حين استرجعتُ مجدداً ما حدث بالأمس أدركتُ أنني لم أسمع سبب استمراره في حبس والدته في الطابق الخامس.
كان هناك أكثر من شيء غريب ومثير للفضول.
في رواية ‘أنتِ كالزهرة’، كان كاين مثالاً للرجل اللطيف. كانت حنّيّته للبطلة بلا حد وكان مكرّسٌ نفسه لها. لم يكن منطقياً على الإطلاق أنه يحبس والدته في غرفة ويعطيني أدويةً غريبة.
قد تكون قصة سرية ليست في الرواية.
‘ هذا منطقي. فـ الرواية لم تكتمل بعد. ‘
بتذكّر ذلك، فقد توقفتُ في المشهد حيث كانت البطلة وولي العهد-الذي من المُحتمل أنه البطل، على وشك تأكيد مشاعرهما لبعضهما.
تألّم قلبي كثيراً عندما رأهم كاين وحزن عند تقاربهما.
لذا سيكون كما توقعت، قد استحوذتُ على جسد أليس بعد اكتمال العمل الأصلي، ثم ربما هذه إشارة. خطرت مثل هذه الفكرة في ذهني.
” هذا صحيح! ربما تكون إشارة لي لكي أجعل شخصيتي المفضّلة كاين سعيداً بنفسي؟ أو ……، ربما لا. “
بصراحة،بغض النظر عن مدى تفكيري في الأمر لم أستطع معرفة سبب تجسيدي في هذه الرواية. بالإضافة إلى ذلك، ليست هناك طريقة لِـأعرف كيف أستطيع العودة إلى عالمي.
لذلك اعتقد أنه سيكون من الجيد لصحتي العقلية أن أؤمن بهذه النظرية وأُريح نفسي بها.
” ربما يمكنني العودة بعد أن أُنهي قصة كاين بنهاية سعيدة؟”
لكن إذا كان الأمر كذلك، فهل كاين غير سعيدٍ الآن؟
” لا أعتقد أنه سعيد. فقد فقدتْ أمه عقلها وهي بهذا الشكل، ويبدو أن أليس، التي أخذتُ جسدها، ليست في حالة صحية جيدة أيضاً. “
كم كان حزيناً لأن حبه الأول لبطلة الرواية لم يتحقق وأن يرى من حوله يعانون هكذا. آلمني قلبي بالتفكير في كاين الذي لابدّ أنه قد عانى كثيراً.
” حسناً! سأشفي كل جروح مفضّلي كاين! “
اتخذتُ قراري. بـ مودّتي سأجعله ينسى كل آلام الماضي.
أشعر، وبغرابة، أن حاستي السادسة تطورت بشكلٍ استثنائي هذه الأيام. شعرتُ بالبرودة في ظهري مجدداً فنطرتُ للوراء.
كانتْ هيلينا تنظر إلي. عرفتُ على الفور ما يعنيه ذاك التعبير. هذه المرة لم يكن شبيهاً بالخوف.
كـامرأة مجنونة. إنها تنظر إليّ الآن وكأنها تنظر إلى امرأة مجنونة.
لكنني أفهمها تماماً. بالتأكيد أبدو غريبةً الآن وأنا أتمتم لنفسي.
بعد الاسترخاء في غرفتي وقراءة ‘الظروف الليلية للكونتيسة’، توجهتُ إلى رف الكتب. بمجرد النظر إلى العنوان بدت معظمها كتباً تجلب النوم.
بينما كنتُ أبحث بعينيّ وجدتُ كتاباً مقلوباً في الرف السفلي. كان غلافه في الجزء الداخلي من الرف فلم أستطع رؤية العنوان لكنه بدا مهترئاً للغاية وكأنه قد قُرِأ مراراً.
『 الدوق الأكبر العاري 』
‘ لِمَا جعل المؤلف الدوق الأكبر عارياً. ‘
أخرجت الكتاب بسرعة واتجهت إلى السرير قبل أن يرني أحد.
شعرتُ بالصداع وأنا في منتصف قراءة الكتاب. قلبتُ الكتاب للطرف الآخر حتى لا يتمكّنوا من رؤية العنوان ووضعته تحت الوسادة واستلقيتُ على السرير.
* * *
ظهر الممر المظلم أمامي مرةً أخرى. بتُّ أعلم الآن أن هذا حلم. ومجدداً، كان جسدي يتحرك من تلقاء نفسه.
مشيتُ، كالعادة، في الممر الطويل وتوقفتُ عند الباب المألوف. وعندما دخلتُ الغرفة، كانت والدة كاين تنتظرني.
” السائل الأحمر، أحمرٌ كـالدم ولا يمكن إخفاؤه بسهولة. “
لم تبدو الآن فاقدةً لِعقلها على الإطلاق. واصلتْ حديثها وهي تنظر في عينيّ بنطق واضح للغاية.
” اذهبِ هنالك، إلى القبو……. “
وبهذه الكلمات أدارتْ رأسها بعيدًا عني. بقتْ بلا حراك وعيناها مثبّتتان نحو النافذة وكأن شيئًا لم يحدث.
” ماذا يوجد في القبو؟ “
هذه المرة سألتها بإرادتي، لكنها لم تتحرك وكأن الشاشة تجمّدت.
” أتسمعيني؟عذراً……. “
استيقظتُ وأنا أكرر مناداتها.
” هاه؟ “
يبدو وكأن كاين يكون أمامي في كل مرةٍ أستيقظ فيها.
لأنني كنتُ أمدّ بذراعي نحوها في الحلم كنتُ في الواقع، ودون أن أدرك ذلك، أمدّها في الهواء. أمسك كاين بيدي الممدودة.
” يبدو أنكِ كان لديكِ كابوساً آخر. “
” كاين. متى أتيت؟ كان عليكَ أن توقظني. “
” اليوم هو اليوم المشترك، لذا جِئن الخادمات لمساعدتكِ في التحضير، لكنهن استسلمن حين لم تستيقظِ. لقد حان منتصف الليل بالفعل. كنتُ قلقاً لأنكِ ظللتِ نائمةً وتخطّيتِ وجبات الطعام. “
رأيتُ الآن أنه كان جالساً بالفعل بجواري ويتكئ على السرير.
‘ صحيح. يوم مشاركة الغرفة! كيف نسيتُ ذلك! ‘
جلستُ على السرير بذعر.
” المعذرة، أنا…… لا أشعر بأنني على ما يرام اليوم وأريد قضاء المزيد من الوقت بمفردي. “
تفوّهتُ بهراءٍ لم أعرف كيف تفوّهتُ به.
” حسناً. سمعتُ أنكِ صعدتِ إلى الطابق الخامس مرةً أخرى اليوم. “
” أنا…… أردتُ أن أعتذر عن الوقاحة التي بدرت مني بالأمس……. “
ترددتُ وتلعثمتُ في كلماتي.
” أليس، لا تصعدِ إلى الطابق الخامس مجدداً. لا أريدكِ أن تري هذا الجانب من والدتي. “
” كاين! ما الذي تقوله. هل تخجل من مظهر والدتك؟ ألهذا السبب تحتجزها في تلك الغرفة المظلمة؟ “
“أليس… لكلّ شخص بعض الأشياء التي لا يريد أن يخبر بها أحداً. لذا فقط عديني بأنكِ لن تصعدِ إلى الطابق الخامس مرة أخرى. “
بدت المحادثة تدور في حلقة فارغة دون أي تفصيل مهم. في النهاية أومأتُ برأسي وأنا عابسة.
” هل أنتِ مستاءة؟ تعالي هنا. “
سحب ذراعي. وسقطتُ فجأة بين ذراعيه.
” ابقي هكذا للحظة. “
أردتُ أن أرى تعبير وجهه عندما سمعتُ صوته الهادئ الذي يدغدغ أذني. رفعتُ رأسي ورأيتُ فكه الحاد.
خفض رأسه وقبّل جبهتي بلطف. كانت أنفاسه ساخنة.
تحركت شفتيه ببطء إلى الأسفل ومسحت عيني وخدي واحدة تلو الأخرى.
بدأت شفتاه تحومان بالقرب من شفتي. أغلقتُ عيني ببطء.
بعد لحظات قبّلني برفق في زاوية فمي ثم ابتعد.
عندما رفعتُ رأسي ونظرتُ إلى كاين، بدت عيناه مظلمتان نوعاً ما. نظرتُ في عينيه بعينان مرتجفتان.
اقترب وجهه مني مرة أخرى. ضغطتُ على شفتي قليلاً وأغمضتُ عينيّ مرة أخرى.
” أتسائل متى سيأتي اليوم الذي ستكونين فيه ملكي تماماً. يبدو أنكِ بحاجة إلى الاستعداد اليوم أيضاً. حالياً لِـ نؤجل اليوم المشترك إلى الغد. “
همس في أذني بصوت منخفض.
‘ ماذا؟ انتظر لحظة. هل سينتهي الأمر هكذا؟ كنّا في مزاج جيد للغاية للتو! ‘
فتحتُ عينيّ بندم وزممتُ شفتيّ. من المفترض أن يشعرني هذا الأمر بالراحة لكن لا أعرف لما أشعر بالحزن.
” لقد تأخر الوقت بالفعل لكن تناولِ عشاءكِ الآن من فضلكِ. سأخبرهم بتقديم وجبتكِ الآن. “
” لـ، لا بأس! أنا نعسة جدًا. سأنام بالفعل……. “
أوقفته بسرعة. شعرتُ بالحزن لأنني سأضطرّ لتخطّي العشاء، لكن هذه المرة شعرتُ حقاً بأنني سأحصل على شريحة لحم.
” حسنًا. لقد أخبرتُ طبيبي أن يأتي لفحصكِ غدًا صباحًا. سأبقى معكِ حتى تنامي، لذا فلـ تحاولي النوم. “
لوّحت بيديّ على عجل عند سماع كلماته.
” لا! لابد أنكَ متعب، لذا اذهب ونم رجاءً. أعتقد أنني سأنام بمجرد أن أستلقي. هاها! “
استلقيتُ على السرير لكي يرى. ظهرت ابتسامة ناعمة على شفتيه.
” فهمت. إذن ليلة سعيدة، زوجتي. “
اقترب وجهه مني. توقفتُ عن التنفس للحظة وأغمضتُ عيني بإحكام دون أن أدرك. وبعد وهلة قبّل جبهتي كـ ‘نقرة’ برفق ثم ابتعد.
حينها فقط فتحتُ عينيّ وزفرتُ أنفاسي التي كنتُ أحبسها. كان قد أدار ظهره بالفعل وابتعد.
‘ أشعر ببرود في داخلي……. ‘
أشعر وكأن هذا قد حدث من قبل. يفتح الباب هكذا دون تردد ويغادر.
بعد أن غادر، أخرجتُ معطفاً سميكاً من خزانتي. ظلت الكلمات التي قالتها أم كاين في حلمي تتردد في ذهني.
سأذهب إلى القبو الآن.
نزلتُ إلى الطابق الأول بهدوء محاولةً إبقاء خطواتي هادئةً قدر الإمكان. لا أعرف كم الساعة الآن، لكن لا أحد يمرّ بهذه القلعة الكبيرة.
‘ بفضل هذا أصبح التجول ليلًا أسهل. ‘
حالما خرجتُ من المبنى، رأيتُ نافورة دائرية كبيرة كنتُ قد رأيتها من الأعلى.
كان المنظر الخارجي قاتماً كداخل المبنى. أعتقد أنني أعرف لماذا كانت والدة كاين تُعامل كشبح في الماضي.
‘ إذا تجوّلتْ امرأةً بمفردها في قلعةٍ مخيفةٍ كهذه ليلاً فمن الطبيعي أن يُخطئوا بها في اعتبارها شبحاً. ‘
وبما أنني قد خرجتُ بالفعل، فاستجمعتُ شجاعتي وتقدّمتُ أكثر. بعدما تعدّيتُ النافورة الدائرية رأيتُ مبانٍ أخرى متّصلةً بالقلعة. وفي وسط تلك المباني كانت هناك حديقةً كبيرة.
لم أستطع إجبار نفسي على الذهاب إلى الحديقة المظلمة والمخيفة، لذلك استدرت.
” ولكن كيف يمكن ألّا يمر شخصًا واحدًا حتى في هذه القلعة الواسعة؟ “
كان ذلك عندما كنتُ أنظر حولي وأتحدث مع نفسي. رأيتُ من بعيد شخصًا أمام مبنى.
‘ كاين؟ ‘
كان كاين يدخل مبنىً شاهقًا ودائري يشبه البرج. رغم أنه لم يستطع سماعي إلا أنني كتمتُ صوت خطواتي واتجهتُ نحو المبنى الذي اختفى فيه.
_________________________________
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 10"