لم يتغير شيء في منظر الجزيرة سوى إضافة تاي جوون، لكن فجأة دبت الحيوية في وجوه السكان.
حتى عندما كان الزعيم سادان يتحدث بجوارهم مباشرة، لم يكفّ الأتباع عن إلقاء نظراتٍ خاطفة على تاي جوون. وفي كل مرة يحدث ذلك، كان سادان يبتسم ابتسامةً ودودة، لكن عضلات فكّه ترتجف قليلًا من الضيق.
لم يكن هناك مفرٌ من المقارنة بين الاثنين. إن كان سادان رجلًا في منتصف العمر، هادئًا وطيب المظهر، فإن تاي جوون كان وسيمًا بجاذبية آسرة، تحيطه هالةٌ حسية وخطرة.
وفوق ذلك، بينما كان سادان يرتدي زيّ الأتباع الأخضر الفاتح، كان تاي جوون يرتدي الزيّ الأصفر الخاص بالمشرفين. و لعلّ هذا الاختلاف في الصورة هو ما جعل سادان يبدو متحفظًا من اقتراب تاي جوون.
ومع بدء جوون بالتجوال النشط في أرجاء القرية طوال اليوم، امتلأت الجزيرة، التي بدت وكأنها عالقةٌ في حالة خمول بريء وكسل، بطاقة متجددة.
خلال الأيام الثلاثة الماضية، كانوا يستيقظون في الرابعة والنصف فجرًا ويقضون يومًا رتيبًا إلى حدّ الملل…..لكن بعد أن لمحوا جوون يتنقّل ذهابًا وإيابًا بضع مرات، وجدوا أن الوقت قد أصبح مساءً بالفعل.
“أوه؟ لقد حلّ المساء؟”
“متى مرّ الوقت بهذه السرعة؟”
وأبدى بقية السكان دهشتهم للشعور ذاته.
***
“الآنسة مين سارا، لنتحدث قليلًا.”
خاطبها جوون فجأة أثناء وقت العشاء. و قد كان سيان جالسةً بين ثلاث من التابعات اللواتي يزرعن البطيخ، فحملت صينية طعامها ونهضت.
و عندما همّت بأن تتبعه، خطف جوون الصينية منها على الفور، وسلّمها للمسؤول عن توزيع الطعام بابتسامة لطيفة.
“اليخنة بالبطاطس كانت لذيذة جدًا، شكرًا لكم.”
“آه…..نـ-نعم.”
في الجزيرة كان يُعد ترك أي طعام في الصينية خطيئة، لذا كان لا بد من أكل كل ما فيها. لكن رغم أن الصينية التي حملتها سيان كان بها بعض البقايا، لم يجرؤ أحدٌ على قول شيء.
ثم خرج الاثنان من قاعة الطعام التي خيّم عليها الصمت وسط أنظار الجميع.
***
شششـ-!
اندفعت مياه البحر الزرقاء الداكنة ثم تحطمت تاركةً زَبَدًا أبيض قبل أن تختفي.
وعندما نظرت سيان خلف كتفها، رأت مراقبًا يرتدي الزيّ الأصفر يترصدها على بُعد عشرين مترًا.
ثم هزّت قدميها لتتخلص من الرمل الذي دخل حذاءها،
“لماذا أتيتَ إلى هذه الجزيرة؟ من الواضح أنكَ ستثير الشبهات.”
“حسنًا، حتى لو حدثت مشكلة، فأنتِ ستحمينني يا آنسة سيان، أليس كذلك؟”
تابع جوون كلامه بلا مبالاة،
“ألم تقولي أنكِ ستنقذينني، يا لي سيان؟”
“أنا؟ متى قلت ذلك؟”
“هاه، والآن تحاولين التهرب مجددًا. في وقت معركة شبح الألف قدم أمسكتِ بيدي ووعدتِني قائلة: هيابنا،سأُنقذتاي جوون.”
“لا…..لم أقصد ذلك.”
مرّرت سيان أصابعها في شعرها لتزيحه عن وجهها و ردّت معترضة،
“قلتُ أني سأُنقذكَ من شبح الألف قدم، هذا كل ما في الأمر.”
“أبدًا، أنا متأكدٌ أنكِ وعدتِ بإنقاذ حياتي كلها.”
جلس جوون فجأةً على ركبتيه، ووضع قدم سيان على فخذه وقلب حذاءها لينفض عنه الرمل.
فحاولت سحب قدمها غريزيًا، لكنه أمسك بكاحلها بإحكام.
ثم تحدثت بصوتٍ مبحوح قليلًا،
“لم أقل كلمة ‘طوال حياتكَ’ أبدًا.”
“حقًا…..أنتِ تهزّين قلب رجل مخلص وبريء، ثم تتظاهرين بالبراءة؟ هذا يجرحني كثيرًا.”
أطلقت سيان ضحكةً قصيرة من شدة الاستغراب، ثم ابتسمت بخفة. فابتسم جوون بدوره ووضع الحذاء بهدوء، ثم أخذ ينفض الرمل هذه المرة من باطن قدمها.
كانت لمسته دافئةً ورقيقة. و مليئةً بالمودة، تمنح شعورًا مبهجًا. لذلك لم ترفضه سيان وبقيت واقفةً بلا حراك.
في وهج الغروب الذي اكتسى بحمرة وردية، كان شعره المتطاير مع الريح يبدو ناعمًا للغاية. و لابدأنملمسهدافئ…..فقدظليتنقّلطوالاليومتحتشمسالصيفالحارقة.
ذلك الشعر الناعم و الرطب…..لو غاصت أصابعها فيه لشعرت بدفءٍ مريح للغاية.
مدّت سيان يدها بلا وعي، فانسابت أصابعها تتشابك مع خصلات شعره. ثم رفع جوون عينيه إليها فورًا.
فارتبكت، وكأنها التقطت شيئًا من شعره، ثم سحبت يدها جانبًا وسألته بنبرة جافة.
“بماذا أخبرت الزعيم حتى سمح لكَ بالبقاء هنا؟”
“قلتُ أننا تابعون لجماعة مارسجِنريكاي.”
“مارس جِنريكاي؟”
“في فوكوؤوكا باليابان، حدث خلافٌ بين أحد أتباع مارس جِنريكاي وأحد أتباع سنابل القمح، لكننا نفتقر بشدّة لأي معلومات عن سنابل القمح، لذا أُرسلت العميلة مين سارا للتسلّل وجمع المعلومات.”
وبينما أعاد لها الحذاء، وقف مستقيمًا مشيرًا بأصبعه نحو الأعلى.
“أخبرتهم أن مارس جِنريكاي يراقب هذه الجزيرة عن كثب من السماء.”
كان يقصد المراقبة بالأقمار الصناعية.
لقد أحسّت سيان، كما أحسّت يوم لقاء مين هي سون والقط جون، أنه رجلٌ ماهر في نسج الأكاذيب بلباقة خفية.
على أي حال، كانت جماعة مارسجِنريكاي منظمةً عريقة جدًا، تؤمن بأن الحاكم يقيم على كوكب المريخ.
ومن مجرد إدراجهم لحاكم الحرب مارس في اسم ديانتهم يتضح توجّههم، فهم مشهورون بتطرفهم ونزعتهم العنيفة، وكثيرًا ما ظهروا بين الحين والآخر في الصفحات الإخبارية.
معظم أتباعهم من الأوروبيين واليابانيين الأثرياء. إذًا…..
“هل هاجموني لأني الفتاة الشابة العرّافة التي يبحثون عنها؟”
“بحسب ما قاله الزعيم، حين غيّرت مين سارا ملابسها عند نقطة التفتيش، بدا جسدها متماسكًا بشكل مريب. و كان واضحًا أنه ليس جسد شخص منعزل ومكتئب، بل شخص يعتني بنفسه عنايةً فائقة.”
“آه..…”
“لذلك ظلوا يراقبونها عن كثب، وحين ذهبتِ إلى الشاطئ الصخري ليلة البارحة، قرروا اختباركِ.”
إذًا…..الشكبدأمنجسدهانفسه.
بدأت سيان تفهم سبب حرص زعيمهم على اختيار العملاء المتسللين بدقة شديدة.
لكن الجانب المطمئن الوحيد أن سادان ما زال يعتقد أن سيان و جوون مجرد عميلين لجماعة مارس جِنريكاي تسللا لجمع المعلومات.
ومع علمه بأن الجماعة تراقب الجزيرة حتى بالأقمار الصناعية، فلن يجرؤ على إيذائهما، إذ لن يرغب في أن تتصدّر جماعته ونظيرتها العنيفة عناوين الأخبار.
هلمافقدناهيعادلماكسبناه؟ فقد كُشف أمرهم كأتباع متخفّين، لكن على الأقل لم يُطرَدوا.
تنهدت سيان تنهيدةً قصيرة ثم سألت،
“لماذا لا يعمل جهاز الاتصال بالأقمار الصناعية ثنائي الاتجاه؟”
“هناك جهاز تشويش سري مُثبت على هذه الجزيرة، وقد تم التأكد من ذلك عند وصولكِ إليها. المكان الوحيد الذي يمكنه الاتصال بالبر الرئيسي هو نقطة التفتيش فقط.”
كنتُأتوقعذلك.
ألقت سيان نظرةً خاطفة خلفها، فإذا بعدد المراقبين ذوي الزيّ الأصفر قد ازداد إلى سبعة، وكانوا يقتربون وكأنهم على وشك التدخل.
فهمست شيان بسرعة،
“بحثت عن والدة كيم يون وو، لكنها لم تكن على هذه الجزيرة. وكذلك الكثير من الأشخاص المسجلين أنهم دخلوا أراضي هذه الجزيرة، لم أجدهم هنا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 94"