ولوي معصم روزنتين الذي كانت تمسك به الخنجر.
انهارت روزنتين تحت قوة قبضته الهائلة.
“ههه! نجحت!”
صرخ الرجل.
عَضّت روزنتين على شفتيها في مواجهة هذا الموقف المتوقع.
(هل تشعرين وكأنك ستموتين؟)
ترددت كلمات لوسين في أذنها.
لقد انتُزع منها الخنجر.
الرجل، بقوته الهائلة، أسقط الخنجر من يدها.
اندفعت روزنتين نحو مكان سقوط الخنجر،
لكن الرجل تدحرج والتقطه قبلها.
(رجاءً كوني حذرة.)
كانت كلمات لوسين القلقة.
ولم تقل له روزنتين أبدًا: “أنا بخير”.
لم تستطع التفوّه بها.
لقد كانت هذه الخطة من اقتراحها،
وكانت تنفذها بنفسها.
هي التي قالت إنها ستقوم بتبديل الكأس المسمومة.
لكن كان الأمر فوق طاقتها لوحدها.
—
الوليمة الإمبراطورية كانت حدثًا ضخمًا.
وفي المطبخ الملكي المكلّف بإعداد ذلك العشاء، لم يكن من الممكن أن يلاحظ أحدٌ من لمس النبيذ.
باستثناء روزنتين.
في يوم الوليمة، وفي ذلك المطبخ المزدحم بالطهاة والخادمات،
كان هناك خمسة أشباح حاضرين.
بمن فيهم لانون.
حين طلبت روزنتين المساعدة،
تبعها الأشباح لأسباب مختلفة.
وكان لانون الوحيد الذي رأى وجه الخادمة،
وقد طُلب منه أن يظلّ طافيًا في الهواء مبتسمًا طوال الوقت.
قبل ساعات من بدء الوليمة، أشار لها بيده وقادها نحو زجاجة النبيذ.
كانت تلك الزجاجة هي المسمومة.
روزنتين هي من بدّلت الزجاجة،
ولذلك لم يكن في الكأس الذهبي أيّ سمّ من الأساس.
لكن المشكلة كانت في المشرف الوسيط الذي يراقبها.
كان ولي العهد مشغولًا بأداء الطقس، وكان هوستان ولوسين، أي المساعدان،
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات