الغيتار الكهربائي الذي يُعزف باستخدام الريشة يختلف بوضوح عن الغيتار الكلاسيكي الذي تُحرّك أوتاره بأنامل العازف. تلك النكهة الخشنة الفريدة التي يمنحها الغيتار الكهربائي بمساعدة معدات الصوت والمكبرات يصعب على الغيتار الكلاسيكي مجاراتها.
لكن، مع لمسة من التغيير في أسلوب العزف، يمكن للغيتار الكلاسيكي أن يقترب من تلك النكهة. وما دمتُ لم أكن غريبة تمامًا عن الغيتار الكلاسيكي، فقد جرّبت.
بضع ضربات على الأوتار، ثم انطلقت أعزف مقطعًا من أغنية بوب بانك مألوفة بحركات واثقة.
كانت النغمات مرحة، نابضة بالحياة، وتحمل قوة صاخبة.
إنها موسيقى الفرقة التي كنتُ أستمع إليها بلا توقف خلال أيام الجامعة.
فجأة، شعرتُ بأن كل الأنظار في الحانة تتجه نحوي.
سابرينا، التي بدت مندهشة في البداية، تعرّفت على مقدمة الأغنية ورفعت زاوية فمها بابتسامة عريضة.
دون أن أدرك، استسلمتُ لسحر الموسيقى، وأصابعي ترقص على الأوتار بحرية.
في تلك اللحظة، لاحظتُ الموسيقي الغريب الأطوار الذي كان يراقب عزفي بهدوء وهو يرفع فايولينه ببطء.
ابتسمتُ ابتسامة خفيفة، وارتفعت زاوية فمي تلقائيًا.
تقابلت أعيننا، ثم قال الرجل بنبرة هادئة، وكأنها لا تحمل أي اهتمام:
“استمري في العزف.”
‘أيعقل أنه ينوي عزف هذه الأغنية معي، وهو لم يسمعها من قبل؟’
لكن الرجل، دون تردد، بدأ يحرك قوس الفايولين على الأوتار، يجرب النغمات لبضع لحظات، ثم أمسك بإيقاع اللحن المتكرر وبدأ يعزف بشكل عفوي.
كانت قدرته على استيعاب الأغنية وتشريحها في لحظات مبهرة حقًا.
‘هكذا إذن يكون العباقرة.’
ابتسمتُ وأسرعتُ من وتيرة الغيتار.
لم يتأخر الفايولين، بل تبعه بسرعة، ينسج نغماته مع نغماتي بحيوية.
على الرغم من أنني أخطأت بضع نغمات – فقد مر وقت طويل منذ آخر مرة عزفت فيها – إلا أنني وهو لم نكترث لهذه التفاصيل.
سرعان ما امتلأت الحانة المتواضعة بأنغام الغيتار والفايولين المتداخلة، تتردد في الفضاء كموجات من الطاقة.
كونغ- كونغ- كونغ- كونغ-
بدأ الجميع في الحانة يدقون بأقدامهم مع إيقاع الأغنية.
حتى سابرينا انضمت إليهم، تدق الأرض بحماس مع الآخرين.
شعرتُ باندفاع الأدرينالين يسري في عروقي، كما في أيام الجامعة عندما كنتُ أعزف مع الفرقة أمام الجمهور.
في خضم العزف، تقاطعت أنظاري مع الرجل مرة أخرى.
ابتسامة خفيفة كانت تزين وجهينا دون أن نشعر.
تلك النشوة التي تولد عندما تجتمع مع شخص غريب لا تعرف اسمه ولا أصله، لكنكما تخلقان معًا سيمفونية عبر آلتين موسيقيتين، لا يعرفها سوى العازفين.
في الحقيقة، كنتُ أعزف أغنية أعرفها جيدًا، بينما كان هو يرتجل ليواكبني. لكن هذا بالذات جعل الموسيقى أكثر حياة وصدقًا.
أخيرًا، أدركتُ أن العزف انتهى عندما سمعتُ تصفيق الجمهور وهتافاتهم.
كانت أطراف أصابعي تؤلمني من فرط العزف بعد فترة طويلة من الانقطاع، ونفسي متقطع، لكن الابتسامة لم تفارق شفتيّ.
كم كنتُ مشتاقة لهذا الشعور!
* * *
“من أين تعلمتِ عزف الغيتار؟”
سألني سموئيل بنغرسون، الذي كان حتى لحظات قليلة يبدو غير مبالٍ، وهو الآن ينظر إليّ بعينين تلمعان بحماس.
بعد انتهاء العزف، بادرني بالتعريف بنفسه، وهو أمر لم أتوقعه.
اسمه سموئيل بنغرسون، موسيقي موهوب في الماضي من عائلة بنغرسون المنهارة التي كانت ذات يوم تُعرف بمؤلفيها المبدعين.
الآن، أصبح مجرد غريب أطوار يعزف ما يروق له عفويًا، يكتفي بالنقود التي يُلقيها المارة ليشتري بها الخمر.
“الأغنية التي عزفتِها الآن، هل هي من تأليفك؟”
كان يميل بجذعه نحوي، يبدو مأخوذًا تمامًا بالفكرة.
نظرتُ إليه، وابتسمتُ بثقة وأنا أمدّه ببطاقة دعوة.
كانت بطاقة *كلينا سالون*.
“إذا أردتَ معرفة المزيد، تعالَ إلى كلينا سالون.”
نهضتُ من مكاني بسرعة، بينما كان سموئيل ينظر إليّ بذهول، ممسكًا بالبطاقة.
“سأجعلك تعزف الكثير من الأغاني مثل هذه هناك.”
رميته بغمزة مرحة، ثم استدرتُ بثقة وغادرت.
المهارة السابعة عشرة للمنظم: أثري فضول الشخص الذي تستهدفينه.
بعد هذا العزف المشترك القصير، أنا متأكدة أنه سيأتي إلى *كلينا سالون* مدفوعًا بفضوله لكلماتي الغامضة.
بينما كنتُ أغادر الحانة، كان الجمهور يصفق بحرارة ويهتف بحماس.
ألم يقولوا إن الغيتار هنا آلة يعزفها العامة؟ بالنسبة لهم، فتاة تبدو كابنة أرستقراطية تعزف على الغيتار ببراعة، وموسيقى من نوع لم يسمعوه من قبل، كانت تجربة مثيرة للدهشة.
خرجتُ من الحانة وسط هتافاتهم، أنظر إلى السماء بوجه ينضح بالرضا.
‘كم مرّ من الوقت منذ شعرتُ بهذا الشعور!’
كأن حواسي التي خمدت وسط صخب الحياة قد استيقظت من جديد.
من كان ليظن أنني سأعزف الغيتار في عالم رومانسي خيالي مثل هذا؟
ومادام الغيتار موجودًا، ألا يعني ذلك أن الدرامز قد تكون موجودة أيضًا؟
الدرامز هي قلب أي فرقة موسيقية!
بدأتُ أتخيل كيف سأكوّن فرقة موسيقية في هذا العالم الرومانسي وأجني ثروة منها.
في تلك اللحظة، اقتربت سابرينا، التي تبعتني إلى الخارج، ونكزتني في خاصرتي.
“كلير، أنتِ مليئة بالمفاجآت! كنتِ تعرفين العزف على الغيتار؟”
“ههه، قليلًا فقط.”
خدشتُ رأسي بحرج، لكن سابرينا ضيّقت عينيها ونظرت إليّ بشك.
“قليلًا؟ لا أظن أن هذا يُسمى قليلًا.”
“حسنًا، كنتُ في فرقة موسيقية في الجامعة لفترة، لكنني توقفت عن العزف منذ ذلك الحين.”
أومأت سابرينا برأسها كأنها تتفهم تمامًا.
“لم أتوقع أن أجد غيتارًا في مكان مثل هذا.”
بينما كنتُ غارقة في ذكرياتي، هزّت سابرينا كتفيها وقالت:
“العالم في كل مكان واحد، أليس كذلك؟”
توقفتُ، ونظرتُ إليها بعينين تلمعان.
“إذن، هل تعتقدين أن هناك درامز أيضًا؟”
ارتجفت كتفاها قليلًا من شدة حماسي، ثم أجابت متلعثمة:
“حسنًا… رأيتُ واحدًا من قبل.”
“حقًا؟!”
* * *
أخذتني سابرينا إلى متجر خردة قديم لبيع الأغراض المستعملة.
“اكتشفتُ هذا المكان أثناء تجوالي مع هيكتور ومجموعته. فيه أشياء مفيدة جدًا.”
‘لكن لماذا متجر خردة إذا كنتِ ستُريني درامز؟’
بينما كنتُ أتساءل، ظهر رجل عجوز، يبدو أنه صاحب المتجر، من بين الأغراض المتراكمة.
بينما كنتُ أنتظر بحماس، عاد العجوز حاملًا طبلًا بحجم وعاء غسيل، لكنه ممزق ومهترئ.
نظرتُ إليه بدهشة، بينما قالت سابرينا بفخر:
“ها هو الدرامز!”
عبستُ وقد تجعد جبيني.
“ما هذا؟ هذا مجرد طبل ممزق!”
“هنا يسمونه درامز. وأيضًا، أليس الدرامز نوعًا من الطبول؟”
“لستُ أقول هذا لأنني لا أعرف…”
وضعتُ يدي على جبهتي، فنظرت إليّ سابرينا ثم التفتت إلى العجوز وقالت:
“جدي، هل لديك درامز أخرى غير هذا؟”
“ما الذي تريدون فعله بكل هذه الطبول؟”
تمتم العجوز بشيء من الضجر، لكنه عاد إلى أكوام الخردة وعاد ببعض الطبول الأخرى بأحجام وسماكات مختلفة.
‘حسنًا، الدرامز في النهاية عبارة عن مجموعة طبول بأصوات وأحجام مختلفة.’
غرقتُ في التفكير، فأضافت سابرينا:
“هنا يستخدمونها عادةً في الفرق العسكرية، يحملونها على الأكتاف ويدقون عليها. لو جمعنا بعض هذه الطبول وضربنا عليها، ألن يكون ذلك درامز؟ أليس لديك صنجات أيضًا، جدي؟”
“تظنين أن هذا متجر آلات موسيقية؟”
رغم تذمره، اختفى العجوز مجددًا ليبحث عن صنجات.
‘إذا جمعنا الطبول وأضفنا الصنجات، قد يبدو مثل الدرامز نوعًا ما.’
الفكرة ليست سيئة، لكن…
“المشكلة هي من سيعزف عليها؟”
تمتمتُ، فأجابت سابرينا بثقة:
“نعلّم أعضاء الفرقة!”
“من سيعلم؟”
نظرتُ إليها بدهشة، فأجابت بهدوء:
“إذا لم يكن هناك أحد، سأعلّم أنا.”
“ماذا؟ سابرينا، هل تعرفين عزف الدرامز؟”
“حسنًا… أعرف كيف أقلّد قليلًا.”
‘لا، هل يعقل أنكِ شاهدتِ فيديوهات على اليوتيوب وتظنين نفسكِ عازفة!’
نظرتُ إليها بشك، فهزّت كتفيها وقالت:
“أخي في الحياة السابقة كان عازف درامز معروفًا إلى حد ما.”
“ماذا؟!”
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 47"