“اغه…”
نظرَ الدوقُ للأسفلِ بوجهٍ خالٍ من التعبير وداسَ على الرجلِ المتأوه.
كانت الغرفةُ الصغيرةُ مغطاةً بالدمِ لكن لم تكن هناكَ قطرةٌ واحدةٌ عليهِ.
مسحَ الدمَ عن سيفهِ وسألَ الفارسَ خلفه.
“هل حصلتَ على أيِّ معلوماتٍ؟”
لم تكن هناك أيُّ عاطفةٍ في صوتِ الدوق، بالتحديد هذا الصوتُ عديمُ العاطفةِ يعني الغضبَ.
حتى الفرسانُ الذين كانوا يتبعوه لم يكن لديهم خيارٌ سوى الانكماشِ بشكلٍ غريزي تحت الضغطِ الهادئ.
“نعم سيدي. لقد كشفتُ للتو عن مكانِ وجودِ الطفلة.”
“حسناً.”
نظرَ ببرودٍ إلى المرتزق الذي سقطَ على الأرضٍ و قامَ بركله.
“إذاً قوموا بتنظيفِ ما تبقى.”
“أمركَ.”
قام الدوقُ بفحصِ نفسه مرةً أخرى للتأكدِ من عدمِ وجود آثارِ دماءٍ على جسده.
إذا كانت الطفلةُ مستيقظةً ، فقد تخافُ عند رؤيةِ الدم.
“ربما قد يكون فخًا.”
همسَ أحدُ فرسانِ النخبةِ بصوتٍ قلق.
“نعم.”
لقد وصلوا إلى المكانِ الذي أشارت إليه رينا،
لكنهم لم يتمكنوا حتى من رؤية ظلِ الطفلة.
عندما وجد الدوقُ المرتزقةَ متجمعينَ في منزلٍ قديمٍ ومكتظٍ بأسلحةٍ شرسةِ المظهرِ،
أدركَ أنهم لم تكن لديهم أيُّ نيةٍ لإعادةِ بونيتا في المقامِ الأول.
‘أولائك الأوغاد.’
في المقامِ الأول لم يكن يعتقدُ أن من يختطفونَ الأطفالَ عاديون.
ومع ذلك، لم يكن اللعبُ برغبةِ الوالدين في إنقاذِ طفلهم أمرًا ممتعًا.
لو كانت مهمةً عادية، لكان قد أمسكَ بأحدِ المرتزقةِ وعالجه بما يكفي للحصولِ على معلوماتٍ.
‘أنا لا أتصرفُ كالعادة….’
ومع ذلك، بمجرد أن اكتشفَ أنهم يعتزمونَ خداعَ رينا،
نسي الدوق إعطاءَ الأوامرِ للفرسانِ وهاجمَ أولاً.
“سيدي، من فضلكَ اهدأ في المرةِ القادمة.”
“هل تأمرني الآن؟”
“هذا مجردُ طلبٍ من تابعكَ المخلص…”
لقد كانت بضعَ دقائقٍ فقط هي الوقتُ الذي يحتاجه شخص واحد فقط قبل أن يتمَ إخضاع جميع المرتزقة في هذا المنزل.
‘كما هو متوقعٌ من سيدِ السيفِ…’
نظرَ قائدُ الفارسِ إلى الدوق الذي كان ينضحُ بالطاقة الشرسة.
لقد شعر وكأنه ينظر إلى وحش بغض النظر عن مدى ولائه لسيده.
“كم من الوقت سيستغرق الوصول؟”
“من أربع إلى ثلاثين دقيقة.”
“إذا اسرعنا، يمكننا أختصار ذلك في عشر دقائق، فلنذهب.”
“أمرك.”
في بعض النواحي، يعد هذا أمرًا غيرَ معقولٍ تقريبًا.
كانَ تقليلُ المسافةِ التي تستغرقُ 30 دقيقةً على ظهر الخيلِ إلى 10 دقائق أمرًا صعبًا.
كانَ العديدُ من الفرسانِ مرهقين لأنهم كانوا في عجلةٍ مِن أمرِهم للوصول إلى هذا الموقع.
ومع ذلك، فإن الدوق لم يتباطأ.
‘لا ينبغي لها أن تتأذى على الإطلاق….’
وإلا فلن يتمكن من مواجهة رينا بورتون.
وبينما كان يمتطي الحصانَ على عجل، رأى قصرًا صغيرًا.
“هل هي فيلا؟”
“يبدو أنها تنتمي إلى البارون تيستوا.”
“تيستوا…”
إذا كان البارون تيستوا، فهو شخصٌ ألتقى به الدوق في حالاتٍ نادرة.
‘هل كان لديه أيُّ سببٍ لتهديدي بهذه الطريقة؟’
نظرًا لأن عائلة الدوق كان لديها العديد من الأعداء،
كان الدوق يراقب جميع العائلات التي قد تصبحُ معاديةً للدوقية في المستقبل.
لكن عائلة تيستوا هي عائلةٌ حصلت على اللقب منذ عشرين عامًا
ولم يقفوا في جانبِ أيِّ فصيلٍ، لا الفصيل الإمبراطوري ولا الفصيل الأرستقراطي.
كلُ ما كان لديهم هو أرضٌ بها بستانٌ واسع،
وكانَ البارون نَفسهُ بعيداً جدًا عن السياسة.
‘إذاً فهو في الغالبِ سيشتري الفيلا لشخصٍ آخر.’
خلفَ الريبة كانَ هناك رِيبٌ أخرى.
نظرًا لأن عائلة تيستوا لم يكن لديها أيُّ تبادلاتٍ ملحوظةٍ مع النبلاءِ الآخرين،
فقد كانتِ البياناتُ غيرَ متوفرةٍ.
“في الوقت الحالي سيتمُ مسحُ لقبٍ نبيلٍ مِن قائمة النبلاء،
لابُد أنهُ تخلى عن رغبته في العيش عندما قررَ محاولةَ لمسِ وينترنايت.”
نظرَ الدوقُ إلى القصر الشاهق بعيونٍ باردة.
بالمقارنةِ مع حجمه، بدا القصرُ،
الذي كان من المفترض أن يكون ضخمًا،
متهالكًا وصغيرًا بشكل غريب.
“أيُّها لفرسان، أدخلوا.”
“نعم!”
* * *
“رينا……!!! لقد عادَ الفرسانُ!”
“إنَّهم في الحديقةِ مع بوني… رينا!”
قبل أن تتمكنَ زميلةُ رينا من إنهاء كلماتها، ركضتْ رينا عاريةَ القدمين
سَمعتْ خلقها أصواتَ زملائها وهم يحاولونَ إيقافها.
أصبحَ شعرُها الوردي، الذي كان دائمًا أنيقًا، في حالة من الفوضى بسبب ركضها المتسرع.
رينا، التي كانتْ تُلِحُ دائمًا على بونيتا ألا تمشي حافية القدمين لأنها قد تتأذى، ركضت حافية القدمين على الأرض الباردة دون تردد.
“بوني…!!!!”
لقد كانت ليلةً مظلمةً، وقد تجمعَ الكثيرُ من الفرسان.
يمكن أن تَشعُرَ بهم وهم يحدقونَ بها بسببِ ظهورها المفاجئ.
لم تتوقفْ رينا بسببِهم وتحركت نحو بونيتا.
كانتْ بونيتا مُحتضنةً بين ذراعيِّ الدوق،
وكانت هناكَ بطانيةٌ كبيرةٌ ملفوفةٌ حولها.
“بوني…”
” آه… يا أمي.”
نست رينا تحيةَ الدوقِ ومدت يدها المرتجفة إلى خدِ بونيتا.
لقد تساءلت عمَّا إذا كان هذا سرابًا، أم أن جثة طفلتها الباردة فقط هي التي عادت.
لقد كانت خائفةً جداً من ذلك.
لكن خدُ الطفلةِ كان ناعمًا ودافئًا
كما كان عندما داعبت طفلتها النائمة سرًا في الليلة السابقة لخطفِها.
“شكراً لكَ……شكراً لكَ.”
“آوه، أمي…”
دون قصد، استمرت بونيتا، التي تم نقلها من الدوق إلى ذراعيها،
في الاعتذار لرينا بصوتها المرتبك.
“أ-نـ-أنا آسفة… قلتُ أنني سأكون في غرفتي فقط اليوم…
لكن بدا الفرسان رائعين للغاية وهم يتدربون… لذا…”
“بوني.”
اعتذرت بونيتا على عجل، لكنها لم تستطع الاستمرار لأن رينا قاطعتها.
والآن بعد أن انتهى كل شيء،
استطاعت أن ترى ما كان مخفيًا أيضًا في عيون طفلتها الصغيرة.
“لذا…أمي…أنا.”
“هل أنتِ بخير؟”
“أوه…؟”
“ألم تكوني خائفة؟ ألم تتأذي؟”
بونيتا، التي لم تكن تتوقع أن يُطرح عليها مثل هذا السؤال،
رمشت بعينيها الكبيرتين وأومأت برأسها.
حينها تمكنت رينا من إظهار ابتسامتها.
كان من المضحك كيف يمكن للإنسان القدرة على الإبتسام ودموعه تلطخ وجهه.
“شكرًا لكونكِ على قيدِ الحياة.”
“……”
“شكرا على عودتكِ إلى أمكِ.”
* * *
بعد مرور بضعة أيام على حادثة الاختطاف.
كانت بونيتا تجلس على حافة السرير بتعبير هادئ أكثر من المتوقع،
وهي تراقب رينا وهي تستعد للخروج.
على الرغم من أن هذا مشهدٌ مألوف تراه كل صباح،
إلا أن الفرق اليوم هو أن رينا ترتدي ملابس عادية.
“أمي، ألن تذهبي للعمل اليوم؟”
“نعم.”
تم منح رينا إجازة ليوم واحد بفضل كرم عائلة الدوق.
وعلى الرغم من أن الطفلة كانت تبدو سعيدة بهذه العطلة المفاجئة مع والدتها،
إلا أن ملامحها كانت مختلطة بالارتباك.
“اليوم، ستخرج بوني مع أمها إلى المدينة، سنتناول طعاماً لذيذاً ونأكل الحلوى~ وسنشتري بعض الملابس أيضاً.”
“ملابس؟ أي نوع من الملابس؟”
“ملابس سترتدينها قبل الاحتفال بولادة النجمة،
لأن الطقس يصبح بارداً جداً بعد ذلك، وعندما يحل الشتاء،
قد لا نتمكن من الذهاب في نزهة!”
“لكن لدي الفستان الأخضر.”
“بوني….”
“….”
نادت رينا بونيتا ونظرت إليها، لكن الطفلة تجنبت النظر إليها.
جلست رينا بجانبها بحذر.
“بوني، إذا افترضنا… أنه في العام القادم لن تكبري بما يكفي لتحتاجي فستاناً جديداً،
هل ستشترين واحداً أم لا؟”
فكرت بونيتا قليلاً ثم أومأت برأسها موافقة.
“حسناً، لكن العام المقبل، لدي الكثير من الأشياء التي أريد فعلها معكِ. سنذهب إلى مهرجان الربيع، وسنزور المدينة الساحلية… وفي الخريف، سنذهب إلى مهرجان الخريف،
وفي الشتاء سنحتفل معاً بولادة النجمة. لكن في كل مرة ترتدين فيها الفستان الأخضر،
لا أعلم ما إذا كنت سأتمكن من تذكر تلك الأيام.”
“سأتذكرها بدلاً منكِ!”
هزت رينا رأسها نافية.
“لكن لو قلتِ لي أنكِ كنتِ ترتدين الفستان الأخضر، وقد استمتعنا بذلك اليوم،
فبما أنكِ ترتدين الفستان الأخضر في كل مرة، قد أجد صعوبة في تذكر اليوم بالتحديد.”
“أمم…”
“بما أن الفصول التي نقضيها معاً تتغير، أود أن أراكِ تكبرين بشكلٍ مختلف أمامي.”
اقتنعَت بونيتا بكلام رينا المنطقي في النهاية، وأومأت برأسها موافقة.
ابتسمت رينا بفرح، وأغلقت ياقة بونيتا بإحكام خوفاً من أن يدخل الهواء البارد.
“اليوم سنتناول الكثير من الأشياء التي تحبينها، ونشاهد أشياء ممتعة. هل فهمتِ؟”
“نعم…”
عندما أمسكت رينا بيد بونيتا وخرجتا من السكن،
كان هناك رجلٌ يحمل سيفاً ينتظرهما في الخارج.
“رينا.”
“آه، أرجو أن تعتني بنا جيداً اليوم.”
“عمي دين!”
كان دين فارساً تعرفه بونيتا جيداً، حيثُ ابتسم لها وألقى التحية.
“بما أن الخروج الآن قد يكون خطيراً، سأقوم بحراستكما.”
“بالطبع، بوجود السير دين لحراستنا، أشعر بالاطمئنان.”
ابتسم دين وهو ينظر إلى بونيتا التي كانت تراقبه بفضول،
ثم حمل الطفلة وأومأ برأسه نحو رينا.
“هل ننطلق؟”
“نعم.”
شعرت رينا بالامتنان لدين الذي تخلى عن تدريبه مع فرسان اليوم وقرر مرافقتها.
ورغم أنها أوكلت الحماية إلى شخص يعرف بونيتا جيداً،
إلا أنها شعرت بالامتنان العميق له لمشاركته في أمر قد لا يجلب له فائدة شخصية.
“هل للسير دين شيء يفضله؟”
“…ماذا؟”
“أعني طعاماً مفضلاً أو شيئاً تحبه. لا أستطيع شراء شيء باهظ الثمن،
لكنني أرغب في أن أعبر عن امتناني.”
“…أمم.”
فكر دين للحظة ثم التقى بنظرات بونيتا التي كانت تحدق فيه بفضول، فابتسم.
“أحب الكعك بالعسل أكثر من أيِّ شيء.”
“حقاً؟”
أبدت رينا بعض الدهشة.
“كنتٌ أعتقد أن السير دين ينتمي لعائلة نبيلة؟”
“نعم، ولكنني لا أملك الكثير من المال،
وبما أنني الابن الثالث، فمن الناحية العملية ليس لدي لقب.”
ومع ذلك، راينا لم تستطع منع نفسها من الابتسام عندما رأت دين
يقول إنه يحب الكعك بالعسل و هو ينظر لبونيتا رغم أنه ليس من الصعب عليه الحصول عليها.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات