قال إريك، ضحكة خفيفة في صوته وهو يأخذ العلبة منها بسهولة: “واو”. نظر إلى جائزته. فتح الغطاء فرأى ست قطع بسكويت مائلة، زاهية الألوان، ومحترقة قليلاً.
نظر إلى هذه المخلوقات الغريبة، وارتسمت على وجهه علامات حيرة حقيقية. ثم نظر إليها، ثم عاد إلى البسكويت. “ما هي؟” سأل بنبرة مزيج من الفضول والمرح. “هل هي… أطباق مزخرفة؟”
“لقد صنعتهم،” أجابت ديليا، وخدودها أصبحت حمراء داكنة.
ارتفع حاجباه مندهشين. سألها، وابتسامة عريضة تعلو وجهه: “هل صنعتِ هذه؟” أومأت برأسها بحزن. أدار العلبة 360 درجة كاملة، متفحصًا البسكويت المشوه من جميع الزوايا كما لو كان قطعة أثرية غريبة. سألها مجددًا، مازحًا إياها بلطف: “هل أنتِ متأكدة تمامًا من أنها ليست أطباقًا؟”
هزت رأسها، وخجلها يزداد. “لا، إنه طعام. إنها بسكويت.”
“كوكيز سي؟” تلعثم وهو ينظر إلى الصندوق في يده برعب مصطنع.
كان هذا فوق طاقتها. أرادت ديليا أن يختفي دليل فشلها في الخبز إلى الأبد. أعلنت: “سأرميه. أعطني إياه”. انتصبت على أطراف أصابعها، ومدّت يديها محاولةً انتزاع العلبة منه.
لكن دون جدوى. إريك، الذي كان أطول منها بكثير، رفع الصندوق عاليًا فوق رأسه، بعيدًا عن متناولها. كلما قفزت محاولةً انتزاعه من يده، رفعه أعلى، وارتسمت على وجهه نظرة مرح طفولية خالصة.
“ماذا تفعل؟” سألت، واستسلمت أخيرًا ووضعت قدميها بقوة على الأرض، ويديها على وركيها.
“أنا متأكد من أن طعمها جيد،” أجاب إيريك، متجاهلاً سؤالها، وبريقًا شقيًا في عينه.
أنزلت ديليا يديها وتنحّت جانبًا، منهكة. رأى إريك استسلامها، فأنزل العلبة ببطء. نظر إليها، إلى عينيها الزرقاوين اللتين كانتا تتوسلان إليه بصمت، تتوسلان إليه ألا يأكل واحدة. أخذ قطعة بسكويت من العلبة. رفعها، وتفحص قوامها الغريب والمتكتل، ثم، محافظًا على التواصل البصري معها، أخذ قضمة كبيرة.
كان التأثير فوريًا. انفجرت في فمه حلاوةٌ غامرةٌ مُخْفِقة. كان الأمر أشبه بتناول ملعقةٍ من السكر النقي ممزوجةً بعطر الفراولة. كافح ليحافظ على رباطة جأشه، وعيناه تدمعان قليلاً وهو يُجبر نفسه على البلع.
تحول وجهه إلى تعبير عن المعاناة الذاتية، كما لو كان على وشك البكاء.
أشفقت عليه ديليا، فأخذت بسرعة ما تبقى من الكعكة من يده وألقته في سلة المهملات. ودون أن تنطق بكلمة، أخذت العلبة منه وألقت ما تبقى من الكعكة أيضًا.
استدارت لتحضر له كوبًا من الماء ليغسل طعم فمه. توجهت إلى الرف حيث تُحفظ الكؤوس وإبريق الماء، لكن الإبريق كان على أعلى رف، بعيدًا عن متناولها. تمددت، وأصابعها تلامس الزجاج البارد، لكنها لم تستطع الإمساك به بإحكام.
“ماذا تفعل الآن؟” سأل إيريك، وكان صوته لا يزال أجشًا بعض الشيء بسبب الاعتداء السكري.
“سأحضر لكِ كوبًا من الماء،” أجابت ديليا وهي لا تزال تتمدد. “دعني أحضر كرسيًا،” فكرت في نفسها وهي على وشك الالتفاف.
قبل أن تتمكن من ذلك، اصطدم صدرٌ صلبٌ دافئٌ برفقٍ بمؤخرة رأسها. كان إريك يقف خلفها مباشرةً، يضغط جسده على جسدها على المنضدة. استقرت إحدى يديه على الطاولة بجانبها ليحافظ على توازنه، بينما امتدت الأخرى بسلاسةٍ فوق رأسها إلى حيث كانت يدها.
شعرت بنبضات قلبه القوية والمستقرة على ظهرها. شعرت بأنفاسه الدافئة على شعرها وهو ينحني فوقها. أقسمت أنها شعرت به يستنشقها للحظة، كما لو كان يستنشق رائحة شامبو اللافندر خاصتها. أم أنها كانت تتخيل؟ هذه الحميمية المفاجئة وغير المتوقعة جعلت قلبها ينبض بقوة.
أخذ إريك الإبريق الثقيل، ودون أن ينطق بكلمة أخرى، تركها ليملأه بماء نقيّ بارد من المضخة. ترك ديليا واقفةً هناك، وعقلها غارقٌ في أفكارٍ وافتراضاتٍ مُربكة.
أعادها صوته إلى الواقع. قال وهو يعود بالجرة الممتلئة: “سأُعدّ الفطور. ستتناولين بعضًا منه، أليس كذلك؟”
كل ما استطاعت ديليا فعله هو الإيماء برأسها، بعد أن تخلى عنها صوتها مؤقتًا.
“اذهب واجلس،” قال بنبرة هادئة. “سأفعل ذلك.”
أرادت ديليا الاعتراض. قالت: “لكنك عدتَ للتو من العمل طوال الليل. لم تنل قسطًا من الراحة.”
“لا بأس،” أجاب إيريك وهو يبدأ في رفع أكمامه، كاشفًا عن ساعديه القويين.
ذهبت لتجلس على أحد الكراسي الخشبية البسيطة في المطبخ، وهو مكان مخصص عادةً للموظفين. راقبته بصمت وهو يتحرك في المطبخ بسهولة، يكسر البيض في وعاء، ويقطع الخبز، ويضع مقلاة على الموقد. كان دوقًا، رجل أعمال نافذًا، ومع ذلك بدا مرتاحًا تمامًا هنا، وهو يُعدّ فطورًا بسيطًا.
لم يلتفت، بل ركز على البيض المقلي في المقلاة. أجاب ببساطة: “أردت رؤيتك فقط”.
لم يترك الجواب المباشر والصادق ديليا شيئًا لتقوله. جلست هناك تراقبه.
انتهى إريك من إعداد فطور سريع من البيض المخفوق والخبز المحمص وشرائح الفاكهة، ثم وزّعه على طبقين. ثم وضعه على طاولة الطعام الصغيرة في زاوية المطبخ.
جلسا متقابلين. نظرت ديليا إلى طبق الطعام الكبير أمامها. لاحظ إريك، الذي كان يتناول الطعام بالفعل، ترددها.
“لقد بالغت في الأمر، أليس كذلك؟” سأل، مع ابتسامة خجولة على وجهه.
أومأت ديليا برأسها. كان هذا طعامًا أكثر مما تتناوله عادةً في يوم كامل.
“أنا آسف،” قال وابتسامته تتسع. “لم أقصد أن أعطيك هذه الكمية الكبيرة. لكن حاول أن تأكل أكثر بقليل من المعتاد، حسنًا؟ من أجلي؟”
أومأت ديليا برأسها مجددًا، ثم تناولت شوكتها. أخذت قطعة صغيرة من الخبز المقطّع مع بعض البيض المخفوق الهشّ. كان لذيذًا. ابتسم إريك، وارتسمت على وجهه نظرة رضا، وواصل تناول وجبته.
لقد تناولوا الطعام في صمت مريح لعدة دقائق.
قال إريك، كاسرًا الصمت: “حسنًا، بخصوص أغراضك. هل هذا الصندوق هو كل شيء؟ أخبرني السيد راي أنك لم تحضر معك الكثير.”
أجابت ديليا دون أن ترفع نظرها عن طبقها، بصوتٍ جامدٍ وصارم، يُذكّر باتفاقهما: “لن أبقى هنا طويلًا على أي حال.”
توقف إريك، وشوكته في منتصف فمه، وقطعة الخبز الطرية تستقر على أسنانها. نظر إلى ديليا، فاختفى تعبيره الدافئ السعيد في لحظة. تلاشى جو الراحة. حدق بها، لكنها واصلت الأكل كما لو أنها لم تقل شيئًا حطم قلبه تمامًا.
التعليقات لهذا الفصل " 59"