Chapters
Comments
- 1 2025-09-30
“هذا هو الرجل الذي وعدتُ بالزواج منه!”
في الردهة المركزية الكبرى في الطابق الثاني من قاعة الإحتفال الواسعة.
أمسكت المرأة ذراع ليونارد وأسندت رأسها برفق على كتفه المتيبس.
لم يجد أحد المشهد غريباً. بالنسبة للضيوف العديدين المجتمعين في الطابق الأول، بدا تقاربهما طبيعياً تماماً. انهالت التصفيقات والتهاني من الحشد.
“تهانينا على خطوبتكما يا ماركيزة!”
“تبدوان رائعين معاً!”
‘رائعين معاً؟ أنا وهذه المرأة؟’
لم يدرك أحد أنهما، بعيداً عن كونهما مخطوبين، لم يلتقيا سوى مرتين في حياتهما، بما في ذلك اليوم.
بالطبع، لن يدركوا ذلك. حتى ليونارد نفسه شعر أنه فقد عقله، بوقوفه هنا في هذا الإحتفال الضخم، يلعب دور خطيب ماركيزة بلير.
‘كيف وصلتُ إلى هذا الحال؟’
يصعب تصديق أن كل شيء بدأ بسبب زهرة دوار شمس واحدة.
هرباً من النظرات المُسلّطة عليه، تذكر ليونارد ذلك اليوم في ساحة العاصمة عندما أُعطي زهرة دوار شمس عند النافورة.
**********
عربة مكسورة بعجلة ساقطة، زهور مبعثرة في كل مكان.
لم يتوقف أحد لمساعدة الفتاة الباكية. كان الناس يدوسون على الزهور المتساقطة وهم يمرون.
نقر ليونارد على لسانه على لا مبالاتهم، وانحنى لمساعدتها في جمع الزهور.
“شكراً على مساعدتك يا سيدي الفارس. لكن ليس لدي ما أرد به جميلك…… بدلاً من ذلك، خذ هذه الزهرة.”
“لا داعي لذلك. الزهور كلها تالفة، ستحتاجين لبيع ما تستطيعين.”
“لا! من فضلك، دعني أرد جميلك. هذه المرة فقط، اقبلها.”
حتى عندما رفض، أصرت الفتاة، وهي تدفع زهرة دوار الشمس نحوه.
لم يكن أمام ليونارد خيار سوى أخذها، فابتسمت له الفتاة.
“هذه الزهرة ستجلب لك لقاءاً مُقدّراً، يا سيدي الفارس.”
ظن أنها مجرد عبارة مهذبة.
لكن ليونارد لم يكن يعلم. في ساحة العاصمة، يعتبر أن الرجل الذي يحمل زهرة دوار شمس يشير إلى أنه يبحث عن موعد غرامي.
عندما أدرك ذلك وحاول رمي الزهرة، كانت أكثر من خمس نساء يطاردنه بالفعل.
“انتظر هناك، أيها الوسيم! قلت إنك تبحث عن موعد!”
“اللعنة، قلتُ لكِ، لقد أسأتِ الفهم!”
“أوه، أنت خجول جداً! أحب الرجل الخجول.”
“أم أنك تستمتع بأن تتنافس النساء عليك؟ أحب ذلك، أُفضّل ما أفوز به بيديّ.”
“لعبة المطاردة تبدو ممتعة! من تُمسك به أولاً تحصل على الموعد!”
ضحكاتهن جعلت القشعريرة تسري في جسده.
شعر وكأنه غزال يُطارد. للهروب منهن، انعطف إلى زقاق خلفي مظلم.
“توقف هناك!”
لكن النساء لم يترددن، طاردنه داخل الزقاق دون تردد.
‘يا لهن من مثابرات!’
لو كنّ رجالاً، لكان قد أفقدهن الوعي. لكنهن نساء.
وكل ما استطاع فعله هو الركض. انعطف مرة تلو الأخرى، يركض بيأس.
ثم، فجأة، مثل ضوء الشمس الذي يخترق الغيوم المظلمة، خرج من الزقاق إلى شارع واسع وخالي.
وهناك، تقف امرأة في المنتصف.
‘ماذا؟’
أمام أنقاض منزل قديم، وقفت وقبعتها الكبيرة منخفضة، وشريط القبعة السميك مربوط بإحكام تحت ذقنها، مُخفية وجهها.
لم يظهر سوى خط فكها الأنيق. ربما هذا هو السبب، لكن شيئاً ما بشأن مظهرها بدا غريباً، كأنها من عالم آخر.
“إلى أين ذهب؟”
“هناك!”
ليونارد، الذي كان ينظر إليها وكأنه مسحور، تفاجأ بالصيحات خلفه، وانتفض كأرنب خائف. ربما استمتعت بردة فعله، رفعت المرأة يدها المغطاة بالقفاز إلى شفتيها وأطلقت ضحكة خفيفة.
‘ما خطب هذه المرأة……؟’
لقد تحمل كل أنواع السخرية والضحكات الساخرة في حياته، لكن لم يسبق أن جعله صوت ضحكة يشعر بالخجل والإضطراب من قبل.
قبل أن يستعيد رباطة جأشه، تقدمت المرأة، التي كانت بعيدة، بخطوات خفيفة ووضعت يدها على ذراعه.
“هل أساعدك يا سيدي؟”
“مساعدة في ماذا……”
“ها هو ذا! أوه؟”
رأته إحدى النساء اللواتي انعطفن عند الزاوية وصرخت بصوت عالي.
ابتسمت المرأة، وكأنها تقول لهن إنه فات الأوان، وأمسكت ذراع ليونارد بقوة.
“لقد تأخرتن يا سيدات. لقد أمسكتُ به أولاً.”
“أوه، هيا، لقد كان فريستنا!”
“فريسة……”
ألم يقلن أنهن يبحثن عن موعد؟
ارتجف ليونارد وهو يتخيل ماذا كان سيحدث لو أمسكن به فعلاً.
شعر بالإرتياح العميق عندما تراجعن النساء بعد رؤيتهن للسيدة المتشبثة بذراعه.
“تعالى. من هنا يا سيدي.”
وبفضلها، عاد ليونارد بسلام إلى ساحة العاصمة.
أطلق تنهيدة ارتياح دون وعي وحياها بأدب.
“شكراً على مساعدتكِ يا سيدتي. لقد نجوتُ بفضلكِ.”
جاءت نبرته المهذبة بشكل طبيعي؛ لأنه لاحظ من مظهرها أنها من النبلاء.
خطواتها الأنيقة، وقفتها المستقيمة، حتى طريقة إمساكها ذراعه، ليس بإغراء، بل كسيدة تُرافق نبيل بأدب، كلها كشفت عن مكانتها.
كأنها تؤكد ظنونه، أطلقت ضحكة خفيفة.
“إذا كنت تعتقد حقاً أن مساعدتي كانت جميلاً، هل يمكنني طلب رد الجميل؟”
“رد الجميل يا سيدتي؟”
“نعم، رد الجميل.”
تركت ذراعه، وأمسكت طرف فستانها بيديها وانحنت انحناءة أنيقة.
“الرجل الذي فاز بشرف آنوف. سأرسل شخصاً إلى مكان إقامتك قريباً. من فضلك، لا ترفض دعوتي.”
“…… هل تعرفين من أنا؟”
“بالطبع.”
أومأت فقط دون تفسير كيف تعرفه، ثم استدارت وغادرت.
إذا فعلت ذلك عمداً، فكانت خدعة ماكرة حقاً، فقد جعلته يفكر في وجهها، الذي لم يره حتى، ليومين وليلتين بلا نوم.
**********
وأخيراً، في اليوم الثالث.
وصل رجل مسنّ إلى مكان إقامة ليونارد، حاملاً دعوة وصندوق ملابس كبير.
“سيتم إرسال عربة لك في التاريخ والوقت المحددين. سيكون شرفاً لنا إذا ارتديت الزيّ الرسمي الذي أعددناه. من فضلك، جربه.”
قدّم الرجل نفسه باسم دايموند، وساعد ليونارد شخصياً في ارتداء الزيّ.
المعطف الأسود، المُطرّز بخيوط ذهبية ومُزيّن بأزرار حمراء ياقوتية، مناسب تماماً كأنه صُنع بمقاساته بالضبط.
“لحسن الحظ، يناسبك تماماً. هل هناك أي جزء يشعرك بعدم الراحة؟”
“لا، إنه مناسب.”
“إذن، من فضلك، تحدث معي بحرية.”
انحنى دايموند بأدب، وبدا راضياً جداً بقبول ليونارد، ثم غادر.
بعد مغادرته، إدوارد، مساعده الذي ساعد بهدوء في تجربة الزيّ، همس بصوت مرتجف.
“إذا كانت الملابس تناسبك بهذه الدقة، فهذا يعني أنهم يعرفون مقاساتك مسبقاً. ماذا لو كانت مساعدتك في ذلك اليوم مُدبرة؟”
“وكيف عرفوا أن النساء ستُطاردنني إلى ذلك الزقاق؟”
“إذن، لا بد أن هؤلاء النساء مستأجرات أيضاً!”
“لا تكن سخيفاً. الأهم من ذلك، هل تعرف أي نوع من المآدب هذا؟”
فحص إدوارد عنوان الدعوة عدة مرات قبل أن يصيح.
“إنه في ماركيزية بلير. قرأتُ في الصحف، أنه بعد ثلاث سنوات من العمل الجاد منذ وراثتها اللقب، ستُعلن الماركيزة بلير عن خطيبها أخيراً.”
“ماركيزة بلير؟”
كلّما سمع ليونارد هذا الإسم، شعر بمزيج معقد من المشاعر. أحدها شعور غريب بالقرابة.
“والداها، الماركيز السابق وزوجته، لقيا حتفهما في حادث عربة، أليس كذلك؟”
“نعم. موت مفاجيء كهذا، أثار شائعات لا نهائية. حاول عمها سلب اللقب لكنه هُزم تماماً.”
بعد أن صدت مخططات عمها وتأمين ميراثها، انغمست الماركيزة الشابة مباشرة في الأعمال.
كانت مشاريعها جريئة لدرجة أن المجتمع راقبها بانبهار، منتظراً يوم فشلها.
{ستُدير أعمالاً كهذه؟ ستُهدر كل شيء خلال عام، سأراهن بثروتي على ذلك.}
{من الأفضل أن تتبرع بكل شيء للأعمال الخيرية. على الأقل سيأكل المتشردون.}
في ذلك العام، تنافس المجتمع الراقي على من يسخر من ماركيزة بلير بأقسى طريقة.
لكن في النهاية، أُجبروا على الصمت، لأن كل عمل تطرقت إليه نجح بصدى مدوي.
بدأت بشراء مناجم الحديد والفحم بأسعار مرتفعة وصبّت ثروتها في مشروع السكك الحديدية للإمبراطور.
في المقابل، حصلت على الدعم العسكري الإمبراطوري وأبادت القراصنة الذين كانوا يجوبون الساحل الجنوبي. فتحت على الفور طرقاً بحرية وبدأت التجارة مع مملكتيّ ميلوس وباروديا في الغرب.
كانت فطنتها كافية لعلاج مرض متوطن في باروديا، مكتسبة بذلك ثقة العائلة الملكية. مستخدمة باروديا كنقطة انطلاق، توسعت للتجارة مع اتحاد الجزر الثلاث كون-آيل-تيم، ومنطقة إيلوم القطبية.
ثم بدأت نشاطاً تجارياً للرحلات البحرية، مستفيدة من الموانيء الأجنبية بينما حوّلت جزر ديبورا السبع في ساحلها الجنوبي إلى وجهة المنتجعات السياحية في الإمبراطورية.
من متاجر الحلوى إلى تجارة التبادل بين القارات، كل شيء ازدهر.
شركة بلير التجارية، التي كانت معروفة باستقرارها، ارتفعت لتصبح إلى جانب أكبر ثلاث شركات تجارية في الإمبراطورية. لم يعد هناك الشركات الثلاث الكبرى، بل الشركات الأربع الكبرى، ولم يعترض أحد.
“قرأتُ في مقابلة أن الماركيزة أقسمت أن زوجها المستقبلي لن يضطر حتى لتبليل يديه، سيعيش حياة فاخرة. أتساءل من سيكون الرجل المحظوظ.”
واصل إدوارد الثرثرة بجانب ليونارد، لكن اهتمام ليونارد كان في مكان آخر.
تلك السيدة التي طلبت مني مرافقتها، من تكون حقاً؟
**********
وأخيراً، وصل اليوم الموعود.
“سيدي الكونت، لقد وصلنا.”
تباطأت العربة، حتى توقفت، وفُتح الباب.
صمت ليونارد أمام المشهد الذي أمامه. كان القصر فخماً لدرجة أنه ظنه قصر ملكي.
‘إذن هنا ذهبت كل تلك الثروة الهائلة……’
“هل أنت الكونت إلفيوس؟”
اقترب خادم بملابس أنيقة وانحنى.
عندما أومأ ليونارد، أشار الرجل إليه أن يتبعه.
“من هنا، من فضلك.”
كان من الواضح أن السيدة التي دعته موجودة بالفعل داخل القصر. عدّل ليونارد زيّه الرسمي غير المريح وتبع الخادم.
“سيدي، هل أنت متأكد من هذا؟”
“ماذا تقصد؟”
“قلتُ لك عشرات المرات، إذا لم تكن حذراً، سينتهي بك الأمر محاصراً!”
شدد إدوارد على قبضته بإحباط، لكن ليونارد سخر منه فقط.
“إذا كانت عاقلة، لن تحاول الإيقاع بي.”
إنه يعلم جيداً كيف قد يبدو الأمر رؤية رجل أعزب في سنه يرافق سيدة نبيلة غير متزوجة.
لكنه ابن غير شرعي، مرتزق سابق، ومثقل بديون هائلة.
أي واحدة من هذه كافية لإستبعاده في المجتمع النبيل. مع الثلاثة مجتمعة، لن تعتبره أي عائلة عاقلة زوجاً لإبنتها.
عرف تلك الحقيقة المؤلمة منذ ثلاث سنوات.
‘طلب مرافقة لحفلة في ماركيزية بلير، وليس حفلة تنكرية……؟ لا بد أنها لم تجد من تطلب منه غيري.’
شعر بالشفقة على السيدة مجهولة الوجه، ولكن لم يدم أكثر من خمس دقائق.
“شكراً لك على قبول دعوتي يا سيد ليونارد.”
على الأرجح هذه غرفة الإستقبال في القصر.
نهضت السيدة التي كانت تنتظره بفستان ساحر وحيته بانحناءة أنيقة، كما فعلت قبل أيام.
لكن هذه المرة، وجهها مكشوف.
شعر فضي، مُضفر ومزيّن بجواهر متلألئة. عينان زرقاوتان عميقتان كالبحر.
مزيج متناغم من تلك الألوان الغامضة وحضورها الهاديء جعلها أكثر جمالاً. في تلك اللحظة، فهم ليونارد لماذا أخفت وجهها بعناية من قبل.
في الوقت نفسه، خطر بباله سؤال.
‘لماذا طلبت مني أنا بالذات مرافقتها؟’
بجمالها هذا، أي رجل، مرتبط أم لا، سيترك كل شيء ويأتي ركضاً لها.
“…… الشرف لي. شكراً على دعوتكِ.”
ارتجف صوته قليلاً، كاشفاً عن ذهوله.
لكن السيدة ابتسمت بلطف، دون أدنى أثر للسخرية.
“لا داعي للشكر. لا أستطيع شكرك بما فيه الكفاية على تلبية طلبي غير المعقول، لكن الوقت ضيق. هل لي أن أطلب منك مرافقتي الآن؟”
رغم أنه بدا كسؤال، كانت يدها ممدودة نحوه بالفعل. أمسكها ليونارد دون تردد.
“إذا قبلتِ بي، سيكون شرفاً لي.”
بينما كانا يسيران نحو قاعة الإحتفال، ويدها مستندة برفق على ذراعه، لاحظ ليونارد إدوارد يُحرّك شفتيه بقلق، محاولاً لفت انتباهه.
‘ما خطبه الآن؟’
تجاهل ذلك، ظناً منه أنه سيسأله لاحقاً.
ولكن لم يكن يعلم.
“هذا هو الرجل الذي وعدتُ بالزواج منه!”
أن المرأة التي تمسك ذراعه، والتي قدمت له مساعدة بسيطة مرة واحدة، ستُقيّده بها تماماً قريباً.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات