كواناش حرك يده التي كنت أمسكها بخفة طفيفة. للحظة بدا لي كأنه رجل عادي، لا إمبراطور.
رغم أنني جئت من المستقبل، إلا أن زواجنا في هذه اللحظة بدا لي عاديًا جدًا. زواج مثل ما يقوم به الناس العاديون. علاقة بلا حسابات سياسية، بلا صراعات. علاقة يمكن أن نتقاسم فيها مشاعرنا ببساطة.
كواناش ظل صامتًا لفترة طويلة. راقبت تعابيره بحذر ثم فتحت فمي بارتباك:
“هل لا يجوز لي أن أمسك يدك أولاً؟”
“…….”
“…… لا تردّ.”
“لا، لم أقصد أن لا يجوز، بل أقصد… يعجبني. عذرًا. أرجوك افعليها كثيرًا.”
ارتبك كواناش بشدة واحمر وجهه. لم أتمالك نفسي فضحكت بخفة.
فورًا احمرت أذناه حتى أطرافهما. وهو بجسده الضخم هذا، عندما ينتفض بخجل، يجعلني أرغب في مضايقته أكثر.
(أهكذا أتعلم عادة سيئة؟)
لم أشعر من قبل برغبة في إغاظة أحد. عند ضحكتي، تحركت شفتا كواناش قليلًا ثم قال:
“لماذا تضحكين؟”
“لأنك لطيف.”
“لو سمع أوسلين أو أي واحد من رجالي هذا الكلام، لأصيبوا بالذهول.”
“أحقًا؟ صحيح، فهم لا يرونك لطيفًا.”
“أنت الوحيدة في هذا العالم التي تراني كذلك. لأنني لا أتصرف هكذا إلا أمامك.”
“وهكذا تعني؟”
أطبق كواناش شفتيه قليلًا ونظر إليّ، ثم رفع يدي وقبّل ظهرها.
ضغط شفتيه الخشنتين الساخنتين على بشرتي. كانت قبلة بطيئة، تثير القشعريرة، على ظهر اليد.
ثم رفع نظره نحوي وهو لا يزال قريبا من يدي.
“…… أقصد مثل هذا.”
“…….”
“…….”
هذه المرة لم تكن أذناه التي احمرت، بل أذناي أنا. لم تقتصر الحرارة على أذني فقط، بل شملت وجهي ورقبتي أيضًا.
أغمضت جفني بسرعة وحركت أصابعي المحبوسة بين يديه بارتباك. لكنه شدّ على أصابعي وقال بصوت أجش متشقق:
“لم يعجبك؟”
“ماذا… تقصد؟”
“القبلة.”
قالها بإيجاز وهو يقترب بجسده الضخم مني. كان قريبًا لدرجة أن صدره كاد يلمس صدري، وظله يغمرني.
قبل قليل كنت أنا التي أغيظه، لكن فجأة انقلب الموقف. وجدت نفسي محاصرة في زاوية المقعد، أبتلع ريقي بعسر. لم يعد دبًا صغيرًا لطيفًا، بل بدا كدب بري يقف أمامي.
شعرت وكأنه على وشك التهامي في أي لحظة. قبضت على ثوبي بيدي الحرة بقوة.
حرك حاجبيه السوداوين وقال:
“بما أنك لا تجيبين، يبدو أنك لم تعجبي بها.”
“لا… لست متأكدة…”
“عندما قبلت ظهر يدك، هل أصابك قشعريرة سيئة؟”
“لا.”
“هل شعرت بالبرودة في جسدك؟”
“لا، لم أشعر بذلك.”
“إذن أعجبك.”
“…… هكذا تفسر الأمر؟”
ترك يدي برفق، ثم رفع ذقني بيده.
أخذت أدير عيني بتوتر أنظر حولي، لكن الخدم والفرسان المرافقين اختفوا جميعًا. لابد أنهم ابتعدوا بعدما لاحظوا الجو بيننا.
كواناش أطلق أنفاسه الساخنة أمامي وما زال يمسك بذقني.
“إن لم يكن الأمر مكروهًا، فهل يمكن أن أتابع؟ أريد تقبيل شفتيك.”
كلماته المباشرة جعلتني أكاد أخرج صوت فواق من الدهشة. أي امرأة لن تندهش عندما يقترب رجل كهذا ويطلب قبلة؟
تماسكت بصعوبة ونظرت إليه. كان قريبًا جدًا حتى أنني أستطيع عدّ رموشه السوداء الطويلة.
حرارة يده على ذقني تنتشر في وجهي.
“هل تطلب إذني فعلًا؟”
“نعم.”
رغم أن وجهه كان أقرب مما ينبغي، إلا أنه توقف عند اللحظة الأخيرة وكأنه ينتظر كلمة أمر فاصلة، مثل وحش ينتظر الإذن.
ازدادت خجلًا أمام حرارته المكتومة.
“هل يلزم إذنٌ أصلاً؟ لقد قبّلتني بالفعل… في الزفاف.”
“لكن في الزواج، لم تريديه أنتِ. كان مجرد جزء من الطقوس.”
“…….”
“كان واجبًا رسميًا، لا أكثر.”
“صحيح…”
“لذلك لم يكن قبلة حقيقية. ولهذا أسألك مجددًا: هل يمكنني؟”
رأيته غريبًا: ساذجًا لكن ماكرًا في آن واحد.
كيف أستطيع قول (لا) وهو يحدّق بي بتلك النظرة المتقدة، وذلك الوجه المدهش؟
قبضت بكلتا يدي على ركبتي، بينما شعرت بخدر أسفل بطني. كنت خائفة أن يلتهمني، لكنني رغم ذلك أومأت بخفة دون وعي.
“آه…!”
ما إن أبديت تلك الموافقة الضعيفة حتى مال فجأة وقبّلني.
قبلة خشنة، بلا أي تردد.
يده التي أمسكت بذقني انتقلت إلى ظهري تدعمه بقوة. كان يحرك رأسه بحدة، يمتص شفتَيّ السفلى ثم يصعد إلى العليا.
أغمضت عيني بشدة حتى شعرت بألم في جفوني، محاوِلةً اللحاق بإيقاع قبلته.
حين كدت أختنق، التقطت أنفاسي مرتين عبر أنفي.
بعد لحظة، بدأ يلمس شفتَي بلسانه. وعندما فُتحت شفتاي قليلًا بدهشة، تسلل بلا أي تردد إلى داخلي.
كانت قبلة عنيفة، فوضوية، كتلك التي تبادلناها يوم القسم في هذه الحياة. كلما حرك لسانه في داخلي، اشتعل جسدي أكثر.
(قال إنه أول مرة… أهذا معقول؟)
فكرتُ وأنا بالكاد أحتفظ بوعيي.
ربما لم يمارس علاقة كاملة من قبل، لكن قبلة كهذه؟ لا بد أنه جرّب.
حتى بدون مقارنة، كان واضحًا أنه يجيد التقبيل.
لساني المتصلب التف حوله لسانه وسحبني نحوه بمهارة. حرارة جسدي ارتفعت مع العاصفة التي أثارها في فمي.
بدأ رأسي يدور بشدة حتى ظننت أنني سأغيب عن الوعي، وعندها تراجع قليلًا وترك شفتي.
(انتهى؟)
فتحت عيني ببطء بعدما كنت أطبقها بغباء. عينا كواناش السوداوان كانتا تملآن الفراغ بيننا.
“يوسيفر .”
“…… نعم.”
“تنفسي. وجهك احمرّ بالكامل.”
مسح بخفة على خدي بظاهر يده. حتى هذه اللمسة البسيطة كانت توقظ ارتعاشًا في خصري.
“لا أعرف كيف أتنفس… رأسي فارغ جدًا.”
“مع التكرار يوميًا ستعتادين.”
“يوم… يوميًا؟”
رفع حاجبه وكأن الأمر بديهي.
“لو فعلنا هذا كل يوم سأصير غريبة…”
“لماذا؟”
“لا أدري، لكن رأسي يدور وجسدي يحترق…”
“لكن لا تكرهينه، صحيح؟”
رغم غرابة الإحساس، لم يكن بغيضًا أبدًا.
ترددت لحظة ثم أومأت برأسي.
“لا أكرهه.”
“هذا يكفي. فلنجرّب مرة أخرى.”
“ماذا؟ …… أُه!”
قبل أن أتكلم أكثر، أمسك ذقني مجددًا وقبّلني مرة أخرى. لكن هذه المرة استطعت أن أبادله بوعي أكبر، وألفّ شفتيّ على شفتيه بسلامة. حتى شعرت أنني بدأت أعتاد تسلل لسانه إلى داخلي.
كواناش منحني هذه المرة فسحة للتنفس بين الحين والآخر، وهو يمسح على ظهري بلطف. كنت أتنفس من أنفي بعمق، فيملأني عبير الأعشاب ممزوجًا برائحته.
كان جسدي يثقل من الحرارة، وفي نفس الوقت أشعر كأنني أطفو كالريشة.
القبلة الثانية طالت أكثر بكثير من الأولى. ربما لأني صرت أتحمل أكثر.
لكن عندما انتهت، كنت على وشك الانهيار كليًا. غشيتني غشاوة، حتى أنني لم أقدر على تحريك إصبعي.
“لنعد و نسترح الآن.”
عندما قال كواناه ذلك، لم أستطع حتى الرد بكلمة، واكتفيت بهز رأسي فقط.
رآني كواناش أترنح وكأنني لا أقوى على الوقوف، فقرر أنه لا جدوى من تركي على هذه الحال. رفعني فجأة بكل قوته واحتواني بين ذراعيه.
“كواناش …….”
لم أملك القوة لأقول: أنزلني، هناك الكثير من الناس، أو ما شابه. اكتفيت بضم كتفيّ والتكئ على صدره الدافئ بخدي.
وهكذا، وأنا بين ذراعيه، توجهنا مباشرة إلى غرفة النوم.
—
كان دياكويت يحدق بقلق في الأداة السحرية (الآرتيفاكت). كان قد أوصى بأن يتم التواصل معه خلال أيام قليلة من وصولهم إلى الإمبراطورية، لكن حتى الآن لم يرد خبر من يوسڤيا.
قصر أكايا الملكي، الذي غادرتْه يوسڤيا، أصبح يسوده الاضطراب.
صحيح أن الإمبراطورية منحت دعمًا عسكريًا قويًا كجزء من تحالف الزواج، فلم تكن هناك مشاكل في حماية الحدود. لكن الشعب كان يفتقد يوسڤيا بشدة، فقد كانت بالنسبة لهم دعامة روحية لا غنى عنها.
(يوسيفر … يوسيفر … لا حديث لهم غيرها. جاحدون لا يعرفون الجميل.)
هو الذي تولى الوصاية على هذا البلد سنوات طويلة مكان والده الفاشل، ومع ذلك لا يجد التبجيل اللائق. أما هي، مجرد فتاة صادفها الحظ فأصبحت “المستيقظة”، فيرفعونها إلى مقامٍ عالٍ ويقدسونها!
قبض دياكويت يده بقوة حتى انغرست أظافره الغليظة في راحة كفه.
(اصبر… اصبر. على أية حال، هي امرأة سأزيحها جانبًا في النهاية.)
في الحقيقة، كان يتوق لشن الحرب فورًا. لكن “المتعاونين” معه ثنوه عن ذلك، قائلين إن عليهم أن يستغلوا يوسڤيا أكثر، ليستعدوا جيدًا.
(جبناء! أبهذا القدر يرهبهم إمبراطور الشرق؟)
ماذا يكون ذاك العبد الحقير أصلاً؟ كل أسطورته كـ”إمبراطور لم يهزم قط” لم تكن سوى نتيجة بعض الحظ الجيد.
دياكويت لم يعترف بكواناش أبدًا. لقد غرق في خليطٍ من عقدة النقص وشعور التفوق، وفقد تمامًا موضوعيته.
كان يؤمن أن اتحاد الشمال سيخرج منتصرًا في الحرب ضد الإمبراطورية. وكان يعتبر صعوده هو نفسه إلى العرش أمرًا محتومًا، حتى إنه اعتاد تخيل نفسه جالسًا على العرش الإمبراطوري.
(لا يمكن أن أخسر. أليس معي الحلفاء الذين اخترتهم بنفسي؟)
وفجأة، أضاءت إحدى الأدوات السحرية. ظن أنها رسالة من يوسيفر، لكن سرعان ما اكتشف أنها من شخصٍ أبهج قلبه أكثر.
شريكه في خطة ابتلاع القارة كلها.
ارتسمت ابتسامة ملتوية على شفتي دياكويت وهو يقبض على الآرتيفاكت. وفي اللحظة التالية، انبعث منه نور أبيض وأطلق صوتًا مألوفًا طال انتظاره:
— “مر وقت طويل يا سموّ الأمير.”
“أجل. كيف حالك؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 25"