لم يكن القماش فاخراً كأزياء القصر ولا مرصعاً بالجواهر، لكنه كان ملوناً بألوان زاهية، وزُيّن بشرائط في أماكن متعددة لإضفاء مزيد من البهاء.
ولإظهار الثراء المستجد، وضعت عدة خواتم كبيرة.
“يُقال إن تلوين الشفاه بلون داكن أيضاً من الموضة، جلالتك.”
“أهكذا؟”
كانت ماريان تبدو متحمسة وهي تزينني. وفي النهاية، أصرت على أن تزيد حمرة شفاهي أكثر.
“أي أسلوب يليق بك يا مولاتي. لذلك أشعر بالرضا حين أزيّنك.”
“أما أنا… فأشعر أنني غريبة بعض الشيء.”
“لا، أنتِ رائعة.”
“أترينني فعلاً كسيدة تاجر ثرية؟”
“من حيث الملابس فقط. من الأفضل أن تخفي وجهك قدر الإمكان، فلديكِ هالة طبيعية يصعب إخفاؤها. أحسنتِ باختيار قبعة عريضة.”
سواء كواناش أو ماريان، كلاهما يبالغان في رفعي أكثر من اللازم.
بعد أن أنهيت زينتي، توجهت نحو العربة المنتظرة أمام القصر. وكان بانتظاري وجه مألوف.
“أوه، يا صاحبة الجلالة الإمبراطورة. لم أكَد أعرفكِ.”
كان جاكسور يبتسم بمكر.
“ما الذي تفعله هنا؟”
“حارس ليوم واحد، مجرد حارس.”
غمز جاكسور بعينه. كيف لرجلٍ كان قائداً عسكرياً رفيعاً أن يتصرف بهذه اللامبالاة؟ أعلم أنه مقرب من كواناش كالأخ، لكنني لا أدري لِم أشعر بالانزعاج منه.
“الحاكم أمركم ألا تضيعوا طعام القصر كالكسالى، بل افعلوا شيئاً نافعاً. يا للعجب، وأنا كنت أود التقاعد في الريف. لكن أن أخدم اليوم الحاكم وزوجته، فهذا شرف…….”
كاد يطبع قبلة على يدي وهو يلمع بعينيه البنفسجيتين، حين انطلق صوت غليظ من خلفي:
“كفّ عن هذا الهراء، وفكر بالعودة إلى عملك.”
اقترب كواناش بخطوات ثابتة، يلف ذراعه القوية حول خصري.
كان شكله مختلفاً تماماً عن المعتاد، ليس مجرد تغيير في ملابسه.
شعره الأسود القاتم تحول إلى أحمر كاللهب، وقد مشطه بزيت ليبدو مرتباً لامعاً. جبهته المكشوفة ناعمة ووسيمة.
“شعرك…….”
“آه. استعنت قليلاً بقوة السحر. فملامحي معروفة إلى حد بعيد.”
حقاً، فقد كانت جميع الصحف قد نشرت صورة كوانهاخ. الشعر الأسود النادر في القارة صار رمزاً له. ذاك الشعر الذي كان يُحتقر في العهد الملكي السابق، أصبح في عهد كواناش رمزاً للقوة والصلابة.
قال كواناش وهو يراقب ملامحي:
“…… أليس مناسباً؟”
“لا، أبداً. الشعر الأحمر يليق بك كثيراً.”
“هذا جيد إذن.”
هززت رأسي بسرعة مؤكدة كلامي.
وكما صفف شعره بالزيت ورفعه إلى الوراء، كان ملبسه أكثر انضباطاً من المعتاد أيضاً. لم يكن صدره مكشوفاً مثلما اعتاد حين يترك أزرار القميص العليا مفتوحة.
بل أغلق الأزرار حتى عنقه، وفوقها ارتدى صديرية ضيقة تبرز ضخامة جسده. بدت ملابسه كزي يومي عادي لرجل يستعد للذهاب إلى عمله في نقابة التجار……
(هل سيكفي هذا للتمويه؟)
المشكلة أن ملامح كواناش لم تكن عادية أبداً. لم يكن من الممكن أن يُظن مجرد تاجر عابر، فقد كان وجهه بارز الوسامة أكثر من اللازم. بل إن شدّ الشعر للخلف أظهر ملامحه أكثر.
“آه… كواناش، أظن أنك بحاجة إلى قبعة.”
“قبعة؟”
“نعم. مثل قبعتي ذات الحافة.”
“إذن الشعر الأحمر لم يكن موفقاً؟ الأفضل إخفاؤه إذاً.”
بدت ملامحه حزينة فجأة. فأسرعت أنفي ذلك بهز رأسي.
“لا، لا، ليس الأمر كذلك. بل بسبب وجهك. إنك لافت للنظر جداً.”
“وجهي؟”
“حين يتجول رجل وسيم بهذا الشكل، ستتجه إلينا جميع الأنظار…….”
“همم… هكذا، أترين؟”
احمرّ وجه كواناش بخجل.
حينها، تنحنح جاكسور الذي كان واقفاً بجانبنا خطوة واحدة.
“أظن أنكما نسيتم وجودي…… أعلم جيداً كم أن علاقتكما طيبة، لكن ألا تصعدان إلى العربة الآن؟”
أشعرتني كلماته بالحرج، فسارعت إلى ركوب العربة أولاً. وبعد لحظات، دخل كواناش وقد أحضر قبعة.
غطّى القبعة نصف ملامحه الوسيمة، فصار شكله أقرب قليلاً إلى مظهر تاجر. لكن هيبته الطاغية لم تختف، وسيظل يلفت الأنظار حتماً.
(يجب أن نُنجز فحص ضفاف النهر سريعاً ونعود.)
لم يكن هذا خروجاً للتنزه، بل مهمة تخفٍ من أجل شؤون الدولة. شددت أعصابي مجدداً بعدما كدت أسترخي أمام وسامة كواناخ.
تحركت العربة متمايلة، وانطلقت بنا نحو ضفة نهر فاهار.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 36"