<الفصل الثامن>
~*~
دينغ–
رنّ جرس المصعد، وانفتح الباب لتدخل امرأة على عجل، كانت خصلات شعرها البني المرتفع يتطاير.
هايون، التي نزلت إلى مدخل الطابق الأول من العمارة، أخذت تتلفّت حولها.
“هنا؟”
[ الكوكبة الطافرة من الهاوية همست: لا.]
“حقاً؟ إنه ليس هنا، صحيح؟”
اختبأت هايون خلف عمود ضخم وسألت مجدداً.
لا تزال تذكر بوضوح كيف كاد قلبها أن يسقط من مكانه بالأمس، حين ظهر فجأة الشخص الذي كانت تظنّ أنّه لن يكون موجوداً أبداً.
كانت مقتنعة بأنّ الأيام الثلاثة الأخيرة كانت أطول ثلاثة أيام في حياتها.
سيو دو جون، الذي أوصلها من الفندق إلى المنزل، رحل مباشرة دون أن يدخل الى المنزل.
أكان ذلك هو السبب؟لقد أعتقدت أنّه يكتفي بأداء دوره على نحوٍ متوسّط؟ لقد وقّع عقداً بالفعل، لكن إن بدأ بإظهار الإهمال منذ البداية، فلن تتمسك هي بشيء. بالطبع، كانت هايون مستعدّة للمشاركة بنشاط في عمله البطيء.
لكنّ ذلك كان خطأها. فقد كان سيو دو جون وفيّاً للغاية لبنود عقده في حماية هايون، حتى أنّه كان يلحظ خروجها كما لو كان شبحاً، ويظهر أمامها مباشرة.
كما يحدث الآن تماماً.
“هل ستخرجين؟”
“آه!”
لقد تأكّدت أنّ لا أحد موجود! ارتجفت هايون من ظهوره المفاجئ، وأطلقت صرخة صغيرة، ثم وضعت يدها على صدرها ورفعت طرف شفتيها بابتسامة متكلّفة.
“لا؟”
لكنّ هايون، وهي ترتدي قميصاً أبيض واسعاً وسروالاً قصيراً بخصرٍ عالٍ ونظارات شمسية، وتحمل على كتفها حقيبة مقاومة للماء، كانت تبدو كمن يستعدّ للذهاب إلى مدينة الألعاب المائية.
‘فات الأوان.’
نقرت هايون بقدمها في توتر. كان هاتفها لا يتوقف عن الرنين.
زينغ ها [8:19 ص]
متى ستأتين؟ [8:19 ص]
(صورة) [8:19 ص]
لقد وجدت سيارة للإيجار، ما ينقصني الآن هو مجيئكِ [8:20 ص]
‘تسك، أليس المصنَّف الأول مشغولاً؟’
عبّرت هايون في داخلها عن احتجاجها، إذ لم تستطع قول ذلك بصوت عالٍ.
‘كيف تمسكني مثل الشبح في كل مرة أخرج فيها؟’
وعندما لاحظت أنّ عيني سيو دو جون تتجهان نحو حقيبتها، أسرعت بإخفائها خلف ظهرها.
“لنذهب، سأوصلكِ.”
قال ذلك بنبرة ودودة وهو يرافقها بنفسه.
وبالطبع، لم يكن سيسير معها فحسب، بل سيلتصق بها طوال جدول يومها كظلٍّ لا يفارقها.
‘أوه ثم هل سترى الصيّاد سيو دو جون بملابس السباحة؟’
كان طويلاً، وسيبدو رائعاً مهما ارتدى. صحيح أنّه ليس بمستوى جونغ أونوو، لكنه بدا ذا جسدٍ عضليٍّ متين. فإذا ارتدى ملابس السباحة…
[الكوكبة الطافرة من الهاوية تأمر هايون بالهدوء.]
استفاقت هايون فجأة من خيالها، ولوّحت بيدها قائلة:
“آه، تذكرت أنّني نسيت شيئاً! هاها، إذاً…”
عادت أدراجها نحو البيت، حيث استقبلها الصمت، فكل أفراد عائلتها كانوا قد خرجوا للعمل.
ثم ارتمت على الأريكة وبدأت في البكاء.
“آه… حديقتي المائية…”
كانت الإشعارات تتوالى على هاتف هايون، فتنهدت وفتحت الهاتف.
هايون!!! [8:27 صباحًا]
ألن تأتِ؟!! [8:27 صباحًا]
نحن على وشك المغادرة؟!! [8:29 صباحًا]
بالطبع، لم يكن هناك ما يمكن فعله من دون سيو دو جون، إذ إن والدي هايون لم يفرضوا أي قيود على تصرفاته بحد ذاتها، بل كل ما قالوه هو أنّ ذهابها بمفردها أمر خطير، لذا عليها أن تذهب برفقة حارس.
لكن المشكلة أن الشخص الذي وُقِّع معه عقد الحراسة كان هو سيو دو جون، والمصنَّف في المرتبة الأولى.
[الكوكبة الطافرة من الهاوية تسأل لماذا شعرت فجأة بالخجل.]
“ليس الأمر خجلاً… إنما لأن أوبّا ليس مشهورًا، فلا أحد يعرفه. هذا يختلف عن كونك في المرتبة الأولى.”
[الكوكبة الطافرة من الهاوية تقول إن هايون لديها تحيّز غريب يقتصر على عائلتها.]
منذ أن دخلت هايون الثانوية، لم تكشف قط أنّ عائلتها هي عائلة جونغ جيهو المعروفة جميعها بكون أفرادها من الصنف S. بل كانت تخفى الأمر.
انتشرت شائعات أنّها ابنة عائلة ثرية، فقط لأن حارسًا من المصنَّفين رافقها في رحلة مدرسية، أو لأنها غالبًا ما ترتدي ملابس وحقائب باهظة الثمن، لكن لم يتجاوز الأمر ذلك.
عاشت أيام الثانوية على هذا النحو العادي، وما زالت تعيش حياتها الجامعية كفتاة عادية.
لكن أن تجرّ معها الآن المصنَّف الأول ليكون حارسًا شخصيًا؟ هذا أشبه بقول: “لأنني شخص مهم جدًا، يجب أن يعرف الجميع ذلك”، وسيبدو وكأنها تروّج لنفسها أمام الآخرين.
تنهّدت هايون بحزن وكتبت على هاتفها:
[8:31 صباحًا] لا أستطيع الذهاب ㅠㅠㅠㅠ
[8:31 صباحًا] وداعًا ㅠㅠ
لماذااا؟!! [8:32 صباحًا]
ألقت هايون اللوم على والديها بدرجة معتدلة.
[8:32 صباحًا] أمي لا تسمح لي بالذهاب.
فجأة؟؟؟ [8:32 صباحًا]
[8:33 صباحًا] ㅇㅇㅋ
ولم يكن هذا كذبًا، إذ إن والدها قد ألزماها بالمصنَّف الأول ليكون ملازمًا لها ولبيتها.
وبالفعل، كان والدها على نفس الموجة؛ فإذا أدركا مدى فعالية الأمر، لو أمكنهما كانا سيرغبان في توظيف سيو دو جون لبقية حياتهما.
“اللعنة…”
تمددت هايون وهي تشعر بخيبة أمل جارفة. وأثناء تفكيرها، اجتاحها الإرهاق فجأة فاستسلمت للنوم.
واصلت إغلاق عينيها.
[الكوكبة الطافرة من الهاوية تسأل هايون إن كانت قد نِمت جيدًا.]
حين فتحت هايون، التي كانت تغفو على فترات، عينيها، كان قد مرّ وقت ليس بالقصير.
وقفت وهي تفكر بشرود:
“لا يمكنني العيش هكذا.”
لقد كانت تستحق إجازة صيفية جيدة لنفسها! فهذا حق طبيعي ومكافأة مستحقة لطلبة الجامعات الذين اجتازوا الامتحانات النصفية والنهائية خلال الفصل.
“إلى الحديقة المائية إذن… حسنًا. يمكنني الذهاب مرة أخرى لاحقًا.”
لكن يوم الجمعة كانت هناك حفلة موسيقية في كوريا، وكانت هايون متحمسة لها جدًا. لقد ربحت تذكرتها بعد معركة حجز شاقة، ولا يمكنها التفريط بها أبدًا.
قفزت هايون واقفة ونزلت إلى الطابق الأول.
وكما توقعت، ظهر سيو دو جون مرة أخرى. لكنها لم تُفاجأ هذه المرة لأنها نزلت عن قصد.
ابتسمت هايون ابتسامة مشرقة وقدمت له زجاجة ماء.
“أيها الصيّاد، هل عملك مرهق؟ تفضل هذه.”
“شكرًا لك.”
يبدو أنّه كان عطشانًا، إذ فتح الغطاء وشرب فورًا. وانجذبت عينا هايون إلى مشهده وهو يبتلع الماء.
[الكوكبة الطافرة من الهاوية مستاءة من وسامته المزعجة، وتقول إنها تشعر بالقلق لأن مظهره الخارجي يوافق ذوق هايون.]
[الكوكبة لم تنسَ بعد أن سوق الأسهم قد اهتزّ.]
[ومع ذلك، إذا كانت هايون تحب سيو دو جون حقًا، فقد تفكر الكوكبة في اعتباره حبيبًا لها، وقد ترى في الأمر فرصة.]
استيقظت هايون على هراء الكوكبة، فقالت بصوت منخفض:
“هل الجو حار؟ يقولون إن الحرارة بلغت اثنتين وثلاثين درجة اليوم. إن كنتَ واقفًا في الخارج طوال الوقت فلا بد أنك مرهق.”
“أنا بخير.”
“لمَ لا تأتي إلى منزلي قليلًا؟ لقد شغّلت المكيّف، وهناك أمر أودّ أن أخبرك به.”
ظنّت أنه سيفرح بدعوة بسيطة كهذه، لكن سيو دو جون فاجأها بإجابة مغايرة تمامًا لتوقعاتها:
“هذا غير ممكن.”
“ماذا؟ لماذا؟”
“يُحظر عليّ دخول المنزل إلا في الحالات التي لا يمكن تجنبها وفقًا للعقد.”
تشققت ابتسامة هايون قليلًا.
كانت تشعر مسبقًا أن سيو دو جون شخص صارم وجامد، لكنه أصرّ على رفض دعوة تافهة كهذه.
كل ما أرادته هايون هو التحدث في بيت هادئ بدلًا من إزعاج السكان في الممر.
ابتسمت بقوة مجددًا وحاولت إقناعه:
“لا بأس، ستكون زيارة خاطفة… الجو حار، هيا بنا نصعد.”
“أنا بخير، فلا تقلقي.”
“كيف لا أقلق؟ أنت تتعب بسببي.”
“أنا بخير.”
“أيها الصيّاد سيو دو جون، هل لا تعرف سوى جملة أنا بخير؟”
“لأنني فعلًا بخير. وحتى إن لم أكن كذلك، فلست مضطرًا لقول شيء.”
[الكوكبة الطافرة من الهاوية تشعر بمزيد من الإحباط من رده على هايون بهذا الشكل.]
[كما هو متوقّع، كان سهمًا خاسرًا.]
نظرت هايون إلى تصرفاته التي تشبه إجابات الروبوت، ومع ذلك لم يبدُ أنه يريد التحرك.
‘شكرًا، أصبح لديّ غول¹ الآن.’
قررت هايون أن تأخذه إلى المنزل مهما كان الثمن، ثم جلست فجأة.
ولأول مرة، بدت الدهشة على وجه سيو دو جون.
“آنسة هايون؟”
“آه، ساقي تؤلمني فجأة… تؤلمني بشدة.”
بدأت هايون تربّت على ساقها بتصنّع وتُصدر أصوات الألم.
“لا أظن أنني أستطيع العودة وحدي. لا بد أن يساعدني أحد أين حارسي الشخصي؟”
“توقفي عن المزاح وانهضي.”
“أتمزح أنت؟ لا أستطيع حتى أن أخطو خطوة. في هذه الحالة، قد أضطر للبقاء هنا حتى يأتي والداي.”
رغم أن الخدعة كانت واضحة، إلا أنه شدّ شفتيه قليلًا، بينما ابتسمت هايون بمكر ومدّت يدها نحوه.
“يبدو أن حالة لا يمكن تجنبها قد وقعت هل ستساعدني؟”
نظر إليها سيو دو جون للحظة، ثم تنهد قليلًا واقترب منها.
[الكوكبة الطافرة من الهاوية كانت تتوقع أن يحملها مثل الأميرات.]
لكن سيو دو جون اكتفى بإسناد ذراع هايون فقط. يا له من رجل مضحك.
“واو!”
“إذن سأذهب.”
“انتظر لحظة، تفضّل بالدخول.”
تشبثت هايون بذراع سيو دو جون وأمسكته بقوة.
حاول أن يبعدها، لكن قوتها فاقت ما كان يتوقعه. وبلا مقدمات، وجد نفسه جالسًا على الأريكة.
وبعد محادثة قصيرة، أدركت هايون أن سيو دو جون من النوع الذي لا يمكن إقناعه بالكلام مطلقًا.
وإن كان الأمر كذلك، فعليها أن تستخدم أسلوبًا آخر لتستعيد حريتها.
“فلنقم برهان.”
“ما الرهان…”
“سنلعب لعبة، وإذا فزتُ أنا، فعليك أن تعود إلى المنزل فورًا.”
—-
¹لما قالت غول مكنش بالمعنى الحرفى بل تقصد أن سيو دو جون أصبح مثل حارس ضخم وعنيد يقف في طريقها، لا يلين ولا يتحرك بسهولة، وكأن وجوده يمنعها من فعل ما تريد.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات